"إنفستوبيا 2025" تنطلق في أبوظبي 26 فبراير
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
تستضيف أبوظبي، النسخة الرابعة لـ "إنفستوبيا 2025"، تحت شعار "تسخير قوة الاستثمارات الضخمة"، والتي ستُقام في فندق سانت ريجيس السعديات، على مدار يومي 26 و27 فبراير الجاري، بمشاركة أكثر من 100 متحدث من قادة الحكومات والوزراء والمستثمرين ورجال الأعمال وصناع القرار وخبراء الاقتصاد وأصحاب الثروات وصناديق الاستثمار الجريء من نحو 20 دولة، وبحضور أكثر من 2000 مشارك.
وتنطلق النسخة الرابعة برعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي، رئيس ديوان الرئاسة.
وسيفتتح أعمال هذه النسخة وزير الاقتصاد الإماراتي، عبدالله بن طوق المري، وهو أيضا رئيس إنفستوبيا، ويشارك فيها عدد من المسؤولين في دولة الإمارات، منهم محمد حسن السويدي، وزير الاستثمار؛ والشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة؛ والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية؛ وعلياء بنت عبدالله المزروعي، وزيرة دولة لريادة الأعمال؛ وعهود بنت خلفان الرومي، وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل؛ والدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات؛ ومريم بنت محمد المهيري، رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، الرئيس التنفيذي لمجموعة "2 بوينت زيرو"؛ وخلدون خليفة المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية عضو المجلس التنفيذي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة مبادلة للاستثمار؛ ومحمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل في أبوظبي.
وقال عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، رئيس إنفستوبيا: "تؤدي إنفستوبيا 2025 دوراً كبيراً في خلق جسر فعال للتواصل وتعزيز الحوار بين مجتمعات الأعمال لتحفيزها على التوسع والاستثمار في قطاعات الاقتصاد الجديد واقتناص فرص الاستثمار الواعدة في الأسواق الناشئة، وبناء شراكات اقتصادية وتجارية مثمرة تدعم تطوير نماذج اقتصادية مستدامة، وكذلك تسليط الضوء على مُمَكنات ومقومات بيئة الاستثمار والأعمال في دولة الإمارات".
وأضاف أن تنظيم النسخة الرابعة لـ "إنفستوبيا" تحت رعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، يأتي تأكيداً على الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتنا الرشيدة بترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كشريك عالمي ومركز اقتصادي جاذب ومؤثر في قطاعات الاقتصاد الجديد.
وتابع: "ستشهد هذه النسخة لأول مرة عقد سلسلة من منتديات أعمال عالمية وطاولات مستديرة والتي ستجمع المستثمرين ورجال الأعمال على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، إضافة إلى العديد من جلسات حوارية متخصصة لمناقشة مستقبل ريادة الأعمال وتمكين المشاريع الناشئة من النمو والازدهار"، بحسب وكالة أنباء الإمارات.
وستشهد النسخة الرابعة لـ "إنفستوبيا" من خلال ركائزها الثلاث "حوارات إنفستوبيا" و"مجتمعات إنفستوبيا"، و"إنفستوبيا ماركت بليس"، عقد أكثر من 51 جلسة حوارية والتي سوف تسلط الضوء على المناخ الاستثماري في دولة الإمارات والعديد من الأسواق العالمية، والاتجاهات الحديثة للاستثمار في قطاعات الاقتصاد الجديد لا سيما التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الدائري والقطاع الصحي، وكيفية تحويل الفرص الواعدة في الأسواق الناشئة في المنطقة ودول إفريقيا وآسيا إلى مشاريع اقتصادية واستثمارية تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز الربط بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
كما ستناقش هذه الجلسات التغيرات الجيوسياسية في المنطقة والعالم وأثرها على الاقتصاد والقرارات الاستثمارية وأصحاب الشركات، والتوجهات العالمية الجديدة حول الدور الاستثماري الحيوي الذي تؤديه صناديق الثروة السيادية في الأسواق النامية والناشئة، وأهمية مسرعات وحاضنات الأعمال في دعم الشركات الناشئة وتمويل المشاريع الريادية التي تقوم على التقنيات المتقدمة، وأيضاً مستقبل الاقتصاد الدائري في ظل تسارع التحوّل العالمي نحو الاستدامة، والسياسات الداعمة لهذا التوجه، كما تسلط الجلسات الضوء على الدور الحيوي لدولة الإمارات في تطوير الشراكات الاقتصادية الدولية ودعم الاستثمارات الفاعلة في الأسواق العالمية وكذلك النماذج المؤثرة في القطاعين الحكومي والخاص التي انطلقت من الدولة لتشكل نماذج ريادية على مستوى العالم. وستستضيف "إنفستوبيا 2025" 15 اجتماع طاولة مستديرة حول كيفية تطوير حلول جديدة لمعالجة فجوات التمويل في قطاع تكنولوجيا المناخ، والمشاريع المتقدمة التي تقود التحوّل نحو نماذج اقتصادية دائرية، وأهمية الاستثمار في الأسواق الناشئة في أوروبا والتي تمتلك قطاعات حيوية سريعة النمو.
وستحظى هذه النسخة من "إنفستوبيا" بعقد منتديات أعمال عالمية والتي ستضم "منتدى الأعمال العربي وآسيا الوسطى وأذربيجان" و"قمة الأعمال العربية الصينية"، ومنتدى "100 شركة من المستقبل"لريادة الأعمال في الدولة.
تماشياً مع مخرجات إعلان الدوحة المنبثق عن الدورة الثالثة لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، الذي عُقد في الدوحة في أبريل 2024، تستضيف دولة الإمارات الدورة الأولى من "مؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين العرب مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان" في العاصمة أبوظبي على هامش "إنفستوبيا"، وذلك بهدف تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي والاستثماري بين المنطقتين، وتوفير منصة تفاعلية للقطاع الخاص من كلا الجانبين، وتحقيق التكامل بين الفعاليات الاقتصادية الإقليمية الكبرى.
إضافة إلى ذلك، تستضيف "إنفستوبيا 2025" نسخة جديدة من قمة رواد الأعمال الصينيين والعرب، والتي تُمثل منصة بارزة لاستكشاف فرص جديدة في مجالات وأنشطة ريادة الأعمال، ودفع التعاون الصيني العربي إلى آفاق أوسع في مختلف المجالات والقطاعات، وتسليط الضوء على المُمَكنات التجارية والاستثمارية لترسيخ الشراكات بين مجتمعي الأعمال في الجانبين.
يجمع منتدى "100 شركة من المستقبل" في نسخته الثانية قطاع عريض من رواد الأعمال والشركات الناشئة وصناديق الاستثمار الجريء وحاضنات ومسرعات الأعمال العاملة في الدولة، حيث تشكل هذه الشركات الناشئة نماذج متميزة ومبتكرة في الاقتصاد الجديد، ويتضمن المنتدى أنشطة متعددة خلال يومين ومنها الإعلان عن الدفعة الثانية من "100 شركة من المستقبل"، والتي تم اختيارها من ضمن مجموعة كبيرة من الشركات من خلال جلسات تحكيمية لخبراء ورجال أعمال وقادة في القطاع الخاص.
وتضم قائمة المتحدثين في "إنفستوبيا 2025" عدداً من القادة والخبراء وصناع القرار، من بينهم أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية؛ وحسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري؛ وجان بيير رافاران، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق؛ ونيك جيلوشاج، نائب رئيس الوزراء للسياسة الاقتصادية ووزير التنمية الاقتصادية في الجبل الأسود؛ وعبدالله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة؛ وسعادة بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع المبعوث الخاص لدولة الإمارات لشؤون الأعمال والأعمال الخيرية؛ وخالد عبدالكريم الفهيم، عضو مجلس إدارة غرفة أبوظبي، والشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة؛ وسعادة سلامة العميمي، مدير عام هيئة المساهمات المجتمعية – معاً؛ وحمد عبدالله الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة ADQ؛ ومنصور الملا، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة ADQ ؛ وأحمد علي علوان، الرئيس التنفيذي لـ Hub71؛ ومحمد البلوشي، الرئيس التنفيذي، لمركز "إنوفيشن هب" التابع لمركز دبي المالي العالمي؛ ومنصور جعفر، الرئيس التنفيذي لـ"أكاديمية أبوظبي العالمي"؛ وبوراك داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية؛ وبلال بدر، نائب الرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادي التركي؛ وفريديريك جينتا، المندوب الوزاري للتحول الرقمي في موناكو.
بالإضافة إلى ذلك، تضم قائمة الحضور نخبة من المستثمرين ورجال الأعمال البارزين، من أبرزهم نجيب ساويرس، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة ORA Developers؛ وألكسندر فون زور موهلين، الرئيس التنفيذي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في دويتشه بنك؛ وديفيد ليفينغستون، الرئيس التنفيذي لشؤون العملاء في Citigroup؛ وريشي كابور، الرئيس التنفيذي للاستثمار في Investcorp، وخليل مسعود، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة ألفا ظبي القابضة، ومارتن تريكود، رئيس الخدمات المصرفية للاستثمار للمجموعة لدى بنك أبوظبي الأول؛ وبولينا جاكوبيك رئيس مجلس إدارة شركة آي دي سي القابضة؛ وآريان دي روتشيلد، رئيس مجلس إدارة مجموعة "إدموند دي روتشيلد".
كما تحظى "إنفستوبيا 2025" بشبكة شركاء متنوعة تضم عدداً من الجهات الحكومية والخاصة والشركات الوطنية والعالمية المرموقة والبنوك الدولية من أبرزها:
وزارة الاستثمار بدولة الإمارات، والقابضة ADQ، وشركة مبادلة، والصندوق الوطني للمسؤولية المجتمعية (مجرى)، ومصرف الإمارات للتنمية، وبنك Standard Chartered، وشركة "WIO" للخدمات المصرفية، وZero One Hundred، وMiddle East Economy، والاتحاد الدولي لرواد الأعمال الصينيين (SIEF)، وشركة DHL، وشركة EFG Consulting، وEuro Atlantic Consulting & Investment، وشركة NG9 Holding، وشركة Solaax.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان الإمارات وزير الاقتصاد الإماراتي إنفستوبيا أبوظبي الأسواق الناشئة المستثمرين الجيوسياسية الاقتصاد الشركات الأسواق النامية الاقتصاد الدائري تكنولوجيا والشركات الناشئة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري نجيب ساويرس القابضة ADQ مبادلة إنفستوبيا أبوظبي اقتصاد أبوظبي اقتصاد الإمارات الاقتصاد الإماراتي نمو اقتصاد الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان الإمارات وزير الاقتصاد الإماراتي إنفستوبيا أبوظبي الأسواق الناشئة المستثمرين الجيوسياسية الاقتصاد الشركات الأسواق النامية الاقتصاد الدائري تكنولوجيا والشركات الناشئة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري نجيب ساويرس القابضة ADQ مبادلة أخبار الإمارات الرئیس التنفیذی لمجموعة الاقتصاد الجدید النسخة الرابعة دولة الإمارات فی الأسواق الأعمال فی الضوء على نائب رئیس رئیس مجلس
إقرأ أيضاً:
الاستثمار في اليمن .. ركيزة الصمود وبوابة التحرر في ظل المسيرة القرآنية
يُعد الاستثمار الوطني أحد الركائز الجوهرية في عملية بناء الدول وتحقيق نهضتها الاقتصادية، خاصة في المجتمعات التي تسعى للتحرر من التبعية والهيمنة الخارجية، كما هو حال اليمن اليوم. فعلى مدى عقود، عانى اليمن من سياسات اقتصادية مفروضة، أفرغت البلاد من قدراتها الإنتاجية، وأوقعت اقتصادها في فخ الاستيراد والارتهان للمساعدات الخارجية، مما أدى إلى شلل شبه تام في قطاعات حيوية كالصناعة والزراعة والطاقة، ولم تكن الرؤية التنموية لدى الأنظمة السابقة ذات بعد وطني أو استراتيجي، بل كانت خاضعة في كثير من الأحيان للفساد، والمصالح الضيقة، والتدخلات الخارجية.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
ومع بروز المسيرة القرآنية كمشروع نهضوي إيماني، بدأت تتبلور رؤية مختلفة للاستثمار والتنمية، رؤية ترتكز على الاستقلال الاقتصادي، والاستغلال الأمثل للموارد الوطنية، والاعتماد على الإنتاج المحلي بدلاً من الاستيراد، في إطار منهج أخلاقي، عادل، وشامل، يراعي العدالة الاجتماعية ويرتبط بهوية الشعب الإيمانية.
نسلّط الضوء في هذا التقرير على مجالات الاستثمار الوطني في اليمن في ظل هذا التوجه الجديد، ويستعرض الخلفية التاريخية لوضع الاستثمار في ظل الأنظمة السابقة، مع تحليل للتحديات التي واجهها، ويقارن ذلك مع الرؤية الجديدة التي تقدمها المسيرة القرآنية، من حيث الفلسفة، والأهداف، والآليات، كما يتناول التقرير أبرز المجالات الاستثمارية الواعدة مثل الزراعة، والصناعة، والطاقة، والتعليم، والتكنولوجيا، ويستعرض التحديات والفرص المتاحة، إلى جانب تقديم رؤية مستقبلية لمسار الاستثمار في اليمن في المرحلة القادمة، وتكمن أهمية هذا التقرير في كونه، يوفر قراءة تحليلية شاملة لتحول السياسات الاستثمارية في اليمن من التبعية إلى الاستقلال، ويربط بين الجانب الاقتصادي والجانب القيمي، من خلال إبراز البعد الإيماني في رؤية المسيرة القرآنية للاستثمار، ويساهم في توجيه المهتمين وصناع القرار نحو مجالات واعدة للاستثمار المستقبلي المستند إلى مقومات حقيقية، كما يقدم خريطة أولية لفهم الواقع الاستثماري اليمني من منظور وطني شامل ومتحرر من القيود التقليدية التي كبّلت الاقتصاد لعقود.
خلفية تاريخية للاستثمار في اليمن
الاستثمار في ظل الأنظمة السابقة .. شهدت اليمن لعقود طويلة واقعًا اقتصاديًا هشًا، بفعل التبعية الاقتصادية للخارج والفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وتم تهميش القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، وتم التركيز على الاستيراد والاستهلاك بدل الإنتاج.
ضعف البنية التحتية .. لم تُبنَ سياسات استثمارية تخدم التنمية الحقيقية، بل خضعت للهيمنة الأجنبية والمصالح الفردية.
الفساد وغياب الرؤية الاستراتيجية .. كان المستثمر الوطني عرضة للابتزاز أو التهميش، بينما أُعطيت الأفضلية لرؤوس الأموال الأجنبية في صفقات مشبوهة.
الارتهان للمساعدات والمنح الخارجية .. وهو ما جعل الاقتصاد اليمني مرتهنًا وغير قادر على النهوض الذاتي.
مفهوم الاستثمار في ضوء منهج المسيرة القرآنية
الاستثمار من منظور قرآني .. ترى المسيرة القرآنية المباركة أن الثروات الوطنية أمانة إلهية يجب استثمارها بما يخدم المجتمع، ويحقق العدالة الاقتصادية والاستقلال عن الهيمنة الأجنبية.
الاهتمام بالموارد المحلية .. تأكيد على استغلال الثروات الطبيعية (زراعة، معادن، صيد، نفط، غاز).
تحفيز الإنتاج الوطني .. دعم الصناعات الوطنية وتمكين الأيدي العاملة.
مبدأ الاكتفاء الذاتي .. تقليص الاستيراد، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
فلسفة الاستثمار وفقًا للهوية الإيمانيةتنبثق فلسفة الاستثمار في ظل الهوية الإيمانية من رؤية قرآنية شمولية ترى في الإنسان مستخلفًا في الأرض، مسؤولًا عن عمارتها، ومحكومًا في سلوكه الاقتصادي بقيم العدل والرحمة والأمانة، وبذلك، فإن المسيرة القرآنية لا تتعامل مع الاقتصاد بوصفه نشاطًا ماديًا مستقلًا، بل باعتباره امتدادًا لمنظومة إيمانية وأخلاقية تنظم حياة الإنسان بأكملها، بما في ذلك العمل، والإنتاج، وتوزيع الثروة، وتعامل الإنسان مع المال، ومن هنا، تقوم فلسفة الاستثمار على تحويل المال إلى وسيلة لبناء الإنسان والمجتمع، لا وسيلة للربح الشخصي المجرد، أو للتسلط الاقتصادي، كما أن الفلسفة الإيمانية تُحرِّم الاستثمارات المبنية على الربا، والاحتكار، والغش، واستغلال حاجة الناس، حتى لو كانت مربحة، وهذا ما يميز المشروع الاستثماري القرآني عن الرؤية الرأسمالية المنفلتة، وفي الوقت الذي تسعى فيه الأنظمة المادية إلى تعظيم الأرباح كهدف أعلى، فإن الهوية الإيمانية تجعل من الكفاية والعدل أولوية اقتصادية، فالمجتمع المؤمن لا يَقبل أن يجوع فيه أحد بسبب جشع قلّة تتحكم بالسوق أو تستحوذ على الموارد، قال الإمام علي (عليه السلام): ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني ، وهي قاعدة تعبّر عن التوازن الذي تدعو إليه المسيرة القرآنية بين الإنتاج والعدالة الاجتماعية،
في غياب الرقابة القانونية للأنظمة السابقة الفاسدة، كانت الاستثمارات مجالًا واسعًا للتلاعب والنهب، أما في المنهج الإيماني، فالرقيب الأول هو الضمير المؤمن والرقابة الإلهية، مما يضفي بعدًا أخلاقيًا حقيقيًا على النشاط الاستثماري.
إذا فإن فلسفة الاستثمار وفقًا للهوية الإيمانية، كما تتبناها المسيرة القرآنية، تقدّم نموذجًا اقتصاديًا أخلاقيًا، متحررًا من أنانية الرأسمالية ومن فوضى الاستغلال، حيث يصبح الاستثمار وسيلة للنهضة، والكرامة، والعدالة، لا أداة للهيمنة والثراء الفردي. وهي فلسفة إذا ما طُبّقت بصدق، فإنها ستُحدث تحولًا حقيقيًا في مستقبل اليمن الاقتصادي والاجتماعي، وتُثبت أن القيم الإيمانية ليست عقبة أمام التنمية، بل هي ضمانتها وأساسها الصلب.
مجالات الاستثمار الوطني في ظل المسيرة القرآنيةالزراعة .. دعم زراعة الحبوب والخضروات والفواكه، وتأهيل الأراضي الزراعية، وتشجيع المزارعين على استخدام أساليب الزراعة الحديثة، ومشاريع الأمن الغذائي الوطني كمشروع الحبوب في تهامة وصعدة والجوف.
الصناعة .. تعزيز الصناعات التحويلية والغذائية ودعم معامل إنتاج الأدوية المحلية، والمشاريع الصناعية الصغيرة، وتوجيه الاستثمارات نحو الصناعات الاستراتيجية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
الطاقة والمعادن .. استكشاف الثروات المعدنية كالرصاص، الزنك، الذهب، والرخام، والبدء بمشاريع الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) لتعويض نقص الكهرباء، إلى جانب ترشيد الاستثمار في النفط والغاز وتوجيهه نحو تنمية المحافظات المنتجة.
التكنولوجيا والاتصالات .. دعم مشاريع البرمجيات والتقنيات المحلية، وتشجيع ريادة الأعمال الرقمية، والاستثمار في البنية التحتية للاتصالات لخدمة التنمية.
التعليم والبحث العلمي .. الاستثمار في الجامعات والمراكز البحثية الوطنية، وربط التعليم بسوق العمل واحتياجات التنمية، وكذلك دعم البحوث التطبيقية في مجالات الزراعة والطب والصناعة.
الآثار والنتائج الاقتصادية المتوقعة للنهوض الاستثماري في اليمن
يمثّل النهوض الاستثماري في اليمن نقطة تحوّل فارقة في مسار الاقتصاد الوطني، خصوصًا إذا ما تم وفق منهجية مدروسة تنطلق من الواقع وتستفيد من توجيهات المسيرة القرآنية التي تدعو إلى العمل والإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي. ومن المتوقع أن تثمر جهود التنمية والاستثمار في عدد من الآثار والنتائج الإيجابية، أبرزها:
تعزيز الناتج المحلي الإجمالي .. الاستثمار في القطاعات الإنتاجية الأساسية كالزراعة، والصناعة، والطاقة، من شأنه أن يرفع من نسبة مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي، ويقلل من الفجوة الاقتصادية التي خلّفها الاعتماد الطويل على الواردات.
خلق فرص عمل وتقليل البطالة .. توسيع النشاط الاستثماري، وخاصة في الريف والمناطق المهمشة، سيؤدي إلى خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، مما يسهم في تقليل معدلات البطالة المرتفعة، وخاصة بين الشباب.
. تعزيز الأمن الغذائي .. الاستثمار في الزراعة والموارد الطبيعية يعزز من قدرة اليمن على إنتاج غذائه داخليًا، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويرفع من مستوى الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية مثل الحبوب والخضروات.
تنمية الصناعات الوطنية .. النهوض بالصناعات التحويلية والصغيرة والمتوسطة سيساعد على تحريك عجلة الاقتصاد، وتحقيق قيمة مضافة للمنتجات المحلية، مما يعزز من تنافسية الاقتصاد اليمني ويحد من نزيف العملة الصعبة للخارج.
تقوية العملة الوطنية واستقرار الأسعار .. عندما يتحسن الإنتاج المحلي وتقل الواردات، يقل الطلب على العملات الأجنبية، ما يسهم في استقرار الريال اليمني وتقليل التضخم الناتج عن تقلبات أسعار السلع المستوردة.
رفع الإيرادات العامة للدولة .. الأنشطة الاستثمارية المنظمة ستؤدي إلى توسيع القاعدة الضريبية وزيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم، ما يساعد على تمويل الخدمات العامة مثل الصحة، والتعليم، والبنية التحتية.
تقليل الفجوة التنموية بين المحافظات .. الاستثمار المتوازن في مختلف المناطق، خاصة في المحافظات الريفية والمنتجة، سيقلل من الفجوة التنموية ويسهم في توزيع الثروة والفرص بشكل عادل، ويعزز من الاستقرار الاجتماعي.
بناء قاعدة إنتاجية مستقلة .. أحد أهم النتائج هو بناء اقتصاد مستقل ذاتي الإنتاج، يعزز من سيادة القرار السياسي، ويقلل من التأثيرات والضغوطات الاقتصادية الخارجية، ويضع اليمن على طريق التحرر الكامل من التبعية.
آفاق الاستثمار في المستقبلبناء على الرؤية التي تطرحها المسيرة القرآنية، فإن المستقبل يحمل آفاقًا واعدة، تقوم على نهضة اقتصادية من الداخل تستند إلى إمكانيات اليمن، وبيئة استثمارية عادلة وآمنة تحمي المستثمر الوطني، وشراكات تنموية داخلية بين الدولة والمجتمع والقطاع الخاص، وتوجيه الاقتصاد نحو خدمة المواطن لا نحو خدمة فئات محددة أو الخارج.
خاتمة
يمثل الاستثمار الوطني أحد الأعمدة الأساسية لمشروع التحرر والاستقلال في اليمن، ومن خلال المسيرة القرآنية، تم استعادة البوصلة نحو بناء اقتصاد منتج، مستقل وعادل، وإذا ما تم استثمار الموارد والإرادة الشعبية والكوادر المحلية بكفاءة، فإن اليمن سيكون على موعد مع نهضة شاملة، تضعه في موقع متقدم بين الدول الساعية إلى الاعتماد على الذات والتنمية المستقلة.