مصدر مصرفي يكشف عن توجه "مركزي عدن" لإصدار عملات إلكترونية في اليمن
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
كشف مصدر مصرفي مسؤول، أن اليمن يدرس عديداً من الخيارات لمواجهة الأزمة المالية والنقدية وتوفير تمويلات من مصادر مختلفة لتغطية عجز الموازنة العامة للدولة والمشاريع الخدمية والإنتاجية.
ونقلت صحيفة "العربي الجديد"، عن المصدر قوله إن الجهات والمؤسسات النقدية اليمنية الحكومية تدرس في سياق مماثل خيارات أخرى لتفعيل الشبكة الموحدة للأموال وتسريع عملية انطلاقها والبدء في تنفيذ الحوالات عبر الشبكة الموحدة ووقف جميع الشبكات الأخرى في أقرب فرصة ممكنة، إضافة إلى إجراءات تستهدف استكمال الربط الكامل لجميع منشآت الصرافة بالبنك المركزي اليمني في عدن.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه البنك المركزي اليمني أهمية النقود الإلكترونية في تعزيز الشمول المالي وتعزيز المدفوعات الإلكترونية بعد أن تم إجراء العديد من التعديلات من قبل الخبراء والأعضاء قبل إقرار اللائحة، يرى مصرفيون أنها ليست سوى عودة مرة أخرى للطباعة النقدية.
وقال المصرفي اليمني علي التويتي، إن التوجه من قبل البنك المركزي اليمني في عدن لإصدار نقود الإلكترونية يعتبر طباعة عملة جديدة، لكي يلتفوا على الضغط الشعبي.
كان البنك المركزي اليمني قد نفى الأسبوع الماضي ما قال إنه إشاعات تتحدث عن عودته مرة أخرى للطباعة النقدية لمواجهة أزمة التدهور الراهن للعملة المحلية التي تواصل تدهورها مع اقترابها من تخطي حاجز 500 ريال مقابل الدولار الواحد وسط أزمة خدمات عاصفة في عدن ومناطق الحكومة اليمنية واحتجاجات شعبية تطالب بتحسين خدمة التيار الكهربائي ومختلف الخدمات التي يحتاجها المواطنين.
وتعاني السوق المصرفية اليمنية شحاً كبيراً في السيولة النقدية وسط انقسام يلقي بتبعات جسيمة على معيشة اليمنيين والاقتصاد الوطني والعملة المحلية مع بروز عديد الخيارات والوسائل التي يتم تجربتها كالريال الإلكتروني الذي يتم تنفيذه بصورة محدودة وعشوائية من قبل الشبكات المالية والنقدية وجهات أخرى غير مصرفية في مختلف المناطق والمدن اليمنية.
ويرى خبراء اقتصاد ومصرفيون أهمية الاتجاه للريال الإلكتروني ليس فقط لحل مشكلة السيولة، ولكن كضرورة اقتصادية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها اليمن، إذ سيكون لهذه الخطوة دور كبير في معالجة الاختلالات في بيئة الأعمال وتحديثها وخلق استقرار في ممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وتحسين وضعية العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية.
في السياق، يلفت الباحث في معهد الدراسات المصرفية فهد درهم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص تتمثل في عدم وجود قانون ينظم خدمات الدفع الإلكترونية في اليمن والتي يلاحظ انتشار مؤسسات مالية تعمل على تقديمها عبر الهاتف الجوال بدرجة رئيسية وبصورة عشوائية غير منظمة لعدم وجود قانون يسمح لغير البنوك بتقديم تلك الخدمات.
وترتبط عملية تنفيذ مثل هذه الأدوات النقدية بتوفر منظومة قانونية وبنية تحتية مناسبة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث تفاقمت مشاكل الحكومة المعترف بها دولياً في قطاع التكنولوجيا منذ أن انتقلت إلى عدن واتخاذها عاصمة مؤقته لها، مع تركيز السياسات والنشاط بشكل متزايد على زيادة الإيرادات دون التحفيز الاقتصادي أو تقديم الخدمات للمستهلك وتوفير بيئة مثالية للأنشطة الاقتصادية والتجارية والتداول النقدي.
ويشدد درهم على أهمية وضرورة الاتجاه للنقد الإلكتروني بالنظر إلى ظروف ووضعية اليمن الراهنة والأزمة النقدية والمالية المستفحلة، لكن في نفس الوقت ينبغي وضع كافة الاحتياطات اللازمة والمنهجية الدولية المتعلقة بأنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، قبل استحداث مثل هذه الأدوات النقدية إذ أن التحول للمحافظ المالية الإلكترونية يتطلب وجود منظومة قانونية وضمانات تحفظ حقوق جميع المتعاملين.
الجدير بالذكر أن البنك المركزي اليمني كان قد استعرض في اجتماع طارئ عقب التطورات الأخيرة التي يشهدها اليمن وتجدد انهيار العملة المحلية في مناطق الحكومة اليمنية؛ وتقييم تطبيق أنظمة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وعمل الهيئات المنفذة لها، ومستوى تنفيذ الإجراءات الاحترازية والرقابية للتعامل مع الجرائم العابرة للحدود والتي تؤثر على أمن البلدان الاقتصادية والاجتماعية، وطالب المركزي خلال الاجتماع، الجهات المانحة بتقديم مزيد من الدعم لليمن في هذا المجال.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن عدن البنك المركزي اقتصاد البنک المرکزی الیمنی
إقرأ أيضاً:
كارنيغي: ما الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من الصراع في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
سلط مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط الضوء على التقارب الروسي الحوثي في اليمن، في ظل الصراع والتجاذبات التي تشهدها اليمن والمنطقة على مدى العقد الأخير.
وقال المركز في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الكرملين عزز مؤخرًا اتصالاته مع الحوثيين في اليمن، مما زاد الآمال في إمكانية استخدام نفوذه معهم للمساعدة في إيجاد تسوية للصراع هناك. إلا أن موسكو، في الوقت الحالي، غير راغبة ولا قادرة على كبح جماح الحوثيين.
وأضاف "في الأسبوع الماضي، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات في موسكو مع نظيره اليمني، رشاد العليمي. وتعول الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا على تلقي مساعدات اقتصادية وغذائية من روسيا، وتأمل على الأرجح أن تستخدم موسكو نفوذها لدى الحوثيين لتحسين الوضع في البلد الذي مزقته الحرب".
وتطرق التقرير إلى الصراع في اليمن منذ عقد ممثلا بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بدعم السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لانفصال جنوب اليمن عن شماله بدعم وتمويل إماراتي.
وحسب التقرير فإن موسكو ليست في عجلة من أمرها لإغداق اليمن بالمساعدات الإنسانية، لكنها مستعدة لمناقشة التعاون في بعض المجالات، مثل استكشاف حقول النفط اليمنية. كما يعتزم البلدان تكثيف العمل المشترك في قطاع الوقود والطاقة بشكل عام، وهو ما اتفق عليه مؤخرًا نائب وزير الطاقة الروسي، رومان مارشافين، والسفير اليمني لدى موسكو، أحمد الوحيشي.
وأوضح أصبحت اليمن أيضًا من أكبر مستوردي الحبوب الروسية، حيث اشترت حوالي مليوني طن العام الماضي. ومن المقرر عقد الاجتماع الأول للجنة الحكومية الروسية اليمنية المشتركة هذا العام. إلا أن القضية الرئيسية في العلاقات بين البلدين تظل مشاركة موسكو المحتملة في تسوية الحرب الأهلية اليمنية.
وتاعب "لسنوات عديدة لم يكن لروسيا أي اهتمام خاص بالنزاع، ولم تدعم طرفًا على حساب آخر. ولا يزال المسؤولون الروس يؤكدون على موقفهم المتساوي، حيث يعقدون اجتماعات منتظمة مع ممثلي كل من الحكومة المعترف بها دوليًا والحوثيين، بالإضافة إلى الانفصاليين الجنوبيين. ولكن منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، بدأ الحوثيون، بأيديولوجيتهم المتشددة المعادية للغرب وهجماتهم على السفن الغربية المارة، يجذبون اهتمامًا خاصًا من الكرملين، لدرجة تطوير التعاون العسكري.
وأشار إلى أن مستشارين عسكريين يعملون من جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي (GRU) في صنعاء، ويتزايد عدد تقارير خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن محاولات تهريب أسلحة إلى اليمن بخصائص وعلامات تقنية مماثلة لتلك المصنعة في روسيا.
في خريف العام الماضي، تبيّن أن الجانب الروسي كان يجري محادثات مع الحوثيين (عبر وسيط إيراني) بشأن نقل صواريخ ياخونت المضادة للسفن (المعروفة أيضًا باسم P-800 Oniks). أحد المفاوضين من الجانب الروسي هو فيكتور بوت، الذي حُكم عليه سابقًا بالسجن خمسة وعشرين عامًا في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار غير المشروع بالأسلحة، ولكن أُطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى بين موسكو وواشنطن عام 2022. حسب التقرير
وطبقا للتقرير فقد أثبت الحوثيون فائدتهم للكرملين، وذلك بالأساس لأنهم يصرفون انتباه الغرب وموارده عن دعم أوكرانيا. إضافةً إلى ذلك، تبدو فرصهم في الحرب الأهلية جيدة حاليًا: فقد عززت الغارات الجوية الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على اليمن الدعم الشعبي للحوثيين. بدورهم، يواصلون قصف الأراضي الإسرائيلية، ومن المحتمل أن تكون موسكو متورطة هنا أيضًا، حيث تزودهم ببيانات الأقمار الصناعية.
في المقابل، دعم الحوثيون موسكو في قضايا تهمها، مؤيدين ادعاءاتها بتزعمها زعيمة معاداة الغرب عالميًا. ووفقًا للمتمردين اليمنيين، على سبيل المثال، فإن الحرب في أوكرانيا كانت بسبب السياسة الأمريكية. في صيف عام 2024، تضافرت جهود روسيا والحوثيين لخداع مئات اليمنيين ودفعهم للقتال في أوكرانيا، كما جاء في التقرير.
ورغم نفيها رسميًا تقديم أي دعم عسكري للحوثيين، يؤكد التقرير أن روسيا، إلى جانب إيران، من الدول القليلة التي تتفاعل بنشاط مع الحوثيين، بما في ذلك على المستوى الدبلوماسي. وتقول قيادة الحوثيين إنها تشترك مع روسيا في أهداف مشتركة في الشرق الأوسط، وقد دعت موسكو واشنطن إلى إعادة النظر في قرارها بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
وأردف "هذا التقارب بين موسكو والحوثيين يجعل من المهم للأطراف الأخرى في الصراع اليمني بناء اتصالات مع روسيا أيضًا. بالإضافة إلى الزيارة الرئاسية إلى موسكو الأسبوع الماضي، التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بالسفير الوحيشي أربع مرات هذا العام وحده. وتتوقع الحكومة اليمنية الرسمية بوضوح أن يتمكن الكرملين من المساعدة في تحسين الوضع في البلاد، بما في ذلك كبح جماح أنشطة الحوثيين المتطرفة في الداخل.
"على أي حال، ليس هناك من يلجأ إليه سوى موسكو. حتى وقت قريب، كانت الحكومة اليمنية الرسمية تأمل أن تُمكّنها الغارات الجوية الأمريكية من شن عملية برية ناجحة ضد المتمردين واستعادة السيطرة على الأراضي التي خسرتها. لكن التوقف السريع للعملية الأمريكية في أوائل مايو أظهر أن الأمريكيين ليسوا مستعدين للتورط في صراع طويل الأمد مع أنصار الله، خاصة في ظل المفاوضات الجارية مع إيران" طبقا للتقرير.
وختم مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق تقريره بالقول "الآمال المعقودة على دعم روسيا لحل الصراع في اليمن على الأرجح غير مبررة، فالحرب في أوكرانيا تستنزف موارد موسكو بشكل كبير، والكرملين بالتأكيد غير مستعد لإعادة توجيه هذه الموارد إلى الحرب الأهلية في اليمن. على العكس من ذلك، فإن نجاح الحوثيين، الذين شلّوا حوالي 12% من التجارة الدولية، مما شتت انتباه الغرب، يناسب الجانب الروسي تمامًا. بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا العام الماضي، لم يتبقَّ لروسيا الكثير من الحلفاء في الشرق الأوسط، وهي غير مستعدة للمخاطرة بالقلة المتبقية من أجل الاستقرار الدولي".