معوقات أنشطة الأعمال الصغيرة في افريقيا
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
د. نازك حامد الهاشمي
تواجه القارة الإفريقية، رغم امتلاكها موارد طبيعية هائلة وإمكانات بشرية كبيرة، تحديات معقدة تعرقل مسار التنمية فيها. وتعود هذه العقبات إلى تداخل عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية وبيئية ساهمت - بدرجات متفاوتة - في إبطاء عجلة التقدم في القارة. وقد شكل الاستعمار الأوروبي نقطة تحول في الاقتصادات الإفريقية، حيث فرض أنماط إنتاج تخدم مصالحه في الأساس، وتكرس لأنظمة زراعية تعتمد على المحاصيل النقدية مثل القطن والبن، بينما تراجعت المحاصيل الغذائية الأساسية مثل القمح والذرة وغيرها.
ورغم مرور عقود على الاستقلال، لم تتمكن معظم الدول الإفريقية من تجاوز هذه المشكلات بشكل فعال، مما يثير تساؤلات حول دور الحكومات في تحسين الأوضاع. لا شك أن الإرث الاستعماري ترك تأثيرًا عميقًا، غير أن استمرار الأزمات بعد الاستقلال يرتبط بعوامل داخلية بحتة، مثل ضعف المؤسسات وغياب الحوكمة الرشيدة. بالإضافة إلى ذلك، أدى استشراء الفساد إلى هدر الموارد وإعاقة تنفيذ إصلاحات تنموية حقيقية.
وفي العديد من الدول الإفريقية، طغت الصراعات السياسية على الأولويات الاقتصادية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار حالت دون تنفيذ خطط تنموية طويلة الأمد. كما أن الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية والقروض الدولية، بدلًا من بناء اقتصاد مستقل، زاد من التبعية وأضعف القدرة على تحقيق نمو مستدام. وإلى جانب تلك العوامل، تواجه إفريقيا بشكل عام تحديات بيئية خطيرة، حيث يشكل التغير المناخي تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي. وتؤدي موجات الجفاف والفيضانات إلى تراجع الإنتاج الزراعي وندرة المياه، مما يضاعف من معدلات التصحر ويحد من الاستدامة الزراعية. كما أن النمو السكاني السريع يفرض ضغوطاً متزايدة على الموارد المحدودة والبنية التحتية، مما يتطلب استثمارات ضخمة في التعليم والصحة لضمان مستقبل مستقر للأجيال القادمة. ورغم هذه التحديات، أثبتت بعض الدول الإفريقية أن التنمية ممكنة من خلال تبني سياسات إصلاحية تعزز الحوكمة الرشيدة وتستثمر في التعليم والبنية التحتية وتدعم ريادة الأعمال. إن نجاح دول مثل رواندا في تجاوز إرث الإبادة الجماعية وبناء اقتصاد متنامٍ يُظهر أن الإرادة السياسية والإدارة الفعالة للموارد يمكن أن تدفع نحو نهضة حقيقية. ويتطلب تجاوز العقبات التنموية في إفريقيا التزامًا جادًا من الحكومات، وإصلاحات مؤسسية عميقة، ونهجًا يركز على تحقيق الاكتفاء الذاتي عوضاً عن استمرار الاعتماد على المساعدات الخارجية، مما يفتح الباب أمام مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة.
وتُعد المشروعات الصغيرة من الأساسيات في التنمية الاقتصادية، إذ تساهم في توفير فرص العمل وتحفيز الابتكار المحلي، مما يعزز الاستدامة الاقتصادية في المجتمعات الفقيرة من خلال زيادة الدخل والنمو المستدام، خاصة في البيئات ذات البطالة المرتفعة. وتوفر هذه المشروعات دخلًا ثابتًا وتساهم في تقليل الفقر وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، كما أنها تعزز استقلال الأفراد اقتصاديًا وتقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية. علاوة على ذلك، تحفز هذه المشروعات النشاط الاقتصادي المحلي عبر دعم سلاسل التوريد، مما يفتح فرصًا جديدة لرواد الأعمال ويعزز التجارة الداخلية. يشكل ضعف البنية التحتية تحديًا كبيرًا للمجتمعات الفقيرة، إلا أن المشروعات الصغيرة تساهم في تخفيف حدة الفقر من خلال استثمارات تدريجية تهدف إلى تحسين الخدمات المحلية. ومع نمو هذه المشروعات، تتزايد الحاجة إلى تطوير شبكات النقل والكهرباء والاتصالات، مما يدفع الحكومات إلى تحسين البنية التحتية لدعم بيئة الأعمال. كما يسهم التدريب وتعزيز المهارات في تطوير رأس المال البشري وزيادة كفاءة المشروعات. وتُمثل المشروعات الصغيرة أيضًا أداة فعالة لمواجهة احتكار الأسواق من خلال تقديم منتجات بأسعار تنافسية، مما يعزز النشاط الاقتصادي المحلي. إضافة إلى ذلك، يسهم الابتكار والتكنولوجيا في تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف، مثل استخدام تقنيات الري الحديثة لتعزيز الإنتاج الزراعي.
إن التحديات الاقتصادية التي تواجه المجتمعات الفقيرة لا تقتصر فقط على نقص الموارد، بل تمتد إلى ضعف السياسات الداعمة للمشروعات الصغيرة. لذا، فإن تعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات المالية ورواد الأعمال يساهم في توفير بيئة مواتية لنمو هذه المشروعات. من خلال تقديم تسهيلات تمويلية وبرامج دعم فني وإداري، يصبح بإمكان المشروعات الصغيرة تجاوز العقبات المالية والإدارية التي تعيق تطورها. كما يمكن أن تشكل المشروعات الصغيرة ركيزة أساسية في الحد من التفاوت الاقتصادي بين المناطق الحضرية والريفية، حيث تساهم في خلق فرص اقتصادية خارج المراكز الحضرية الكبرى. عندما يتم دعم هذه المشروعات بشكل فعال، فإنها تؤدي إلى تحسين مستويات المعيشة وتقليل الهجرة القسرية إلى المدن، مما يخفف الضغط على البنية التحتية والخدمات الحضرية. ليتضح لنا أن المشروعات الصغيرة ليست مجرد وسيلة اقتصادية لتحقيق الأرباح، بل هي أداة اجتماعية واقتصادية فعالة في مواجهة التحديات التي تعاني منها المجتمعات الفقيرة. من خلال تهيئة بيئة داعمة لهذه المشروعات وتوفير التدريب والتمويل اللازمين، يمكن تحويلها إلى محركات حقيقية للنمو والازدهار، مما يساهم في تحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
بعد تجربة الحرب القاسية في السودان وما خلفته من دمار اقتصادي واجتماعي، تصبح إعادة بناء الحياة الاقتصادية للأفراد والمجتمعات تحديًا جوهريًا يتطلب حلولًا عملية ومستدامة. وفي ظل فقدان الكثيرين لممتلكاتهم وموارد رزقهم، تمثل المشروعات الصغيرة إحدى أهم الوسائل لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد وخلق مصادر دخل جديدة، خاصة أنها لا تتطلب استثمارات كبيرة ويمكن أن تبدأ برأس مال محدود. وتشير تجارب دول مرت بظروف مماثلة، مثل رواندا ولبنان، إلى أن المشروعات الصغيرة لعبت دورًا حاسمًا في التعافي الاقتصادي بعد الحروب. ففي رواندا، على سبيل المثال، ساهمت المشروعات الزراعية والتجارية في إعادة إدماج الناجين من الإبادة الجماعية، حيث تم تقديم الدعم المالي والتدريب لرواد الأعمال الجدد، مما عزز الاعتماد على الذات وقلل من معدلات البطالة. أما في لبنان، فقد شهدت المناطق التي تضررت من الحرب الأهلية انتعاشًا اقتصاديًا تدريجيًا بفضل انتشار الأعمال الصغيرة، مثل الورش الحرفية والمتاجر المحلية، والتي أسهمت في توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة ويمكن أن تشكل المشروعات الصغيرة في السودان وسيلة فعالة لإعادة بناء الاقتصاد، خاصة في القطاعات التي لا تتطلب رأس مال ضخم ولكنها ذات تأثير مباشر على الحياة اليومية. ومن بين المشروعات التي يمكن أن تكون ذات جدوى، توجد المزارع الصغيرة التي تعتمد على الإنتاج المحلي، مثل زراعة الخضروات والفواكه، وتربية الدواجن والماشية. يسهم هذا النوع من المشروعات في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير مصادر دخل سريعة. كما يمكن للمشروعات الحرفية مثل الخياطة وصناعة الأثاث وصيانة الأجهزة الإلكترونية أن توفر فرص عمل واسعة، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية المتقدمة. كذلك، يمكن للخدمات التجارية مثل متاجر البقالة والمطاعم الصغيرة أن تعيد الحياة إلى الأسواق المحلية، وتساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي. وفي دول مثل سيراليون، كانت قد عانت من سنوات من الحرب الأهلية المدمرّة، لعبت مؤسسات التمويل الأصغر دورًا حيويًا في إعادة بناء الاقتصاد المحلي. فبعد انتهاء الحرب، استهدفت هذه المؤسسات النساء في المناطق الريفية، وقدمت لهن قروضًا صغيرة لبدء مشروعات صغيرة في مجالات الزراعة والتجارة والصناعات اليدوية. على سبيل المثال، عملت بعض النساء على تأسيس مشروعات صغيرة في مجال النسيج وتصنيع الملابس، بينما بدأت أخريات في إنشاء مشروعات تجارية منزلية لبيع الطعام أو الحرف اليدوية. ومن خلال توفير قروض ميسرة وبرامج تمويل تتناسب مع احتياجاتهن، ساعدت هذه المؤسسات النساء على استعادة استقلالهن المالي وإعادة دمجهن في الاقتصاد المحلي.
وفي السودان، يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر أن تتبع نفس النهج المتبع في دول أخرى، من خلال تقديم قروض صغيرة للمزارعين لشراء البذور والمعدات، ولأصحاب المشروعات الحرفية لاقتناء المواد الخام. وتسهم هذه المبادرات في تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي وإعادة الحياة إلى المجتمعات المتضررة من الحرب، مما يعزز استدامة الاقتصاد على المدى الطويل. كما يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر تمويل العديد من المجالات بحسب احتياجات السوق المحلية وقدرة الأفراد على إدارة مشروعاتهم، مثل الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعات الحرفية التقليدية، إضافة إلى المشروعات التجارية مثل المتاجر الصغيرة والمطاعم التي تساهم في تحريك الأسواق المحلية وخلق فرص العمل. لذا فإن الاستثمار في المشروعات الصغيرة لا يقتصر على توفير فرص العمل فحسب، بل يمثل استراتيجية لإعادة بناء المجتمعات وتعزيز التماسك الاجتماعي بعد الحروب.
ويمكن للسودان أن يصبح نموذجًا ناجحًا في التعافي الاقتصادي بعد الحروب من خلال تحفيز المشروعات الصغيرة وتوفير التمويل المناسب. وبعد انتهاء الحرب، يمكن للسودانيين الاستفادة من المهارات التي اكتسبوها أثناء اللجوء لإعادة بناء حياتهم الاقتصادية، عبر تطبيق أساليب متطورة في إدارة المشروعات وتحسين جودة المنتجات. كما يمكن توظيف الخبرات المكتسبة في مجالات متعددة لتلبية احتياجات المجتمع المحلي وخلق فرص عمل مستدامة. إن تعزيز معايير الجودة والالتزام بالممارسات البيئية يساهم في استدامة المشروعات، بينما يسهم تبادل الخبرات مع رواد الأعمال المحليين في ابتكار حلول اقتصادية جديدة، مما يساعد في استقرار المجتمع وإعادة بناء الاقتصاد الوطني. وأخيرًا، من خلال تكامل هذه الجهود، يمكن للسودان تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام يسهم في إعادة بناء الدولة على أسس أكثر صلابة.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المشروعات الصغیرة النشاط الاقتصادی الدول الإفریقیة البنیة التحتیة هذه المشروعات المشروعات ا فی الاقتصاد إعادة بناء اقتصادی ا تساهم فی صغیرة فی کما یمکن یمکن أن من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
بدور القاسمي تحصل على أول لقب "أستاذ فخري" تمنحه جامعة ليستر البريطانية
الشارقة- الرؤية
منحت جامعة ليستر البريطانية الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة الأميركية في الشارقة ورئيسة مجلس أمنائها، لقب "أستاذ فخري"، وهو اللقب الفخري الأول من نوعه الذي تمنحه الجامعة والذي يعد من أرفع درجات التقدير الأكاديمي فيها، تقديرًا لإسهاماتها المؤثرة في تمكين المرأة، ونشر القراءة بين الأطفال، وتطوير الثقافة على المستويين الإقليمي والعالمي.
جاء ذلك خلال زيارة الشيخة بدور إلى كلية إدارة الأعمال بجامعة ليستر يوم الجمعة 25 يوليو، حيث مُنحت رسميًا لقب "أستاذ فخري" في حفل أقيم بحرم بروكفيلد الجامعي. ومنح اللقب للشيخة بدور القاسمي كل من البروفيسورة هنريتا أوكونور، النائب الأكاديمي لرئيس الجامعة ونائب رئيس الجامعة، والبروفيسور دان لادلي، نائب رئيس الجامعة وعميد كلية إدارة الأعمال ورئيسها. ورافق الشيخة بدور خلال الزيارة وفد من مكتبها ومن الجامعة الأميركية في الشارقة، حيث قامت بجولة في الحرم الجامعي، والتقت مجموعة من الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية، فضلًا عن مشاركتها في اجتماع مخصص لمناقشة دراسات المتاحف والبحوث في القطاع الثقافي، والذي عكس التزامها الراسخ بتعزيز الحوار الثقافي والتعاون الأكاديمي على المستوى الدولي.
وتُعد الشيخة بدور القاسمي شخصية رائدة عالميًا في مجاليّ النشر والتعليم، حيث قادت جهودًا نوعية لتوسيع نطاق الوصول إلى الكتب والمعرفة والتعليم الشامل. وهي تشغل منصب المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمجموعة كلمات، التي نشرت أكثر من 500 عنوان في أكثر من 15 دولة، وتميّزت بمعالجتها لقضايا اجتماعية عبر أدب الطفل العربي والترجمات الهادفة. كما أنها مؤسسة ورئيسة "مؤسسة كلمات"، التي نفذت مبادرات معنية بنشر القراءة وتوفير الكتب بتنسيقات ميسّرة في 31 دولة، وأسهمت في انضمام دولة الإمارات إلى معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين. كما أسست الشيخة بدور جمعية الناشرين الإماراتيين والمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وشغلت منصب رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، لتكون أول امرأة عربية وثاني امرأة على الإطلاق تتولى هذا المنصب منذ تأسيس الاتحاد عام 1896.
وقالت الشيخة بدور القاسمي: "يحمل هذا التكريم من جامعة ليستر معانٍ عميقة بالنسبة لي. نحن نؤمن في الشارقة بأن التعليم يُعد من أقوى الوسائل لبناء جسور التواصل الثقافي وتعزيز التفاهم المتبادل، ومن خلال المعرفة، والتضامن، وخدمة الآخرين نصنع أثرًا دائمًا لا يُمحى. وآمل أن يُلهم هذا التكريم الآخرين، وخاصة الشابات، للإيمان بأفكارهن، وتبوء مكانتهن بعزيمة وإصرار، والقيادة بروح هادفة."
من جانبه قال البروفيسور دان لادلي: "ترحب جامعة ليستر بانضمام الشيخة بدور القاسمي إلى أسرتها. فهي تمثّل تجسيدًا حيًا لقيم الجامعة في الشمولية والإلهام وصناعة الأثر بالتزامها الراسخ بتمكين الآخرين عبر التعليم وريادة الأعمال وصناعة النشر، وتركيزها العميق على الشمول والتنوع، وشغفها بإحداث فرق حقيقي في هذا العالم. وبصفتها أول امرأة عربية تتولى رئاسة الاتحاد الدولي للناشرين، ومدافعتها عن المساواة بين الجنسين في التعليم العالي، وتمكين المرأة في المناصب القيادية، تواصل الشيخة بدور تمهيد الطريق للمرأة على الساحة العالمية".
وفي سعيها لتمكين المرأة وتعزيز دورها القيادي في قطاع النشر، أسست الشيخة بدور القاسمي "ببلِش هير"، وهي مبادرة عالمية تهدف إلى تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها القيادية في هذا القطاع الحيوي. وقد حققت المبادرة منذ انطلاقتها زخمًا ملحوظًا وأسهمت في إيجاد مساحات آمنة وشاملة تتيح للنساء في هذا القطاع التواصل والتعاون وتحقيق التقدّم المهني. كما قادت الشيخة بدور أيضًا، انسجامًا مع هذا الالتزام بالتنوع والشمول، مبادرة "الميثاق الدولي لتعزيز استدامة ومرونة قطاع النشر"، التي دعمت القطاع خلال جائحة كوفيد-19 وأسهمت في بناء أنظمة أكثر قدرة على التكيّف والاستعداد للمستقبل. وترأست أيضًا اللجنة التي قادت حصول إمارة الشارقة على لقب العاصمة العالمية للكتاب لعام 2019 من اليونسكو، وأسست بيت الحكمة، المعلم الثقافي الذي يعزز المعرفة والحوار والابتكار. وهي تشغل حاليًا منصب رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، حيث تواصل تعزيز مكانة الإمارة كمركز عالمي للنشر من خلال مبادرات رائدة مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومؤتمر الموزعين الدولي، ومدينة الشارقة للنشر.
وعلى الصعيد الدولي، دافعت الشيخة بدور عن قضايا التنوع، وحرية النشر، وتعزيز القراءة، وتنمية الشباب من خلال منصات بارزة مثل "شبكة العواصم العالمية للكتاب" التابعة لليونسكو، والمنتدى الاقتصادي العالمي، حيث كانت أول امرأة إماراتية تترأس المنتدى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلًا عن رئاستها لمجلس الأعمال الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويعكس هذا التكريم من جامعة ليستر أيضًا جهود الشيخة بدور في دعم المرأة والتميّز الأكاديمي. فمنذ توليها رئاسة الجامعة الأميركية في الشارقة عام 2023، عملت على تعزيز التمثيل النسائي في المناصب الأكاديمية والإدارية العليا، وقادت تأسيس "كرسي أستاذية سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي لقيادة المرأة" بالتعاون مع مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، ليكون أول كرسي من نوعه في دولة الإمارات يُعنى حصريًا بالقيادة النسائية والتطوير المهني للمرأة في التعليم العالي.
وفي ظل قيادتها، أطلقت الجامعة ستة مراكز بحثية جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والاستدامة، والدراسات العربية والإسلامية، وعملت على توسيع نطاق المنح الدراسية للطلبة من ذوي الإعاقة والخلفيات المالية المتواضعة.
ويتعدى تأثير الشيخة بدور القاسمي قطاع التعليم والنشر ليشمل مجالات ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية والابتكار. فبصفتها رئيسة لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، ساعدت في دعم أكثر من 150 شركة ناشئة جمعت استثمارات بقيمة 128 مليون دولار أمريكي وأسهمت في توفير أكثر من 1,400 وظيفة. وبصفتها رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، قادت مشاريع استراتيجية في قطاعات مثل السياحة، والاستدامة، والرعاية الصحية، والاقتصاد الإبداعي. أما في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، فهي تشرف على مبادرة بقيمة 150 مليون دولار أمريكي جذبت أكثر من 2,000 شركة، واستثمارات بحثية تفوق 100 مليون دولار أمريكي في مجالات الطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، والنقل، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والواقعين المعزز والافتراضي.
وتحمل الشيخة بدور القاسمي شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من جامعة كامبريدج، والماجستير في الأنثروبولوجيا الطبية من كلية لندن الجامعية، وتواصل مسيرتها التي تجمع بين خدمة المجتمع، وريادة الأعمال، والعمل الثقافي، ما يُعزز من مكانة إمارة الشارقة عالميًا، ويُرسّخ دور الجامعة الأميركية في الشارقة كمركز للبحث العلمي والتميّز الشامل.