البوابة نيوز:
2025-08-01@16:02:25 GMT

الزعيمان سعد زغلول ومصطفى النحاس.. دمتما بخير

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

الاحتفاء بذكرى رحيل الزعيمين الجليلين سعد زغلول ومصطفى النحاس ليس فعلا سياسيا، بل هو تعبير عن انتماء وطني عابر للحزبية الضيقة والأيديولوجية المغلقة. عبر ثلث قرن تقريبا، منذ اشتعال الثورة الشعبية العظيمة في مارس ١٩١٩، حتى سقوط العهد الملكي ورموزه في يوليو ١٩٥٢، قاد سعد والنحاس نضالا شعبيا نبيلا عظيما يراود الاستقلال والحكم الدستوري وترسيخ مبادئ الحرية والتنوير وترويض الاستبداد الملكي الموروث، وهما في صدارة المتطلعين إلى التخلص من قيم ومفاهيم الحكم المطلق والشعارات الظلامية، وإذا كان الاختلاف معهما، في الحباة وبعد الموت، حقا مشروعا على الصعيد السياسي، فإن الإساءة إليهما والتطاول عليهما وإنكار ما قاما به من إنجازات ليس إلا نوعا من المراهقة الصبيانية التي لا تعرف أقدار الرجال.


تنتصر "البوابة" في احتفالها بالزعيمين للوطنية الخالصة العابرة للسياسي الهش المؤقت الزائل، وتأمل في إنعاش الذاكرة لتعين الشباب الراغب في المعرفة على التأمل في تاريخ جدير بالفخر والاعتزاز، تمتد آثاره إلى الحاضر، وتتجاوزه إلى المستقبل الذي لا سبيل إليه إلا بالوعي والتسلح بالموضوعية والإفادة من الانتصارات والهزائم وتجنب الأحكام القاطعة سابقة التجهيز.
سعد زغلول ومصطفى النحاس زعيمان يحظيان في الحياة والموت بمحبة طاغية واحترام يجمع عليه المؤيدون والخصوم على حد سواء، ولا شك أننا في مسيس الحاجة لتقديم تحية تليق بمقامهما الرفيع وتتجاوز التعصب المقيت ولعنة الإقصاء الذي يقود بالضرورة إلى الهاوية.
يأبى رفيقا النضال الوطني إلا أن يرحلا في يوم واحد: ٢٣ أغسطس من عامي ١٩٢٧ و١٩٦٥، ولم تكن الجنازتان المهيبتان في وداعهما إلا الترجمة العملية لعظمة الشعب المصري ووعيه بأهمية أصحاب الفضل من عشاق الوطن الذين يعطون حتى الرمق الأخير. الأمر نفسه نجده في جنازتي مصطفى كامل وجمال عبد الناصر، ١٩٠٨و ١٩٧٠. الاحتفال بالوداع تجسيد لانتصار الحياة من ناحية وإصرار على الامتداد الذي لا يعرف القطيعة من ناحية أخرى.


لا بأس من العراك السياسي المتحضر، فلا أحد يحتكر اليقين والحقيقة المطلقة، ولا بد أيضا من التقييم الموضوعي المتزن الذي يعطي لكل زعيم قائد حقه، ذلك أن مصر للجميع بلا تمييز أو احتكار، والمعيار الوحيد هو الاجتهاد لخدمة الوطن، ومن لم ينل أجر الصواب لن يفوته أجر الاجتهاد.
في ذكرى رحيل العظيمين، تقدم "البوابة" تحية تؤكد من خلالها أنها مؤسسة إعلامية وطنية لا هدف لها إلا الدعوة إلى مستقبل أفضل، ولأن سعد والنحاس لا يغيبان عن العقول والقلوب وإن احتجبا، فإننا نقول لهما: دمتما بخير دائما. ثقا أنكما تسكنان قلوب الملايين ممن يعرفون ما قدمتما من عطاء.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سعد زغلول ومصطفى النحاس الزعيم سعد زغلول مصطفى النحاس

إقرأ أيضاً:

في رحيل زياد

أن أكتب اليوم، ولو كلمة رثاء في رحيل زياد الرحباني، وكأنني أكتب رثاء في رحيلي وفي رحيل جيل بأكمله، في رحيل تطلعاته وأحلامه ونضالاته وثقافته التي حاولت مخالفة السائد منذ انطلاقتها، قبل أن تتبلور وترسم مساراتها المتشعبة. أن نختصر زياد الرحباني بكونه سليل العائلة الرحبانية، وابن السيدة فيروز فقط، فيه الكثير من التجني وعدم النظر جيدا إلى العمل الكبير الذي قدّمه، ما يقودنا بالتالي إلى عدم إدراك ووعي كلّ هذا الفن الهائل والمتنوع، الذي لا يشبه إلا زيادًا؛ بل على العكس، لقد كان فنّه في أغلب الأحيان، نقدا للمدرسة الرحبانية التي عرفها عند أهله، وحتى الأغاني التي كتبها ولحنها للسيدة فيروز، في مرحلة متأخرة، لم تكن سوى نقد للعديد من أغانيها التي سمعناها، ومحاولة لتقديم صورة فنانة مختلفة عبر كسر الإطار الذي وضعت فيه. فما الذي يجمع مثلا بين أغنية «سكن الليل» (كلمات جبران خليل جبران وألحان محمد عبد الوهاب) وأغنية «مش كاين هيك تكون» (كلمات وألحان زياد، والتي تقول فيها «كان غير شكل الزيتون»)، سوى أن المؤدية هي نفسها؟

بداية زياد، كمشروع مستقل بذاته، بدأت مع «سهرية» وقد بقي يرفض لغاية أيامه الأخيرة اعتبارها مسرحية أو «أوبريت» وفقا للمفهوم الذي عمل عليه الثلاثي التاريخي (عاصي ومنصور وفيروز)، بل كان يعتبرها سهرة غنائية وفنيّة، عادية، قائلا إن الحوارات الموجودة فيها، ليست سوى روابط بين الأغاني والموسيقى؛ لذا لم يكن يُعدّها «في العمق» واحدة من أعماله، بل محاولة لإظهار قدرته المبكرة على التأليف والتلحين. من هنا قد تشكل مسرحية «نزل السرور» البداية الأولى الحقيقية لمشروع زياد المتشعب: هو ليس مشروعا موسيقيا فقط، بل هو أيضا مشروع ثقافي واجتماعي وسياسي، ومحاولة نقد نظام لبناني يستحق الثورة عليه. ربما خدمت «حركة التاريخ» زياد، إذ لم تمض أشهر على عمله هذا حتى اندلعت الحرب الأهلية في لبنان. لم تكن نبؤة تلك التي قدمها زياد، مثلما حاول البعض وصف العمل، بل أنه بحسّه العالي، نجح في قراءة الواقع الذي نعيشه، وهو واقع كان سيقود حتما إلى حرب داخلية وثورة، قبل أن تتحول هذه الحرب، بفعل التدخلات الخارجية، لتصبح حربا قذرة ووسخة وطائفية، ما زلنا نعاني من آثارها لغاية اليوم. وربما هنا، يمكن القول، إن ثمة امتدادا لهذا المشروع، وهي الحلقات الإذاعية التي قدمها كلّ ليلة، خلال «حرب السنتين» (1975 ــ 1976) من على أثير إذاعة لبنان، وهي بعنوان «بعدنا طيبين، قول الله»، مع المخرج السينمائي جان شمعون. ففي «قفشاته» ونكاته وسخريته ونقده الجاد، استمر في قراءة هذا الواقع، ولكن على طريقته، أي بعيدا عن أي «عملية مثاقفة»، إذ كان هدفه الأساس، إيصال فكرته إلى الشريحة الأوسع من الجمهور، لكن من دون السقوط في الإسفاف. من هنا، يبدو فنه وكأنه جمع هذا المزيج السحري الذي يصعب على كثيرين: أن تقدم عملا جماهيريا (بالمعنى النبيل للكلمة) من دون السقوط في نوافل الأمور وتوافهها، أي في المحافظة على فن كبير، يبقى مع مرور الزمن.

بدءا من تلك اللحظة الفنيّة شبه المتكاملة، عمل زياد الرحباني على تطوير مسرحه وموسيقاه، بل حتى على تطوير لغته المسرحية. فجاءت مسرحيات «بالنسبة لبكرا شو» و«فيلم أمريكي طويل» (تدور أحداثها في مصح للمجانين والأمراض النفسية، أو في «العصفورية» كما نطلق في لبنان هذا الاسم على تلك الأماكن المشابه) التي سبقت «اجتياح الكيان» للبنان العام 1982، وكأنه مرة جديدة، كان يستشرف «بقراءته» ما ستؤول إليه الأوضاع. هذه الأوضاع التي أعاد تقديمها على المسرح عقب هذا الاجتياح، مع مسرحية «شي فاشل». الفشل هنا، في عدم قدرة مخرج مسرحي غنائي «كما تروي القصة» في ضبط إيقاع عمل أراد منه أن يقدم صورة عن وحدة اللبنانيين، بعد الحرب، لكنه فشل في ذلك فشلا ذريعا، بسبب أعضاء الفرقة أولا الذين ينتمون إلى طوائف مختلفة، حيث بدأت النعرات فيما بينهم، وثانيا، بسبب الظروف المحيطة بالبلد، حيث القوى العسكرية المختلفة، التي تريد حصتها من قالب الحلوى. ليطرح عبر ذلك كله، علاقتنا بالماضي والتراث ولحظتنا الراهنة وداء الطائفية وعراك المذاهب فيما بينها، والأنكى أن الجمهور كان يستمع ويصفق لزياد، وهو في الصالة، وحين يغادر يعود ليشكل «أي الجمهور» جزءا من هذا الصراع المتفلت. أعتقد أن زياد نجح هنا في إيصال رسالته: لا يمكن لنا بناء بلد (في العمل، لا يمكن لنا بناء مسرحية) إلا إذا راجعنا كلّ تاريخنا الذي أفضى إلى هذه اللحظات الدامية.

هذا التاريخ، الماضي والحاضر، كان أيضا في قلب مسرحيتيه الأخيرتين (في بداية تسعينيات القرن الماضي) وكانتا تحملان عنوانين دالين: «بخصوص الكرامة والشعب العنيد» و«لولا فسحة الأمل». عن أي أمل كان يتحدث زياد؟ في الواقع عن اللا أمل، إذ عمل أيضا على مفهوم الطائفية وصراعات القوى في لبنان، والأجرأ أنهما جاءتا في لحظة، كان البلد يذهب فيها إلى عملية إعادة الإعمار، بعد مجيء الرئيس الحريري. لكن زياد قرأ الواقع بطريقة مختلفة، بعيدا عن كل «الأهازيج الفولكلورية» التي رافقت تلك العملية، ليقول إن ذلك غير ممكن، فالمشكلة ليست في إعمار ما تهدم، بل علينا بناء إنسان جديد قبل ذلك كله. اليوم وبعد مضي عقود على تلك اللحظة، ما زلنا فعلا، ننتظر هذا البناء الإنساني الجديد، الذي من دونه لا يمكن للبنان أن يستمر.

وعلى الرغم من أن كثيرين، لم يوافقوا زياد لحظتها على خطابه السياسي، إلا أن جمهوره كان يتزايد، إذ كانوا يرون فيه، خطابا يستحق التفكير فيه، وأنه يقدم مشروعا آخر. لذلك، لم يكن أحد يتفاجأ حين يرى أن جمهوره هذا، المخلص له، حتى عند أكثرهم خصومة له، يبدو مستسلما، بمعنى أنه كان يدخل عميقا في هذه اللعبة، وكأنه يعرف مسبقًا ماذا ينتظره، أو ربما، يأتي ليشاهده لأنه يعرف أن ما سيسمعه ويراه يمسه فعلًا، ويعبّر عنه، ويتكلم بصوته. من هنا، غالباً ما نجد أن زياد لم «يشكل» جمهورًا، بل «أنجب» شعبًا حقيقيًا يسير وراءه، ويستعيد كلماته، وحتى يقلّد طريقته في الكلام. وإن دلّ ذلك كلّه على شيء، فهو يدل فعلا على هذا الاتحاد الكبير بين الفنان وبين المتلقي، الذي يبحث عن «معانيه» الخاصة في كلّ كلمة أو تعبير.

لكن ماذا عن زياد الإنسان والصديق والموسيقي؟ من دون شك، يستحق الأمر وقفة أخرى، لذا، للحديث صلة.

مقالات مشابهة

  • يسري جبر: الاجتهاد عمل علمي منضبط يستند إلى النصوص القطعية
  • رسوم ترامب تفجّر انهياراً تاريخياً في أسعار النحاس عالمياً
  • الرئيس السيسي لـ ستارمر: يجب بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة في أقرب وقت.. ومصطفى بكري يكشف سببا صادما لتصعيد الحملة الإعلامية الخارجية ضد مصر | أخبار التوك شو
  • تقرير: مصر تتفوق على ليبيا والمغرب في صادرات النحاس بشمال إفريقيا
  • الولايات المتحدة تفرض رسومًا 50% على الواردات من النحاس
  • أمريكا تفرض رسومًا 50% على الواردات من النحاس
  • الأردنيين في الصين بخير
  • ترامب يفرض رسوماً بنسبة 50% على واردات النحاس
  • سعر كيلو النحاس الأحمر والأصفر اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025
  • في رحيل زياد