عودة الكاظمي هل ينجح كمصد لرياح السوداني العالية
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
بقلم : هادي جلو مرعي ..
في آخر لقاء جمعنا بالسيد مصطفى الكاظمي قبيل نهاية عمل حكومته في قصر الزقورة كان طعام الغداء متواضعا للغاية مع إنني معروف بعدم رغبتي بالطعام والإكتفاء بالقليل، ولعلها الرغبة بحرمان ديدان القبر من أن تصاب بالتخمة، وكان السيد الكاظمي يبدي إهتماما بالحاضرين، وهم قلة من الكتاب، وكان يستشهد بي حين يتحدث ويصفني بالصديق وكررها لثلاث مرات في تلك الجلسة اليتيمة مع إنني متيقن في سري أن أغلب الحاضرين من تلك القلة كانت لهم حظوة في مكتبه.
ربما كان ذلك اللقاء هو الثاني بعد لقاء جمعنا بالسيد نوري المالكي حين كان رئيسا للوزراء في دورته الأولى، وكان السيد الكاظمي حاضرا ضمن وفد من الشخصيات الإعلامية والكتاب والصحفيين من أجل الصحفي منتظر الزيدي الذي رمى بحذائه مستهدفا الرئيس جورج بوش حين زيارته لبغداد، ولم يكن الكاظمي حينها يشاركنا الحديث بإستثناء إنني تحدثت كساذج دافع عن الزيدي وأتذكر إن أحد الشخصيات هدد المالكي بإنتقادات لاذعة لو أنه عفا عن الزيدي، وحذره إنه سيظهر على الشاشات لينتقده بإعتبار أن مافعله الزيدي جريمة بحق الدولة العراقية، وبعد يومين فهمت حين عرفت إن ذلك الشخص تغيرت أحواله، وماتزال منذ ذلك اليوم، والى اللحظة في حين خرجت من دائرة الرضا، أو توهمت ربما ذلك، والتي لم أعد إليها أبدا بسذاجتي المعهودة في الدفاع عن الناس الذين هم في الحقيقة يتوزعون في ولاءاتهم للزعامات والأشخاص والطوائف بعد أن خدعني كولن ولسن بكتاباته العبثية.. في الواقع أنا لم أغادر الدائرة لأني لم أدخلها من الأصل.
يشكل محمد شياع السوداني أرقا مستمرا للنخبة الفاعلة في النظام السياسي، فالرجل حقق أعمالا على الأرض يراها خصومه إنها محدودة، ووظفوا أدواتهم لتسخيفها بوصفها غير ملائمة، ولاتعد مهمة، وبدأوا بعملية نبش منسقة بهدف التسقيط، ولكن رياح السوداني سبقتهم على مايبدو، فالظروف مواتية لتحقيق جملة أهداف وجدت رضا في الشارع، وتلقاها الناس بوصفها منجزات غير مسبوقة لأنهم لم يتعودوها، خاصة وإن عجلة التنمية توقفت عام 1980 مع إندلاع الحرب التي إستمرت لسنوات طويلة، وكان سعر برميل النفط سبع دولارات في حين كانت الحاجة الى السلاح، وتوظيف العمالة الأجنبية، وإستيراد الغذاء تستنزف الخزينة العامة، وماإن خرجنا من جحيم تلك الحرب وجدنا أنفسنا بعد عامين في دوامة جديدة مع عملية ضم الكويت التي أجهضت بتحالف دولي شكلته واشنطن من ثلاث وثلاثين دولة دمر البنية التحتية بالكامل بقصف مركز وصفه المخرج الراحل فيصل الياسري في برنامجه بعد الخروج المريع من الكويت ( الملف) حين كان يردد عبارة لم أنسها حتى اللحظة حيث يقول أبو ديار ( لم يستثنوا شيئا ) وهو وصف حقيقي لما جرى للبلاد برمتها، لكن ذلك الجحيم لم يتوقف حيث بدأ حصار قذر فرضته دولة الشر الأولى الولايات المتحدة على الشعب العراقي، وقتلت عشرات الآلاف جوعا ومرضا بسبب فقدان الطعام والدواء، وقطعت صلة العراق بالخارج حتى العام 2003 العام الذي شهد الدخول الأمريكي العسكري، وبقسوة متناهية، وتبع ذلك فوضى سياسية وأمنية، وتدخلات خارجية بلاشرف ولاضمير جعلت العراق ساحة لحروب الآخرين، وتشابك سياسي وطائفي، ونظام سياسي هجين لايفهمه حتى الفاعلون فيه، سوى إنه مفيد ربما لتحقيق مكاسب مالية ومناصب.
كان كل رئيس وزراء يتولى إدارة السلطة التنفيذية يواجه بالمفخخات والخصوم السياسيين والفساد والمحاصصة وإملاءات الخارج والمحسوبية وتعددية الأحزاب والجماعات العنيفة، ولم تكن الفرصة متاحة للتنمية والعمل الجاد والصحيح، وحين توفرت الفرصة وجدنا من يريد تقويض جهود السوداني والتشهير به بالرغم من وجود مايشبه كل تلك التوصيفات في عهود من سبقه من رؤساء حكومات، لكنه بذل جهدا ملائما في ظروف دولية ومحلية ساعدت في فك الإختناق السياسي والتنموي، والعمل على تغيير المشهد بمستوى ما كان كافيا ليدب الرعب في نفوس النخبة الفاعلة التي تحاول توظيف كل ماهو ممكن لتجنب السقوط في الإنتخابات المقبلة التي ستكون معقدة مع عودة التيار الصدري، ومشاركة السوداني الذي يحظى بمقبولية وبشعبية تساعد في تحقيق مكاسب إنتخابية تقلق تلك النخبة.
أجد عودة السيد الكاظمي طبيعية. فرؤساء الوزراء السابقون موجودون، ويعملون في الداخل بإستثناء السيد الجعفري الذي عاد الى بريطانيا، لكن هناك من سيئي النية والخبثاء والمشاكسين من يرون أن الأمر مرتبط بتحضيرات للمواجهة على غرار ماجرى في أيام تشرين حين أطيح بالسيد عادل عبد المهدي، وتم إختيار السيد الكاظمي ليتولى المنصب بدلا عنه، ولكن هناك من يرى إن رياح السوداني أشد من أن تمنعها مصدات الكاظمي الذي يرى آخرون أنه لايمكن أن يقبل بالتوظيف، ولن يكون سلاحا بيد أحد، وإنه سيختار طريقه كما يشاء، لا برغبة الآخرين. لعلنا نصل الى مرحلة الإنتخابات لنرى ماسيحدث، أو لانصل، ولكل حادث حديث..
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد!!
يمانيون | يحيى الربيعي
تحتل القضية الفلسطينية الركيزة الأساسية في الوجدان اليمني، وهي تتجسد برسوخ أعمق في خطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، كقضية مركزية تتجاوز الأبعاد السياسية لتلامس عمق الضمير الإيماني والأخلاقي. إن موقفه هو تعبير عن التزام راسخ، يتجذر في المبادئ الدينية والإنسانية، ويُترجم إلى مواقف عملية وإجراءات عسكرية ملموسة.
يرى السيد القائد أن دعم فلسطين واجب لا يمكن التنازل عنه، وهو ما يتضح جلياً في كل كلمة يلقيها، مؤكداً على أن هذا الدعم هو “إيماني مبدئي جهادي شجاع وحر وإنساني وأخلاقي.”
الأساس الإيماني والأخلاقي للموقف اليمني
يؤكد السيد القائد باستمرار على أن دعم الشعب الفلسطيني هو واجب ديني وأخلاقي لا يمكن إنكاره على الشعب اليمني والأمة الإسلامية جمعاء. هذا الموقف الثابت لا يتزعزع “مهما كانت ردة الفعل من قبل العدو الإسرائيلي”، ويظل راسخاً رغم العدوان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، والحصار الاقتصادي، والحملات الدعائية.
وفي خطابات تطغى عليها مشاعر التضامن والوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني، يُدين السيد القائد بشدة الأعمال الإسرائيلية الإجرامية، معرفاً إياها بـ”الإبادة الجماعية”، و”جرائم الحرب”، و”الجرائم ضد الإنسانية”. حيث يركز على استهداف الأطفال، والنساء، والمدنيين الأبرياء، كدليل واضح على القتل الممنهج والعمد، الذي يكشف بوضوح أن العدوان الإسرائيلي يسعى إلى القضاء على هذا الشعب بطريقة ممنهجة وإجرامية.
ويشير السيد القائد إلى أن “الإبادة الشاملة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تمثل هدفاً واضحاً للعدو الإسرائيلي، وسلوكه الإجرامي اليومي يفضح هذه الحقيقة المرة”. فضلاً عن ذلك، يربط الموقف اليمني بالتأطير الديني والأخلاقي، بهدف إضفاء الشرعية على مواقفها وإجراءاتها، بحيث تكرس اليمن كمنارة للمقاومة في مواجهة الظلم العالمي، وتصب في خدمة قضية عادلة تتطلب الوقوف بجانب المستضعفين وسحق ظلام المحتل وطغيانه.
إدانة التطبيع والتقاعس العربي والدولي
لا يتوقف خطاب السيد القائد عند نقطة دعم المقاومة، وإنما يمتد ليشمل نقداً لاذعاً للمواقف العربية والدولية. يصف الموقف العربي بأنه “ضعيف، عشوائي، غير مدروس، والذي سرعان ما انحدر إلى مستوى التطبيع الفاضح المخزي”. ويشدد على أن “التطبيع ليس مجرد علاقة طبيعية مع محتلٍّ مجرم، بل هو تعاونٌ مع عدوٍّ للأمة في دينها ودنياها”.
كما ينتقد السيد القائد “التخاذل العربي والإسلامي تجاه غزة”، معتبراً إياه “وصمة عار وتواطؤ مكشوف مع العدو الصهيوني”. ويشير إلى أن الشعب الفلسطيني يشعر “بالخذلان العربي وخذلان المسلمين بشكل عام قبل غيرهم لأن المسؤولية عليهم قبل غيرهم”.
أما على الصعيد الدولي، فيرى السيد القائد أن الإبادة الجماعية في غزة هي “هدف إسرائيلي أمريكي مشترك”. وينتقد الولايات المتحدة لتزويد إسرائيل بـ “شحنات لا تتوقف” من القنابل المدمرة، وتقديم “دعم مفتوح وتبنٍ كامل” لجرائم إسرائيل. ويأسف لأن “الأموال العربية هي من أهم مصادر تمويل تلك القنابل” من خلال الاستثمارات في الولايات المتحدة. كما يصف الدور الأمريكي بأنه “شراكة متكاملة” في التخطيط والمعلومات والعتاد العسكري والسلاح والغطاء السياسي، حتى في مجلس الأمن.
التعبئة الشعبية والدعوة للجهاد
تُعد التعبئة الشعبية أحد الركائز الأساسية للموقف اليمني، حيث يظل السيد القائد يدعو بشكل دائم إلى تنظيم “مسيرات مليونية” سواء في صنعاء أو في المحافظات الأخرى، لتكون رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي وللعالم بأسره.
وهو يثمن عالياً زخم الحضور الجماهيري وتفاعل الشعب اليمني مع هذه الفعاليات، معتبراً إياها “واجباً إيمانياً” لا يجوز التفريط فيه، ويميزها بـ “طابع غير مسبوق”، خاصة في ظل “التخاذل العربي المخزي” الذي يعم الساحة الإسلامية، حيث لم تتمكن أغلب الدول من تقديم أي من أنواع سواء الدعم المادي أو المعنوي المطلوب للقضية الفلسطينية.
وتأتي هذه المسيرات لتؤكد للعدو الإسرائيلي أن الشعب اليمني “لا يرهبه أي عدوان مهما بلغت قوته”، وأن إيمانه المبدئي الجهادي، وحرصه على المبادئ الإنسانية والأخلاقية، لن يتزعزع أمام أي تهديد، بل سيظل متمسكاً بمواقفه الجريئة والصلبة، في دعم القضية الفلسطينية والذود عنها بكل قوة، مدافعاً عن الحق والعدل، ومبيناً أن الشعب اليمني هو صوت المقاومة والجهاد المقدس في وجه جرائم الإبادة والتجويع والتهجير التي يتعرض لها أبناء غزة، وأنه الصوت الذي سيظل مرفوعاً ومدوياً حتى إنهاء الجرائم الصهيونية وإنهاء الاحتلال.
وسيبقى السيد القائد يحث- مراراً وتكراراً- أنظمة الدول التي تفصل اليمن جغرافياً عن فلسطين المحتلة على “فتح منافذ لعبور شعبنا الذي سيتحرك بمئات الآلاف لنصرة الشعب الفلسطيني”.
وقد أعرب عن أمله الشديد في تحقيق ذلك، مؤكداً: “نحن كنا نتمنى أننا بالجوار من فلسطين، وكنا- لو تهيَّأ لنا ذلك- لبادر شعبنا بمئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة المباشرة مع الشعب الفلسطيني… ولكن مهما كانت العوائق، لن نتردد في فعل كل ما نستطيع، أن نفعل كل الممكن، كل ما بأيدينا أن نفعله”. ويعلن صراحة أن “هذا هو وقت الجهاد أكثر من أي وقت مضى وفي ميدان واضح، وقضية واضحة وضد عدو صريح للإسلام والمسلمين وفي قضية عادلة”.
الانخراط العسكري المباشر.. أرقام وشواهد
لم يقتصر الموقف اليمني على الخطاب، بل ترجم إلى انخراط عسكري مباشر وفاعل، ضمن ما يعرفه السيد القائد بـ”محور الجهاد والمقاومة”. فعل مستوى العمليات البحرية في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب والمحيط الهندي، يؤكد السيد القائد استمرار “الحظر البحري على العدو الإسرائيلي”، مشيراً إلى أن ميناء أم الرشراش (إيلات) قد عاد إلى “الإغلاق التام”. مشيراً إلى أن العمليات اليمنية تمتد عبر “البحر الأحمر والبحر العربي وصولاً إلى المحيط الهندي”، وتشمل خليج عدن وباب المندب. مشدداً على حقيقة أن الحصار يستهدف بشكل خاص السفن المتجهة من وإلى “موانئ فلسطين المحتلة”، بينما يُسمح لما دون ذلك من سفن بالمرور الآمن دون اعتراض إذا لم تكن متجهة إلى هذه الموانئ.
أما على مستوى استهداف العمق الصهيوني في الأراضي المحتلة، ففي عمليات القصف لأهداف استراتيجية وتابعة للعدو الإسرائيلي في أم الرشراش، يافا، أسدود وغيرها من المواقع الحيوية، يؤكد السيد القائد أن هذه الأهداف تعرضت “للهجوم في أكثر من مناسبة”، وأن عملية إغراق السفينتين التابعتين لشركات انتهكت الحظر اليمني على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، قد أدت إلى إعادة الإغلاق التام لميناء أم الرشراش، وهو ما يمثل رسالة ردع واضحة وفعالة.
وبلغة الواثق من قدراته، أصبح إعلان القوات المسلحة اليمنية عن فرض “حصار جوي شامل” على “إسرائيل” أكثر من مجرد تعبير عن التضامن مع غزة، بل تحوّل إلى ترجمة عملية لفهم جديد لمعادلة الردع الإقليمي. اليمن، اليوم، يُعد لاعبًا استراتيجيًا لا يُمكن تجاهله، ويُظهر أن قدرة الردع تعد أداة حاسمة في مواجهة العدوان.
بل إن العمليات اليمنية وباعترافات العدو نفسه، قد جاءت لتسحب البساط من رواية تفوق القوة التكنولوجية الغربية، وتُظهر محدودية قدراتها في مواجهة الإرادة اليمنية الصلبة المدعومة بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع، تنطلق من جبال اليمن لتخترق أعتى أنظمة الدفاعات الجوية، فتصيب عمق الكيان المحتل بقوة دقة.
كما أن الحقيقة الثابتة تكمن في أن مشهد القوة التكنولوجية الأميركية، التي تتباهى بـ”بطاريات باتريوت”، و”ثاد”، و”القبة الحديدية”؛ قد أظهر عجزها أمام إرادة اليمن الصلبة، وإصراره على مبادئه، وتوجيه ضربة نوعية تزلزل معادلات الردع التقليدية، وتؤكد أن اليمن قادر على أن يُغير موازين القوى ويكتب تاريخًا جديدًا في المنطقة برصيده من القوة والإيمان.
منذ إعلان الموقف اليمني الداعم لقضية غزة في أكتوبر 2023، وحتى الرابع والعشرين من يوليو 2025، سجلت قوات اليمن المسلحة وشعبه الباسل نجاحات نوعية ومؤثرة، تعبر عن إرادة التحدي والصمود، وتؤكد على حجم الانخراط اليمني المتواصل في معركة الدفاع عن الأمة، ضمن السردية الوطنية والثوابت الراسخة لموقف اليمن المبدئي.
ففي المجال العملياتي، أُجريت 1679 عملية عسكرية نوعية، تنوعت بين إطلاق الصواريخ، والطائرات المسيرة، والزوارق الحربية، بهدف تصعيد الضغط على العدو الإسرائيلي، وتوجيه رسائل ردع قوية ومتتالية.
أما على مستوى العمليات البحرية، فقد استهدفت بالدرجة الأولى 90 سفينة تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى سفن كانت في طريقها نحو العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، والبحر العربي، والمحيط الهندي. وخلال شهر واحد قبل 17 يوليو 2025، تم استخدام أكثر من 124 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، الأمر الذي أدى إلى إعادة إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) بشكل كامل، بعد محاولاتٍ متكررة من قبل العدو لإعادة تشغيله، في رسالة واضحة على قدرة اليمن على تعطيل أي مسعى عدائي.
وفي العمق المحتل، قامت القوات المسلحة اليمنية باستهداف أهداف إسرائيلية في يافا، والنقب، وأم الرشراش، مستخدمة أحدث أنواع الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة، في وقتٍ أعلنت فيه عن وصول سلاح جديد إلى أهدافه بشكل دقيق، مما يعكس تطور القدرات العسكرية اليمنية وارتفاع وتيرة الردع الاستراتيجي.
وفي إطار التعبئة الشعبية، تستمر مسيرات الجموع الجماهيرية “المليونية” في صنعاء وبقية المحافظات، كل يوم جمعة، وتُعدّ هذه الفعاليات نوعاً من العطاء الإيماني والواجب الوطني، الذي يعبر عن إصرار الشعب اليمني على الثبات والوقوف في وجه العدوان، وعدم الرهبة من أي تهديد. وخلال أسبوع واحد قبل 17 يوليو 2025، شارك نحو 1229 مظاهرة ووقفة شعبية، تعبيراً عن وحدة الموقف ورسوخ الإرادة.
وفي حديثه المستمر، يؤكد السيد القائد على أن الجهود مستمرة لتطوير القدرات العسكرية، لجعلها أكثر فاعلية في مهاجمة العدو الإسرائيلي، وترسيخ مبدأ أن تكنولوجيا المقاومة لن تكون عائقاً أمام الإرادة الصلبة، إذ أن اليمن، باستخدام سلاحه المتقدم من الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة، يفرض واقعا جديدا من المعادلات، يهدف إلى إلحاق تكاليف غير متناسبة بالعدو، وتوجيه رسائل ردع غير مسبوقة في تاريخه.
خلاصة القول:
إن القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي هي قضية وجودية، تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة. يتجلى هذا الالتزام في خطاباته، يحفظه الله، والتي تجمع بين العمق الإيماني، والنقد اللاذع للمتقاعسين، والدعوة الصريحة للجهاد، وصولاً إلى الانخراط العسكري المباشر والفاعل.
إن الأرقام والإحصائيات التي يقدمها حول العمليات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب وفي العمق الصهيوني، هي شواهد على إرادة قوية لا تلين، وتصميم على نصرة الشعب الفلسطيني، مهما كانت التحديات والتضحيات. هذا الموقف يضع اليمن كفاعل رئيسي ضمن “محور المقاومة”، ويعكس طموحاً جيوسياسياً أوسع لتحدي الديناميكيات الإقليمية القائمة وإعادة تشكيلها. وسيظل الموقف اليمني من القضية الفلسطينية قوة دافعة رئيسية في سياسات اليمن، مما يؤثر على الافعال ولغة الخطاب، ويضع اليمن كلاعب ثابت ومؤثر في المشهد الجيوسياسي الإقليمي.