نتنياهو في المجر.. معزولا عن العالم
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
بدا بنيامين نتنياهو مزهوّا وهو يحظى باستقبال دافئ من حليفه الأوروبي الأوثق فيكتور أوربان، لكنّ الزيارة عبّرت بوضوح عن أزمات مركّبة يعيشها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الذي يواجه ملاحقات قضائية وتعقيدات سياسية واضطرابات في الشارع.
من المُفارقات أنّ المكسب الاستعراضي الذي يحاول نتنياهو إحرازه عبر هذه الزيارة هو بحدّ ذاته مؤشّر ظاهر للعالم أجمع على تفاقم عزلته الدولية، فمجرم الحرب الأشهر اليوم لم يجد أيّ عاصمة أوروبية تستقبله منذ أن صار مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية بسبب ضلوعه في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
أبرزت زيارة نتنياهو مدى العزلة التي يعيشها المسؤول الإسرائيلي الأبرز على المسرح الدولي، فقد انتهى زمن جولاته الخارجية المتلاحقة عبر البلدان، وصار عليه هذه المرّة أن يبقى مع زوجه سارة قابعا في المجر المنغلقة تقريبا على ذاتها أربعة أيّام كاملة، تاركا وراءه أزمات مستعصية في الحرب والسياسة والقضاء.
لم تربح دبلوماسية الاحتلال الإسرائيلي من زيارة بنيامين نتنياهو إلى العاصمة المجرية، فهي تصبّ أساسا في الرصيد الاستعراضي لنتنياهو في الداخل المنقسم على ذاته. ومن المثير للانتباه أنّ نتنياهو وأوربان يشتركان في سمات مميّزة، فكلاهما يحكم بطريقة سلطوية تثير انتقادات مسموعة واعتراضات مُدوِّية، ولكلّ منهما أيضا علاقات وثيقة جدا مع زعيم آخر يقود نهجا سلطويا جارفا هو سيد البيت الأبيض
ولأنّ التودّد إلى مجرمي الحرب له ثمنه المدفوع من رصيد الدول؛ فإنّ هذه الزيارة الاستفزازية فرضت على المجر أن تتنصّل من التزاماتها نحو المحكمة الجنائية الدولية، وأن تتحدّى العالم ومواثيقه باستضافة نتنياهو وكأنّها حملة ترويج للغطرسة، قد يناسبها شعار من قبيل: شركاء في دعم الإبادة الجماعية! صارت جمهورية المجر وجهة اعتراضات لاذعة من المجتمع المدني العالمي ومن أبرز منظمات حقوق الإنسان مثل "آمنستي إنترناشيونال" و"هيومن رايتس ووتش"، بينما توجّه متظاهرون إلى عدد من السفارات المجرية للإعراب عن غضبهم من استضافة نتنياهو وعدم تنفيذ أمر الاعتقال الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بحقّ مجرم الحرب.
لا عجب أن يأتي هذا من القيادة المجرية المثيرة للجدل، المعروفة بانحيازها الجارف إلى الاحتلال الإسرائيلي في كافة المحافل، كما يتّضح من السلوك التصويتي المجري في الهيئات الأوروبية والدولية. يتصرّف مندوبو المجر في الاجتماعات الأوروبية كما لو كانوا ممثلي لوبي إسرائيل في أوروبا، حتى أنهم عطّلوا العديد من القرارات والبيانات التي لا تروق لحكومة الاحتلال ومنظمات الاستيطان وتسبّبوا في كبح فرص نضوج مواقف أوروبية مشتركة، وهكذا استغرق الأمر قرابة نصف سنة من التعطيل والتلكُّؤ حتى تمكّن الاتحاد الأوروبي من إصدار موقف يدعم وقف إطلاق النار في قطاع غزة (مارس 2024).
لم تربح دبلوماسية الاحتلال الإسرائيلي من زيارة بنيامين نتنياهو إلى العاصمة المجرية، فهي تصبّ أساسا في الرصيد الاستعراضي لنتنياهو في الداخل المنقسم على ذاته. ومن المثير للانتباه أنّ نتنياهو وأوربان يشتركان في سمات مميّزة، فكلاهما يحكم بطريقة سلطوية تثير انتقادات مسموعة واعتراضات مُدوِّية، ولكلّ منهما أيضا علاقات وثيقة جدا مع زعيم آخر يقود نهجا سلطويا جارفا هو سيد البيت الأبيض، الذي يحبس أنفاس العالم كلما ظهر أمام الكاميرات، وثلاثتهم يتباهون بإسقاط القانون الدولي في الواقع وتدشين عصر جديد لا مكان فيه للقيم الإنسانية المشتركة.
* ترجمة خاصة إلى العربية عن "ميدل إيست مونيتور"
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه نتنياهو الإسرائيلي الجنائية الدولية المجر إسرائيل نتنياهو المجر الجنائية الدولية ابادة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
عاجل- نتنياهو يتعهد بالسيطرة الكاملة على غزة وسط تصاعد الضغوط الدولية
في تطور جديد للأزمة المستمرة في قطاع غزة، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه على "السيطرة الكاملة على غزة"، متجاهلًا بذلك التحذيرات المتزايدة من المجتمع الدولي ومن بعض حلفائه السياسيين في الداخل، الذين وصفوا تصعيده العسكري بأنه "فظيع" وتوعدوا بردود فعل ملموسة في حال استمرت الحملة وقيود المساعدات الإنسانية.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن هجوم ثلاثي مشترك من بريطانيا وفرنسا وكندا على سياسة إسرائيل، حيث وصفت هذه الدول توسيع الحرب بأنه "غير متناسب"، محذرة من أن الوضع في غزة أصبح "لا يُطاق".
الخارجية الفلسطينية تطالب باستجابة دولية عاجلة للحراك الأوروبي الضاغط لوقف "جرائم الإبادة والتهجير والضم" في غزة الأمم المتحدة: الاحتلال الإسرائيلي يقتل امرأة أو فتاة كل ساعة في غزة منذ أكتوبر 2023 أزمة إنسانية تفاقم الانقسامات السياسيةفي ظل حصار استمر أكثر من 11 أسبوعًا، تعيش غزة وضعًا إنسانيًا كارثيًا، مع تحذيرات من مجاعة وشيكة تهدد سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وعلى الرغم من هذه التحذيرات، لم تسمح إسرائيل سوى بدخول تسع شاحنات مساعدات فقط خلال 24 ساعة، وهو ما يعادل أقل من 2% من الشحنات اليومية التي كانت تدخل قبل الحرب، وفقًا للأمم المتحدة.
وفي بيان مشترك، قالت الحكومات الثلاث (بريطانيا وفرنسا وكندا):
"لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأعمال الفظيعة. إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري المتجدد وترفع قيودها على المساعدات، فسنتخذ إجراءات ملموسة ردًا على ذلك."
نتنياهو يرد: "لن نتوقف حتى النصر الكامل"
وردًا على الانتقادات الدولية، اتهم نتنياهو قادة لندن وأوتاوا وباريس بأنهم "يمنحون جائزة ضخمة لهجوم الإبادة الجماعية الذي استهدف إسرائيل في 7 أكتوبر"، مؤكدًا أن إسرائيل ستواصل القتال حتى تحقيق ما وصفه بـ "النصر الكامل".
لكن القرار المفاجئ الذي اتخذه نتنياهو مساء الأحد بتخفيف الحصار والسماح بدخول كمية رمزية من المساعدات، جاء بعد ضغوط دولية متزايدة، لا سيما من كبار المسؤولين الغربيين الذين أعربوا عن خشيتهم من وقوع مجاعة شاملة في غزة، تهدد الدعم السياسي لإسرائيل على الساحة العالمية.
اليمين المتطرف يهاجم نتنياهو: "رضوخ للضغوط"على صعيد آخر، واجه نتنياهو انتقادات عنيفة من جانب حلفائه في اليمين المتطرف داخل حكومته، بسبب سماحه بدخول المساعدات، حيث وصف وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش العملية العسكرية بأنها تهدف إلى "محو ما تبقى من غزة"، في تصريحات أثارت جدلًا دوليًا واسعًا.
ولمح نتنياهو، في مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن قراره جاء تحت ضغط من حلفائه "الأقرباء" في الحكومة، مشيرًا إلى أنه اضطر للموافقة على إدخال المساعدات بعد أن حذره أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ الأمريكي من أنهم "لن يتمكنوا من مواصلة دعم إسرائيل إذا استمرت صور المجاعة بالانتشار".
ترامب يدخل على الخط: "الكثير من الناس يتضورون جوعًا"
وفي إشارة إلى تحول ملحوظ في لهجة أبرز داعمي إسرائيل، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في ختام جولة له بالمنطقة (لم تشمل إسرائيل)، إن "الكثير من الناس يتضورون جوعًا" في غزة، متعهدًا بأنه "سيتولى الأمر"، دون الكشف تفاصيل إضافية.
الضغوط الدولية تتزايد... والكارثة مستمرةتأتي هذه التطورات في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي عن مدينة كاملة كمنطقة قتال، حيث أسفرت الغارات الجوية عن استشهاد أكثر من 60 فلسطينيًا في يوم واحد، وفق ما نقلته الجارديان.
وتستمر الحكومات الغربية في توجيه انتقادات متزايدة لإسرائيل، معتبرة أن إجراءاتها الإنسانية لا تزال "غير كافية على الإطلاق"، محذرة من أن القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية تخاطر بانتهاك القانون الدولي.
وبينما تتزايد الضغوط على نتنياهو داخليًا وخارجيًا، تبقى الأوضاع الإنسانية في غزة في تدهور مستمر، وسط انعدام الأفق لحل سياسي يضع حدًا للمأساة التي يعيشها المدنيون في القطاع.