منذ أن وطأت قدماه أرض بلادنا لم نر خيراً، حيث لم يأت للسودان صدفة لا في مهمته ولا حتى في اختيار شخصه غير الكريم، وعودوا إلى تاريخه في الدول والمهام التي أوكلت له لتعرفوا من هو فولكر بيرتس.
كانت مهمته تمزيق السودان، وضرب مجتمعه، وتشكيل السودان الجديد الذي يرغب فيه أسياده ومشغلوه، وهذا مشروع كبير ومعقد خلفه المأسونية، والصهيونية العالمية، ووكيلة هذا المشروع الضخم في المنطقة هي دولة الإمارات (العبرية) ، وكان فولكر أحد أدوات هذا المشروع بكل إخلاص وصرامة.
تاريخ فولكر القريب في السودان يحكي عن إجرام هذا الألماني القذر، فيمكن الرجوع للقوى السياسية التي التقته وتواصلت معه ليعرف الناس كيف كان فولكر ، كما أن مواقفه المخزية والمتآمرة متاحة، ولم يغادر بلادنا إلا وهو مجبراً بعد أن أسهم في إشعال الحرب وبقي في الخرطوم وسط النيران في انتظار حسم المليشيا للمعركة واستلام السلطة لينفذ مشروعه، ثم خاب ظنه، وغادر إلى بورتسودان ليواصل خطته بشكل اخر حتى غادرها مطروداً. إن أخطر ما في فولكر هذا أنه لا ييأس أبداً !!
عرقل رجل الأمم المتحدة في السودان كل جهود الوفاق، حيث وقف ضد مبادرة نداء السودان، ثم عرقل مبادرات المصالحة الوطنية وكان مُصراً على تسوية سياسية طرفها مجموعة(قوى الحرية والتغيير) فقط حتى تكتمل مهمته في السودان بسلام، فبذل كل جهوده في الإتفاق الإطاري الذي كان يعلم أنه سيشعل الحرب ويؤسس للإنقسام،ثم اقتنع فولكر نفسه لاحقاً بفكرة الحرب الخاطفة بحسابات أن الكفة كلها تميل لصالح مليشيا حميدتي، فكانت حرب 15 أبريل.
إن اخر المشاهد العالقة قبل اندلاع الحرب بفترة قليلة هي رحلة فولكر إلى مدينة الجنينة التي كان يتواجد بها المجرم حميدتي وهو مغاضباً لفترة طويلة من رئيسه البرهان، وعاد بعدها حميدتي إلى مطار الخرطوم غاضباً يترقب ليواصل في خط تصعيده من صالة المطار الرئيسية إلى أن أشعل حربه، وذلك بعد أن حرضه وأوهمه فولكر.
بعد انتصارات الجيش الكبيرة وتطهيره لوسط السودان، واقتراب تحرير الخرطوم كاملة، ومع فشل خط ( نيروبي) الميثاق التأسيسي والحكومة الموازية، وبعد تقسيم الملعب إلى مجموعة مع مليشيا الدعم السريع، ومجموعة أخرى أسموها(صمود) يقودها حمدوك أدعوا أنها ضد تشكيل حكومة المنفى وهي ليس إلا خطة و(شد حلتين) سلاحهم مع المليشيا وإن هُزمت، هم مع خط حكومة المنفى، وإن فشلت فالعودة بصمود التي تعمل في الإطار المدني والسياسي!!هكذا هي خطط الإمارات وأسيادها وفولكر ..
خرج علينا (وش الشؤم) فولكر أمس بتغريده، ظاناً أن الأشياء هي الأشياء، والسودان الذي عبث به وفيه وتعامل في فترة من فترات القهر والانحطاط الوطني على أنه حاكم عام ومستعمر له، خرج فولكر ليخدعنا بقوله المعسول مهاجماً من تحالف مع مليشيا الدعم السريع لتشكيل الحكومة الموازية(بعد فشلها طبعاً) ثم مضى الحقير فولكر، يتحدث عمن يجب أن يكون له الدور الرئيسي في إعادة بناء البلاد وقيادتها، وحاول ايضاً في تغريدته أن يشير إلى تساوي الجيش السوداني والمليشيا بقوله ( الأطراف المتحاربة) ويرغب فولكر في في إطار الخطة (د) بعد فشل أ، ب، ج، لإعادة مجموعات العمالة تحت مظلة العمل المدني والمجتمعي، وغرف الطوارئ، ولكن فولكر معذور لأنه(فارق زمن) ولا يفهم ما حدث في السودان من تغييرات بعد حربهم الفاشلة.
على فولكر أن يبحث له عن باب رزق جديد غير السودان، وعلى مشغلوه أن يستوعبوا أنه رجل فاشل ومعتوه، أفشل لهم مخططهم في السودان، وعلى فولكر أن يعلم أنه لا هو، ولا اتباعه من مجموعات العمالة والإرتزاق من القوى السياسية والناشطين لن يستطيعوا دخول السودان مرة أخرى، دعك من أن يقرروا فيه أو يكونوا جزء من مؤسساته!! تلك حقبة قد ولت إلى غير رجعة، ومن أراد العودة منهم إلى السودان فليأتي بسلاحه وكدموله..
محمد أبوزيد كروم
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية:
فی السودان
إقرأ أيضاً:
خطة ترمب لإيقاف حرب السودان ومستقبل الإسلاميين
صلاح شعيب ثمة تحركات وتصريحات دولية وإقليمية حفل بها الأسبوع الجاري في إطار سعي المجتمع الدولي لإيقاف حرب السودان. بخلاف اجتماع الرباعية وتصريح رمطان لعمامرة عند لقائه د. كامل ادريس بأن الأمم
المتحدة عازمة على إيقاف الحرب، فقد مثلت زيارة الرئيس المصري للإمارات ومثيلتها
التي قام بها مدير المخابرات الإثيوبي رضوان حسين إلى بورتسودان محاولة للتفاكر حول مستقبل الجيوبوليتيك في القرن الأفريقي، وتعد هذه الزيارة للمبعوث الإثيوبي الرفيع بمثابة انفتاح جديد لعلاقات البلدين للتعاون السياسي والأمني كما أشارت المصادر. الخطوة الأكثرة جدارة بالاهتمام هو اجتماع الرباعية المكونة من مستشار ترمب للشؤون الأفريقية وسفراء السعودية ومصر والإمارات، والذي أشار بيانه صراحة إلى أن
الحرب لن تحقق أي انتصار حاسم لطرف دون آخر، وأنه لا بد من حل تفاوضي. وهذا الاجتماع يمثل بالأساس رغبة الإدارة الأميركية في إنهاء الصراع ضمن اهتمامات ترمب بإكمال فترته الثانية من خلال تحقيق السلام الدولي، بدءً بالضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين للقبول باتفاق صفقة القرن، وضغوطاته المماثلة لإيقاف الحرب الروسية – الأوكرانية، وهذا مبدأ جديد سيرافق تراث ترمب الذي أحيا مبدأ الانعزالية للرئيس السابق مونرو، إذ يريد من خلاله موضعة السياسة الأميركية للاهتمام بالداخل، والتقليل من تدخلاتها الحربية المثيرة للجدل في الخارج. وقد بدأ ترمب رئاسته بالاعتماد على الداخل من خلال تجفيف الدعم للمؤسسات الأميركية التي تقدم العون للعالم بما فيها أوروبا، وأفريقيا، والمنظمات الدولية. اجتماع الرباعية حول الشأن السوداني، والذي انعقد تحت ظلال إدارة ترمب في واشنطن يتماشى مع التحركات الأخرى الإقليمية لتهيئة الأجواء لدفع طرفي الحرب للدخول في مفاوضات سوف تتدخل فيها الإدارة الاميركية عن كثب لوقف المأساة السودانية. والدليل على هذا أن ملف متابعة حرب السودان اضطلع به نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لانداو وكبير مستشاري شؤون أفريقيا مسعد بولس اللذين يمثلان ثقلين مهمين في موازنة الولايات المتحدة لإشراك الأطراف المعنية. فالخارجية الاميركية ظلت تولي السودان اهتماما لنصف القرن الأخيرة ونجحت دبلوماسيتها في التدخل لإنهاء حرب الجنوب وتبني الحل لأزمة دارفور فيما مثل الدبلوماسيون الذين يتولون الشأن الأفريقي اهتماما بدور الأقطار المهمة في القارة وانخراطها للضغط لإيقاف الحروب السابقة في القطر. المعضلة الوحيدة التي تجابه هذه التحركات هي مواقف الحركة الإسلامية التي ورثها المؤتمر الوطني، إذ ظل يعرقل الانتقال الديمقراطي منذ لحظاته الأولى، وعمل على اختطاف انقلاب
الجيش على حكومة حمدوك، وإيقاده الحرب ومعارضتها لأية تسوية سلمية لا تتيح لها مقعدا في طاولة المفاوضات بين الجيش والدعم السريع. من الناحية الأيديولوجية يعارض الإسلاميون في المنطقة صفقة القرن التي ينوي بها ترمب كما اشرنا إلى تحقيق اختراق مدعوم بالاتفاقات الإبراهيمية التي يحاول استئنافها بعد إنهاء الوجود الإيراني في الشرق الأوسط وأقلمة أظافر حماس وانهاء حكم الرئيس السوري الأسبق بشار الاسد واحتواء الحوثيين. والإسلاميون السودانيون في إطار مناوئة التحركات الأميركية كما نعلم سعوا للاستعانة بروسيا ولكن الضغط المصري على البرهان حال دون التوصل إلى اتفاق مع روسيا لمنحها قواعد عسكرية في البحر الأحمر. بعض المصادر أكدت أن الشأن السوداني لم يغب في زيارة ترمب الأخيرة للشرق الأوسط، ولا بد أن اجتماعات الغرف المغلقة بينه والمسؤولين السعوديين والإماراتيين قد حسمت الموقف المتفق عليه بين الدولتين والولايات المتحدة، وبالتالي تعد إضافة مصر للتشاور ومنحها عضوية الرباعية بعد أن غُيبت في الرباعية السابقة دفعة جديدة للضغط، وسيكون لها ما بعدها من ناحية التوافق الدولي والإقليمي لوضع حد للحرب عبر التفاوض. وعليه ربما يعد لقاء محمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي في الإمارات وظهورهما بتلك الحميمية إشارة إلى التوافق حول مستقبل تعاملهما مع الأزمة السودانية. لقد جاء الاتهام الاميركي للجيش باستخدام أسلحة كيماوية ليمهد المجال لهذه التحركات الخارجية رفيعة المستوى لابتدار جولة جديدة للتفاوض بين الجيش والدعم السريع. ولكن الجوهري في هذا الاتهام هو الضغط على البرهان للتخلص من تأثير الإسلاميين في سلطته، وحمله على الاقتناع بضرورة إنهاء فكرة الانتصار في الحرب. فضلاً عن هذا فإن مراقبين قدموا اتهامات عديدة طالت جماعة البراء وجماعات اسلاموية أخرى تشارك مع جنود الجيش بأنها مسؤولة عن استخدام هذه الأسلحة، خصوصاً بعد ظهور فيديوهات لإسلاميين يهددون فيها باستخدام أسلحة نوعية فتاكة. والجدير بالذكر أن تكوين البرهان لجنة للتحقيق في استخدام الجيش الأسلحة الكيماوية يعد بمثابة إشارة إلى أنه ينوي إخلاء مسؤوليته، وصنع كبش فداء من الجماعات المتطرفة التي تسند ظهره. هل ينجح ترمب في تحقيق السلام في السودان عبر التأثير على حلفائه دون الاصطدام مع الحركة الإسلامية التي تذخر أدبياتها بمواقف أيدلوجية ضد الولايات المتحدة، أم أن البرهان ربما يتخلص منها للاحتفاظ بوضع سلطوي في حال نجاح الخطة الاميركية لإنهاء الحرب عبر تسوية بين الجيش والدعم السريع؟ الأمر مرهون بقدرة الحركة الإسلامية بقلب ظهر المجن والتخلص من البرهان قبل شروعه في الاستجابة لضغط السعودية ومصر، وهما أكبر حليفين له، وللولايات المتحدة. ولكن فالبرهان – على كل حال – كما يعرفه الإسلاميون جيدا أن لا دين له، كما قال شيخ عبد الحي، ولذلك فإنه في سبيل بقائه عند السلطة يستطيع أن يفعل أي شيء. الوسومصلاح شعيب