---
إدوارد كورنيليو
---
(1)
تحت شجرة المانجو،
ينسابُ الضبابُ على وجوهِ الحجارةِ العتيقةِ،
أوراقُ المانجو تتساقطُ كبكاءِ السماءِ،
وفي قلبِ الحقولِ الخضراءِ،
تعزف الرياحُ بأغانيِ الفصولِ الضائعةِ.
عيناكِ وطنٌ
يباعُ في سوقِ الرمادِ.
(2)
في شارعِ البلدةِ التاريخيةِ،
أصواتُ الأقدامِ الخافتةِ تحملُ حكاياتِ الأمهاتِ والبنينِ،
جدرانُ البيوتِ تئنُّ من وجعِ الذاكرةِ،
والظلالُ تلتفُّ كأفاعٍ حولَ الأعمدةِ المتكسرةِ.
بيتي وطنٌ
معروضٌ في مزادِ الصمتِ.
(3)
في بحرِ الليلِ المظلمِ،
تنطفئُ النجومُ كشموعِ العيدِ المنسيِّ،
والأمواجُ تحملُ آهاتِ الأجدادِ المفقودين،
وفي عيونِ الصيادينِ، تنكسرُ صورُ المرافئِ المحروقةِ.
قلبي وطنٌ
يُنادى عليه في مزادِ العدمِ.
(4)
تحت شمسِ الظهيرةِ الحارقةِ،
تذوبُ الشوارعُ كحبوبِ الرملِ في الماءِ،
والأصواتُ تندمجُ في سيمفونيةِ الضجيجِ،
وفي زوايا الأزقةِ، تختبئُ الأحلامُ المكسورةُ.
روحي وطنٌ
يُباعُ لمن يهوى السكونَ.
(5)
في حدائقِ الزمنِ المفقودِ،
تنمو الزهورُ بلا لونٍ، بلا عطرٍ،
والعصافيرُ تُغني أغانيَ الحنينِ،
وفي كلِّ ورقةٍ خضراءَ، تُكتبُ قصةُ انتظارٍ جديدٍ.
ذاكرتي وطنٌ
تعرضُه الرياحُ لأعلى سعرٍ.
(6)
تحت قبةِ السماءِ الرماديةِ،
ترتجفُ الأشجارُ من بردِ الوعودِ الكاذبةِ،
وفي عيونِ الأطفالِ، تنعكسُ صورُ الدمى المحطمةِ،
والشارعُ يمتلئُ بأصداءِ الصرخاتِ المبتورةِ.
أحلامي وطنٌ
يباعُ في ليلةٍ بلا قمرٍ.
(7)
بين أمواج الزمانِ المتلاطمةِ،
يغرقُ القمرُ في بحرِ النسيانِ،
وفي ظلالِ النجومِ، تُضاءُ شعلةُ الأملِ الأخيرِ،
لكنَّ الرياحَ تحملُ معها غبارَ الزمانِ المهدورِ.
وطني وطنٌ
لمن يجرؤ على الحلمِ.
(8)
في نهايةِ الممرِ الطينيِّ،
يُفتحُ بابُ الغيابِ على مصراعيهِ،
تتكشفُ وجوهُ العابرينَ كالكتانِ المبللِ،
وفي كلِّ نفسٍ، تُحكى قصةُ فراقٍ مختلفٍ.
اسمٌ بلا وطنٍ
يباعُ في سوقِ الذكرياتِ.
(9)
على ضفافِ النهرِ المالحِ،
تترنَّحُ قصائدُ الشوقِ كأوراقِ الخريفِ،
وفي كلِّ قطرةِ ماءٍ، يتجلى انعكاسُ وطنٍ ضائعٍ،
والنهرُ يجري بلا توقفٍ، يحملُ معه حكاياتِ الأبدِ.
دمعي وطنٌ
لا يُقدر بثمنٍ.
(10)
في مخيلةِ الليلِ الدامسِ،
تُرسَمُ حدودُ الأحلامِ بألوانِ الحنينِ،
وفي كلِّ نجمةٍ، ينبضُ قلبُ غريبٍ،
يتساءلُ عن معاني الوطنِ والحبِ والنسيانِ.
صوتي وطنٌ
يُنادى عليه في سوقِ الأصداءِ.
tongunedward@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وفی کل
إقرأ أيضاً:
قدرتك على تحمل النقد والتعاطي معه تحدد فرصة بقائك في أي مشهد سياسي
قدرتك على تحمل النقد والتعاطي معه تحدد فرصة بقائك في أي مشهد سياسي، من يصمد أمام أي نقد قادر على أن يستمر ويتخطى أي عقبة تواجهه، أما من يركن لترديد مقولات الاستهداف وبكرهونا وجلابي يشن هجوماً علينا، فلن يستوعب الدولة ولن يهضم منطقها وسيظل حبيساً لوعي الغابة والثورة..
لا يوجد شيء اسمه دعونا نتفق على بيئة سياسية صحية، الأفضل أن نقول دعونا أن نتفق على أن لا نبتز الدولة بسلاحنا وأن نجعل صراعنا صراعاً سياسياً بأدوات السياسة، من داخل الدولة ومن داخل شروطها وأفقها، نقد سخرية إقامة ندوات أو حتى تسريب اجتماعات، هذه هي الديمقراطية وهذه هي ضريبتها، فالسياسة في أصلها هي الصراع والتنافس وتسجيل النقاط في خصمك وتسوية وتقويم وكشف أي اعوجاج في حليفك..
فلا يمكن أن تبتز الدولة وتقدم خطاباً غير عقلاني ومن ثم تعترض على تسريب تلك الاجتماعات ويجن جنونك بأن هناك حملة وأقلام تعاديك وتشن هجوماً عليك ، لا تريد أن تكون عرضة للنقد والهجوم، فقط كن عقلانياً في مطالبك، ولكن أن تبتز الدولة بخطاب يا المعادن يا البنادق،ويا المالية يا البندقية ويا الهجمة يا النجمة، هذا ابتزاز يتطلب هجوماً عليك. متى يتوقف هذا الهجوم؟ هو عندما تتوقف أنت عن ابتزازك للدولة وعن التعامل معها كغنيمة..
أما خطاب “راعوا للدماء التي سالت من المشتركة” فهو خطاب مردود وخصم على من يطلقوه واستصغار لشهدائهم، لأنهم وكما قال أحدهم لم تسيل دماؤهم إلا لسلطة بحثوا عنها، وهو خطاب غريب لن تجده عند جنود الجيش ولا المستنفرين ولا كتائب المقاومة الشعبية ولا البراء بن مالك، بل ستجده فقط عند من أخرج بنادقه يبتز الدولة بخطابه صباح مساء..
المطلوب منكم فقط ان تكونوا عقلانيين في خطابكم ومطالبكم، وإن لم تستطيعوا فلا مانع أن تقلدوا غيركم وتتبنوا خطابهم ورغباتهم، وإن فعلتم ذلك فبعدها يمكن أن تأتوا وتعترضوا على أسباب الهجوم عليكم.
حسبو البيلي
#السودان