الذكريات صفحات تسجلها الذاكرة منذ الطفولة، مع كل الأشخاص الذين نعيش معهم، ويعيشون حولنا في الشارع والحارة، في المدرسة، في بيوت أهالينا وجيراننا، وفي كثير من المواقف التي تمر بنا، وتلتصق بذاكرتنا، إما لطرافتها، أو لجمالها ، أو لصعوبتها وقسوتها، وتبقى الذكريات أجمل ما نحمله معنا، حتى القاسية منها، تفقد قسوتها مع مرور الزمن.
واعتقد أن أهم محضن، وأول ميدان لصناعة الذكريات، هو (منزل العائلة)، وصناعة الذكريات، واجب جميع أفراد العائلة، وعلى رأسهم الوالدين والأجداد والإخوة والأخوات، ولن أنسى العائلة الممتدة من خلال الأب (أعمام وعمات) وكذلك الأم (أخوال وخالات)، ويدخل ضمنها الجيران وزملاء وزميلات العمل. من كل هؤلاء، وبهم، ومعهم، تصنع الذكريات. لذا فمن المهم جداً، أن يحرص كل فرد في العائلة، وكذلك الأصدقاء والجيران أن يرسموا خريطة ذكرياتهم بكلماتهم ومواقفهم وتواجدهم بين بعضهم البعض. فالذكريات لا تأتي من نفسها، بل هي كاللوحة الفنية يرسمها الرسام، لذلك ينتقي للوحته الألوان الجيدة، والوقت المناسب، لتكون اللوحة قد رسمت بحب وشغف. والعكس صحيح. فبدون اعتناء، وحرص، ستكون اللوحة مشوشة. هكذا الذكريات وليس منا من أحد إلا ويختزن في ذاكرته ملفات وفيديوهات بعضها مشرقة بحروف دونها أصحابها من نور. في استرجاعها سعادة وشوق وسرور، وأخرى قاسية غليظة بغلاظة من كتبها في ذاكرة الآخرين سواء أبناء أو زملاء أو جيران! ولعل أهم الذكريات، هي التي ينقشها الوالدان في عقول أبنائهما، فعلاقة الأب بالأم علاقة جميلة راقية ملؤها الاحترام، حتى لو اختلفا، فبعيداً عن السوء من الأفعال والأقوال، يحرصون على تعريف الأبناء أن الحياة جميلة حتى مع الخلافات، وأن الخلافات أمر طبيعي لا يخلو منها بيت، لكن نوع الخلافات، وأسلوب تعاطيها، هو المهم. فالخلاف مع النقاش الهادئ المحترم، مهم جداً ليتعلم الأبناء كيف يكون الخلاف. فأكثر ما يترك أثراً في ذاكرة الأبناء، هي العلاقة بين والديهم. وقيسوا على ذلك تعامل الوالدين مع بقية أفراد العائلة، فعندما تسود العلاقات الجيدة المليئة بالود والتقدير، وحين تكون اللقاءات العائلية، والرحلات الترفيهية بينهم، فبدون شك هم يصنعون ذكريات، يحفظها أفراد العائلة وأهمهم الأبناء الذين تتشكل ذاكرتهم بحسن سير وتعامل أهلهم، الجلسات العائلية الدافئة، تصنع ذكريات غاية في الجمال، فكيف يفرط البعض في ذلك؟ وأيضاً الصحبة الطيبة الراقية، بيئة رائعة لصناعة الذكريات، فتستحق الحرص عليها. العلاقات مع الأهل والأقارب، ميدان خصب لأجمل الذكريات. فهل يمكن التفريط في ذلك؟ كما أن علاقات العمل والمساجد والمدارس، كلها محاضن لذكريات كم أسعدت كثيراً ولازالت. الذكريات استثمار للسعادة في الحياة.
من المهم أن يستثمر رب العائلة وقته مع زوجته وأبنائه فيملأه حباً ولعباً وتعاملاً راقياً وتعاوناً، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام (فخيركم خيره لأهله وأنا خيركم لأهلي) لا أدري ألا يخجل الرجل القاسي في بيته والليِّن مع رفاقه، ألا يخجل الرجل الذي يقضي جل وقته لاهياً خارج بيته وعائلته آخر اهتمامه؟ مثل هؤلاء الرجال (هداهم الله)، الخجل يخجل منهم! حتى يكبر الأبناء وهم يحملون أجمل الذكريات، لابد أن يبذل الآباء والأمهات جهداً لفهم معنى العائلة وواجباتها التي لا تتوقف عند المأكل والمشرب والملبس، فللحياة احتياجات نفسية وعاطفية وعقلية مهمة جداً، إذا تم التفريط فيها، فكثيراً ما تحدث نتائج لا يريدها الأهل. فلله در أولئك الذين يزرعون في نفوس الآخرين أجمل وأطيب الذكريات.
إن جودة صناعة الذكريات، مسؤولية الجميع.
وليبقى الكل في ذاكرة الكل ذكرى جميلة، أرجو أن يوفق الله الجميع لصناعة أجمل الذكريات في حياة أحبتهم. ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
مدرب سبورتينج لشبونة يهدي لقب الدوري إلى العائلة
لشبونة (د ب أ)
عبر روي بورجيس، المدير الفني لنادي سبورتينج لشبونة، عن سعادته البالغة بالتتويج بلقب الدوري البرتغالي الممتاز لكرة القدم للمرة الثانية على التوالي، والحادية والعشرين في تاريخه.
واستفاد سبورتينج من فوزه على ضيفه فيتوريا جيماريش 2-صفر، تزامناً مع تعادل بنفيكا مع مضيفه سبورتينج براجا 1-1 في الجولة الأخيرة من الموسم، ليظفر باللقب. وأنهى سبورتينج الموسم في الصدارة برصيد 82 نقطة، متفوقاً بنقطتين على بنفيكا الوصيف.
ونقل الموقع الرسمي لسبورتينج عن بورجيس قوله: «إنه إنجاز متميز، بفضل كل ما قدمه اللاعبون من إنجازات وإيمان راسخ».
وأضاف: «ممتن للغاية لمساندة الجماهير منذ يومنا الأول، كان من المهم للغاية، ليس فقط للمدرب والجهاز الفني، أن يرسخوا لدى الفريق ثقتهم بأنهم مذهلون، وكذلك للجماهير، وهذا ما جعلنا فريقاً يكاد لا يقهر، واستطعنا أن نصبح أبطالاً مرتين رغم كل الانتكاسات التي واجهناها، وأول ما فكرت به بعد الفوز كان جدي، زي بيدرو، جميع أجدادي قد رحلوا، وأعتقد أنهم سعداء وفخورون بحفيدهم، لكن جدي زي بيدرو عزيز علي، وأعتقد أنه سعيد بحفيده، فكرت أيضاً في عائلتي ووالدي وأشقائي وزوجتي وابني، وخلال الأسبوعين الماضيين عانوا قليلاً بسبب الحياة اليومية لنادي سبورتينج لشبونة وروي بورجيس، لكنهم يعرفون جيداً من هو روي بورجيس، وأفضل جائزة يمكن أن أحصل عليها هي فخر عائلتي والناس الذين يحبونني».
وختم بورجيس حديثه بالقول: «لم أكن لاعباً رائعاً، ولا طالباً متميزاً، بل كنت مجرد شخص يؤمن بحلمه ويستطيع تحقيقه بالعمل الجاد والإيمان والسعادة».