المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
في قلب العاصمة تونس تلتقي الأزقة المتعرجة الضيقة بالمآذن الشامخة وتنساب الألوان والأصوات والروائح العطرة وسط المدينة العتيقة التي تعيش نبضا خاصا في رمضان.
تعد المدينة العتيقة واحدة من أبرز معالم التاريخ والحضارة في البلاد، وهي تفتح أبوابها للعالم عبر "باب بحر"، ذلك المدخل الذي يعد بمثابة حلقة وصل بين الحاضر والماضي.
عند عبور هذا الباب، يجد الزائر نفسه وسط أزقة ضيقة مفروشة بالحجارة، تحيط بها حوانيت تقليدية، بينما تعكس واجهات البيوت طابعا معماريا عتيقا يحمل بصمة التاريخ.
تشتهر المدينة العتيقة بفن العمارة الحفصية، حيث تتميز بممراتها الضيقة والمنازل ذات الأفنية الداخلية والمآذن والأقواس التي تعكس أصالة التراث العربي الإسلامي في تونس.
وتظهر الأصبطة وهي غرف عُلوية معلقة فوق الأزقة بشكل لافت في وسط واجهات البيوت والمحال التجارية، حيث تضفي على الأزقة الضيقة لمسة من الجمال المعماري.
تمتلئ زوايا السوق بالأقمشة الملونة المعلقة أمام الدكاكين، وتلمع القطع الفضية والنحاسية المعروضة للبيع، فيما تفوح روائح العطور، مما يخلق أجواء تقليدية تنبض بالحياة.
إعلانوتضج أسواق المدينة العتيقة بحركة الزائرين القادمين من كل الأرجاء لشراء مستلزماتهم الرمضانية، ويقف التجار أمام محلاتهم مراقبين الزبائن بحرص ساعين لتلبية طلباتهم.
لا يتوقف تدفق السواح الأجانب على هذا المكان العريق في رمضان لاكتشاف تفاصيل الحياة في هذا الجزء التاريخي من العاصمة ملتقطين بعدسات كاميراتهم تفاصيل دقيقة في زواياه.
كثاني أقدم جامع بالبلاد بعد جامع عقبة يتربع جامع الزيتونة وسط الأسواق، حيث بني في فترة حكم الحفصيين الذين استقروا في تونس في القرن الثالث عشر على غرار سوق العطارين وسوق النحاس وسوق الشواشين.
خلال السنوات الأخيرة عرفت أسواق المدينة العتيقة حضورا مكثفا للمنتوجات المستوردة، مما أدى لتراجع بعض الحرف المحلية، ومع ذلك لا يزال المكان صامدا أمام التقلبات.
رغم الظروف الاقتصادية الصعبة يجتهد عديد الحرفيين في المدينة العتيقة للحفاظ على مهن أجدادهم العريقة التي تشكل حجر الزاوية في هوية المدينة العربية بأسواقها المتنوعة.
من بين هؤلاء الحرفيين يجلس الحرفي محمد مرابط على كرسي أمام محل تجاري مختص في النقش على النحاس أحد أعرق الحرف التي لا تزال صامدة في المدينة العتيقة بتونس.
ينهمك هذا الحرفي في طرق النحاس بانتباه بينما يتوقف الزوار لمشاهدته وهو ينقش أسماء وزخارف عربية على أوان منقوشة تبقى شاهدة على مهارة الحرفيين التونسيين.
يقول للجزيرة نت "رغم كل التغيرات الحياتية يظل النحاس جزءا من تقاليدنا، وفي شهر رمضان تنتعش السوق بتوافد الزبائن الباحثين عن أوان نحاسية أو ديكورات تقليدية".
يشعر محمد في أعماقه أن عمله اليدوي يساهم في إحياء أصالة المكان، مشيرا إلى إعجاب الزبائن بما ينتجه من أطباق منقوشة وفوانيس مزخرفة لديكورات منزلية تراثية.
بدوره، يولي كريم الرابحي تاجر في صناعة الفخار عناية كبيرة بزينة محله المليء بالأواني والتحف الفخارية، حيث يحرص على عرض كل قطعة بعناية لتجسد أصالة صناعة الفخار.
إعلانوفي السياق يقول هذا التاجر للجزيرة نت إن الإقبال على منتجات الفخار يزداد لا سيما في المناسبات مثل رمضان، حيث يسعى الزوار لاقتناء تذكارات تمثل جزءا من الهوية التونسية.
ولا تقتصر الحياة في المدينة العتيقة على الأسواق والمهن التقليدية فحسب، بل تمتد لتشمل مراكزها الثقافية التي تصبح مسرحا للعروض الفنية لمهرجان المدينة في رمضان.
كما يضفي وجود المقاهي الشعبية طابعا خاصا على المكان، حيث يتوافد الزوار لتذوق القهوة العربية والحلويات التقليدية التي تضفي على الأمسيات الرمضانية طابعا مميزا.
تجسد المدينة العتيقة بتونس أصالة أول مدينة عربية إسلامية في المغرب العربي ظهرت إلى الوجود منذ نحو 13 قرنا وصنفت منذ عام 1979 لدى منظمة اليونسكو بصفتها تراثا ثقافيا للإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان اجتماعي المدینة العتیقة فی رمضان
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر يبحث مع رئيس التنظيم والإدارة مراحل تنفيذ تعيين 40 ألف معلم
استقبل فضيلة الإمام الأكبر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، المهندس حاتم نبيل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة؛ لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف والجهاز، وتطوير آليات التوظيف، وسدّ العجز القائم في مختلف قطاعات الأزهر، وفي مقدمتها قطاع التعليم.
وأكَّد فضيلة الإمام الأكبر، أنَّ الأزهر الشريف يضع ملف التعليم في مقدمة أولوياته، ويحرص دائمًا على اختيار الكفاءات القادرة على الإسهام في بناء أجيالٍ تحمل رسالة الوسطية والاعتدال.
وأشار إلى أن التعليم في الأزهر ليس مجرد نقلا للمعرفة، بل هو رسالة سامية تهدف إلى إعداد أجيالٍ تنهل من نور العلم وهداية الدين، وتنشر قيم التسامح والتعايش، مستندة إلى تراثٍ علميٍّ راسخ، ومنهجٍ فكريٍّ معتدل، يُعلي من شأن العقل، ويُرسِّخ القيم الإنسانية.
ومن جهته، استعرض رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مستجدات الإعلان الخاص بتعيين 40 ألف معلِّم أزهري موزعين على 4 سنوات، موضحًا أن المرحلة الأولى قد تم الإعلان عنها بالفعل لتعيين 10 آلاف معلِّم في تخصّصَي رياض الأطفال والرياضيات، بواقع 5500 لمعلمي رياض الأطفال، و4500 لمعلمي الرياضيات.
وأشار إلى أن عدد المتقدمين لوظيفة معلم رياض الأطفال بلغ نحو 44 ألف متقدم، بينما تقدَّم لوظيفة معلم رياضيات 20 ألفًا، ويجري حاليًا فحص أوراق المتقدمين بدقة، تمهيدًا لبدء الاختبارات التخصصية، والتي من المقرر أن تنطلق في شهر نوفمبر من العام الجاري
وأوضح رئيس الجهاز أن المرحلة الثانية من الإعلان ستتضمن طرح 10 آلاف وظيفة موزعة على تخصّصات: القرآن الكريم، المواد الشرعية، والحاسب الآلي، مشيرًا إلى أنه يجري حاليًّا الإعداد للإعلان عن فتح باب التقديم فور الانتهاء من اختبارات المتقدّمين في المرحلة الأولى، على أن يلي ذلك الثالث والرابع تباعًا.
واستعرض المهندس حاتم نبيل، التصور الجديد للهيكل الإداري للأزهر الشريف، والذي تم إعداده بما يواكب رؤية الأزهر والتوسعات التي شهدها من حيث الهيئات والقطاعات المستحدثة.
وشهد اللقاء بحث آليات سد العجز في القطاعات الهندسية، والمالية، والإدارية، إلى جانب تلبية الاحتياجات العامة لمختلف قطاعات الأزهر.