عربي21:
2025-07-31@03:39:31 GMT

السياسة.. فن إدارة التوقيت والتقاط الإشارات

تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT

أنجبت الثورات جيلا من السياسيين يمكن أن نطلق عليهم "ساسة الضرورة"، فهم لم يختاروا السياسة، بل وجدوها قد اختارتهم في لحظة فارقة. هؤلاء عاشوا في ظلال أنظمة أغلقت الأبواب والنوافذ، فلم يختبروا العمل السياسي، ناهيك عن دراسته أو إتقانه.. والنتيجة؟ قرارات متعثرة، ومواقف متخبطة، وأخطاء تثير الدهشة أحيانا والابتسامة أحيانا أخرى.

ومع ذلك، لا لوم عليهم، فقد أُلقي بهم في معترك السياسة دون بوصلة. لكن حان الوقت ليضعوا المرآة أمام أنفسهم، ويطرحوا السؤال الصعب: "كيف نصبح ساسة عن جدارة، لا عن ضرورة؟".

الجرأة ضرورة أحيانا

هناك مواقف يكون فيها الصمت بمثابة تواطؤ، والتردد ضعفا، مما يجعل الجرأة ضرورة لا خيارا. عندما يكون هناك تهديد مباشر للحياة أو الحقوق الأساسية، لا يمكن للسياسي أن يقف متفرجا. اتخاذ موقف واضح في هذه الحالات ليس مجرد قرار سياسي، بل واجب أخلاقي. كذلك عندما يكون هناك زخم شعبي أو سياسي داعم، يصبح اتخاذ موقف جريء أكثر فاعلية. السياسي الذكي لا يعاند الواقع، لكنه يعرف متى يستغل اللحظة ليحقق أكبر تأثير ممكن.

المصداقية واتخاذ القرار الجريء

 المصداقية تلعب دورا حاسما في تحديد الحاجة إلى الجرأة، السياسي الذي يبني صورته على المبادئ الواضحة يجب أن يكون مستعدا للدفاع عنها، لأن التراجع عن موقف أساسي قد يكلفه أكثر مما يكلفه اتخاذه. ومع ذلك، الجرأة وحدها لا تكفي، بل يجب أن تكون مدعومة برؤية وخطة واضحة للتعامل مع تداعياتها. السياسي الناجح لا يقفز في المجهول، بل يتحرك وفق استراتيجية محسوبة. كما أن هناك لحظات مفصلية لا تتكرر، وإذا لم يستغلها السياسي، فقد يفقد فرصة تغيير مسار الأحداث إلى الأبد.

متى يكون الانتظار أكثر حكمة؟

هناك حالات يكون فيها الانتظار أو العمل بصمت أكثر حكمة من المواجهة المباشرة. أحيانا تكون الظروف غير ناضجة لاتخاذ موقف، والتحرك في توقيت خاطئ قد يؤدي إلى فشل محقق. في أوقات أخرى، يكون رد الفعل المتوقع لموقف جريء أسوأ من الفعل نفسه، مما يجعل الانتظار حتى تهدأ الأوضاع خيارا أكثر ذكاء. لا يعني ذلك التراجع عن المبادئ، بل اختيار اللحظة المناسبة للدفاع عنها بأقصى قدر من الفاعلية.

خطورة الانسياق وراء العاطفة

من أكبر المخاطر التي يقع فيها السياسي هي التحرك وفق العاطفة مع محاولة خداع النفس بأن القرار مبني على تحليل سياسي عقلاني. كثير من السياسيين يقعون في هذا الفخ، حيث تدفعهم مشاعر الغضب، أو التعاطف، أو حتى الإحساس بالذنب إلى اتخاذ مواقف متسرعة، ثم يحاولون لاحقا تقديم تبريرات عقلانية لها. المشكلة هنا أن التبرير لا يحول القرار العاطفي إلى قرار سياسي حكيم، بل يجعله أكثر خطورة، لأنه قد يمنح صاحبه شعورا زائفا بالصواب، ويمنعه من التراجع حتى عندما تصبح العواقب واضحة. السياسي الناضج هو من يدرك هذه الفخاخ النفسية ويتعلم كيف يميز بين التحليل الموضوعي والرغبة في الدفاع عن النفس أو إثبات صحة موقفه بأي ثمن.

الفرق بين السياسي والناشط الاحتجاجي

وهنا يجب التفريق بين الناشط الاحتجاجي والسياسي المسؤول. الناشط الاحتجاجي يتحرك وفق منطق التصعيد المستمر، حيث يمارس الرفض والمشاغبة على مدار الساعة لتجييش الرأي العام حول قضيته، وهو يرى أن مهمته الأساسية هي إحداث أكبر قدر من الضجيج والضغط دون اعتبار للتوقيت أو العواقب. أما السياسي، فيعمل وفق رؤية واستراتيجية لتحقيق أهداف سياسية تخدم الصالح العام، وليس مجرد تسجيل المواقف أو تأجيج المشاعر. السياسي الحقيقي لا يمارس السياسة وكأنها شجار في المقاهي والأحياء الشعبية، بل يتعامل معها كفن إدارة الصراعات وتحقيق المكاسب الواقعية للمجتمع، لديه مسؤولية أخلاقية تجاه الناس، فهو لا يخدعهم بشعارات رنانة ولا يورطهم في معارك خاسرة، بل يسعى إلى تحقيق التغيير الحقيقي الذي ينعكس على حياتهم بشكل إيجابي ومستدام.

اختيار المعارك بذكاء

السياسي الناجح هو أيضا من يختار معاركه بعناية، ويعرف خصومه جيدا وقادر على فرزهم وتصنيفهم بدقة وفق مستوى التنافر والخصومة. ليس كل الخصوم يشكلون تهديدا، ولا يتساوون في درجة العداء. بعض المواقف قد تكون اضطرارية وليست اختيارية، وأحيانا تكون نوعا من المناورة وليست تعبيرا عن قناعة راسخة. لذلك، لا يمكن الحكم على خصم أو منافس بناء على موقف واحد، بل يجب قراءة مواقفه في ضوء مدى زمني ممتد يسمح بفهم توجهاته الحقيقية. من الخطأ أن يخوض السياسي كل المعارك مع كل الخصوم على مدار الساعة بنفس الحماسة والأهمية، لأن ذلك يؤدي إلى استنزاف طاقته وتبديد موارده في صراعات قد لا تستحق المواجهة.

السياسة فن تقدير الأولويات

السياسي الناجح ليس من يختار دائما الجرأة، ولا من يفضل دائما الانتظار، بل هو من يعرف متى يستخدم كل منهما في الوقت المناسب. ليست كل مواجهة بطولة، وليست كل مهادنة ضعفا. والفرق بين القائد الحقيقي والسياسي العابر هو القدرة على قراءة اللحظة السياسية بدقة، واتخاذ القرار الذي يخدم المصلحة العامة بأقصى قدر من الفاعلية. في النهاية، السياسة ليست مجرد لعبة مواقف، بل فن تقدير الأولويات، والنجاح فيها لا يكون لمن يرفع صوته أكثر، بل لمن يعرف متى يتحدث، ومتى يصمت، ومتى يتحرك بكل قوته ليغير مسار الأحداث.

ختاما: السياسة ليست حلبة ملاكمة، وليست مسرحا للخطابات النارية، ولا جلسة فضفضة عاطفية، إنها فن إدارة التوقيت، والتقاط الإشارات، ومعرفة متى تتحرك، ومتى تتراجع، ومتى ترفع الصوت، ومتى تكتفي بنظرة ذات مغزى. السياسي الناجح ليس من يخوض كل المعارك، ولا من يختبئ في كل الأزمات، بل من يفهم أن بعض المواقف تحتاج إلى هدوء لاعب الشطرنج، بينما أخرى تتطلب اندفاع المحارب.

الذين يصرخون طوال الوقت ينتهون إلى أن لا أحد يسمعهم، والذين يلتزمون الصمت دائما يُنسون مع الزمن. النجاح ليس في أن تكون الأكثر شراسة، ولا في أن تكون الأكثر تحفظا، بل في أن تعرف متى تتحول من هذا إلى ذاك دون أن تفقد توازنك أو هويتك.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء السياسيين السياسة قرارات النجاح سياسة سياسي قرار نجاح قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 ‏في مصر

يتساءل الكثير من الأشخاص عن موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر، وتأخير الساعة 60 دقيقة كاملة، لكي يتم الانتهاء من العمل بالتوقيت الصيفي.

التوقيت الشتوي 2025

وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص التوقيت الشتوي 2025 وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.

موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر

يبدأ تطبيق التوقيت الشتوي في مصر، في الخميس الأخير من شهر أكتوبر 2025، ويتم تأخير الساعة 60 دقيقة كاملة، حيث تتأخر الساعة من 12:00 منتصف ليل الجمعة لـ 11:00 مساء الخميس.

موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر تطبيق التوقيت الشتوي 2025

كما يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025، في تمام الساعة 12 صباحًا في الخميس الأخير من شهر أكتوبر، ويستمر لمدة 6 أشهر، حتى آخر خميس من شهر أبريل من كل عام، ثم العودة لـ العمل بالتوقيت الصيفي مرة أخرى.

تغيير التوقيت الشتوي يوم الجمعة

ويكون تعديل التوقيت الصيفي أو الشتوي، يوم الجمعة، لأنه إجازة رسمية في الدولة بالقطاع الخاص والحكومة، وذلك لتجنب حدوث أي مشكلات أو أخطاء خاصة بالوقت.

موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر أهمية التوقيت الشتوي

- توافق ساعات الذروة مع ساعات النوم.

- زيادة ساعات النهار بعد العمل.

- ملاءمة الدورة البيولوجية للإنسان.

- توفير الطاقة وتقليل استهلاك الكهرباء.

- يقلل الضغط على الشبكة الكهربائية.

موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر كيفية تغيير الساعة لـ التوقيت الشتوي

1 - اضغط على قائمة الإعدادات بالهاتف

2 - تفعيل آخر تحديث للهاتف أولا حتى يجري تغيير الساعة تلقائيا.

3 - اختيار التاريخ والوقت Date &Time، ثم الضغط على خانة التفعيل بشكل تلقائي.

4 - أو اختيار التاريخ والوقت وتغيير الساعة يدويا لـ 11 مساء بدلاً من 12 صباحا.

اقرأ أيضاًموعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر.. تأخيرها الساعة في هذا الموعد

تطبيق التوقيت الشتوي في مصر.. يوفر 200 مليون دولار وينظم النشاط التجاري

مع بدء التوقيت الشتوي | الأرصاد تحذر: أمطار غزيرة تضرب عدة محافظات اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024

مقالات مشابهة

  • سوار ميتا الذكي.. تحكم بالأجهزة دون لمس!
  • دعوات ليوم عالمي نصرة لفلسطين وغزة في هذا التوقيت
  • انفراجة في موقف أحمد عبدالقادر مع النادي الأهلي
  • إدارة ترامب توقف أكثر من نصف التمويل الفيدرالي المخصص للوقاية من العنف المسلح
  • توقعات الأبراج وحظك اليوم برج الحمل: لا تتجاهل الإشارات الصغيرة
  • وزير التموين يكلف إدارة الاتصال السياسي بسرعة فرز طلبات النواب لأجل المواطنين
  • تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 ‏في مصر
  • الطقس في مكة.. تنبيه من أمطار غزيرة ومتوسطة حتى هذا التوقيت
  • وزير البترول ورئيس «إنرجين» يبحثان تعزيز التعاون بمجالات الغاز والتقاط الكربون
  • احذر الحكة بعد الاستحمام.. قد تكون أكثر من مجرد جفاف في الجلد!