مؤتمر الحوار السوري: بوابة للتقسيم وشرعنة الإرهاب تحت غطاء المصالحة
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
يمانيون../
مع اقتراب انعقاد مؤتمر الحوار السوري، تتزايد المخاوف من تحوله إلى محطة جديدة لترسيخ الانقسام في البلاد بدلًا من أن يكون خطوة فعلية نحو المصالحة الوطنية. ورغم الترويج له على أنه فرصة لحلّ الأزمة، إلا أن الواقع يشير إلى أنه قد يكون وسيلة لشرعنة قوى متطرفة، وتقنين التقسيم الفعلي لسورية، بل وربما فتح الباب أمام صراعات جديدة تمتد إلى دول الجوار.
شرعنة الجماعات التكفيرية وتمكينها سياسيًا
من أخطر ما يحمله هذا الحوار هو إمكانية منح شرعية سياسية لقوى تكفيرية مثل “هيئة تحرير الشام”، التي تسيطر على إدلب بقيادة أبو محمد الجولاني. هذه الجماعات، التي كانت تصنَّف إرهابية دوليًا، تسعى إلى إعادة تأهيل نفسها سياسيًا من خلال هذا الحوار، كما فعلت بعض التنظيمات المسلحة الأخرى في مناطق النزاع المختلفة.
إذا ما تم منحها الاعتراف السياسي، فقد تتحول من ميليشيات غير شرعية إلى جزء من مؤسسات الحكم، مما يمنحها غطاءً دبلوماسيًا لتحركاتها، وهو ما يعني عمليًا أن الإرهاب لن يُحارب، بل سيُدمج في العملية السياسية، ليصبح جزءًا من المشهد السوري الجديد.
تكريس التقسيم الفعلي لسورية
إلى جانب خطر شرعنة الجماعات التكفيرية، فإن التهديد الأكبر يكمن في تكريس تقسيم سورية، حيث تنقسم البلاد اليوم إلى مناطق نفوذ متعددة:
الدولة السورية تسيطر على الجزء الأكبر من البلاد.
قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسيطر على الشمال الشرقي بدعم أمريكي.
إدلب وبعض المناطق الشمالية تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” وفصائل مسلحة أخرى مدعومة من تركيا.
أي حوار يتم في ظل هذه الخارطة السياسية قد يؤدي إلى تثبيت هذا الواقع بدلًا من العمل على إعادة توحيد البلاد. وكما حدث في اليمن، حيث كان الحوار الوطني سببًا في تفجير الوضع بدلًا من تهدئته، قد يكون الحوار السوري مقدمة لصراع جديد أكثر تعقيدًا.
تحويل سورية إلى ساحة لصراعات الوكالة
الأخطر من ذلك هو احتمال انتقال سورية من ساحة لحروب الوكالة إلى لاعب مباشر في صراعات المنطقة، حيث يمكن استغلال الغطاء السياسي الجديد للجماعات المسلحة لشن عمليات عسكرية تحت مبررات مثل “دعم حقوق الشعوب” أو “الدفاع عن الثورة”، مما قد يؤدي إلى توترات إقليمية تمتد إلى دول الجوار.
وفي هذه الحالة، لن يكون الجولاني وأمثاله مجرد قادة ميليشيات، بل قد يصبحون جزءًا من مؤسسة الحكم، مما يمنحهم صلاحيات أوسع للتأثير في المشهد الإقليمي، وربما لتنفيذ أجندات خارجية، سواء لصالح الدول الداعمة لهم أو لمشاريع مشبوهة تهدد استقرار المنطقة بأكملها.
التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت غطاء “حقوق الشعب السوري”
أحد أخطر التداعيات المحتملة لهذا السيناريو هو أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يتم حينها باسم الجولاني أو الجماعات السلفية، بل قد يُفرض باسم الشعب السوري عبر واجهات سياسية جديدة. وقد نشهد تصاعدًا في الخطاب المعادي للمقاومة الفلسطينية داخل سورية، ما يمهد لتحولات كبرى في مواقف القوى التي ستُدمج في العملية السياسية.
مؤتمر الحوار السوري.. خطوة نحو الإنقاذ أم بوابة للفوضى؟
في النهاية، لا يمكن لأي حوار سياسي حقيقي أن ينجح إلا إذا كان هدفه استعادة سيادة سورية ووحدتها، لا أن يكون وسيلة لإعادة تأهيل التنظيمات الإرهابية أو فرض حلول خارجية تمهد لتقسيم البلاد. وإذا لم تكن هناك ضمانات واضحة لاستبعاد القوى التكفيرية ومنع تثبيت مناطق النفوذ الأجنبية، فإن هذا المؤتمر لن يكون سوى خطوة جديدة نحو تفكيك سورية، بدلًا من إنقاذها.
محمد الجوهري
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الحوار السوری بدل ا من
إقرأ أيضاً:
الكابينت الإسرائيلي يصادق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية
صادق المجلس الوزاري الأمني والسياسي الإسرائيلي (الكابينت)، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، على خطة جديدة لإقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية، في خطوة تعد من أكبر عمليات التوسع الاستيطاني خلال السنوات الأخيرة.
فصل المدن الفلسطينية عن بعضهاوتشمل الخطة تحويل بؤر استيطانية عشوائية إلى مستوطنات معترف بها رسميًا، وتوسيع مستوطنات قائمة في مناطق حساسة جغرافيًا، بما يعمق السيطرة الاحتلال الإسرائيلي على أجزاء واسعة من الضفة، ويهدد بفصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض.
ويأتي القرار في وقت تخوض فيه إسرائيل حربًا مستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
وخلال أشهر الحرب، واجهت غزة حصارًا خانقًا أدى إلى انهيار المنظومة الصحية ونقص حاد في الغذاء والدواء والوقود، فيما نزح أكثر من مليون فلسطيني من منازلهم نحو مناطق وصفت بأنها «آمنة» لكنها تعرضت بدورها للقصف.
ورغم الضغوط الدولية والتحقيقات الأممية حول جرائم محتملة وانتهاكات للقانون الدولي، واصلت إسرائيل عملياتها العدوانية مدعومة بالموقف الأميركي.
تصعيد غير مسبوق بالضفة الغربية المحتلةوتتزامن الحرب على غزة مع تصاعد غير مسبوق في الضفة الغربية، حيث كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلية عمليات المداهمة والاعتقال، وتزايدت اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين في القرى والبلدات النائية. ويخشى خبراء أمميون أن يؤدي شرعنة المستوطنات الجديدة إلى ترسيخ واقع جغرافي يجعل حل الدولتين شبه مستحيل، خصوصًا أن البؤر التي يجري الاعتراف بها تقع في مناطق استراتيجية تمتد بين شمال الضفة وجنوبها.
ويرى مراقبون أن خطوة الكابينت تأتي في إطار استثمار حكومة الاحتلال الإسرائيلية لانشغال العالم بالحرب على غزة لدفع خطط التوسع الاستيطاني، وإحداث تغييرات ديموغرافية وجغرافية عميقة، بينما يستمر الفلسطينيون في الضفة وغزة في مواجهة أوضاع إنسانية وسياسية تعد الأسوأ منذ عقود.