مؤسس سكيل إيه آي يكشف عن مشروع مع الحكومة القطرية في قمة الويب 2025
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
تضمن اليوم الافتتاحي لمؤتمر قمة الويب في قطر 2025 جلسة نقاشية محتدمة بين فيليكس سالمون كبير المراسلين الماليين في "أكسيوس" وألكسندر وانج المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "سكيل إيه آي" (Scale AI) التي تقدم خدمات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لمختلف الشركات العاملة في هذا القطاع بدءًا من "أوبن إيه آي" و"إكس" (X) التي أطلقت نموذج "غروك 3" (Grok 3) مؤخرًا.
دارت الجلسة بين فيليكس وألكسندر حول السباق العالمي لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الساحة الجيوسياسية في العلاقات بين الدول فضلًا عن التنافس بين التقنيات الأميركية والتقنيات الصينية في عالم الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رئيس الوزراء القطري يفتتح قمة الويب 2025 بحضور قادة التكنولوجياlist 2 of 2كيف تستفيد من حضور قمة الويب في قطر؟ دليل عملي للمشاركين الجددend of list خيار بين تقنيتينتوجد العديد من الشركات التي تعمل على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها من مختلف بقاع العالم، ففي حين كانت الشركات الأميركية سباقة في هذا القطاع سواءً عبر نموذج "شات جي بي تي" أو النماذج الأخرى المنافسة لها، ولكن في النهاية، فإن هذه النماذج تعتمد على التركيبة التقنية الأميركية أو الصينية، وذلك حسب رؤية ألكسندر وانج لساحة الذكاء الاصطناعي.
أضاف وانج أيضًا أن هذا السباق بدأ حقًا قبل طرح نموذج "شات جي بي تي"، إذ أشار لتدوينة قام بكتابتها سابقًا حول الذكاء الاصطناعي وكيف سيكون هو النقطة الأساسية للحروب القادمة، كما قال بأن الحزب الشيوعي الصيني أيضًا يرى هذا الأمر ويسعى للتفوق فيه.
إعلانوفي مستهل حديثه عن الفارق بين التقنيات الأميركية والصينية، رسم وانج تشبيهًا بين تقنيات الذكاء الاصطناعي وبداية عصر الإنترنت، إذ كانت الشركات الأميركية هي الرائدة والسائدة في بداية هذا العصر عبر الخدمات التي تقدمها، وذلك حتى تطورت التقنيات الصينية بشكل يجعلها قادرة على المنافسة.
وربما كانت ساحة منصات التواصل الاجتماعي مثالًا واضحًا على ذلك، ففي حين كان السبق للشركات الأميركية مثل "يوتيوب" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، إلا أنه ومع تقدم التقنيات الصينية، أصبحت هذه الشركات قادرة على المنافسة مثل "تيك توك" و"علي بابا" وغيرها من الشركات.
أشار سالمون في سؤاله إلى أن الفارق بين التقنيات الأميركية والصينية قد يكون في من يستطيع الوصول إلى البيانات المخزنة في نموذج الذكاء الاصطناعي، فحسب التقنية المستخدمة في بناء نموذج الذكاء الاصطناعي، فإن الدولة المسؤولة عن تطويرها تستطيع الوصول إلى البيانات المخزنة فيه.
ولكن رد وانج جاء مخالفًا لهذا الأمر، إذ يرى أن الاختلاف بين كل هذه التقنيات هو في المنطق أو الأيديولوجية التي يتبعها النموذج فضلا عن القيود الموضوعة عليه، فبينما لا تملك التقنيات الأميركية الكثير من القيود، فإن التقنيات الصينية تتوقف عند حدود السياسة الصينية والأفراد المسؤولين عنها سواءً كان الحزب الشيوعي الصيني أو الرئيس الصيني، وهو ما كان واضحًا مع نموذج "ديب سيك".
تعاون مع الحكومة القطريةأعلن ألكنسدر وانج أيضًا ضمن حديثه عن تعاون جديد بين شركة "سكيل إيه آي" (Scale ai) التي يرأسها والحكومة القطرية، وذلك من أجل تقديم نموذج ذكاء اصطناعي قادر على العمل مع 50 حالة استخدام مختلفة مرتبطة بجوانب الحكومة القطرية المختلفة.
وتشمل حالات الاستخدام هذه العديد من الجوانب المختلفة، بدءًا من الجوانب التعليمية أو الصحية أو حتى اللوجستية لتقديم الأوراق اللازمة لتسهيل عمل الحكومة والمتعاملين معها على حد سواء، ويتضمن التعاون إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي وحالات الاستخدام الخاصة به فضلا عن تطويرها مستقبلا وتدريبها بالشكل اللازم، وذلك تدريجيًا حتى نهاية عام 2029.
إعلانلم يكشف وانج أو "رويترز" التي نقلت الخبر أيضًا عن قيمة الصفقة في الوقت الحالي، كما نقلت "رويترز" عن تريفور طومسون، رئيس النمو العالمي في شركة "سكيل إيه آي"، تفاؤله بهذا التعاون الذي قد يكون نموذجًا لبقية الحكومات حول العالم.
المنافسة مع الشركات الأخرىتعمل شركة "سكيل إيه آي" في العديد من القطاعات التقنية حول العالم بما فيها القطاعات الحكومية، وبينما تعد الحكومة القطرية من أوائل حكومات الشرق الأوسط التي تعاونت مع الشركة، فإنها تعمل مع الحكومة الأميركية منذ فترة كبيرة.
وعند سؤاله عن التنافسية بين "بالانتير" (Palantir) و"سكيل إيه آي"، أجاب وانج بأنهم يعملون بشكل وثيق مع الشركة في مشاريع الحكومة الأميركية بشكل لا يجعلهم يتنافسون مع بعضهم، وهذا ما حدث أيضًا مع الحكومة القطرية رغم أنها لم تعمل مع "بالانتير"، إذ أكد أن "سكيل إيه آي" كان خيارًا أساسيًا أمام الحكومة دون وجود منافسة من الشركات الصينية.
وأشار وانج إلى أن النقطة التي تجعل الحكومات تعمل مع شركته هو أن "سكيل إيه آي" تسعى في النهاية لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل يخدم الحكومات ومواطنيها، فبدلا من السؤال حول ما يمكن فعله بالذكاء الاصطناعي، فإن السؤال الرئيسي يكون كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخدم الحكومات ويجعلها أكثر فعالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب قمة الويب التقنیات الصینیة الذکاء الاصطناعی الحکومة القطریة مع الحکومة قمة الویب نموذج ا
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.