أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول "تمكين الشباب"، حيث تناول التقرير الإطار المفاهيمي للتمكين وتعريف فئة الشباب، بالإضافة إلى أثر تمكين الشباب في تحقيق التنمية المستدامة، ثم يتناول الاهتمام العالمي بتمكين الشباب، من خلال استعراض النظرة العالمية تجاه هذه الفئة، مع التركيز على دور المنظمات الدولية في دعمهم، وأيضاً أهم الأبعاد الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية لتمكين الشباب في مصر.

تمكين الشباب

أشار التقرير إلى أن منظمة (United Way of The National Capital Area) بالولايات المتحدة الأمريكية صنفت التمكين إلى أنواع مختلفة، وهي: التمكين الشخصي الذي يركز على تعزيز ثقة الفرد بنفسه واحترامه لذاته وشعوره بالمسؤولية الشخصية، كما يتضمن التمكين المجتمعي الذي يركز على بناء قدرة المجتمعات المحلية على تحديد احتياجاتها وتحدياتها ومعالجتها، والتمكين الاقتصادي الذي يهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي والاستقلال المالي للأفراد أو المجتمعات، والتمكين السياسي الذي يهدف إلى زيادة تأثير ومشاركة الأفراد والجماعات في العمليات السياسية، والتمكين البيئي الذي يركز على تعزيز الشعور بالمسؤولية والإشراف تجاه البيئة، ويشمل أيضاً التمكين الرقمي الذي يركز على توفير الوصول إلى الموارد الرقمية ومحو الأمية الرقمية والمهارات اللازمة لسد الفجوة الرقمية والاستفادة من التكنولوجيا من أجل التنمية الشخصية والجماعية، والتمكين الاجتماعي الذي يهدف إلى تحسين الوضع الاجتماعي ورفاه الأفراد داخل المجتمع ويتضمن تعزيز الإدماج الاجتماعي والمساواة في الحقوق والفرص، والتمكين التنظيمي ويتضمن خلق بيئة داعمة وشاملة داخل المؤسسات أو الشركات أو المنظمات، بالإضافة إلى تمكين المرأة الذي يسعى إلى معالجة أوجه عدم المساواة بين الجنسين وتعزيز المساواة بينهم.

وأضاف التقرير أن تمكين الشباب يلعب دورًا حاسمًا في النمو الاقتصادي والاستدامة، فعندما يتوفر التعليم الجيد والتدريب المهني وفرص ريادة الأعمال يتحول الشباب إلى مساهمين نشيطين في القوى العاملة والاقتصاد، مما يعزز من الابتكار والإنتاجية، كما أشارت منظمة الأمم المتحدة إلى أن التضامن عبر الأجيال هو مفتاح التنمية المستدامة، كما يتمثل أحد المبادئ الأساسية لأهداف التنمية المستدامة 2030 في التأكيد أنه "لن يتخلف أحد عن الركب".

%95 نسبة إنجاز خطوط المياه.. وزير الإسكان يتابع سير العمل بـ "زايد الجديدة"مُحرّضون .. وزير الداخلية الكويتي يكشف أسباب سحب الجنسيةوزير الدفاع الأمريكي يتخذ قرارًا بشأن روسيا قد يهدد الأمن القومي لبلادهتفاصيل جولة رئيس الوزراء وأبو العينين في مصنع الدورادو بالعين السخنة

وأوضح التقرير أن إحصائيات الشباب حول العالم تختلف حسب تعريف الفئة العمرية، فبحسب منظمة الأمم المتحدة والتي تعرف الشباب على أنهم "الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين (15-24 سنة)"، نجد أن تلك الفئة العمرية بلغ عددهم 1.26 مليار نسمة حول العالم في عام 2023، بما يشكل ما نسبته 15.6% من إجمالي سكان العالم البالغ عددهم 8.1 مليارات نسمة. وإذا اعتمدنا على تعريف أوسع للشباب كتعريف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والذي يستخدم الفئة العمرية (10-29 سنة) لوصف الشباب، فإن الشباب داخل هذه الفئة العمرية بلغ عددهم 2.54 مليار نسمة في عام 2023، بما يشكل 31.4% من إجمالي سكان العالم.

وأشار التقرير إلى أنه بحسب تقرير منظمة العمل الدولية لعام 2024، بلغ معدل البطالة العالمي بين الشباب 13% في 2023، وأشار التقرير إلى أن فرص العمل تختلف حسب دخل الدول. ففي الدول ذات الدخل المرتفع، تكون معدلات توظيف الشباب أعلى، ونسبة الشباب العاملين في وظائف آمنة رسمية تبلغ 76%. بعكس الدول منخفضة الدخل، وأكد التقرير على جهود المنظمات الدولية في تمكين الشباب حول العالم؛ ومن أبرز هذه المنظمات: منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، البنك الدولي، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، مجلس الشباب الدولي (IYC)، منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بمنظمة الأمم المتحدة (UN)، برنامج العمل العالمي للشباب، و"صلتك" وهي منظمة دولية غير حكومية تنموية، تم الإعلان عنها في منتدى تحالف الحضارات الأول في مدريد بإسبانيا في عام 2008، وتعمل على ربط الشباب بالفرص الوظيفية والاقتصادية.

وفيما يتعلق بالدولة المصرية؛ فقد أوضح التقرير أن الدولة تولي اهتمامًا بالغًا بالنشء والشباب واتبعت العديد من الإجراءات التي تهدف إلى تمكينهم من خلال التدريب والتأهيل، بالإضافة إلى إشراكهم في مختلف الأنشطة، ويأتي هذا الاهتمام انطلاقًا من حقيقة أن المجتمع المصري يتميز بكونه مجتمعًا شابًا، حيث أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد السكان في الفئة العمرية (15 - 29) سنة بلغ 27 مليون نسمة حتى 1 يناير 2024، مما يشكل نحو 25.5% من إجمالي عدد السكان في مصر، كما تشير البيانات إلى أن عدد الشباب الذكور في هذه الفئة العمرية بلغ 14 مليون نسمة، بينما بلغ عدد الإناث نحو 13 مليون نسمة، مضيفاً أن هناك 48 شاباً مصرياً تصدر قائمة (forbes Middle East) لعام 2024 للشباب الأكثر تأثيراً تحت سن الثلاثين في مختلف المجالات.

كما تطرق التقرير إلى قطاع التعليم والتعليم الفني للشباب، حيث أشارت البيانات إلى ارتفاع عدد الطلاب المقيدين في التعليم العالي، ليسجل نحو 3.8 ملايين طالب في العام الدراسي 2023/ 2024، مقابل 3.7 ملايين طالب في العام الدراسي 2022/ 2023. كما بلغ عدد المقيدين في الجامعات الحكومية والأزهرية نحو 2.4 مليون طالب، بما يمثل نحو 62.9% من إجمالي طلاب التعليم العالي خلال العام الدراسي 2023/ 2024. كما ارتفع عدد المقيدين بالجامعات التكنولوجية بنسبة 68.2%؛ إذ سجل عدد الطلاب المقيدين بتلك الجامعات 20.9 ألف طالب خلال العام الدراسي 2023/ 2024، مقابل 12.4 ألف طالب خلال العام الدراسي 2022/ 2023.

 تأهيل الشباب 

وفيما يتعلق بالتعليم الفني، أوضح التقرير أنه يلعب دورًا بارزًا في تأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات الفنية العالية، وتعزيز قدراتهم على التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، مما يسمح لهم بتلبية ومواكبة احتياجات أسواق العمل، كما أظهرت البيانات أن عدد الطلاب المقيدين بمدارس التعليم الفني (الثانوي الصناعي والتجاري والزراعي والفندقي) في مصر بلغ نحو 2.2 مليون طالب في العام الدراسي 2023/ 2024، مرتفعًا بنسبة 14.58%، مقارنة بالعام الدراسي 2018/ 2019. بالإضافة إلى ارتفاع أعداد مدارس التعليم الفني إلى 3386 مدرسة في العام الدراسي 2023/ 2024، مقارنة بنحو 2388 مدرسة في العام الدراسي 2018/ 2019، بنسبة ارتفاع قدرها 41.79%.

وأشار مركز المعلومات إلى أن برامج التدريب الفني والمهني المقدمة للشباب تعد جزءًا أساسيًا من جهود مصر لتأهيلهم لسوق العمل وتعزيز التنمية الاقتصادية، كما تهدف هذه البرامج إلى تنمية المهارات اللازمة لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية والتجارية الحديثة، وتشمل مجالات مثل الطاقة المتجددة، التكنولوجيا الرقمية، والصناعات الحرفية، ويتم تنفيذ هذه البرامج بالتعاون بين الدولة، والقطاع الخاص، والمؤسسات الدولية، بهدف تعزيز جاهزية الشباب لسوق العمل، وتقليل البطالة، ودعم الاقتصاد الوطني، وأضاف أنه في العام الدراسي 2022/ 2023، بلغ عدد مراكز التدريب المهني في مصر 773 مركزًا، بزيادة قدرها 1.98% عن العام الدراسي 2017/ 2018، حيث تم تدريب نحو 96.7 ألف متدرب.

وعن ترتيب مصر في مؤشر التعليم التقني والتدريب المهني الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل المكتوم خلال عامي 2017 و2024، فقد أشار التقرير إلى تقدمها 70 رتبة في المؤشر، لتحتل المركز الـ 43 عام 2024 من بين 141 دولة، مقارنة بالمركز الـ 113 من بين 131 دولة عام 2017، وذلك نتيجة لجهود الدولة في تطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني.

وفي ضوء ذلك، نفذت الحكومة المصرية العديد من برامج التدريب الفني والمهني، وجاء أبرزها على النحو التالي: مبادرة "ابدأ"، برنامج دعم وتطوير التعليم الفني والتدريب المهني، مشروع مهني 2030، مبادرة "شباب بلد"، مبادرتي رواد وبُناة مصر الرقمية، مبادرة بكرة ديجيتال، برامج معهد تكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

أشار التقرير إلى أن ريادة الأعمال تلعب دورًا مهمًا في تقديم حلول مبتكرة للتحديات الاقتصادية، مثل تحفيز الاقتصاد من خلال مشروعات صغيرة للشباب، مما يساعد في خفض البطالة وتحقيق التنمية، وفي هذا السياق، تبنت الحكومة المصرية عدة إجراءات ومبادرات لدعم ريادة الأعمال، مما أسهم في تقليل معدلات البطالة بين الشباب ودعم المشروعات الصغيرة، وأظهرت البيانات انخفاض معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية (15 - 29) عامًا من 16.5% في 2022 إلى 15.9% في 2023.

وقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالي قوة العمل للشباب في الفئة العمرية (15 - 29) سنة بلغ 8.6 مليون نسمة في عام 2023، بزيادة قدرها 3.61% مقارنة بعام 2022، كما بلغ معدل مساهمة الشباب في الفئة العمرية (18 - 29) سنة في قوة العمل حوالي 39.9% عام 2023، كما استحوذ الشباب في الفئة العمرية (18 - 29) سنة في قوة العمل الحاصلون على مؤهل متوسط أو أقل من الجامعي على نسبة 47.5% من إجمالي قوة العمل، بينما كان 24.6% من الشباب الحاصلين على مؤهل جامعي فأعلى خلال عام 2023، كما بلغت نسبة الشباب العاملين في وظائف دائمة 50.8% من إجمالي المشتغلين الشباب، غالبيتهم (73.8%) من الإناث.

هذا، وقد تمثلت الجهود الحكومية لتمكين الشباب اقتصاديًّا من خلال دعم ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار فيما يلي:

-تعزيز الشمول المالي للشباب: ففي إطار تنفيذ استراتيجية الشمول المالي (2022- 2025)، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري زيادة في عدد المواطنين الذين يمتلكون حسابات مالية، سواء في البنوك، البريد المصري، محافظ الهاتف المحمول أو البطاقات مسبقة الدفع، ليصل العدد إلى 48.1 مليون مواطن من إجمالي 67.3 مليون مواطن في الفئة العمرية 16 عامًا فأكثر حتى يونيو 2024، بما يعادل 71.5% من إجمالي السكان المؤهلين لفتح حسابات، مُقارنة بـ 41.79% في ديسمبر 2023. وتعود هذه الزيادة إلى الجهود المستمرة التي يبذلها البنك المركزي بالتنسيق مع الجهات المعنية لتعزيز الشمول المالي، خاصة للمرأة والشباب وذوي الهمم ورواد الأعمال، أما بالنسبة للشباب في الفئة العمرية من 16 إلى 35 عامًا، فقد ارتفعت نسبة الشمول المالي لهم إلى 51.7% في يونيو 2024، مقارنة بـ 51.5% في ديسمبر 2023، حيث بلغ عدد الشباب المستفيدين 19.2 مليون شاب حتى يونيو 2024 من إجمالي 37.1 مليون شاب. وذلك نتيجة للتوجيهات الرقابية الصادرة عن البنك المركزي، التي تشمل السماح بفتح حسابات للشباب بدءًا من سن 16 عامًا، إضافة إلى تسهيل فتح الحسابات تحت مسمى "حساب نشاط اقتصادي" للحرفيين وأصحاب الأعمال اليدوية، و"حساب شمول مالي للمواطنين" باستخدام بطاقة الرقم القومي فقط..

-دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر: حيث بلغت قيمة التمويلات الممنوحة من خلال القطاع المصرفي أو غير المصرفي للمشروعات متناهية الصغر 78.3 مليار جنيه، كما استفاد منها 4.7 مليون شخص في يونيو 2023 مقارنة بنحو 6.4 مليار جنيه في ديسمبر 2016، واستفاد منها نحو 2 مليون شخص.

وأشار التقرير إلى أن قيمة القروض التي أتاحها برنامج "مشروعك" منذ إطلاقه وحتى شهر فبراير 2024 بلغت 28 مليار جنيه، كما تم تنفيذ نحو 210.7 آلاف مشروع وساهمت تلك المشروعات في توفير ما يزيد على 1.7 مليون فرصة عمل في كافة المحافظات.

وعن مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"، والتي تمثلت في تحسين الخدمات وآليات تقديمها للمواطنين، من خلال التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات الحكومية بشكل متكامل، وتمثلت أبرز الخدمات التي قدمتها المبادرة منذ إطلاقها وحتى 14 نوفمبر 2024 في: تنظيم 9729 فعالية ثقافية وعروض مسرحية استفاد منها 912.1 ألف مواطن، وتمويل نحو 62.5 ألف مشروع صغير للشباب والأسر الأولى بالرعاية، وفتح 209 فصول لمحو الأمية، واستفاد منها نحو 6.5 آلاف مواطن، وتنظيم عدد 1017 قافلة طبية والتي قدمت 72.3 مليون خدمة صحية، وتنظيم 2053 ندوة ثقافية وتعليمية بعدد مشاركين بلغ 466.3 ألف مشارك، توزيع 187.5 طن لحوم على نحو 12.9 مليون أسرة، وتقديم 2352 خدمة في مجال تمكين وتدريب المرأة لنحو 1.1 مليون مستفيدة.

أشار التقرير في ختامه إلى إطلاق وزارة الشباب والرياضة العديد من المبادرات والمشروعات؛ بهدف تمكين الشباب المصري في مختلف المجالات، أبرزها: برنامج "مشواري"، "مشورة مهنية"، معسكرات "تحدي الشباب"، مراكز الابتكار، برنامج "طور وغير"، مبادرة "كن رائد أعمال مبدع"، تنظيم ملتقيات توظيف، برنامج "نادي البحث عن وظيفة"، منصة "توظيف مصر"، حاضنة ريادة أعمال تكنولوجية رياضية، معرض "بيزنيس يا شباب" وجميعها تُنفذ في كافة محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى التوسع في مراكز التنمية الشبابية، وإطلاق مؤخرًا، أندية شباب "بريكس+" بمراكز الشباب والتنمية الشبابية كإحدى المبادرات الرائدة لتعزيز الحوار والتعاون بين القادة الشباب من دول البريكس، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى مصر لتحقيقها. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجلس الوزراء الحكومة المصرية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر مجلس الوزرا منظمة الأمم المتحدة التنمیة المستدامة العام الدراسی 2023 فی العام الدراسی فی الفئة العمریة والتدریب المهنی التدریب المهنی التقریر إلى أن التعلیم الفنی الشمول المالی ریادة الأعمال الذی یرکز على بالإضافة إلى تمکین الشباب التقریر أن ملیون نسمة قوة العمل الشباب فی من إجمالی من خلال بلغ عدد فی مصر فی عام عام 2023

إقرأ أيضاً:

مشاركون في منتدى الدوحة: الشمول المالي يعزز الكرامة والقدرة على الصمود خلال الأزمات

الدوحة – أكد مشاركون في منتدى الدوحة أهمية العمل الجماعي، بشكل دولي وتكاملي، لتمكين العمل الإنساني، وتجاوز المساعدات القصيرة الأجل، وتعزيز الكرامة والقدرة على الصمود من خلال الشمول المالي.

ودعوا لاعتماد حلول إنسانية مستدامة ترتكز على المساعدات النقدية المتعددة الأغراض، وتعزز قدرة المستفيدين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم.

وخلال جلسة "استعادة الكرامة في الأزمات.. نماذج مبتكرة للتعاون الإنساني المالي" ضمن منتدى الدوحة 2025 المنعقد على مدى يومي السبت والأحد، أوضح المشاركون أن الأزمات الإنسانية اليوم باتت أطول أمدا وأكثر تعقيدا، وتتجاوز بشكل متزايد قدرة نماذج المساعدات التقليدية.

وبينما تظل الإغاثة الطارئة ضرورية، تعزز غالبا دوائر الاعتمادية التي تقوض الكرامة وتحد من قدرة الناس على إعادة بناء حياتهم، حيث يُعد الاستبعاد المالي، حسب المشاركين في الجلسة، جزءا محوريا من هذه المشكلة.

ولا يزال 1.4 مليار شخص بالغ يفتقرون للوصول إلى الخدمات المالية الأساسية، وكثير منهم في مناطق النزاع والأوضاع الهشة.

ومن دون أدوات مالية آمنة، تؤكد مداخلات الجلسة، لا يستطيع الناس تلقي المساعدات بأمان أو الادخار أو المشاركة في الحياة الاقتصادية أو البدء في التعافي.

وزيرة التعاون الدولي القطرية مريم المسند: كيفية الاستجابة للأزمات تصون الكرامة الإنسانية (الجزيرة)دور محوري

وخلال كلمة لها، شددت وزيرة التعاون الدولي بدولة قطر مريم بنت علي المسند على الدور المحوري للتعاون بين القطاع الإنساني والمالي والتكنولوجي فيما يتعلق باستعادة الكرامة في أوقات الأزمات، موضحة أن الأزمات لا تنقص من الكرامة الإنسانية، ولكن كيفية الاستجابة لها هي التي تصونها.

وتابعت "ما نعمل عليه اليوم ليس مجرد برامج أو معاملات، بل رسالة إنسانية تعيد للإنسان قدرته على اتخاذ القرار، ففي عالمنا اليوم، يعاني الملايين من النزاعات المسلحة، والتهجير القسري، والأزمات المناخية المتفاقمة، مما يضع تحديا كبيرا أمام جهودنا في مواكبة التعقيد الإنساني".

إعلان

ويعد تمكين الإنسان للوصول الآمن إلى الحلول المالية والتقنية، حتى في أقصى الظروف، أعلى شكل من أشكال صون الكرامة الإنسانية. ولذلك، فإن استعادتها تتطلب التفكير خارج نطاق الحلول التقليدية، وبناء شراكات متكاملة تجمع بين الحكومات والقطاع الخاص والجهات الإنسانية والمؤسسات المالية وقطاع التكنولوجيا والاتصالات، حسب المسند.

ينعقد منتدى الدوحة هذا العام في ظروف إقليمية ودولية تحتاج إلى تكاتف جميع الجهود لخفض التوتر، ودعم السلام والاستدامة في منطقتنا والعالم، من خلال ترسيخ العدالة، وتعزيز التنمية الإنسانية ومبادئ الحلول السلمية لمختلف النزاعات. أتمنى لضيوف المنتدى التوفيق والسداد، وأرحب بهم في قطر. pic.twitter.com/cF1WxGWNvA

— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) December 6, 2025

من جانبها، قالت وسام حمادة والدة الطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب التي قتلها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، إنه رغم متابعة ما تنقله وسائل الإعلام عن الأزمات الإنسانية، فإن الاستماع إلى تجارب من عاشوها مباشرة يكشف حجم الفجوة الهائلة بين الموارد المتاحة والاحتياجات المتزايدة، خصوصا فيما يتعلق بالغذاء والدواء وغياب التوازن في توزيع المساعدات.

وأضافت أن هذه النقاط تشكّل جوهر النقاشات التي يجب تسليط الضوء عليها في مثل هذه المنصات، موضحة أهمية أن تصل المساعدات للمحتاجين بكرامة من خلال آلية مستدامة تكفل هذا الأمر وتوفر للنازحين والمهجرين من ويلات الحروب أبسط مقومات الحياة بصورة مستدامة تكفل لهم الحرية في اتخاذ قرارات حياتهم ومعيشتهم.

وذكرت مديرة قسم التمويل والتواصل بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ليزا دوتن أن هناك مبادرة قطرية أطلقتها وزيرة التعاون الدولي القطري مريم المسند، تمنح النساء وغيرهن حول العالم فرصة حقيقية للتمكين عبر توفير المساعدات النقدية المتعددة الأغراض.

وأكدت أن المساعدات النقدية تمنح المستفيدين حرية اختيار الطريقة الأنسب لتلبية احتياجاتهم، بدلا من أن يقرر المجتمع الدولي بالنيابة عنهم، ولهذا تشارك "أوتشا" في آليات التنسيق الخاصة بالمساعدات النقدية عالميا، وتدعم الجهات الإنسانية في تنفيذها، وقدّمت مثالا من الصندوق الإنساني الخاص بسوريا، حيث تم تنفيذ مشروع بقيمة 13 مليون دولار -بدعم جزئي من قطر- لتقديم مساعدات نقدية وقسائم شراء للنازحين شمالي غربي سوريا.

محمد سيف الكواري: هناك قلق متزايد من الاستبعاد المالي لملايين الأفراد في البيئات الهشة (الجزيرة)المنهج النقدي

من جهته، قال سفياتوسلاف سينيوتا نائب رئيس حلول فيزا الحكومية لأوروبا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا إن الشبكات المالية العالمية لها دور فريد لا تستطيع الحلول المحلية وحدها القيام به خاصة في أوقات الأزمات.

وأوضح أن شبكة "فيزا" تربط اليوم أكثر من 150 مليون تاجر حول العالم، و15 ألف مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة وإقليم، مما يسمح بإيصال المساعدات فور التحقق من هوية المستفيد، سواء عبر بطاقة أو محفظة رقمية أو رمز إلكتروني، حتى في حالات النزوح وتجاوز الحدود.

إعلان

من جانبه، أشار كارل سكاو نائب المدير التنفيذي ورئيس العمليات في برنامج الأغذية العالمي إلى أن المساعدات النقدية أصبحت جزءًا رئيسيا من عمل البرنامج عالميا، بعد أن كانت قبل 15 عاما مجرد تجارب محدودة، مبينا أنه وصل السنة الماضية إلى 60 مليون شخص عبر مساعدات نقدية بلغت قيمتها نحو ملياري دولار، أي ما يصل إلى نصف عملياته.

وأضاف أن الأسباب الرئيسية لاعتماد المنهج النقدي تشمل الكلفة الأقل مقارنة بتوزيع السلع، وإمكانية الوصول إلى مناطق مغلقة عبر شبكات التجار، وتعزيز كرامة المستفيدين، لافتا إلى أن البرنامج يقدم حاليا دعما عبر محافظ إلكترونية لنحو 250 ألف فلسطيني في قطاع غزة.

وفي تصريح للجزيرة نت، عبّر محمد سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر عن بالغ قلقه من استمرار مظاهر الاستبعاد المالي التي تطال ملايين الأفراد في البيئات الهشة، مؤكدا أن حرمان الإنسان من الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية يشكّل انتهاكا غير مباشر لحقوقه في التنمية والعيش الكريم.

ولا يعد ضمان الشمول المالي مسألة اقتصادية فحسب، بل هو حق أساسي يمكّن الأفراد من حماية ممتلكاتهم، والحصول على المساعدات بأمان، والمشاركة في النشاط الاقتصادي دون تمييز، حسب الكواري، الذي شدد على ضرورة إدماج البعد الحقوقي في كل الجهود الإنسانية والتنموية لضمان عدم ترك أي أحد خلف الركب.

وأضاف أن تعزيز الإطار التشريعي والتنظيمي، وتوفير منصات مالية آمنة وموثوقة، يشكلان خطوة حاسمة لمعالجة جذور المشكلة، داعيا إلى تعاون وثيق بين الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية والمؤسسات المالية لتسهيل الوصول إلى خدمات مالية تحترم كرامة الإنسان وتدعم قدرته على التعافي.

صلاح خالد: الاستثمار في التعليم والشمول المالي ركيزة لتجاوز الفقر والاعتماد على المساعدات (الجزيرة)عنصر محوري

بدوره قال صلاح خالد ممثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في دول الخليج واليمن ومدير مكتبها في الدوحة، للجزيرة نت، إن تعزيز الشمول المالي في البيئات الهشة لم يعد خيارا ثانويا، بل بات عنصرا محوريا في حماية الحقوق الأساسية وبناء القدرة على الصمود، خصوصا عندما يقترن بالتعليم والمعرفة الرقمية.

ويواجه ملايين الأطفال والشباب المتأثرين بالأزمات صعوبات مضاعفة، ليس فقط في الوصول إلى الخدمات التعليمية، بل أيضا في الوصول إلى الأدوات التي تمكنهم من الاندماج اقتصاديا واجتماعيا.

وأضاف خالد أن اليونسكو ترى أن الحلول المستدامة تتطلب توظيف التكنولوجيا والمعرفة لتعزيز فرص التعلم وتمكين المجتمعات من تطوير مهارات الحياة والعمل، لافتا إلى أن الاستثمار في التعليم والشمول المالي معا يشكل ركيزة أساسية لتجاوز الدورات المستمرة من الفقر والاعتماد على المساعدات.

وتعمل المنظمة بالتعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين على تطوير برامج تعليمية رقمية ومبادرات لدعم المهارات المالية، بما يضمن وصول الفئات الأكثر هشاشة إلى فرص تعليمية واقتصادية عادلة تحفظ كرامتهم وتفتح أمامهم آفاقا أوسع للمستقبل، وفقا له.

وشدد على أن بناء مجتمعات قادرة على مواجهة الأزمات يبدأ من الاستثمار في الإنسان، تعليما وتمكينا، عبر سياسات شاملة تربط بين المعرفة والقدرة الاقتصادية، وتفتح الطريق أمام مستقبل أكثر استقرارا وإنصافا.

مقالات مشابهة

  • فتح حساب بالمجان.. بنك القاهرة يشارك في فعاليات الشمول المالي احتفالاً باليوم العالمي لذوي الهمم
  • تنسيق حكومي مصرفي لتعزيز الاستقرار المالي ودعم النمو الاقتصادي في مصر
  • الهيئة العامة للاستثمار تعتمد الإطار الفني والتنظيمي المحدث للتقييم والفحص المالي وتطلق منصة رقمية جديدة ضمن جهود الدولة لتعزيز مناخ الاستثمار
  • بريد ليبيا يوقّع اتفاقية تعاون مع مصرف السراي لتوسيع الشمول المالي
  • فيديو جراف.. الوزراء: بفضل الإصلاحات تحسن أداء المؤشرات الاقتصادية بشهادة المؤسسات الدولية
  • توقيع اتفاقية تمويل بين البنك الأوروبي والأهلي بـ 100 مليون دولار لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
  • الشمول المالي ودور البنوك في تعزيز التنمية الاقتصادية
  • جهود جهاز تنمية المشروعات بالشرقية خلال أكتوبر ونوفمبر 2025
  • إطلاق الدليل الإرشادي للحافز الاستثماري النقدي لدعم المشروعات الصناعية
  • مشاركون في منتدى الدوحة: الشمول المالي يعزز الكرامة والقدرة على الصمود خلال الأزمات