في مثل هذا اليوم قبل 14 عاما، انطلقت الثورة السورية حاملة معها آمال شعب يتوق للحرية والكرامة والتخلص من القبضة الأمنية التي حكم بها نظام الأسد البلاد طوال عقود عدة.

بدأت الاحتجاجات التي انطلقت في دمشق في 15 آذار /مارس ومن ثم درعا في 18 من الشهر ذاته سلميةً، لكن سرعان ما قوبلت بالقمع الدموي، ما أدى إلى تصاعد الأحداث وتحولها إلى صراع طويل الأمد.



وعلى مدار أكثر من عقد، مر السوريون بمراحل مفصلية مليئة بالتحديات والآلام، حتى حققت الثورة هدفها أخيرا في 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، بإسقاط نظام بشار الأسد، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

شرارة الثورة 
في 15 آذار /مارس عام 2011، خرج السوريون للتظاهر في مدينة دمشق مطالبين بالإصلاحات السياسية والعدالة، مستلهمين من الثورات العربية التي سبقتهم، ما أدى إلى اعتقالات في صفوف المتظاهرين.

وفي 18 آذار /مارس من العام ذاته، بدأت المظاهرات في درعا بعد اعتقال وتعذيب أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام، ما أدى إلى مقتل الشاب محمود الجوابرة أو قتيل على أيدي قوات النظام في الثورة السورية.


وسرعان ما امتدت الغضب الشعبي  الذي فجرته الأحداث في درعا التي عرفت بمهد الثورة السورية، إلى العديد من المدن بينها دمشق وحمص وحماة وإدلب ودير الزور وغيرها.

رد نظام الأسد بالعنف المفرط، حيث أطلقت قوات الأمن والجيش الرصاص الحي على المتظاهرين، وبدأت حملات اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين، في محاولة لكبح جماح الثورة التي اتسعت رقعتها وتصاعدت وتيرتها بسبب تشبث النظام بالخيار الأمني رافضا لإجراء إي إصلاحات.

في تموز /يوليو عام 2011 وتحت تصاعد العنف من قبل النظام، انشق بعض الضباط عن الجيش وأسسوا ما عرف باسم "الجيش السوري الحر" بقيادة العقيد رياض الأسعد، لتتحول الثورة بشكل تدريجي منذ ذلك الحين إلى العسكرة لمواجهة عنف النظام. 

التصعيد والعسكرة 
مع استمرار القمع الوحشي، بدأ النظام باستخدام "البراميل المتفجرة"، وقصف المدن بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا، وأسفر عن موجات نزوح ولجواء واسعة.

وفي 21 آب 2013، ارتكب النظام إحدى أبشع جرائمه عندما قصف الغوطة الشرقية بالسلاح الكيميائي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني أغلبهم من الأطفال.

في هذه الفترة، دخلت أطراف دولية وإقليمية على خط الصراع، حيث تدخلت إيران وميليشاتها على الأرض لدعم النظام، بينما دعمت دول أخرى المعارضة.

وفي أيلول /سبتمبر عام 2015، بدأت روسيا التي انضمت إلى داعمي النظام بشن ضربات جوية مكثفة على مناطق المعارضة، ما رجح كفة المعركة لصالح النظام الذي كاد يسقط حينها على وقع ضربات المعارضة.

المأساة الإنسانية والتهجير القسري 
شهدت هذه المرحلة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ففي أواخر 2016، سقطت حلب الشرقية بيد النظام بعد حصار وتجويع وقصف استمر لأشهر، لتبدأ بذلك سلسلة من موجات التهجير القسري من عدة مناطق مثل الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص.

بحلول عام 2019، كان أكثر من 13 مليون سوري قد هُجّروا من ديارهم  سواء داخل البلاد أو كلاجئين في دول الجوار وأوروبا، وذلك بعد انكفاء المعارضة ومحاصرها في شمال غربي البلاد، في حين امتلأت سجون النظام الوحشية بالمعتقلين الذين فقد كثير منهم الحياة تحت أبشع أنواع التعذيب التي مارسها النظام بحقهم.

وكانت صور "قيصر" التي سربها المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في  العاصمة السورية دمشق، أكبر عملية تسريب أثبتت التعذيب الوحشي الذي كان النظام يمارسه ضد المعتقلين.

وتضمنت الصور التي أدت إلى فرض الكونغرس الأمريكي في كانون الأول /ديسمبر عام 2019  قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي ههدف إلى فرض عقوبات اقتصادية على النظام وأفراد مرتبطين به. وعرف القانون باسم قانون "قيصر" في إشارة إلى جهود مسرب الصور المروعة.

الصمود والمقاومة 
رغم كل ذلك، لم يفقد السوريون الأمل، فقد استمر كفاحهم في الشمال السوري، وأصبحت إدلب آخر معاقل المعارضة بعد حملات النظام على معاقل المعارضة واحدا تلو آخر.

وعلى الصعيد السياسي، لم تنجح أي من المبادرات الدولية في إنهاء الصراع بسبب تعنّت النظام وداعميه أمام الحل السياسي، فضلا عن شروع العديد من الدول في العمل على إعادة تدوير نظام بشار الأسد ودمجه بالمنظومة الدولية.

لكن مع تفاقم الأزمات الداخلية، والانهيار الاقتصادي غير المسبوق في مناطق سيطرة النظام، بدأت حالة السخط تتصاعد حتى داخل المناطق التي كانت خاضعة له، وظهرت احتجاجات جديدة في السويداء ذات الغالبية الدرزية في 2023.

النصر وإسقاط النظام 
في أواخر 2024، تصاعدت الضغوط على النظام جراء الانهيار الاقتصادي الكبير وتحول رؤوس النظام إلى تجارة "الكبتاغون" وهو أحد أنواع المخدرات من أجل تأمين مصدرا ماليا، بينما بقي السوريون في مناطق سيطرة النظام يرزحون تحت وطأة الفقر وغياب الأمن وأبسط الخدمات والاحتياجات المعيشية.

كما ساهمت الأحداث التي تلت السابع من تشرين الثاني /أكتوبر عام 2023 في إضعاف داعمي النظام مثل إيران وحزب الله بسبب الضربات الإسرائيلية، في حين غرقت روسيا التي تمتلك قاعدتين عسكريتين على الساحل السوري في حربها المتواصلة مع أوكرانيا.

حتى جاءت اللحظة الفارقة في 27 تشرين الثاني /نوفمبر عام 2024 عندما أعلنت الفصائل السورية المسلحة في إدلب بدء عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "ردع العدوان" ما أدى إلى انهيارات واسعة في صفوف النظام.

وخلال أقل من 48 ساعة، تمكنت فصائل المعارضة من بسط سيطرتها على محافظة حلب في 29 تشرين الثاني /نوفمبر من العام ذاته، ما قلب موازين القوى وأنهى التفاهمات الدولية التي أبقت الملف السوري في حالة من الجمود لأكثر من 7 سنوات.

في أعقاب ذلك، واصلت فصائل المعارضة بالتقدم إلى المدن وبسط سيطرتها عليها المحافظات السورية واحدة تلو الأخرى لينتهوا بعد 11 يوما في العاصمة دمشق.


وفي 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، أعلنت الفصائل الثورية سيطرتها على دمشق بالكامل وسط انهيار مفاجئ لقوات النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد وعائلته إلى روسيا التي منحته حق "اللجوء الإنساني" بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي 29 كانون الثاني/ يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.

وشرع الشرع في إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، منجزا العديد من الاستحقاقات التي وعد بها عقب توليه منصب الرئاسة، بما في ذلك المصادقة على الإعلان الدستوري الذي من شأنه أن ينظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجب الإعلان بمدة 5 سنوات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الثورة السورية الأسد دمشق الشرع سوريا الأسد الثورة السورية دمشق الشرع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة السوریة ما أدى إلى العدید من

إقرأ أيضاً:

اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركية

في تقرير مطول، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن التهديدات التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومعاونوه بحجب مليارات الدولارات من أموال الحكومة الفدرالية عن الجامعات لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى ولايته الأولى.

وقالت إن إدارة ترامب تلاحق الجامعات التي يُزعم أنها ظلت تتسامح مع تنامي ظاهرة معاداة السامية في أروقتها، وتتوعد جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات الأميركية المرموقة بحرمانها من التمويل الفدرالي للأبحاث التي تجريها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي غذت اندفاع الهند وباكستان نحو الحربlist 2 of 2برلماني سابق: هؤلاء هم "الإخوان" الحقيقيون في فرنساend of list

وقد اتهم البيت الأبيض الجامعات بالفشل في حماية الطلاب اليهود خلال الاحتجاجات في الحرم الجامعي ضد إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة التي بدأت في عام 2023.

ومع ذلك، فإن الصحيفة تشير إلى أن فكرة استهداف جامعات وكليات النخبة بحجب التمويل عنها برزت قبل سنوات، مضيفة أن العديد من المحافظين لطالما كانوا يبحثون في طرق لمكافحة ما يعتبرونها عللا ليبرالية معادية للغرب في مؤسسات التعليم العالي الأميركي، حتى إن البعض منهم الذين يحتلون مواقع في إدارة ترامب الحالية يضغطون من أجل إحداث تغيير.

ونقلت وول ستريت جورنال في تقريرها عن مسؤولين في الإدارة أن هاجس ترامب بما يدور في الجامعات بدأ منذ عام 2018، وأصبح الآن منشغلا بحملة البيت الأبيض -التي يقودها ستيفن ميلر كبير مستشاريه للسياسة الداخلية- للتأثير على الجامعات الأميركية، وخاصة هارفارد.

إعلان

وقد رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية ضد قرار إدارة ترامب منعها من قبول الطلاب الأجانب.

ويتهم كبار الموالين لترامب الجامعات بأنها غارقة في الأفكار التقدمية لدرجة أن التغييرات التدريجية الصغيرة لن تكون كافية، وأن على الحكومة الفدرالية فرض تحول ثقافي كبير.

كبار الموالين لترامب يتهمون الجامعات بأنها غارقة في الأفكار التقدمية لدرجة أن التغييرات التدريجية الصغيرة لن تكون كافية، وأن على الحكومة الفدرالية فرض تحول ثقافي كبير.

لكن الصحيفة تقول إن الحاجة إلى ثقافة جديدة في الجامعات كانت فكرة لم تجد صدى، حتى أثارت لكمة في الوجه انتباه ترامب. ففي فبراير/شباط 2019، أقام ناشط محافظ يدعى هايدن وليامز منبرا في جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، لإقناع الطلاب بالانضمام إلى مجموعة "تيرنينغ بوينت أميركا" التي أسسها ناشط محافظ آخر اسمه تشارلي كيرك.

وانتشر مقطع فيديو يظهر رجلا مجهول الهوية يسخر من وليامز -أثناء نقاش حاد- قبل أن يوجِّه إليه لكمة قوية. وظهر بعدها وليامز على قناة فوكس نيوز بعين سوداء. ولم يكن المهاجم، الذي أُلقي القبض عليه لاحقا، ولا وليامز نفسه يدرسون في الجامعة.

وأشار تشارلي كيرك إلى أنه قال لترامب إن هذه الحادثة فرصة عليه أن يغتنمها للدفاع عن الطلاب المحافظين، وأنهما تحدثا عن حجب التمويل الفدرالي عن المؤسسات التعليمية التي تنتهك حرية التعبير. وكشفت وول ستريت في تقريرها أن دونالد ترامب الابن نسب الفضل إلى كيرك في دفع هذه الإستراتيجية.

وبعد حوالي أسبوعين من الواقعة، صرح ترامب بأنه يعتزم التوقيع على أمر تنفيذي يلزم الكليات والجامعات بدعم حرية التعبير إذا ما أرادت الحصول على أموال البحوث من الحكومة الاتحادية.

وبعد مدة وجيزة، وقّع ترامب على الأمر التنفيذي، إلا أنه تم تعطيله من قبل المعارضين الذين كان من بينهم جمهوريون في الكونغرس وبعض مسؤولي البيت الأبيض.

إدارة ترامب في الولاية الرئاسية الأولى الأساس القانوني للمعركة الحالية التي تدور رحاها بينها وبين الجامعات الأميركية.

ورغم ذلك، وضعت إدارة ترامب في الولاية الرئاسية الأولى الأساس القانوني للمعركة الحالية التي تدور رحاها بينها وبين الجامعات الأميركية.

إعلان

وخلال السنوات الأربع التي تفصل بين ولايتي ترامب الأولى والثانية، بدأ بعض مسؤولي إدارته السابقة في التخطيط لكبح جماح مؤسسات التعليم العالي مرة أخرى.

وقد وضع صانعو سياسات التعليم العالي المحافظون خريطة لكيفية استخدام السلطة التنفيذية، متوقعين، في ذلك الحين، أن الجمهوريين قد لا يملكون 60 صوتا اللازمة للتغلب على تعطيل مجلس الشيوخ.

ووفق تقرير الصحفية، فقد شكلت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين -التي عمّت الجامعات في الولايات المتحدة في أعقاب هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب اللاحقة في غزة- دافعا مفاجئا للإدارة الأميركية لتنفيذ تهديداتها.

ففي جلسة استماع في الكونغرس في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام استجوب أعضاء مجلس النواب رؤساء 3 جامعات كبرى حول تقارير معاداة السامية.

واغتنمت مراكز الدراسات المحافظة، التي تعج بأنصار ترامب، هذه الفرصة للدفع بأجندتها. ففي يناير/كانون الثاني 2024، عقدت مؤسسة "هيريتيدج" فعالية لإطلاق فرقة عمل وطنية لمكافحة معاداة السامية. وانضم عدد من مسؤولي ترامب في ولايته الأولى، بمن فيهم ديفيد فريدمان، السفير السابق لدى إسرائيل.

وكان أن تشجّع فريق ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة 2024 وحصوله على دعم كافة الشرائح الديمغرافية تقريبا. وعقب تنصيبه بأسبوعين، أعلنت وزارة العدل عن تشكيل فرقة عمل جديدة لمكافحة معاداة السامية، وأصدرت في وقت لاحق قائمة بـ10 جامعات مستهدفة شملت جامعات هارفارد وكولومبيا وديوك ونيويورك، بالإضافة إلى جامعة بنسلفانيا وجامعة كاليفورنيا في إيرفين.

غير أن استطلاعات الرأي الأخيرة، من بينها واحد أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، أظهرت أن الأميركيين يعارضون بأغلبية ساحقة قطع تمويل الجامعات للأبحاث الطبية.

إعلان

كما أعربت مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا -وهي من أبرز منتقدي الجامعات التي تزعم أنها تقمع وجهات النظر المحافظة- عن معارضتها لتكتيكات ترامب، بما في ذلك التهديد بقطع تمويل الأبحاث في جامعة هارفارد.

مقالات مشابهة

  • الباب المقفول
  • النقل: أبراج الإشارات في محطات الزقازيق والإسماعيلية والفردان تدخل الخدمة
  • وفد من قسد يتوجه إلى دمشق للقاء القيادة السورية الجديدة
  • اكتشاف أثري تحت الركام.. ما مصير القرى الأثرية بعد سقوط نظام الأسد؟
  • دمشق تبدأ إجراءات إعادة الموظفين المفصولين في عهد الأسد
  • إعلان قرارات تقنية فار للجماهير بالدوري الألمانى
  • داعش يتبنى أول هجوم ضد القوات السورية الجديدة منذ سقوط الأسد
  • خلال لقائه مع وفد من الجالية السورية في أستراليا.. محافظ دمشق يؤكد أهمية دور السوريين في الخارج
  • البيانوني: هذا ما جرى حين جلس الإخوان وجهاً لوجه مع مخابرات الأسد
  • اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركية