لجريدة عمان:
2025-06-20@05:06:57 GMT

لحظات مع صنع الله إبراهيم

تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT

«صنع الله بكرة حوالي 12 الظهر»، أرسلت لي هذه العبارة الدكتورة شيرين أبو النجا، تذكرني بموعد مع الكاتب والروائي صنع الله إبراهيم. حين تأكد اللقاء جالت برأسي عدة أفكار وأسئلة، وأنا أحاول إيجاد مدخل لحديث سلس مع صاحب (وردة) التي شغلتني منذ قرأتها في ليلة واحدة في أغسطس 2001. كنتُ قبل موعد الزيارة قد قرأت مقالا بعنوان «قبلة على رأس صنع الله واثنتان على الجبين» للكاتب والروائي عزت القمحاوي، المنشور في موقع المنصة الإلكتروني منتصف مارس المنصرم، لا أدّعي قربًا شخصيًّا من صنع الله إبراهيم؛ فهو معتزل وأنا شبه معتزل.

أردت مرات عديدة بمناسبة صدور كتاب أن أعبر له عن إعجابي، وأحيانًا تستبد بي رغبة أن أعبر له عن امتناني؛ لأنه -بعد نجيب محفوظ- جعلني أدرك أن الإخلاص للنص أهمّ ألف مرة من الانشغال باجتماعيات الأدب. يشير القمحاوي في المقال إلى رأي أحد المحكمين العرب لجائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي عام 2003، التي رفضها صنع الله: «قال لي يومها ناقد كبير من الضيوف العرب، شارك في تحكيم الجائزة وتحمّس لمنحها لصنع الله: «لقد بصق في وجوهنا جميعًا». برر صاحب رواية اللجنة الرفض بعدة أسباب منها إبقاء الحكومة على السفير الإسرائيلي في القاهرة رغم الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

أخذتُ درسًا في الصحافة الثقافية من الناقد التونسي المرحوم توفيق بكّار (1927-2017) عندما قابلته في معرض الكتاب بتونس ربيع 2006، بأن أُحضّر جيدا عند مقابلة أي شخصية ثقافية وأدبية، والتحضير الجيد يكون بقراءة منجزات الضيف وما كُتب عنه. ولذلك استحضرتُ ذهنيًا بعض الأحداث في روايات صنع الله، ولكن الأهم من الأسئلة كان الإصرار على الزيارة للاطمئنان عليه بعد خروجه من (مستشفى المقاولون العرب) بالقاهرة إثر نزيف معوي تعرّض له منتصف شهر مارس. وإذا كانت حاله الصحية تسمح بالحوار، وددتُ أن أسأله عن روايته «وردة» التي كتبها في سلطنة عمان نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وأشار إلى ذلك الكاتب والشاعر المرحوم محمد الحارثي (1962-2018) في حواره المنشور مع سعيد الهاشمي في كتاب (حياتي قصيدة وددت لو أكتبها. دار سؤال:2016) «شاءت الصُّدف أن أزور عُمان في الفترة التي كان فيها الروائي صنع الله إبراهيم يُعدّ ملفّ روايته وردة بين مسقط وصلالة». ويستطرد الحارثي قصته مع صنع الله الذي وافق على ترجمة مجموعة قصص لكتاب أنجلوسكسونيين ونشرها في دار نشر نجمة التي أسسها الحارثي والشاعر عبدالله الريامي، أعطيته مقدما 600 دولار وهو مقدم بسيط لكنه وافق بأريحية دعما لمشروعنا، لكن الدار لم تنشر الترجمات نظرا لتعثر دار النشر الوليدة مما جعل صنع الله يعيد المبلغ للحارثي، فاجأني بمغلف به مبلغ الـ600 دولار التي أعطيتها له كمقدم لترجمته قصصًا لم تظهر مطلقًا في منشورات نجمة، بالطبع رفضتُ المبلغ مُتعلِّلا ببديهة عدم التزام منشورات نجمة بنشر كتابه، لكنه كان من الصرامة والعناد الماركسي المبدئي بحيث قضينا سهرتنا في النقاش حول ذلك المبلغ الذي رفضتُ استعادته مثلما رفض هو القبول به».

أحضرت معي عدة ورود بألوان مختلفة لصاحب «وردة». ركبتُ مع سائق سيارة الأجرة وطلبت منه التوجه إلى العنوان «جبل المقطم»، أثناء ركوبي في المصعد، انطلق جهاز النداء الداخلي بدعاء السفر، فقلت هذا موضوع آخر يمكن الانطلاق منه، وتذكرت آخر لقاء تلفزيوني مع الشاعر السوري محمد الماغوط (1930 - 2006) في برنامج أدب السجون، أنه يستمتع بالإنصات إلى تلاوة سورة النجم.

أوصلني المصعد إلى الدور الخامس، واتجهت إلى الشقة التي فتحت لي بابها المعينة المنزلية في شقة صنع الله، شقة مرتبة مُعتنى بها وتبعث السرور في النفس. جلست في الصالة أنتظر فإذا به على الكرسي المتحرك، بثياب البيت وبهيئته المعتادة نظارتين بنفس الطراز المعتاد على الظهور به، بدا منهكًا وعليه آثار التعب، بعد الترحيب بي صمت، فاستلمت دفة الحديث وحينما ذكرت له صلالة، استيقظت ذاكرته الحديدية وسألني عن الأحجار الدائرية أمام فندق هوليداي إن- كراون بلازا حاليًا- أخبرته بأن الأحجار قد أُزيلت نظرًا لتحديث المكان. كانت الأحجار التي سأل عنها قد ذكرها رشدي بطل رواية «وردة» صحبتنا صفوف من أشجار جوز الهند حتى بلغنا فندق هوليداي إن على شاطئ المحيط الهندي. علّق زكريا على الكرات الحديدية الضخمة البيضاوية الشكل التي زينت مدخل الفندق قائلا: إنها أحجار من الجبل تشكلها الريح».

سألني عن بعض الأشخاص ولاحظت تأثره بسماع خبر رحيل البعض منهم. لم أرغب في إطالة الحديث معه نظرا لظروفه الصحية، وودعته. لحظات قليلة أمضيتها مع صنع الله إبراهيم كانت عبارة عن اختزال لأحداث واقعية ومتخيلة وظفها الروائي الملتزم بموقفه وانحيازه الدائم إلى الإنسان وحقوقه وكرامته.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صنع الله إبراهیم

إقرأ أيضاً:

ما علاقة القاعدة التي استهدفتها إيران اليوم بأخطر “قضية تجسس” داخل “إسرائيل”؟

#سواليف

اندلعت #نيران #ضخمة في #شعبة_الاستخبارات_العسكرية ” #جليلوت ” التابعة للاحتلال بعد #القصف_الإيراني على شمال ” #تل_أبيب ” صباح اليوم.

وأظهرت الصور استهداف #الصواريخ_الإيرانية لمقر لجهاز الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال المسؤول مع #الموساد عن #الاغتيالات وتوفير بنك الأهداف.

وتعيد قاعدة “جليلوت” المشهد إلى أشهر مضت، حيث صورتها #مسيرات_الهدهد التابعة لحزب الله وأعلن عن استهدافها عدة مرات خلال #الحرب على #لبنان وعقب اغتيال قائد قوة الرضوان الشهيد فؤاد شكر.

مقالات ذات صلة وزارة الدفاع الإيرانية: استخدمنا صاروخا لم تتمكن إسرائيل من رصده أو اعتراضه 2025/06/17

ما هي هذه القاعدة؟

تعتبر قاعدة “جليلوت” هدفا عالي القيمة إذ أنها #قاعدة_استخباراتية ترتكز على العمل في مجال جمع المعلومات وتحليل البيانات، وفيها مركز كبير للعمليات السيبرانية، وتعتبر مقر جهاز ” #الموساد ” الإسرائيلي وهي أيضا قاعدة الوحدة 8200 الاستخباراتية والتي تعتبر أقوى أذرع “الموساد”.

وتأتي أهمية هذا المنطقة أنها تقع على بعد 110 كيلومتر من الحدود اللبنانية داخل عمق الاحتلال، وتبعد عن تل أبيب 1500 متر فقط، وتكمن الأهمية الاستراتيجية لها بوجود قاعدة الموساد والوحدة 8200 التي تعمل في مجال الأمن السيبراني.

شبكة تجسس إيرانية جمعت معلوماتٍ عنها

في أكتوبر 2024، كشف موقع “والا” العبري تفاصيل عن سبعة مستوطنين قدمت النيابة العامة الإسرائيلية، لوائح اتهام ضدهم بتهم التجسس لصالح إيران، أشار فيها إلى أن المستوطنين السبعة قدموا معلومات عن 60 موقعا عسكريا وعن محطة الكهرباء ومنشآت الطاقة ومواقع القبة الحديدية، والتواصل كان مع شخصين في روسيا وإيران وتبين أنهما عنصران في المخابرات الإيرانية.

وأضاف الموقع، في تقرير ترجمته “شبكة قدس” حينها، إن المستوطنين السبعة، قدموا معلومات عن قاعدة تدريب “جولاني” التي استهدفها حزب الله وأسفرت عن عشرات القتلى والإصابات، ومعلومات عن قاعدة “جليلوت” التي يتواجد فيها مقر الوحدة 8200، شمال “تل أبيب” وتم استهدافها عدة مرات خلال الحرب على لبنان.

وبحسب الموقع، فإن “عملاء إيران” قدموا معلومات وصوراً عن أماكن سقوط الصواريخ، بينما جرى اعتقال ثلاثة منهم لحظة إرسالهم لمعلومات وصور عن قواعد عسكرية إسرائيلية.، ومن بين المستوطنين السبعة، أب وابنه، بينما كان أحد المعتقلين جندياً سابقاً في جيش الاحتلال.

وقالت النياية العامة للاحتلال إن المستوطنين نفذوا مهام مختلفة منها جمع معلومات عن مواقع وقواعد عسكرية لجيش الاحتلال منها قاعدة سلاح الجو في “نفاتيم” و”رمات دافيد” وكذلك مقر هيئة الأركان “الكرياه” ومواقع منظومة القبة الحديدية وغيرها.

ووصفت النيابة العامة للاحتلال هذه القضية بأنها من أخطر قضايا التجسس التي كشفت خلال الأعوام الماضية.

ثأر #حزب_الله

خلال الحرب على لبنان، استهدف حزب الله قاعدة “جليلوت”، أكثر من مرة، إحداها في عملية “يوم الأربعين” ضد #الاحتلال الإسرائيلي، انتقاما لاغتيال القائد فؤاد شكر.

واستهداف هذه القاعدة بشكل أساسي من حزب الله يأتي بسبب ارتباطها باغتيال القائد الكبير فؤاد شكر، كما أن الحزب اللبناني باختياره هذه القاعدة، سعى إلى إيضاح أنه يستطيع الوصول إلى أهم الأماكن والأهداف الإسرائيلية وقتما يشاء.

ونشر حزب الله سلسلة مقاطع مصورة لقواعد عسكرية في الأراضي المحتلة ضمن ما أسماه “ما رجع به الهدهد”، بعد اختراقه أجواء فلسطين المحتلة وتصويره مواقع حساسة للاحتلال بينها قاعدة “جليلوت”، رغم كثافة الدفاعات الجوية التي نصبها في هذه المناطق، وهو ما أثار غضباً واسعاً في أوساط صحفية وقادة سابقين في الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، بسبب قدرة الحزب على اختراق وتصوير مناطق ذات أهمية استراتيجية.

مقالات مشابهة

  • كتائب حزب الله العراقية تتوعد ترامب إذا ضرب إيران: ستخسر كل التريليونات التي تحلم بها
  • "الحارثي": الإعلام السعودي قادر على القيادة والابتكار
  • بعد وردة الجزائرية.. مايا دياب تعيد غناء حرمت أحبك
  • الشعراوي يكشف اسم القرية التي نزل عليها مطر السوء.. ماهي؟
  • 10 ملايين درهم «مناصفة» من رجلي الأعمال ناصر السويدي وناجي الحارثي دعماً لـ«وقف الحياة»
  • من البرج إلى الميدان- عبد الله علي إبراهيم يُنَظِّر، وعلي كرتي يطلق النار!
  • برج الحوت.. حظك اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025: خصص لحظات استرخاء
  • جاستن بيبر يحتفل بأول “عيد أب” برفقة زوجته هايلي وابنهما
  • ما علاقة القاعدة التي استهدفتها إيران اليوم بأخطر “قضية تجسس” داخل “إسرائيل”؟
  • في ذكرى وفاة محمد متولي الشعراوي.. أبرز الفتاوى التي أثارت الجدل