يمانيون../
مع اقتراب انعقاد مؤتمر الحوار السوري، تتزايد المخاوف من تحوله إلى محطة جديدة لترسيخ الانقسام في البلاد بدلًا من أن يكون خطوة فعلية نحو المصالحة الوطنية. ورغم الترويج له على أنه فرصة لحلّ الأزمة، إلا أن الواقع يشير إلى أنه قد يكون وسيلة لشرعنة قوى متطرفة، وتقنين التقسيم الفعلي لسورية، بل وربما فتح الباب أمام صراعات جديدة تمتد إلى دول الجوار.

شرعنة الجماعات التكفيرية وتمكينها سياسيًا
من أخطر ما يحمله هذا الحوار هو إمكانية منح شرعية سياسية لقوى تكفيرية مثل “هيئة تحرير الشام”، التي تسيطر على إدلب بقيادة أبو محمد الجولاني. هذه الجماعات، التي كانت تصنَّف إرهابية دوليًا، تسعى إلى إعادة تأهيل نفسها سياسيًا من خلال هذا الحوار، كما فعلت بعض التنظيمات المسلحة الأخرى في مناطق النزاع المختلفة.

إذا ما تم منحها الاعتراف السياسي، فقد تتحول من ميليشيات غير شرعية إلى جزء من مؤسسات الحكم، مما يمنحها غطاءً دبلوماسيًا لتحركاتها، وهو ما يعني عمليًا أن الإرهاب لن يُحارب، بل سيُدمج في العملية السياسية، ليصبح جزءًا من المشهد السوري الجديد.

تكريس التقسيم الفعلي لسورية
إلى جانب خطر شرعنة الجماعات التكفيرية، فإن التهديد الأكبر يكمن في تكريس تقسيم سورية، حيث تنقسم البلاد اليوم إلى مناطق نفوذ متعددة:

الدولة السورية تسيطر على الجزء الأكبر من البلاد.
قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسيطر على الشمال الشرقي بدعم أمريكي.
إدلب وبعض المناطق الشمالية تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” وفصائل مسلحة أخرى مدعومة من تركيا.
أي حوار يتم في ظل هذه الخارطة السياسية قد يؤدي إلى تثبيت هذا الواقع بدلًا من العمل على إعادة توحيد البلاد. وكما حدث في اليمن، حيث كان الحوار الوطني سببًا في تفجير الوضع بدلًا من تهدئته، قد يكون الحوار السوري مقدمة لصراع جديد أكثر تعقيدًا.

تحويل سورية إلى ساحة لصراعات الوكالة
الأخطر من ذلك هو احتمال انتقال سورية من ساحة لحروب الوكالة إلى لاعب مباشر في صراعات المنطقة، حيث يمكن استغلال الغطاء السياسي الجديد للجماعات المسلحة لشن عمليات عسكرية تحت مبررات مثل “دعم حقوق الشعوب” أو “الدفاع عن الثورة”، مما قد يؤدي إلى توترات إقليمية تمتد إلى دول الجوار.

وفي هذه الحالة، لن يكون الجولاني وأمثاله مجرد قادة ميليشيات، بل قد يصبحون جزءًا من مؤسسة الحكم، مما يمنحهم صلاحيات أوسع للتأثير في المشهد الإقليمي، وربما لتنفيذ أجندات خارجية، سواء لصالح الدول الداعمة لهم أو لمشاريع مشبوهة تهدد استقرار المنطقة بأكملها.

التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت غطاء “حقوق الشعب السوري”
أحد أخطر التداعيات المحتملة لهذا السيناريو هو أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يتم حينها باسم الجولاني أو الجماعات السلفية، بل قد يُفرض باسم الشعب السوري عبر واجهات سياسية جديدة. وقد نشهد تصاعدًا في الخطاب المعادي للمقاومة الفلسطينية داخل سورية، ما يمهد لتحولات كبرى في مواقف القوى التي ستُدمج في العملية السياسية.

مؤتمر الحوار السوري.. خطوة نحو الإنقاذ أم بوابة للفوضى؟
في النهاية، لا يمكن لأي حوار سياسي حقيقي أن ينجح إلا إذا كان هدفه استعادة سيادة سورية ووحدتها، لا أن يكون وسيلة لإعادة تأهيل التنظيمات الإرهابية أو فرض حلول خارجية تمهد لتقسيم البلاد. وإذا لم تكن هناك ضمانات واضحة لاستبعاد القوى التكفيرية ومنع تثبيت مناطق النفوذ الأجنبية، فإن هذا المؤتمر لن يكون سوى خطوة جديدة نحو تفكيك سورية، بدلًا من إنقاذها.

محمد الجوهري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحوار السوری بدل ا من

إقرأ أيضاً:

حماس: مجازر إبادة في غزة تحت غطاء “هدنة إنسانية”

الجديد برس| قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الاحتلال الصهيوني بارتكاب مجازر دموية مروّعة خلال الساعات الماضية في قطاع غزة، استهدفت منازل المواطنين وخيام النازحين، وأدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بالكامل، من بينها عائلات أبو عطايا، صيام، أبو نبهان، واللحام، التي تم محوها من السجل المدني الفلسطيني بفعل القصف العنيف. وأكّدت الحركة في بيان لها اليوم الثلاثاء، أن هذه الجرائم البشعة تأتي تحت غطاء ما يسمّيه الاحتلال “هدنة إنسانية”، في محاولة مفضوحة لتضليل الرأي العام العالمي، بينما يواصل ارتكاب القتل الجماعي والتجويع الممنهج، ومنع وصول الاحتياجات الأساسية للسكان في تحدٍّ سافر للإرادة الدولية ولكافة الدعوات المطالبة بوقف العدوان. وأشارت الحركة إلى أن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين والنازحين تشكّل امتدادًا لحرب الإبادة الجماعية المنظمة التي ينفّذها جيش الاحتلال، بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، والتي تستهدف اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وإرادته. ودعت حماس المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وجميع أحرار العالم إلى التحرّك العاجل لوقف هذه الجرائم، والضغط من أجل إنهاء العدوان الوحشي على قطاع غزة، ومحاسبة الاحتلال على الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية والإنسانية. واستشهد 30 مواطنًا وأُصيب العشرات غالبيتهم نساء وأطفال، في مجازر ارتبكها جيش الاحتلال بحق المدنيين الليلة الماضية، شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة الليلة الماضية. وأفادت مستشفى العودة في النصيرات، أن المشفى استقبل صباح اليوم الثلاثاء، 30 شهيدًا، معظمهم وصلوا على شكل أشلاء ممزقة، جراء الغارات العنيفة التي طالت منازل مكتظة بالسكان. وذكرت مصادر طبية، أن من بين الضحايا 14 امرأة و12 طفلًا، في مشهد يختصر حجم الكارثة الإنسانية التي خلّفها القصف، مشيرةً إلى إحدى الغارات من شدتها أدّت لخروج جَنين من بطن أمه التي استشهدت مباشرةً.

مقالات مشابهة

  • بعد مقتل 25 مدنياً.. الهند تنتقم في كشمير وتتهم إسلام آباد بدعم الجماعات المسلحة
  • حماس: مجازر إبادة في غزة تحت غطاء “هدنة إنسانية”
  • تأسيس وصمود .. غطاء جديد لعورات قديمة!!!
  • الخارجية الأمريكية:لن يستقر العراق بوجود ميليشيا الحشد وإطاره الحاكم
  • رئاسة أركان القوات البرية تنظم محاضرة حول خطر الجماعات المسلحة
  • مستشار المفتي يدعو لإطلاق مبادرة شاملة لفضح الجماعات الإرهابية
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • تركيا تبدأ حقبة جديدة.. لجنة برلمانية تدير تفكيك صفوف «العمال الكردستاني» وتعزز الوحدة الوطنية
  • قافلة مساعدات جديدة للهلال الأحمر العربي السوري تصل إلى معبر بصرى الشام الإنساني في طريقها السويداء.
  • شقيقة زعيم كوريا الشمالية: ليس لدينا مصلحة في المصالحة مع بيونج يانج