قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه ينبغي أن تتخذ قرار بينك وبين نفسك بالتخلِّي عن القبيح؛ تهيئة قلبك لملئه بالصحيح. فالتخلية والتحلية ينبغي أن نستقبل بهما رمضان. 

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن أول ما ينبغي أن نخلي قلوبنا عنه، حتى تخلو تصرفاتنا وسلوكنا منه هو الظلم، الذي قال فيه رسول الله ﷺ: (الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ) والذي شاع فيما بيننا.

إذا ظلم الإنسان نفسه، يتصاعد الظلم من ظلم النفس إلى ظلم الأشخاص، ومن ظلم الأشخاص إلى ظلم القضايا الكبرى. وحينئذ يُحشر الظالم عند الله في العذاب الأليم {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هذا عنوان وتحذير من رب العالمين.

وفى الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي. وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا. فَلاَ تَظَالَمُوا). والتظالُم هو أن يقع عليك الظلم فتبحث عن كيفية الانتقام والغضب ممن ظلمك، فتوقع به ظلمًا أشد، فيشيع في الناس قسوة القلب وعدم الالتفات إلى أوامر الله - سبحانه وتعالى -. وهذا هو أغلب حالنا اليوم؛ نظلم ونتظالم، وهذا حال لا يرضى الله عنه، وهو موجب للعقوبة في الدنيا والآخرة. والله يحذرنا ورسوله ﷺ يبين لنا فيقول: (اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ، فإِنَّه ليس بينَهُ وبينَ اللّهِ حِجابٌ). 

يؤكد على هذا المعنى، فيجعل للظلم مجالًا في نفسه ينبغي أن يبعد عنه، ويجعل العدل قيمة في نفسه ينبغي أن نتحلى بها. فيخبر أن دعوة المظلوم تستجاب ولو من كافر؛ فليس الأمر هنا إيمان وكفر، بل الأمر يتمثل في أن: (الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ).

الظلم شاع فيما بيننا، ونخاف أن نمدَّ أيدينا إلى السماء: يا رب يا رب؛ فلا يستجاب لنا. إذ إن الظلم مانع من موانع استجابة الدعاء من رب العالمين، والخروج منه يسير على من يسره الله عليه، وعسير على من عسره الله عليه .

إن الخروج من ظلم النفس يتمُّ بالتوبة، وترك الكبر والتعالي على الناس. وترك الأنانية التي تجعل أحدنا ينظر نفسه دون سواه. والتحلي بالرحمة والكرم والحب والعطاء. ومقاومة النفس بالصيام  وذكر الله - جل جلاله -، والإكثار من الصلاة، وإيتاء الزكاة. والعودة إلى سيدنا رسول الله حسًّا ومعنى : {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ}؛ مجيئًا حسيًّا عند قبره المشرف لمن استطاع؛ يقف عنده ويستغفر الله. وهو ﷺ يقول: (حياتي خير لكم؛ تحدِثون ويُحدَث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم؛ فما كان من حسن حمدت الله عليه، وما كان من سيئ استغفرت الله لكم).

أما ظلم العباد، فيجب عليك أن تردَّ عليهم ما ظلمتهم فيه، وأنت خصيم نفسك أمام ربك؛ فإن (العاقل خصيم نفسه). ابحث وفتش وتوجه بقلبك إلى أن تخرج كليًّا من الظلم بكل الوسائل، ورُدَّ المظالم إلى أهلها... حتى يقبلك الله - سبحانه وتعالى -

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة كيف نستقبل رمضان المزيد ینبغی أن من ظلم

إقرأ أيضاً:

حوار الوفد مع العشماوي عن وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام

وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام! ذكر الدكتور محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف فى حواره مع الوفد وقال سيد الطائفة، الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه: "الحكايات جند من جنود الله، يقوِّي بها قلوب المريدين!".

وقال سيدنا الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: "الحكايات عن العلماء والصالحين؛ أحبُّ إليَّ من كثيرٍ من الفقه؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم!".

إن الرؤى والكرامات عبارة عن حكايات، يحكيها المرء عن نفسه، أو يحكيها غيره عنه، وهي أوقع في النفوس من العلم المجرد، ومن الوعظ المباشر؛ ولهذا قال الجنيد: "إنها تقوِّي قلوب المريدين!".

أي: تثبِّت اعتقادهم، وتقوِّي يقينهم!

ولهذا لا تعجب إذا وجدتَ تراجِم علماء الإسلام - في كتب التراجِم والتواريخ والطبقات - محشوَّة بذكر الرؤى والكرامات، فهي من أهم عناصر الترجمة؛ لدلالتها على فضله وصلاحه، بل يذكرها علماء الحديث في تراجِم الرواة، كالدليل على عدالتهم!

ونحن نتساءل: من أين عرف المؤرخون والمترجِمون هذه الرؤى والكرامات؟!

والجواب الضروري لهذا السؤال؛ أن الرائي حكاها عن نفسه أو عن غيره؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة الرؤيا المنامية إلا من الرائي!

فلماذا حكاها إذن؟! أليس هذا تزكية للنفس؟!

والجواب: أن لهم في حكايتها مقاصد لا تخفى على بصير، وهي تختلف باختلافهم، فمنهم من يحكيها دفعًا للتهمة عن نفسه، أو ترغيبا للناس في الأخذ عنه، أو في فعل الخيرات وترك المنكرات، أو لغرس محبة الصالحين في قلوبهم، وتقوية الجانب الروحي عندهم. وغير ذلك من المقاصد الصالحة!

أما الرؤيا الصالحة نفسها فهي جزء من النبوة، كما صرح به المعصوم - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في [صحيحه]، وسماها (مبشرات)، فبين بذلك بعض وظائفها، وهي أنها تبشر صاحبها بأنه على خير!

والقول في الكرامات كالقول في الرؤى والمنامات، غير أن الكرامة قد يشاهدها كثير من الناس، فتكون حكايتها من الناس لا من صاحبها!

ويكفي لكي تعلم مكانة الرؤيا أن الله تعالى ذكرها في غير موضع من القرآن، محتفيا بها، سواء وقعت لأنبياء أو لغيرهم!

كما احتفى بها أهل الحديث، فترجم البخاري في صحيحه كتابًا، وسماه كتاب [التعبير]، وأورد فيه كثيرا من المرائي!

وصنف الحافط ابن أبي الدنيا كتاب [المنامات]، وأورد فيه كثيرا من الرؤى المنامية!

وذكر الفقيه ابن أبي جمرة في مقدمة [شرحه على البخاري] عشرات الرؤى المنامية، التي ساقها للاستبشار بها، وللدلالة على فضل كتابه!

ووقفت على رؤيا للقرطبي حكاها عن نفسه، في [شرحه على صحيح مسلم]، في موضع لا يحضرني ذكره الآن!

هذا جانب من احتفاء القرآن والسنة وأهل العلم بهما، بمسألة الرؤى والمنامات!

على أنه لا ينبغي أن نبني عليها أحكاما شرعية، ولا أن تتوقف حياتنا عندها، وإن كان يستحب العمل بما وافق الشريعة منها، وقد ذكر ابن القيم في كتابه [الروح] عمل بعض السلف بالرؤى المنامية الصادقة!

وأما الكرامات فليس أدل على احتفاء القرآن بها؛ من ذكرها في مواضع مختلفة، كما وقع لسيدتنا مريم، ولأهل الكهف، ولصاحب موسى!

وترجم لها الإمام النووي في [رياض الصالحين] بباب [كرامات الأولياء]، وصنف الشيخ يوسف النبهاني كتابًا ضخما سماه [جامع كرامات الأولياء]!

ومما يدل على أهميتها؛ ذكرها في كتب العقائد الإسلامية، لاتصالها بمعجزات الأنبياء، بل قالوا: "كل ما كان معجزة لنبي؛ جاز أن يكون كرامة لولي، إلا ما اختص به الأنبياء!".

وأنشد الشيخ اللقاني في منظومته المباركة [جوهرة التوحيد]:

وأثبتنْ للأوليا الكرامةْ

ومن نفاها فانبذنْ كلامهْ!

هذه سطور كتبتها - على عجَل - جوابًا على سؤال مَن سأل: لماذا تذكر الرؤى المنامية الصالحة التي رأيتَها أو رؤيت لك؟!

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله
  • هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟.. علي جمعة يرد بمفاجأة
  • ما سر قل أعوذ برب الفلق؟.. علي جمعة: تحصنك من 8 شرور مهلكة
  • حوار الوفد مع العشماوي عن وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام
  • أستاذ بجامعة الأزهر: ينبغي عدم الانشغال بالفتن عن بناء النفس
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه
  • علي جمعة: قيام الليل مفتاح السكينة والتقوى في زمن الفتن
  • أتكاسل عن صلاة الفجر لشدة البرد فهل على إثم؟.. علي جمعة يجيب
  • حكم تأخير الحيض لصيام شهر رمضان كاملًا .. أمين الفتوى يوضح الضوابط
  • والتز: حزب الله يعيد بناء نفسه