جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-14@03:27:58 GMT

ورحل التاجر المحتسب

تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT

ورحل التاجر المحتسب

راشد بن حميد الراشدي 

بين المكيال والميزان في بسطته باع واشترى، وفي صباحات سوق سناو تجده منذ أول خيوط الفجر طالباً لرزقه عارضاً بضاعته البسيطة مُرحِّبا بكل من يزور السوق ويمر على بسطته الخاصة التي تحوي المكسرات والبقوليات والزبيب في معظم معروضها.

تجده لابسا خنجره التي لا تفارقه منذ خروجه من بيته وأينما اتجه؛ فهي موروث عماني أصيل حافظ على لبسها الآباء والأجداد ورغم مسؤوليته المجتمعية تجده بسيطاً في كل تعاملاته مع الآخرين؛ أخذاً من خلال اجتهاده في التعاون مع الجميع ممن يطلب منه خدمة أو حل مشكلة ما، وهو ومن خلال تجارته وسعيه لطلب الرزق على نهج الصالحين وسنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام الصالحين.


إنه الوالد خلفان بن أحمد المحروقي - رحمه الله - أحد مشائخ ولاية سناو، التاجر المحتسب في سوق سناو والذي عاصر تجار سناو الأوائل في سوق سناو وعاصر سوق سناو الحديث منذ إنشائه في عام 1974، ومع بدايات النهضة المباركة ليترك مكانه في السوق خلال السنوات الأخيرة فقط بعد أن أتعبته الحياة بسنين كفاحه ورحيل أحبائه وأصدقائه الذي عاشرهم لعقود.



رحل كما رحل تجار السوق الآخرين والذين اشتهروا جميعا بخلقهم الكريم  وتعاملهم الراقي مع كل زوار السوق؛ فكان السمت العماني الأصيل بصفاته هو ديدن هؤلاء التجار، الذين كانت تجمع بينهم وبين المشترين وشائج محبة في الله ورباط أخوي قلَّ أن تجد مثله في هذه الأيام؛ حيث السماحة في البيع والتسهيل في الشراء، فكان التاجر سمحاً والمشتري يفي بوعده في الوفاء بدينه من خلال تعامله.
رحل كما رحلت نفوس تعلقنا بها منذ الصغر وعرفها القاصي والداني من زوار السوق؛ حيث كان والدي -رحمه الله- منهم وعاش وترعرع في سوق سناو لسنوات كثيرة.
اليوم رحل الوالد خلفان وكل دعوات محبيه ومن عرفه تشق أبواب السماء سائلين الله له المغفرة والرحمة والجنان، فقد رحل بهدوء الصالحين، صابرا على مرضه، شاكرا الله على أنعمه، وقد وفقني الله لزيارته في بيته خلال أيام شهر رمضان المبارك وهو بذلك المحيا المنير.
رحم الله الوالد خلفان فقد كان بسيطا في حاله ودنياه ورحل بهدوء إلى جوار ربه الجليل، بينما سوق سناو التجاري يفتقد كل عام رائدًا من رواده وتاجرا من تجاره الذين عاصروا إنشاءه وتطوره، وهكذا هو ديدن الحياة بين مفقود وبين مولود؛ فرحمة الله تغشى عباده الصالحين.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: سوق سناو

إقرأ أيضاً:

عدتُ والعود أحمدُ!!

توقفت عن كتابة المقال أسابيع قليلة مضت كانت مساحةً استظل بها من حرارة الحروف ولمعة السطور إلى سكون قصير، ولكن هيهات؛ فقد تزامنت هذه الاستراحة مع الاستعدادات لاحتفالات اليوم الوطني، الذي بات الاحتفال به داخل البيوت أكثر من خارجها؛ فكانت احتفالات الزميلات والعائلات مما كان لي نصيب المشاركة فيها والحضور، ولم تعد احتفالات اليوم الوطني يوماً واحداً، بل تمتد غالباً لأكثر من أسبوع بعد، وأسبوع استعدادات قبل، ومنذ البدء حتى التوقف وهي فترة ممتعة ثرية بالبرامج الوطنية والفعاليات الأدبية والفنية المختلفة مفعمة بالحيوية والمحبة، وكل ذلك انعكاس لمدى اعتزاز المواطنين بوطنهم وفخرهم به، نسأل الله أن يديم على وطننا عزه ومجده وأمنه واستقراره . وما أثرى استراحتي وأمتعني بلا حدود هو حضور دورة (أساسيات النقد الأدبي) للدكتورة الفاضلة الأخت مستورة العرابي، وهي أستاذة الأدب لمرحلة الماجستير بجامعة الطائف والمستشارة بوزارة الثقافة والشاعرة العاشقة للشعر والأدب، التي تعمل في هيئة الأدب والنشر والترجمة، ويبدو أنها استطاعت بث عشقها في نفوس محبي المجال الأدبي، الذين يشاركون في دورات الأدب والشعر معها. الدكتورة من خلال معرفتي لها ونقاشي معها وحضور مشاركاتها في المناسبات، اكتشفت أن من يعشق ويهيم في أي مجال يتمكن من التأثير القوي في الآخرين؛ فقد نظمت الدكتورة مبادرات ودورات عديدة شارك فيها أعداد هائلة من جامعات المملكة والمهتمين بالأدب، وفازوا بمراكز متقدمة؛ منها جائزة الأمير عبدالله الفيصل- رحمه الله- والحقيقة لن أستطيع إيفاء الدكتورة مستورة ما تستحقه لشدة إعجابي بنشاطها ومبادراتها ودوراتها (ما شاء الله). زادها الله همة وتوفيقاً، لكنني سأقف عند الدورة التي تشرفت بحضورها لمدة أربع ساعات خلال أربعة أيام وهي (أساسيات النقد الأدبي)؛ رغم أني لست ممن يميلون للنقد الأدبي بقدر ميلي للكتابة، وكأني أخطأت في التسجيل فعوضاً عن التسجيل في الكتابة الإبداعية، سجلت في أساسيات النقد وكانت غلطة جميلة جداً؛ فقد انتبهت لخطأي منذ اللحظة الأولى لكن كانت الدورة كالمغناطيس بل كالسحر. بدأت أتصفح الكتاب الأدبي الذي وزعته الدكتورة والخاص بالدورة، والمكون من حوالي 150 صفحة، يضم مواضيع الدورة خلال الأربعة أيام . كانت الدورة منظمة جداً والحضور الأدبي كبير، ولفت انتباهي وشدني بقوة أسلوب الطرح والنقاش وتبادل دور القراءة والنقد الأدبي الذي كان مذهلاً من الذين شاركوا، وكم تمنيت تسجيل ذلك لكن لم أكن أسمح لنفسي دون استئذان، وتمنيت لو تم تسجيل المناقشات وتوزيعها؛ وكنت منبهرة جداً مما سمعت من مشاركات نقدية وقراءات شعرية رائعة تميزت بالأداء والصوت وجودة اللغة (ما شاء الله). فعلاً عالم أدبي بحت، وطرح نصوص أدبية ماتعة، ثم التحليل النقدي لها وفق المناهج النقدية، كان الحضور مزيجاً من أنحاء المملكة من أساتذة وأستاذات وطلاب وطالبات أدب وعشاق لهذا المجال ومهتمين به؛ وكان من بين المشاركين من وحدة اللغة العربية لغير الناطقين بها في الجامعة طالبة ماجستير من بنغلادش شاركت وتحدثت بلغة عربية رائعة، ومن محاسن الصدف أن اسمها (مستورة)!! حقيقة دورة رائعة ذكرتني (بسوق عكاظ) الذي نتمنى أن يعود وتعود معه هذه النماذج الرائعة في الشعر والأدب، واستحق الأمر أن نهنئ أنفسنا ووطننا بأن الميدان لازال حافلاً بالنماذج المبدعة؛ أمثال الدكتورة مستورة وطلابها وطالباتها والمنتسبين لمثل هذه الدورات؛ فشكراً لوزارة الثقافة، ممثلةً في هيئة الأدب والنشر ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدنا بها عشقاً وفخراً).

مقالات مشابهة

  • الأردن يعزز صادراته للعراق.. نمو بـ 12٪ خلال 7 أشهر
  • ارتفاع مؤشر بورصة عمان 71 نقطة
  • رئيس جامعة الأزهر يؤم طلاب المدينة الجامعية ويلقي درسا من كتاب رياض الصالحين
  • وزير التموين خلال اجتماع الغرف التجارية الوزارة لن تسمح بأي ممارسات تضر بالمستهلك
  • طبقات الأنبياء و الأولياء الصالحين في الأرض المقدسة
  • عدتُ والعود أحمدُ!!
  • تداول أكثر من 37 مليار سهم بسوق العراق للأوراق المالية في سبتمبر الماضي
  • التحول السحابي يقود توجه "آي تي إس" الجديد في السوق الإقليمية والعالمية
  • خبير مالي يتوقع استكمال صعود البورصة خلال التعاملات
  • الزراعة: استعدادات لانطلاق شحنات الرمان المصري إلى السوق الجنوب أفريقية