قمة بريكس| الرئيس البرازيلي يدافع عن توثيق العلاقات مع أفريقيا
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
دافع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، عن توثيق العلاقات مع الدول الأفريقية خلال خطابه في منتدى أعمال بريكس، في جوهانسبرج.
وتتألف مجموعة بريكس من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم.
وتضم الكتلة بالفعل 40 %، من سكان العالم ومسؤولة عن أكثر من 30 %، من الناتج الاقتصادي العالمي، وقد تقدمت أكثر من 20 دولة بطلب للانضمام، وفقا لمسؤولين من جنوب أفريقيا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة.
بدأت اليوم قمة مجموعة " بريكس " التي تستضيفها جنوب أفريقيا في مدينة جوهانسبرغ، وعلى رأس أعمالها توسيع قاعدة الدول المنضمة إلى التحالف، وبحث آليات التعاون الاقتصادي، والتركيز على تقليل الاعتماد على الدولار، مع التخلي عن نقاش إصدار عملة موحدة في الوقت الحالي.
وتضم المجموعة " بريكس " كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا والتي تشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من 26% من الاقتصاد العالمي، فيما يشكل عدد سكان هذه الدول 40% من سكان العالم.
ويأتي ذلك في وقت نفى فيه منظمو القمة أي خطط لمناقشة إصدار عملة خاصة بالمجموعة، وهو ما كان قد طرحه الرئيس البرازيلي هذا العام كمقترح لوقف الاعتماد على الدولار الأميركي، مشيرين في الوقت نفسه إلى اتجاه للإعلاء من شأن العملات الوطنية للدول الأعضاء.
وتأتي القمة " بريكس " تزامنا مع أكبر توسع للمجموعة منذ أكثر من عقد، مع محاولة الصين دفع كتلة بريكس لتصبح منافسا قويا لمجموعة السبع، تحت شعار تشكيل نظام عالمي منصف "Shaping Equitable Global Order" وهو ما يتماشى مع خلفية وأسباب تشكيل هذه المجموعة في 2001.
وظهر مصطلح " بركيس " عام 2001 عندما صاغ الخبير الاقتصادي في "غولدمان ساكس" جيم أونيل الاختصار، وتحدث عن القوة الاقتصادية التي تمتلكها هذه الدول النامية مجتمعة، وكيف يمكن أن تعادل ميزان القوى الذي يتصدره الغرب.
وتحول من مصطلح نظري إلى تحالف عملي عام 2009 بمبادرة روسية، حيث ضم التحالف بداية البرازيل وروسيا والهند والصين باعتبارها قوى اقتصادية ناشئة، ثم تمت إضافة جنوب أفريقيا عام 2010 وتحويل المصطلح أخيرا إلى "بريكس".
تبرز قوة مجموعة " بريكس " ، من حقيقة أن الدول المشتركة تضم 3.2 مليار شخص، أي 42% من إجمالي سكان العالم، كما تمثل اقتصاداتها نحو 27% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 18% من التجارة العالمية.
وأبرز مؤسسات هذا التحالف هو بنك التنمية الجديد "New Development Bank" الذي تأسس عام 2014 برأسمال قدره 50 مليار دولار،
وتقول مجموعة " بريكس " بأنه يوفر تمويلاً أسرع من البنك الدولي ، ودون فرض شروط صارمة، بحسب الاسواق العربية.
وأحدث عائد على السندات لدى لد البنك تصل إلى %5، بزيادة 100 نقطة أساس عن مثيلاتها في البنك الدولي، يضاف إلى ذلك تصنيفات ائتمانية دولية بدرجة +AA من قبل فيتش وستاندرد آند بورز. وقد استثمر النبك حتى الآن 33 مليار دولار في 96 مشروعاً داخل بلدان المجموعة.
الإنجاز الآخر الأبرز للمجموعة هو "Contingent Reserve Arrangement" أو اتفاقية الاحتياطي الطارئ، التي تعمل كآلية للسيولة لدعم الدول الأعضاء في البريكس التي تواجه مشكلات في ميزان المدفوعات، عبر ترتيبات المقايضة بين البنوك المركزية في البلدان الأعضاء.
كما يمكن من خلال هذه الآلية، مبادلة العملة المحلية بالعملات الصعبة مثل الدولار للبلد العضو الذي يواجه أزمة نقص في الاحتياطي الأجنبي، وهو أحد الأسباب المهمة التي جعلت دولاً أخرى تهتم بالانضمام إلى المجموعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدول الأفريقية بريكس جوهانسبرج منتدى أعمال بريكس البرازيل جنوب أفريقيا أکثر من
إقرأ أيضاً:
سباق القواعد والنفوذ في أفريقيا.. من يملك القرار في القارة؟
الدوحة ـ في وقت تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية عالميا، تعود القارة الأفريقية إلى صدارة المشهد الدولي، ليس فقط بوصفها فضاء غنيا بالموارد والأسواق الواعدة، بل باعتبارها ساحة مفتوحة لتنافس القوى الكبرى عسكريا واقتصاديا وإستراتيجيا.
وبين انتشار القواعد العسكرية الأجنبية، وتدفق الاستثمارات، ومحاولات تنويع الشراكات الدولية، يظل السؤال الجوهري مطروحا: هل تمتلك أفريقيا اليوم القدرة على حماية استقلال قرارها، أم أنها ما تزال أسيرة أنماط قديمة من التبعية بأدوات جديدة؟
في هذا السياق، قدم عدد من الباحثين والأكاديميين، خلال جلسة "سيادة الدول الأفريقية في مواجهة التدخلات الخارجية" على هامش مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات، في الدوحة اليوم، قراءات متقاطعة حول واقع الوجود العسكري الأجنبي، وأبعاد التنافس الدولي، ومستقبل الاستثمار في القارة، خلال نقاشات عكست تعقيدات المشهد الأفريقي وتحدياته البنيوية.
وخلال مداخلته في الجلسة، قال الشافعي أبتدون الباحث المهتم بشؤون القرن الأفريقي إن الوجود العسكري الأجنبي في أفريقيا يترك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على استقلال القرار الأفريقي، سواء على المستوى الأمني أو السياسي.
وأوضح أن هذه القواعد تقيد في كثير من الأحيان حرية الدول المضيفة في رسم سياساتها الدفاعية، إذ يصبح جزء من أمنها الوطني مرتبطا بأجندات قوى خارجية، مضيفا أن الوجود العسكري الأجنبي لا يقتصر أثره على البعد الأمني، بل يمتد سياسيا عبر ممارسة ضغوط على صناع القرار، ما يحد من استقلالية المواقف الأفريقية في القضايا الإقليمية والدولية، ويحول القارة إلى ساحة تنافس مفتوح بين القوى الكبرى.
إعلانوأشار أبتدون إلى أن وجود القواعد العسكرية الأجنبية، أو حتى انسحابها، لا يعني بالضرورة تدهور العلاقات بين الدول، بل قد يفتح المجال أمام إعادة تشكيل علاقات جديدة بين الدول المضيفة والقوى الدولية، وفق منطق المصالح المتبادلة وإعادة التموضع الجيوسياسي.
وضرب الباحث مثالا بجيبوتي، التي تمثل نموذجا واضحا لهذا الواقع، إذ تحتضن عددا كبيرا من القواعد العسكرية الأجنبية في مساحة جغرافية وسكانية محدودة. ولفت إلى أن الهدف الأساسي لجيبوتي يتمثل في حماية هذه القواعد واستثمارها اقتصاديا.
وبين أن الولايات المتحدة تدفع ما بين 63 و75 مليون دولار سنويا مقابل قاعدتها العسكرية، تليها فرنسا بنحو 40 مليون دولار، ثم اليابان وإيطاليا، إضافة إلى الصين، موضحا أن هذه العائدات تمثل قرابة 10% من الميزانية العامة للدولة، وتسهم في دعم الاقتصاد الوطني، رغم أن الأوضاع المعيشية للسكان ما تزال متدنية مقارنة بدول الجوار.
وحذر الباحث المهتم بشؤون القرن الأفريقي من أن هذه العائدات، على أهميتها المالية، تكرس نمطا من التبعية الاقتصادية، حيث تستبدل من التنمية المستدامة إيرادات ريعية قصيرة الأجل، مشددا على أن المكاسب الأمنية التي توفرها القواعد قد تكون مؤقتة، في حين تمتد آثارها السلبية على المدى الطويل.
أشار أبتدون، في تصريح للجزيرة نت إلى تحركات إقليمية ودولية متسارعة، لاسيما في الصومال، لإعادة فتح أو تفعيل قواعد عسكرية تحت ذريعة تقديم الدعم الأمني، في ظل تنافس أميركي وإقليمي متزايد على النفوذ في منطقة القرن الأفريقي، موضحا أن لجوء الدول الأفريقية إلى تنويع شراكاتها الدولية لا يعني بالضرورة تغيير عقيدتها السياسية، بل يخضع لمنطق اقتصادي معروف يقوم على تنويع الشركاء لتقليل المخاطر وجذب الاستثمارات.
وأكد أن رأس المال تحكمه المصالح لا الاعتبارات الأخلاقية، مبينا أن قوة المؤسسات الوطنية وقدرتها التفاوضية تمثل عاملا حاسما في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب وجود ضمانات قانونية واضحة وعلاقات دبلوماسية مستقرة، مستشهدا بتجربة تركيا التي وسعت شراكاتها الاقتصادية عبر تعزيز تمثيلها الدبلوماسي، وضمان آليات التحكيم الدولي لحماية المستثمرين.
وشدد على أن أفريقيا ليست مضطرة للبقاء رهينة أنماط التبعية، غير أن ذلك يتطلب شراكات تبادلية قائمة على مبدأ الربح المتبادل، وليس على نماذج الهيمنة أو المكاسب الأحادية، مشيرا إلى أن بعض التجارب الناجحة، مثل رواندا، ما تزال بحاجة إلى مزيد من الشفافية، خصوصا في ما يتعلق بحجم الاستثمارات والصفقات غير المعلنة.
من جانبه، قال بوحنية قوي، الأكاديمي الجزائري المتخصص في قضايا الحوكمة والشؤون الأمنية والأفريقية في مداخلته أمام الجلسة، إن تعاطي القوى الكبرى مع أفريقيا لا يقوم فقط على منطق الاستثمار، بل على اعتبارها ساحة لتقاسم النفوذ، موضحا أن هذا التنافس يجري اليوم بأدوات جديدة تشمل أبعادا اقتصادية وأمنية وعسكرية واستخباراتية.
إعلانوأوضح أن القارة تشهد انتشارا واسعا للقواعد العسكرية الأجنبية، مع وجود أكثر من 40 قاعدة أميركية وأوروبية، ساهم بعضها، بحسب تعبيره، في تقويض الاستقرار داخل عدد من الدول الأفريقية بدلا من دعمه.
وأضاف بوحينة قوي، في حديث للجزيرة نت، أن لكل قوة دولية مقاربتها الخاصة، فالولايات المتحدة تعتمد منظورا أمنيا وعسكريا ذا طابع استخباراتي مغلف اقتصاديا، في حين دخلت روسيا بقوة إلى منطقة الساحل بعد الحرب في أوكرانيا، عبر دعم دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو في إعادة تأهيل قدراتها العسكرية، وإن كان ذلك ضمن رؤية قصيرة المدى.
وأشار إلى أن تركيا اختارت مسارا مختلفا قائما على التعليم وبناء القدرات المؤسساتية، في حين تواصل الصين توسيع حضورها من خلال إستراتيجيات اقتصادية وتنموية طويلة الأمد.
وشدد قوي على أن الإشكالية الأساسية لا تكمن في الصين أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، بل في غياب الأجندة الوطنية الواضحة لدى العديد من الدول الأفريقية منذ الاستقلال، موضحا أن الخلط بين المسارات الدستورية والانتخابية دون بناء مشروع تنموي علمي متكامل أدى إلى تعثر هذه الدول لعقود.
وأكد أن القوى الكبرى تعتمد ما وصفه بـ"المشي الهادئ"، القائم على التغلغل الاقتصادي أولا، ثم التمويل والدعم، قبل تثبيت النفوذ، مستشهدا باستثمارات تتجاوز مليار دولار في بعض الحالات.
بدوره، قال محمد زكريا، الباحث في الشؤون الأفريقية الاقتصادية والاجتماعية، إن المقاربة الدولية تجاه أفريقيا لا يمكن اختزالها في المساعدات الإنسانية أو الترتيبات الأمنية، مؤكدا أن الاستثمار سيظل العامل الحاسم في رسم ملامح القارة خلال العقود المقبلة.
وأوضح أن القارة تشهد تحولا لافتا نحو تنويع الشركاء الدوليين، كما في حالة النيجر، التي تسعى إلى الانفتاح على الأسواق العالمية لتحقيق توازنات اقتصادية وربما سياسية، في ظل التنافس الدولي المتصاعد على الموارد.
وأشار إلى أن الصراعات المقبلة في أفريقيا ستكون مرتبطة بشكل متزايد بالموارد الإستراتيجية، وعلى رأسها الذهب والمعادن النادرة، في سياق التحولات العالمية المرتبطة بالتكنولوجيا والعملات الرقمية، إلى جانب قطاعات الزراعة والصناعات المرتبطة بها.
وحذر من أن الاستثمار الأجنبي، رغم قفزته بنسبة 75% ليصل إلى 162 مليار دولار في 2024، قد يتحول إلى عامل تعميق للتبعية إذا لم يضبط بإطار قانوني ومؤسسي عادل، مشددا على أن أفريقيا تحتاج إلى استثمارات حقيقية ومنتجة، لا إلى استثمارات مرتبطة بحسابات نفوذ.
وختم زكريا بالتأكيد على أن استقلال القرار السياسي، وبناء السياسات الوطنية، وتعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، تشكل شروطا أساسية لتحقيق تنمية مستقلة ومستدامة، وضمان استفادة المجتمعات المحلية والأجيال القادمة من الفرص الاستثمارية.