اتهامات أممية لإسرائيل بانتهاكات غير مسبوقة في غزة
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
اتهم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إسرائيل الأربعاء، بإبداء تجاهل غير مسبوق لحقوق الإنسان في عملياتها العسكرية في غزة، وقال إن حماس انتهكت القانون الدولي.
وأثناء تقديمه تقريرا جديدا عن وضع حقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية اللتين تحتلهما إسرائيل إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قال تورك "لا شيء يبرر الطريقة المروعة التي أجرت بها إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة والتي انتهكت القانون الدولي بصورة مستمرة"، بحسب "رويترز".
واتهم التقرير، الذي أعده مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، حماس أيضا بارتكاب انتهاكات جسيمة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقال تورك "أطلقت حماس قذائف عشوائية على إسرائيل، وهو ما يصل إلى مستوى جرائم حرب".
وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن مسلحين بقيادة حماس استشهدوا 1200 شخص واحتجزوا أكثر من 250 رهينة في هجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
ويقول مسؤولو الصحة في قطاع غزة إن الهجوم الإسرائيلي اللاحق أدى إلى تدمير معظم القطاع ومقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني.
ولم ترسل إسرائيل مندوباً لإلقاء كلمة، وهو ما قال ممثل تشيلي إنه أمر مؤسف.
من جانبها دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” وزراء الخارجية الأوروبيين إلى "إدانة جرائم إسرائيل الفظيعة، وانتهاكاتها الخطيرة الأخرى للقانون الدولي، خلال اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و(إسرائيل)".
وأضافت المنظمة في بيان "عدم إدانة أوروبا جرائم إسرائيل الفظيعة، أدى إلى تأجيجها وإثارة اتهامات مبررة بازدواج المعايير".
وتابعت: "على وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الإشارة إلى أن الاتحاد لم يعد يتردد بالاعتراف بجرائم الحرب والجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية بما فيها الفصل العنصري، وأفعال الإبادة الجماعية وبدء التصدي لها".
وأردفت: "كما عليهم الإعلان عن مراجعة امتثال (إسرائيل) لالتزاماتها الحقوقية بموجب اتفاقية الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، في أعقاب طلب التعليق المقدّم من إسبانيا وإيرلندا في فبراير 2024، جرّاء الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل".
ووثقت المنظمة الحقوقية الانتهاكات الجسيمة من قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء الأعمال العدائية في غزة والمنطقة، ومنها: "جرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الإبادة، إضافة إلى أفعال الإبادة الجماعية".
كما تجاهلت قوات الاحتلال 3 أوامر ملزمة من محكمة العدل الدولية، باتخاذ خطوات لمنع الإبادة الجماعية في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا، على إثر انتهاك "إسرائيل" لـ"اتفاقية للإبادة الجماعية" الأممية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حماس إسرائيل الأمم المتحدة غزة الاحتلال المزيد فی غزة
إقرأ أيضاً:
إبادة لا تستوفي شرط التضامن العربي
مؤلم وشاق العثور على موقف وسلوك عربي رسمي، باستطاعته لجم فاشية صهيونية تتصاعد في غزة وبقية مدن فلسطين المحتلة، طوال عشرين شهرا من العدوان والجرائم والعربدة الإسرائيلية. لم يطرأ تغيير يقلب المشهد، تُنسف مربعات سكنية ويتكرر تدمير القطاع الصحي وحرق المستشفيات وتقصف خيام النازحين ويُستهدف آلاف المتجهين للبحث عن مساعدات، والسياسة العربية ثابتة في طلبها من "الغير" (المجتمع الدولي) بضرورة التحرك، تعفي نفسها من هذه الأولوية وضرورة التحرك، وفق قناعة تكبيل القدرة الذاتية بعدم الانتماء لمجتمع دولي، وتأثيرها ناجع فقط في حدود سيطرتها على مجتمعات عربية.
ومن السهولة تحري مواقف غربية ودولية، تستجيب لنداء ومطالب شعوبها الغاضبة من سياسات إسرائيل ومن جرائم الحرب وضد الإنسانية، فحشود المظاهرات من روما ولندن ومدريد ولاهاي وباريس وغيرها من مدن حول العالم، المطالبة بوقف العدوان وتحقيق العدالة لفلسطين وقطع العلاقة مع الاحتلال والغاضبة من مشاهد جرائم الإبادة في غزة، تعني أن تغييرا ما طرأ في رفض السردية الصهيونية، وصعوبة بهضم وتبرير فاشية الاحتلال على شعبٍ يكافح للتحرر منه، ويرفض محاولة نزع الصفة الإنسانية والوطنية عنه.
بالتزامن مع هذا الرفض، تعيد سلسلة بشرية ضخمة محاصرة البرلمان البريطاني وتطالب بفرض عقوبات على إسرائيل وبوقف تصدير السلاح لها، وسفينة أسطول الحرية "مادلين" التي تقل نشطاء دوليين، تبحر من ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية، جنوبي إيطاليا في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة، رغم التهديد الذي تعرض له المركب ومن فيه من جيش الاحتلال الذي سيطر عليه ومنع وصوله، إلا أن الخطوة والسلوك والشجاعة والإخلاص لمبدأ الوقوف إلى جانب الضحية لم يكن سلوكا عربيا.
فقد سبق كل ذلك سلسلة من مواقف وتحركات ومظاهرات غضب من إسرائيل، لم تتوقف عند حرم الجامعات حول العالم، فالتعاطف مع غزة وشعب فلسطين بوصلة إيمان بعدالة قضية وكرامة وحق شعب بحريته من الاحتلال، ورفض لسياسات الفصل العنصري التي ندد بها مؤخرا وزير خارجية فرنسا السابق جان إيف لودريان.
لم يعد غريبا على المطلعين والمهتمين ببعض المواقف الدولية من جرائم الإبادة الجماعية في غزة، أن يلاحظوا تطورا كبيرا في بعض المواقف من جهة وصف سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة بالفصل العنصري، أو التنديد بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة، ونعت هذه السياسة بالمخزية. لم يتوقف الأمر هنا، بل كانت هناك إجراءات من بعض العواصم والمدن الغربية، بقطع العلاقة مع إسرائيل ناهيك عن الضغط الذي تقوم به شعوب حول العالم، لدفع حكوماتها للضغط على الاحتلال لوقف جرائم إسرائيل ومحاكمة قادتها عن جرائم الحرب والتطهير العرقي. لكن الغريب استمرار الصمت والعجز العربي المخزي والمهين في كل شيء، وإذا تعمق الإنسان العربي فيما يتفوه به نتنياهو وبن غفير وسموتريتش منذ عشرين شهرا، باستعارة عبارات وشعارات تلمودية صهيونية تدعو للقضاء على العرب وتنفيذ الإبادة الجماعية، ورسم خطط الاستيطان والتهويد وضم الأرض وتهجير سكانها وتدمير شمال الضفة وخطط هدم الأحياء العربية في القدس، فلا يجد في المقابل العربي أي رد سوى استمرار العلاقة والتطبيع مع هذه المؤسسة الصهيونية وعقليتها الفاشية.
في كل ذلك، يغيب الفاعل العربي، حتى في خطوة ورمزية السفينة "مادلين" لمحاولة كسر الحصار، فهي لم تنطلق من موانئ عربية قريبة من غزة، والنشطاء على متنها "دوليون"، بغض النظر عن أصول بعضهم، والمساعدات أيضا. لا يذكر الشارع العربي ولا يحفظ كل الكلام العربي الذي قيل عن فلسطين عموما، ولا يأبه بكل القرارات التي اتخذت في القمم والاجتماعات التي لم ينفذ منها شيء بخصوص غزة وإنقاذها من الإبادة، فالعربي يدرك مصير آلاف شاحنات المساعدات المكدسة على حدود غزة، وقد أصابها التلف وانتهت صلاحيتها مع مسرحية إسقاط مساعدة عربية بالمظلات قبل أكثر من عام.
تغيب أيضا حالة الغضب في الشارع العربي، فالأحزاب والقوى السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والنخب وغيرها؛ فاعليتها تتطابق تماما مع سلوك أنظمتها المطبعة أو الخانعة للأوامر الأمريكية، لا بل إن العديد من الأصوات والمواقف العربية الرسمية تؤكد على "فائدة" استسلام الشعب الفلسطيني والتخلي عن المقاومة باعتبارها سبب بلاء الفلسطينيين لا المشروع الصهيوني، والخضوع له كخلاص منتظر لإسرائيل والنظام العربي.
التعويل على مواقف دولية لوقف الإبادة -رغم أهميتها- لا يكفي، ما لم يكن مقترنا بإسناد عربي وفلسطيني رسمي، فتسليط الضوء على مواقف غربية من إسرائيل، وحفظ شوارع عربية ما يقوله رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز والموقف الذي اتخذه بلده من الاحتلال، كذلك مواقف أيرلندا وبوليفيا ونيكاراغوا وكولومبيا وتشيلي ومملكة بليز، التي سارعت كلها لقطع العلاقة مع الاحتلال ووصفت سلوكه بالإجرامي، مع تقدير موقف جنوب أفريقيا في محكمتي العدل والجنائية الدولية، وما تعرب عنه نخب سياسية وفنية وثقافية ورياضية وأكاديمية حول العالم؛ من رفض لسياسات إسرائيل الاستعمارية، وانهيار سردية الخوف من كذبة معاداة السامية.. كل ذلك لم يدفع باتجاه بلورة مواقف عربية وبخطوات تسجل في تاريخ المذبحة الفلسطينية من باب الإنصاف للضحايا وللقضية وللمشتركات العربية، على الأقل منها إنسانيا وأخلاقيا لتنسجم وتكمل مواقف دولية.
وعلى ما يبدو، أن شرط التضامن العربي مع غزة والموقف من جرائم إسرائيل لم يستوف بعد، وإجرام المحتل ووضوح فاشيته نابع من موت الصلابة العربية والفلسطينية وسقوط شروط بديهية، وجلال موت البشر جوعا وقصفا وتحطيم كل حياتهم لم يبدل قاموس البلادة العربي بمواجهة جرائم الإبادة الجماعية وتحديات التطهير العرقي في غزة وبقية فلسطين. فمن يشهد مأساة غزة لأكثر من 600 يوم، وما أفرزته من نتائج أفصحت بوضوح عن مكنونات صهيونية فاشية، يمكنه القول إن إسرائيل حققت قسطا من أهدافها بالعدوان والجرائم، وأسقطت شرط التآزر العربي الرسمي والشعبي الفعلي لإسناد غزة ورفع الحصار عنها والضغط لوقف جرائم الإبادة الجماعية ومنع مشروع التهجير. وليس القصد من إثبات ما قدمناه الإيحاء بأن عوامل الفعل والقوة والتأثير على إسرائيل هي غربية وأمريكية فقط، بل القول بأنها صارت كذلك بفعل تخل عربي وفلسطيني رسمي عن ثقل ووزن قدراتهما وتأثيرهما، ورهن كل ما لديهما لصالح أمريكا وأمن المحتل بشروط يتم استيفاؤها من النظام العربي، وتتعلق بمفاهيم وفوائد متبادلة مع المحتل على حساب القضية الفلسطينية.
x.com/nizar_sahli