سلط المحلل الفلسطيني يوسف منير الضوء على الحديث الدائر في واشنطن حاليا حول إنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية لتل أبيب، معتبرا أن ذلك يمكن وصفه بـ"موت المحرمات".

وذكر منير في تحليل مطول نشره المركز العربي واشنطن دي سي، وترجمه الخليج الجديد أن الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل ظل على مدى عقود شيء مقدسا للغاية.

وعقب أن مجرد توجيه انتقادات لهذا الدعم كان من المحرمات، لكن الأمر تغير الآن وأصبح الحديث عن إنهاء هذا الدعم وليس انتقاده يحظى بشعبية متزايدة.

وأشار إلى أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، التي تميز العلاقات بين البلدين أكثر من أي شيء أخر، تصل حالياً إلى ما يقرب من 4 مليارات دولار سنوياً.

وأوضح أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، نشر ما لا يقل عن عشرين مقالاً، تعبر عن وجهات نظر وميول سياسية مختلفة، تتجادل حول فائدة المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، أو بالأحرى إنهائها.

ولفت إلى أنه من المحتمل أن ينذر هذا الأمر بتغيير قادم في السياسة الأمريكية، ويشير على الأقل إلى أن المحرمات المحيطة بمناقشة هذا الجانب من العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ربما تكون قد ماتت الآن.

واستشهد منير بما كتبه العديد من المحللون من توجهات متعددة من وجهات نظر ومقالات تشكك في جدوى الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل

وفي هذا الصدد، تساءل نيكولاس كريستوف في صحيفة نيويورك تايمز: "هل من المنطقي حقاً أن تقدم الولايات المتحدة مبلغاً هائلاً قدره 3.8 مليار دولار سنوياً لدولة غنية أخرى؟"، ودعا اليمينيان ليل ليبويتز وجاكوب سيجل في مقال بمجلة تابلت لقطع المساعدات لإسرائيل وأن تتفرغ واشنطن لتحقيق مصالحها.

وتحدث إيفان إيلاند في مجلة "ناشيونال إنترست" بشأن مبلغ المساعدات الكبير الممنوح لإسرائيل، مضيفًا: "لقد طال انتظار إنهاء هذا السخاء".

وبينما يضغط التقدميون من أجل إنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، يركز آخرون على حقيقة أن إسرائيل لا تحتاج إلى مساعدات أمريكية لدعم نموها الاقتصادي - وما زال آخرون يجادلون بأن المساعدات الأمريكية لإسرائيل تضر إسرائيل بالفعل استراتيجيا.

ورأي منير أن موت أحد المحرمات التي طال أمدها من أي نوع، ناهيك عن تلك التي ظلت قائمة لفترة طويلة والتي يبدو أنها تبخرت بين عشية وضحاها، يثير السؤال التالي: لماذا يحدث هذا الآن؟ هناك مجموعة من العوامل التي من المحتمل أن توفر نظرة ثاقبة لهذا السؤال.

دوافع 

ولفت إلى أنه من بين هذه العوامل اقتراب مفاوضات مذكرة التفاهم الجديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

في 14 سبتمبر/ أيلول 2016، وقّعت الولايات المتحدة وإسرائيل "مذكرة تفاهم" أمدها عشر سنوات تنص على تقديم واشنطن مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار خلال السنوات المالية 2019 – 2028.

وقد تبدأ المحادثات الأولية حول معايير مذكرة التفاهم الجديدة هذا العام، لذا فإن المناقشات حول التغييرات المحتملة تجري بالفعل في وسائل الإعلام وفي الدوائر السياسية الآن، وسوف تمهد الطريق عندما تبدأ المفاوضات القادمة بشكل جدي بين إسرائيل والولايات المتحدة. 

اقرأ أيضاً

أعضاء بالكونجرس ومنظمات حقوقية يطالبون بتقليص المساعدات العسكرية لمصر

العامل الأخر، يتعلق باقتراب انتهاء الإعفاء التدريجي للمشتريات الخارجية في حزمة التمويل العسكري الأجنبي، الذي يسمح لإسرائيل بإنفاق نسبةٍ من التمويل العسكري الأجنبي على قطاع صناعة الأسلحة المحلي لديها.

وهناك أيضا الحديث بأن إسرائيل في حاجة للحصول على المساعدات العسكرية، وهي التي ولدت في لحظة جيوسياسية واقتصادية مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في إسرائيل اليوم.

وإضافة لذلك، تغلغل خطاب الحقوق الفلسطينية على مدى العقد ونصف الماضيين، في سياسات الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، مدفوعًا بالنشطاء التقدميين والمشرعين الذين كانوا يدعون إلى حدوث تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل.

وإضافة لما سبق من عوامل، تأتي الاحتجاجات الصاخبة التي هزت السياسة الإسرائيلية خلال العام الماضي، إلى جانب هجوم الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة على النظام القضائي، لتساهم في حوار أوسع حول إعادة تقييم الولايات المتحدة – العلاقة مع إسرائيل.

تسويق سياسي

وذكر منير أنه حتى لو تم تجاهل انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، كما يفعل صناع السياسات في الولايات المتحدة في كثير من الأحيان، فإن سياسة تقديم مليارات الدولارات من التمويل العسكري الأجنبي إلى إسرائيل أصبحت أقل منطقية اليوم من أي وقت مضى.

وأشار إلى أن إسرائيل لا تحتاج إلى هذه المساعدات، فهي تمتلك صناعة عسكرية قوية ساعدت الولايات المتحدة في دعمها لسنوات، وأصبح من الصعب الدفاع عنها بشكل متزايد بسبب ميولها اليمينية الثيوقراطية.

وتاريخيًا، تخلصت السياسة الأمريكية على نحو تدريجي من أنواع من المساعدات لإسرائيل لأنها لم تعد ضرورية، كما هو الحال مع المساعدات الاقتصادية والمشتريات الخارجية.

وبحسب منير فإن السؤال الذي يجب طرحه الآن، هو هل تستطيع الولايات المتحدة فعلياً إنهاء المساعدات العسكرية لإسرائيل في السنوات المقبلة؟

وذكر أن كل رئيس أمريكي أعلن عن مذكرة تفاهم حول المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل على الإشارة إلى أن حزمة المساعدات التي قدمها كانت أكبر من أي حزمة مساعدات سابقة، وذلك على وجه التحديد لأنهم فهموا أنها سياسة جيدة.

وأوضح أن الدولارات الأمريكية لآلات الحرب الإسرائيلية تدغدغ روح جماعات المصالح المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، وقد أصبحت نقاط الحديث حول هذا الأمر روتينية.

وفي حين أن الرأي العام يتغير بشكل واضح، وبينما تهتز مجموعات المصالح المؤيدة لإسرائيل بشكل واضح بسبب هذه الاتجاهات، إلا أننا لم نرى بعد أن هذه التحولات تخلق تغييراً أكثر أهمية على المستوى السياسي الوطني.

لكي يوقف أي سياسي أمريكي المساعدات العسكرية لإسرائيل، فمن المرجح أن يتم تسويق ذلك للجمهور كخطوة سياسية مؤيدة لإسرائيل، وليس كخطوة لتحميل إسرائيل المسؤولية عن أي من سلوكياتها.

ولفت إلى أنه هذه الخطوة لن تكون سهلة على أي سياسي أمريكي، خاصة في ظل المناخ المشحون سياسياً الذي تعيشه السياسة الأمريكية.

ومن المرجح أن تسعى أي إدارة أمريكية تتخذ مثل هذه الخطوة إلى ربطها بخطوات أخرى يمكن أن يُنظر إليها على أنها تعزيز واضح لدعم إسرائيل حتى لا يسمح بأن يُنظر إلى إنهاء المساعدات العسكرية على أنه ضربة للعلاقة.

وخلص منير إلي إن الطريقة التي سوف تتم بها إنهاء المساعدات الأمريكية لإسرائيل ليست واضحة تماما، خاصة بالنظر إلى حجم الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة بالفعل لإسرائيل، لكن إدارة مشهد نهاية المساعدات العسكرية سيكون بالتأكيد جزءًا رئيسيًا من المحادثات الحالية، وفي الوقت الحالي، فإن الخبر المهم هو أن المحادثات التي كان يُعتقد منذ فترة طويلة أنها مستحيلة بدأت أخيرًا.

اقرأ أيضاً

لم يعد هناك خطوط حمراء.. مناقشات أمريكية علنية لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل

المصدر | يوسف منير/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل الولایات المتحدة إلى أن

إقرأ أيضاً:

واشنطن تستهلك ربع مخزون “ثاد” في حرب “إسرائيل” وإيران

الجديد برس| كشفت شبكة “سي أن أن” الأميركية أنّ الولايات المتحدة استخدمت نحو ربع مخزونها من صواريخ “ثاد” الاعتراضية المتطورة خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين “إسرائيل” وإيران في حزيران/يونيو الماضي، وهو ما كشف عن فجوة كبيرة في الإمدادات، وأثار قلقاً بشأن قدرة واشنطن على تعويض النقص سريعاً. وأفادت الشبكة، نقلاً عن مصدرين مطّلعين، بأن القوات الأميركية أطلقت أكثر من 100 صاروخ “ثاد”، وربما وصل العدد إلى 150، خلال محاولة التصدي لوابل الصواريخ البالستية الإيرانية، مشيرةً إلى أنّ هذه الكمية تمثّل جزءاً كبيراً من المخزون الأميركي، وأنّ الولايات المتحدة تمتلك 7 أنظمة من هذا النوع، شارك اثنان منها في الدفاع عن “إسرائيل”. وبحسب مسؤولين دفاعيين سابقين، فإنّ هذا الاستهلاك الكبير كشف ثغرة في شبكة الدفاع الصاروخي الأميركي، “في وقتٍ وصل فيه الدعم الشعبي الأميركي للدفاع عن إسرائيل إلى أدنى مستوياته التاريخية”. كما أبدى خبراء ومحلّلون مخاوف بشأن وضع الأمن العالمي للولايات المتحدة وقدرتها على إعادة بناء المخزونات بالسرعة المطلوبة. وأوضحت الشبكة أنّ الإنتاج الأميركي لا يواكب حجم الاستهلاك، إذ لم تنتج واشنطن العام الماضي سوى 11 صاروخاً اعتراضياً جديداً من طراز “ثاد”، ومن المتوقع أن يبلغ الإنتاج في السنة المالية الحالية 12 صاروخاً فقط، وفق تقديرات ميزانية وزارة الدفاع لعام 2026. المتحدث باسم “البنتاغون”، كينغسلي ويلسون، رفض التعليق حول حجم المخزون لـ “أسباب أمنية”، لكنه أكد أنّ الجيش الأميركي “في أقوى حالاته على الإطلاق” وجاهز لأي مهمة، بحسب قوله، مستشهداً بعملية استهداف 3 مواقع نووية إيرانية خلال الحرب. غير أنّ شبكة “سي أن أن” أشارت إلى أنّ تقييماً استخبارياً مبكراً خلص إلى أنّ الضربات الأميركية لم تدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، بل أوقفت تقدّمه لفترة محدودة فقط، وهو ما رفضت الإدارة الأميركية الاعتراف به. وذكرت الشبكة أنّه على الرغم من نشر أنظمة “ثاد” خلال الحرب، نجحت إيران في اختراق الدفاعات، وأصابت عشرات الصواريخ الإيرانية مدناً إسرائيلية كبرى مثل “تل أبيب”، حيث دُمّرت مبانٍ سكنية بأكملها، واستُهدفت مواقع عسكرية حساسة، وتضررت أجزاء من شبكة الكهرباء، وسط تقديرات بخسائر اقتصادية تفوق 1.8 مليار دولار. وأسفرت الهجمات عن مقتل 29 إسرائيلياً. وفي هذا الصدد، أظهر تحليل صادر عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (JINSA) أنّ أنظمة “ثاد” الأميركية، إلى جانب صواريخ “آرو-2″ و”آرو-3” الإسرائيلية، أسقطت 201 صاروخ من أصل 574 أطلقتها إيران، فيما قدّر التقرير أنّ نظام “ثاد” الأميركي مثّل ما يقرب من نصف عمليات الاعتراض، ما يشير إلى أنّ مخزونات “إسرائيل” من صواريخ “آرو” الاعتراضية لم تكن كافية، لافتاً إلى أنّ نظام القبة الحديدية الإسرائيلي صُمّم لصد الصواريخ الأقصر مدى من تلك التي أطلقتها إيران. وذكر مؤلف التقرير آري سيكوريل قائلاً: “بعد استنفاد جزء كبير من الصواريخ الاعتراضية المتاحة لديهما، تواجه كلّ من الولايات المتحدة وإسرائيل حاجة ملحّة لتجديد مخزوناتهما وزيادة معدلات الإنتاج بشكلٍ حاد”، مقدّراً أن الأمر سيستغرق من 3 إلى 8 سنوات لتجديد المخزون بمعدلات الإنتاج الحالية. وفي هذا السياق، قالت الشبكة إنّ هذا الأمر يثير مخاوف بشأن الردع الأميركي، خصوصاً في مواجهة الصين في المحيطين الهندي والهادئ. ونقلت الشبكة عن مسؤولين أنّ القلق من نقص المخزونات سبق حرب الـ12 يوماً، إذ اعتبر الخبراء أنّ النقص في الصواريخ الاعتراضية المتطورة يضعف قدرة الردع الأميركي ضد الصين. وذكّر مسؤولون بأنّ استنزاف القدرات الدفاعية ضد اليمنيين أسهم في تفاقم هذه الأزمة. وقالت جينيفر كافانا، مديرة التحليل العسكري في مؤسسة “أولويات الدفاع”، إنّ الولايات المتحدة باتت مضطرة لاتخاذ “خيارات صعبة”، مضيفةً: “في مرحلة مبكرة كان يمكن تجاهل هذه التحديات بسبب عمق المخزونات، لكننا الآن أمام واقع لا يمكن إنكاره”.

مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرونوت: تأثير تركيا العسكري والسياسي المتزايد بات التهديد الأكبر لإسرائيل
  • وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين
  • إسرائيل تستنزف احتياطي الولايات المتحدة من صواريخ ثاد
  • واشنطن تستهلك ربع مخزون “ثاد” في حرب “إسرائيل” وإيران
  • رابطة الدوري الأمريكي لكرة القدم تسعى لاستقطاب مولر إلى الولايات المتحدة
  • سي إن إن:الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل مع إيران
  • تعلن دائرة القضاء العسكري نيابة المنطقة العسكرية الثالثة أن على المتهمين المذكورة اسماؤهم الحضور الى المحكمة
  • مسؤول أممي: على إسرائيل إنهاء وجودها بالأرض الفلسطينية المحتلة
  • عطاف يستقبل المستشار الرفيع لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟