الرابع في أقل من أسبوع.. استشهاد الأسير علي البطش من غزة في سجون الاحتلال
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
#سواليف
استشهد #الأسير الفلسطيني #علي_عاشور_البطش ( 62 عاماً) من غزة، في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد أيام على نقله من #سجن_النقب إلى المستشفى، ليضاف إلى سجل #الشهداء الذين ارتقوا نتيجة #جرائم #الاحتلال الممنهجة بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون.
واعتقل البطش وهو شقيق القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش في تاريخ 25-12-2023، وهو متزوج وله ستة أبناء.
وقالت “هيئة شؤون الأسرى” (تابعة للسلط) و”نادي الأسير الفلسطيني” (حقوقي مقره رام الله، في بيان صحفي، تلقته “قدس برس” اليوم الخميس، إنّ “الاحتلال لا يكتفي بقتل المعتقلين، بل يتعمد حتى في الكشف عن مصيرهم التلاعب في الردود، وقد حصل ذلك مرات عديدة “لذلك نؤكد أنّ كافة الردود التي تتعلق بالشهداء هي ردود من جيش الاحتلال ولا يوجد أي دليل آخر على استشهادهم كون الاحتلال يواصل احتجاز جثامينهم، وفي أغلب الردود يشير الاحتلال إلى أنه جاري التحقيق وذلك في محاولة منه التنصل من أي محاسبة دولية، كما أنه يتعمد التأخير في الكشف عن مصيرهم، فغالبية الشهداء الأسرى بعد الحرب عائلاتهم أبلغت باستشهادهم بعد مرور أيام أو شهور على استشهادهم”.
مقالات ذات صلة عائلات الأسرى الإسرائيليين تتظاهر وتطالب بعدم إفشال الصفقة مع حماس / فيديو 2025/03/06وأشار البيان، إلى أنّ البطش هو المعتقل الرابع الذي يعلن عن استشهاده، في غضون فترة وجيزة ليرتفع عدد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة إلى (62) شهيدا وهم فقط المعلومة هوياتهم من بينهم على الأقل (40) من غزة، وهذا العدد هو الأعلى تاريخياً، لتُشكّل هذه المرحلة هي المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عام 1967، وبذلك يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة المعلومة هوياتهم منذ عام 1967 إلى (299) علماً أن هناك عشرات الشهداء من معتقلي غزة رهن الإخفاء القسري، كما ويرتفع عدد الشهداء الأسرى المحتجزة جثامينهم إلى (71) من بينهم (60) منذ بدء الحرب.
وأضاف أن “قضية استشهاد المعتقل البطش تُشكّل جريمة جديدة في سجل منظومة التوحش الإسرائيليّ، التي وصلت إلى ذروتها منذ بدء حرب الإبادة”.
وشدد على أنّ “وتيرة تصاعد أعداد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين، ستأخذ منحى أكثر خطورة مع مرور المزيد من الوقت على احتجاز الآلاف من الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، واستمرار تعرضهم بشكل لحظيّ لجرائم ممنهجة، أبرزها التّعذيب والتّجويع والاعتداءات بكافة أشكالها والجرائم الطبيّة، والاعتداءات الجنسيّة، والتّعمد بفرض ظروف تؤدي إلى إصابتهم بأمراض خطيرة ومعدية، عدا عن سياسات السلب والحرمان -غير المسبوقة- بمستواها”.
وحمّلت الهيئة والنادي، الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد المعتقل البطش وجددتا، مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدولية، المضي قدما في اتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحقّ شعبنا، وفرض عقوبات على الاحتلال من شأنها أن تضعه في حالة عزلة دولية واضحة، وتعيد للمنظومة الحقوقية دورها الأساس الذي وجدت من أجله، ووضع حد لحالة العجز المرعبة التي طالتها خلال حرب الإبادة، وإنهاء حالة الحصانة الاستثنائية التي منحتها دول الاستعمار القديم لدولة الاحتلال إسرائيل باعتبارها فوق المساءلة والحساب والعقاب.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأسير سجن النقب الشهداء جرائم الاحتلال فی سجون الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الثقافة في مواجهة الإبادة
حين مررت بالقرب من شجر الزيتون الذي حطمته آليات الاحتلال قبل عام، فوجئت بأغصان خضراء تنمو، ابتسمت، فقد انتصرت الأشجار الأبناء على الاحتلال بسهولة:
«إذا أنْتَ حَدَّقْتَ فيهَا قَرأْتَ حكَايتَنَا كُلَّهَا:
وُلدْنَا هُنَا بَيْنَ ماءٍ ونارٍ.. ونولَدُ ثانيةً في الْغُيومْ
على حافّة السّاحل اللاّزَوَرديّ بَعْدَ الْقيامَةِ.. عَمّا قليلْ
فلا تَقْتُلِ العُشْبَ أكثر، للْعُشبِ روحٌ يُدافعُ فينا عن الرّوحِ في
الأرضِ/
يا سيّد الخَيْل! عَلِّم حصانك أنْ يعْتَذِرْ
لِروحِ الطَّبِيعةِ عَمَّا صَنَعْتَ بأشْجَارِنَا:
آهٍ، يا أَخْتِيَ الشَّجَرَةْ
لَقدْ عذَّبوكِ كما عَذَّبُونِي
فلا تَطْلبي الْمَغْفِرةْ
لحَطّابِ أمّي وأمِّكْ..»
هذا ما خاطب به محمود درويش على لسان سياتل زعيم دواميش في رائعته الخالدة: خطبة الهندي الأحمر: ما قبل الأخيرة، أمام الرحل الأبيض. لقد مرت عقود على الإبادة، لكن لم ينته الأمريكيون الأصليون ولا ثقافتهم.
في فلسطين المحتلة، فإن شجر الزيتون يعود ثانية، إنه بعث الفينيق، والعنقاء، تلك معجزة فلسطين، وليست أسطورة أبدا.
ماذا نقول عن الطفل الذي انقض جنود الاحتلال عليه، فأشبعوه ضربا وركلا «بالبساطير» الأمريكية وحواف البنادق المعدنية، حين فتح عينيه أمام الكاميرات، من خلال وجه صار دما، وابتسم، ورفع علامة النصر!
منذ وعت عيني، وأنا في اللاوعي والوعي أشهد مقاومة الاحتلال، من خلال الرموز، تلك قصص كثيرة يصعب إيرادها، لكن الناظم فيها هو وعي الفلسطينيين على أهمية التشبث بالهوية، والخصوصية الثقافية والرموز الوطنية.
حين استغرب أحد جنود الاحتلال وجود علم فلسطين في مطرزة جميلة أبدعته الحاجة نعمة، أختي، قلت له ببساطة مشيرا الى علم الاحتلال، ما هذا؟ فأجاب علم دولة إسرائيل! قلت له ونحن شعب فلسطين ولنا علم، فهل تتوقع أن نرفع علمكم هنا؟ فأنهى المحتل العشريني الكلام، لكنه لم يخف إعجابه بالمطرزة، فقلت له هل تعلم كم عمر تفاصيل هذه المطرزة؟ فأشار بالنفي. قلت له هذه عمرها آلاف السنين! وهنا خرج من البيت مطأطئ الرأس قائلا: أنتم بيت مرتب ومضى.
كل وقصصه، لكن كيف لي أن أنسى احتفاظ أبي بزيه الفلسطيني، وهو يقطع جموع المحتلين، غير آبه بهم، فورثت ذلك، وكم تأثرت بسلوكه حين رفض دخول أي مبنى حكومي بعد هزيمة عام 1967 عليه أي رمز للاحتلال، حتى ولو لغة عبرية.
قال أبي وكثيرون: سنغلبهم بهذا وهذا، مشيرين للكتب التي بين أيدينا والشجر الذي أمامنا ونحن نجلس أمام البيت.
بالرغم من محاولات إبادتنا منذ عام 1948، وصولا الى حرب الإبادة على غزة، ونحن نزداد تجذرا وقوة ثقافية وفنية، فنحن الشعب الذي يعيش تحت الاحتلال ونسبة التعليم فيه تفوق دولة الاحتلال!
لم نباد، ولن، فكل فلسطيني يصير أمة!
استعار محمود درويش في قصيدة «خطبة الهندي الأحمر: ما قبل الأخيرة، أمام الرجل الأبيض» التي تضمنها «ديوان أحد عشر كوكبا» الذي صدر عام 1992، حالة الأمريكيين الأصليين، شعب القارة الأصلي، وهو هنا بذكاء يفرّق بين أمرين، قامت عليهما القصيدة. أما الهندي الأحمر فكانت خطبته الأخيرة بعد المعركة التي خسرها، وهو قد اعتاد أن يتحدث عن استخلاصاته لقومه، كما روى درويش حين قدم لقصيدته التي ألقاها. لكن محمود درويش، الهندي الآخر الذي ما زال يقاوم سيد البيض، فكانت خطبته قبل الأخيرة، لا لأنه لم ينهزم، بل لأنه يثق بأن خطبته الأخيرة هي إعلان نصره على سيد البيض!
ذلك في نظري هو دور الثقافة والفنون، فهما وإن كانا أهم ما يميز الشعوب، مثل الشاهنامة للفردوسي، فإنهما يشكلان ما يمكن تسميتهما بالدينامو، إن الثقافة والفنون رافعتان للشعوب، وهما باعثان للحياة، وهل كانت الثقافة والفنون في الحضارات جميعا إلا أساس النهضة والحضارة!
لقد حاكى العبرانيون الجدد العبرانيين القدامى حين انهالوا على الرموز الثقافية القديمة من كنعان ويبوس، لكن يبدو أن فلسطين عصية على الإبادة، حيث إن غنى الثقافة والفلكلور يمتد على الأرض وفي داخل البشر هنا، فكل ما يحيط بهم، وكل ما يتعلق بهم يصير ثقافة، كالزيت والزعتر والدران الاستنادية في جبال فلسطين.
زعم الصهاينة أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهكذا كانت الأرض الجديدة القديمة رواية طوباوية نشرها مؤسس الصهيونية السياسية تيودور هرتزل عام 1902، أي بعد إعلان تأسيس الحركة الصهيونية عام 1897 بخمس سنوات.
«تحكي الرواية قصة فريدريش لوينبيرج، وهو شاب يهودي من فيينا مفكر، وانضم إلى أرستقراطي بروسي أمريكي يُدعى كينجسكورت أثناء تقاعدهم في جزيرة نائية في المحيط الهادئ. توقفا في يافا في طريقهم إلى المحيط الهادئ، ووجدوا فلسطين أرضًا متخلفة ومعدمة وذات كثافة سكانية منخفضة، كما بدت لهرتزل في زيارته عام 1898».
امتلأت الرواية بالمغالطات، ونفت وجود شعب فلسطين، وتتابع الصهاينة والمسيحيون الصهيونيون في إزاحة الفلسطيني من فضاء فلسطين، واستمر ذلك حتى الآن، إنهم لا يروننا! ورغم ذلك، فإن فلسطين هي الأكثر حضورا.
باختصار، ما فعله الصهاينة هنا كان فقط محاكاة لما فعله البيض في أمريكا: الإبادة، لكن ذلك لم يتحقق، بل صارت فلسطين أكثر نضرة وجمالا، وتجلى ذلك بالطبيعة والزراعة والإبداع. دوما كنت مقتنعا بأن «كروم عنب بيت دقو.. وفلسطين» تنتصر بسهولة على الاحتلال، ودوما كنت أرى دواوين محمود درويش، وما أنجزه المبدعون هنا أسلحة الاحتلال.
«وكولومبوسُ الحُرّ يَبْحثُ عَنْ لُغةٍ لم يجِدْها هُنا،
وعَنْ ذَهبٍ في جَماجِم أجدادنا الطّيّبين، وكَانَ لهُ
ما يُريدُ من الْحيّ والميْتِ فينا. إذًا
لماذا يُواصلُ حَرْب الإبادَة، من قَبْرِه، للنِّهَايَةْ؟
ولَمْ يَبْقَ مِنَّا سِوَى زِينَةٍ للْخرابِ، وريشٍ خَفيفٍ عَلَى
ثياب الْبحيْرات. سَبْعونَ مليون قلْبٍ فَقأْت.. سيَكْفي
ويكْفي، لترْجع منْ مَوْتنا ملكًا فَوْق عَرْش الْزمانِ الْجَديد..»
هي القصيدة- الاستعارة، والرمز، التي تفسّر مواصلة حرب الإبادة الفاشلة (غزة مثالا ساطعا من خلال الأدب الجديد الذي يظهر الآن)، تلك نبوءة درويش وتلك مقاومته.
كتب محمود درويش القصيدة قبل 33 عاما، لكنها تزداد حضورا ونضرة. وكذلك صرنا أكثر بقاء من الاحتلال نفسه، الذي ينهي نفسه بنفسه، وأما نحن فسنواصل الزراعة والغناء.