لجريدة عمان:
2025-05-31@01:13:03 GMT

أوراق سياسية أمريكية لمعارك شخصية

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

لعل من أسوأ ما قد تبتلى به الشعوب قادة يتخذون أوطانهم ملاعب لانتصاراتهم الشخصية، وميادين لمنافعهم المادية، وسوقا لعلاقاتهم التجارية والشخصية، ورغم أن التاريخ يصنعه الأقوياء (قوة السلطة) إلا أن المجد الحق لا يملكه إلا القادة الحقيقيون الذين يعرفون للمسؤولية أمانتها وللأوطان قدرها مهما أنكرتهم المنابر وأقصتهم العروش.

نشرت إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية الأمريكية قبل أيام الدفعة الأخيرة من ملفات كانت مصنفة سرية سابقا تتعلق باغتيال الرئيس جون كينيدي في 22 نوفمبر 1963، الجريمة التي ما زالت محط اهتمام الأمريكيين والتي تُغذّي نظريات المؤامرة بعد أكثر من 60 عاما من وقوعها، إذا ما استذكرنا مع الوثائق ما خلصت إليه «لجنة وارن» التي تولت التحقيق في إطلاق النار على الرئيس السابق عندما كان في 46 من عمره، من قناص سابق في سلاح البحرية يدعى لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده، أوزوالد الذي اعتقل يوم الحادث، واتهم باغتيال الرئيس، نفى التهم الموجهة إليه، ليُقتل بعد ذلك بيومين خلال احتجازه لدى الشرطة على يد صاحب ملهى ليلي يدعى جاك روبي، كل تلك الأحداث ضاعفت التكهنات بأن مؤامرة خبيثة كانت وراء اغتيال كينيدي في دالاس في تكساس، في حين غذى النشر البطيء للملفات الحكومية نظريات المؤامرة على اختلافها.

خطوة النشر جاءت بعد توقيع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا في 23 يناير قضى برفع السرّية عن سائر الملفات المتعلقة باغتيال كينيدي وشقيقه روبرت ورائد حركة الدفاع عن الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ الذين قضوا خلال خمس سنوات (قتل الأخيران خلال العام الخامس منها) والواقع أنها ثاني دفعة يوقع ترامب على نشرها بعد نشر مجموعة من الملفات أثناء فترته الرئاسية السابقة، ويأتي نشر الوثائق في إطار سعي ترامب للوفاء بوعده الانتخابي بتوفير مزيد من الشفافية إزاء هذه الملفات، وإعلانه الثلاثاء نشر الوثائق؛ مبينا أن الناس كانوا «ينتظرون عقودا» من أجل ذلك، وقال «لدينا كمية هائلة من الورق، لديك الكثير من القراءة».

جميع الوثائق البالغ عددها 1123 والمكونة من قرابة 80 ألف صفحة-المتعلقة باغتيال كينيدي وفقا لمحللين فحصوا الوثائق لوسائل إعلام أمريكية- بينت إن الفرص ضئيلة في إظهار المنشورات أي شيء جديد، فلماذا اختار الرئيس الأمريكي ترامب هذا التوقيت تحديدا لنشر هذه الوثائق؟

هل للأمر علاقة بلعبة الإلهاء خصوصا مع نقض ترامب للكثير من وعوده الانتخابية المتعلقة بإنهاء الحروب فيما يتورط في تغذية حروب قائمة، وأخرى مصنوعة كحربه اللفظية المستفزة لكندا والمكسيك معا، ووعود أخرى بتحسين الوضع الاقتصادي فيما يلوّح بمزيد من الضرائب؟ فهل يحاول ترامب إشغال المجتمع الأمريكي بضجة هذه الوثائق مع تنفيذ بعض خططه مع الحلفاء في الشرق الأوسط (خصوصا فيما يتعلق باستمرار قتل الفلسطينيين إضافة إلى مواجهات أخرى في اليمن)؟

من جانب آخر علاقة ترامب بالاستخبارات الأمريكية ليست في أفضل أحوالها خصوصا مع قراره كشف الوثائق السرية التي قد تحرج الولايات المتحدة الأمريكية كما يرى مجتمع الاستخبارات، ويرى بعض المعلقين في الإفراج عن الوثائق السرية خطرا كبيرا على طبيعة العمل الاستخباراتي، وأنه قد يسبب أيضا إحراجا لمجتمع الاستخبارات، ويهز من ثقة العاملين به سواء في المؤسسة أو في أنفسهم، بدافع من الضغائن السياسية، هناك مخاوف من أن يشن ترامب هجوما شاملا على ما يسمّيه «الدولة العميقة» وهي -وفقا لاعتقاد الرئيس- مجموعة سرية من البيروقراطيين الحكوميين الذين يتعاونون لعرقلة أجندته، ومنهم الضباط الذين يتجسسون بشكل غير قانوني على الأمريكيين ويسربون المعلومات إلى وسائل الإعلام، والحقيقة أن ترامب لم ينس كشفهم بعض أوراقه وعلاقاته التجارية قبل وأثناء حملته الانتخابية للرئاسة.

هل يحاول الرئيس ترامب توجيه القرارات الرئاسية توجيها شخصيا قائما على تصفية حساباته ومعاقبة خصومه، ممن يظن بأنهم يمثلون أركان الدولة العميقة؟ خصوصا بعد إعلان نيته الحد من نفوذ بيروقراطيات الأمن القومي وتقليص حجم الحكومة الفيدرالية؛ مما يعني استنزاف القوة البشرية لمجتمع الاستخبارات، وبالتبعية تقليص فعاليته، وهو ما ورد كذلك عن كل من إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، اللذان اختارهما ترامب لقيادة وزارة الكفاءة الحكومية في حديث عن ضرورة خفض القوى العاملة الفيدرالية على نطاق واسع، وهو ما سيؤثر حتما في العاملين في مجال الاستخبارات، وأكثر من ذلك، وعد ترامب نفسه بطرد ما أسماه «الجهات الفاعلة الفاسدة» في فضاء الأمن القومي.

ختاما: مهما يكن من أمر لا ينبغي لأي رئيس أن يضع مصلحته الشخصية قبل مصلحة بلاده، مستغرقا في استنزاف طاقات وموارد وطنية (طبيعية كانت أم بشرية) لتغذية معاركه الشخصية ومصالحه المؤقتة، وتصفية حساباته القديمة على حساب سمعة بلاده وأمنها القومي وأمانها الاقتصادي والمجتمعي.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ترامب تجاوز سلطته... محكمة أمريكية توقف الرسوم الجمركية

ألغت محكمة أمريكية معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بينما عمد البيت الأبيض إلى استئناف الحكم لدى محكمة الاستئناف الفدرالية الأمريكية. اعلان

أصدرت المحكمة الأمريكية للتجارة الدولية الأربعاء، حكمًا يقضي بإلغاء معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، والمعروفة بـ"رسوم يوم التحرير"، معتبرةً أن هذه الإجراءات تجاوزت الصلاحيات الممنوحة للرئيس بموجب قانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لعام 1977 الذي تذرع به ترامب، لإصدار مراسيم رئاسية، "فرض من خلالها رسوم إضافية غير محدودة على المنتجات المستوردة من كل الدول تقريبا".

ورأت الهيئة القضائية المكونة من ثلاثة قضاة من محكمة التجارة الدولية الأمريكية في مانهاتن، أن إعلان ترامب لحالة الطوارئ الاقتصادية لا يفي بالمعايير القانونية المطلوبة، وأن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على معظم الواردات العالمية، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 25% على واردات من كندا والمكسيك، و20% على سلع صينية، تجاوز حدود السلطة التنفيذية.

Relatedرسوم ترامب: كيف تنجو أموالك من العاصفة؟إعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من رسوم ترامب بما فيها تلك القادمة من الصينتراجع الأسواق العالمية بسبب رسوم ترامب وخسارة بتريليونات الدولارات أواخر الأسبوع

وقرار المحكمة قد يُوقف الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها ترامب قبل إبرام أي "صفقات" مع معظم شركائه التجاريين الآخرين، وأمرت المحكمة بإعطاء مهلة 10 أيام لإصدار أوامر إدارية "لتفعيل الأمر القضائي الدائم".

المحكمة أشارت إلى أن هذه الرسوم لم تكن مبررة بمخاطر "غير عادية واستثنائية" كما يقتضي القانون، وأنها تمثل استخدامًا غير مشروع للسلطة التشريعية من قبل السلطة التنفيذية، مما ينتهك مبدأ فصل السلطات. وتأثرت الأسواق المالية إيجاباً بهذا القرار، حيث ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، وسجل الدولار مكاسب أمام العملات الآمنة مثل الين والفرنك السويسري، مما يعكس ارتياح المستثمرين لتقليل حالة عدم اليقين في السياسات التجارية. وفي بيان، ندد نائب السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، كوش ديساي بالقرار الصادر عن "قضاة غير منتخبين" حسب قوله ولا يملكون "سلطة أن يقرروا بشأن إدارة حالة طوارئ وطنية بالشكل المناسب". وأضاف ديساي "تعهد الرئيس ترامب بوضع الولايات المتحدة أولا، وقررت الحكومة استخدام كل صلاحيات السلطة التنفيذية للاستجابة لهذه الأزمة واستعادة العظمة الأميركية".

 وكانت الدعوى القضائية -التي رفعها مركز العدالة الليبرالية، وهو منظمة غير حزبية، نيابةً عن خمس شركات صغيرة تستورد سلعاً من دول مستهدفة بالرسوم الجمركية- كانت أول طعن قانوني رئيسي على ما يسمى برسوم "يوم التحرير" الجمركية التي فرضها ترامب.

 وعلى نحو منفصل، وباستخدام حجج مماثلة، رفعت اثنتا عشر ولاية ديمقراطية دعوى قضائية ضد الإدارة في المحكمة نفسها بتهمة "فرض زيادات ضريبية غير قانونية" على الأمريكيين من خلال الرسوم الجمركية، وقال المدعي العام لولاية أوريغون، دان رايفيلد، في بيان الأربعاء: "رفعنا هذه القضية لأن الدستور لا يمنح أي رئيس سلطة مطلقة لقلب الاقتصاد رأسًا على عقب. ويؤكد هذا الحكم أهمية قوانيننا، وأنه لا يمكن اتخاذ قرارات تجارية بناءً على نزوة الرئيس".

 وبعد صدور قرار المحكمة، دعت الناطقة باسم وزارة التجارة الصينية، هي يونغغيان، الولايات المتحدة إلى "الإصغاء إلى أصوات المنطق الصادرة عن المجتمع الدولي وأطراف وطنية مختلفة وإلغاء الرسوم الجمركية غير المبررة المفروضة من جانب واحد، بشكل تام".

 وسارعت إدارة ترامب، إلى استئناف الحكم، وأكدت في ملف الدعوى أن "هذا إخطار بأن المدعى عليهم يستأنفون أمام محكمة الاستئناف الفدرالية الأمريكية رأي المحكمة وحكمها النهائي الصادر في 28 أيار/مايو 2025".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • لائحة اتهام ضد مهاجر هدّد باغتيال ترامب.. ومصادر تكشف: ربما وقع ضحية فخ
  • إطلاق سراح الأحياء والأموات.. خطة أمريكية جديدة حول غزة
  • المبعوث الأمريكي: علاقة شخصية قوية تجمع ترامب وبوتين
  • ترامب تجاوز سلطته... محكمة أمريكية توقف الرسوم الجمركية
  • الذهب يتراجع بعد قرار محكمة أمريكية تعليق رسوم ترامب الجمركية
  • أسعار النفط ترتفع بعد قرار محكمة أمريكية بوقف رسوم ترامب الجمركية
  • إدارة ترامب تكشف لـCNNعن منعها شركات أمريكية من بيع منتجاتها إلى الصين
  • صحيفة أمريكية: المفاوضات النووية وصلت لطريق مسدود وإيران لم تعد خائفة من ترامب
  • ترامب في المنطقة مجددا: دبلوماسية الصفقات بين التطلعات الإقليمية والحسابات الأمريكية
  • ترامب يخلط أوراق العالم.. قبة نووية لكندا وتحالف متعدد الأقطاب مع موسكو وبكين