الكيان الصهيوني مختبر الفاشية الغربية
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
رغم أنّ الفاشية أحد مكوّنات المشروع الغربي الرئيسية الأربعة: الإمبريالية، والرأسمالية، والعنصرية، والفاشية، إلا أنها المكوّن الأكثر التباساً وتنكّراً في التجربة الغربية. ويتّفق مفكّرون غربيون على أنها لا تأتي إلا متدثّرة بالعلم القومي وتحمل صليباً أو متخفّية في صورة أيديولوجية مركّبة من العنصرية والدين والاشتراكية بمُسمّى “الاشتراكية القومية”، أو “إعادة أمريكا عظيمة” واسترداد الفوقيّة العنصرية البيضاء و”تلفيق الإجماع”.
أخيراً عادت الفاشية الغربية لتقمع حرية التعبير والحرية الأكاديمية والاحتجاج السلمي على الإبادة الإسرائيلية في غزة، بدعوى “محاربة عداء السامية” و”حماية اليهود”!
عودة الفاشية مُتنكّرة
يقول الكاتب البريطاني، جوناثان كوك، مؤخّراً في مقال بعنوان “الفاشية الجديدة: إسرائيل نموذجٌ لحرب ترامب وأوروبا على الحرية”، إنه ما كان للفاشية أن تعود أبداً إلى أوروبا أو الولايات المتحدة في رداء النازية. وما كان لها أن تصل أبداً مُرتديةً أحذية عسكرية ورافعةً صليب النازية المعقوف. في الحقيقة، كان يُتوقّع تماماً أن تصل مُتنكّرة، مُرتديةً بدلات رسمية أنيقة وجذّابة، على شاشات التلفزة، مُصوِّرة خصومها، لا نفسها، كنازيّين أشرار.
هنا تكمن فائدة “إسرائيل” مرة أخرى، فهي لم تُصبح نموذجاً للفاشية فحسب، مُحافظةً على أفكار الفوقيّة والتفوّق العرقي والاستعمار والإبادة الجماعية ومُجدِّدةً لها. بل طيلة عقود، سمحت أيضاً للغرب بإضفاء شرعية أخلاقية على الفاشية الإسرائيلية. وتمّ ترويج ودعم تسلسل الهرمية العرقية الإسرائيلية، التي تُضحّي بأرواح الفلسطينيين بالكامل، كضرورة “لحماية اليهود”.
بدورها، أتاحت هذه الفرضية للإبادة الجماعية أن تصبح قضية “محترمة” أخلاقياً. وهذا تحديداً ما جعل رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، قادراً على القول إنّ لإسرائيل “حقاً” في حرمان أكثر من مليوني رجل وامرأة وطفل فلسطيني من جميع أنواع الطعام والماء والوقود. إنّ الإبادة الجماعية التي كان سيرفضها ستارمر في ظروف أخرى (بل رفضها بالفعل) باتت مقبولة طالما أنّ “إسرائيل” هي من تقوم بها.
لهذا السبب، لم يحظَ تقرير الأمم المتحدة الصادر بشهر مارس 2025 عن “أعمال الإبادة الجماعية” الإسرائيلية باهتمامٍ يُذكر في وسائل الإعلام الغربية. يُظهر التقرير كيف جعلت “إسرائيل” الاعتداء الجنسي والاغتصاب – ضد فلسطينيين تعتقلهم تعسفيّاً – ممارساتٍ روتينيةً كأوراق مساومةٍ مقابل رهائن لدى حماس في غزة.
ولهذا السبب أيضاً، لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مجرم الحرب المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية وغيرها والهارب من العدالة، موضع ترحيب العواصم الغربية، وكذلك جنرالاته الذين يرتكبون الإبادة الجماعية في غزة.
حساباتٌ مُشوّهة
إنّ تساهل الغرب المستمرّ مع تنوّع الفاشية الإسرائيلية الصهيونية قد سمح لأفكاره بالتسرّب بهدوءٍ إلى مجتمعاته، حيث لا تزال الصهيونية تُعامل باحترامٍ شبه مُبجّل.
وإذا كان تسلسل الهرمية العرقية أمراً جيداً في “إسرائيل”، فلماذا لا تكون كذلك في الولايات المتحدة وأوروبا؟ لهذا السبب، يُطلق قطاعٌ كبيرٌ من قاعدة ترامب على أنفسهم بفخرٍ لقب “الصهاينة البيض”. إنهم يرون في “دولة إسرائيل” اليهودية المحَصّنة نموذجاً للولايات المتحدة كدولة بيضاء محصّنة ضدّ مخاوفهم من “الاستبدال العظيم”.
إذا كانت “حماية اليهود” في “إسرائيل” تبرّر أيّ جريمة ترتكبها “الدولة” الصهيونية ضدّ الفلسطينيين، فلماذا لا تبرّر “حماية اليهود” أيضاً سلوك دول الغرب غير القانوني تجاه شعوبها؟!
فـ “حماية اليهود” تعني وجوب تجريم أيّ خطاب ينتقد “إسرائيل”، حتى مع ارتكابها جرائم حرب وإبادة جماعية، لأنّ هذا النقد يُسيء لمنظمات يهودية محلية تُشجّع “إسرائيل”.
يجب سحق الحرية الأكاديمية أيضاً، لحماية مشاعر الطلاب والأساتذة اليهود الذين يعتقدون أنّ المذبحة الجماعية لأطفال فلسطين ثمن مقبول لإعادة تأكيد الردع الإسرائيلي العسكري.
وبمنطق تبريري ذاتي، يُعتبر اليهود الغربيون الذين لا يسجدون لـ “إسرائيل” بحماس كافٍ من “النوع الخطأ من اليهود” أو “فلسطيني”، كإهانة جديدة وجّهها ترامب لتشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية (اليهودي) في مجلس الشيوخ الأمريكي.
في هذه الحسابات المشوّهة الأنانية لحقوق الإنسان، تُوضع حساسية اليهود الصهاينة في القمة، وحقّ الفلسطينيين في عدم التعرّض للقتل في القاع.
ولهذا تحديداً، تسعى السلطات الفيدرالية الأمريكية لإرساء سابقة باختطاف وترحيل محمود خليل، المقيم الدائم بشكل قانوني، لدوره في قيادة احتجاجات طالبيّة ضدّ الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة.
ويُتهم، من دون أيّ دليل، بـ “الاصطفاف مع حماس” و”دعم الإرهاب” و”تبنّي آراء معادية للسامية” والرغبة في تدمير الغرب بواسطة التطرّف الإسلامي.
وكما جنّدت “إسرائيل” الذكاء الاصطناعي لاختيار المستهدفين بالإعدام في غزة، باستخدام أوسع فئات يُمكنها ابتكارها كمحفّزات خوارزمية، يستخدم البيت الأبيض الذكاء الاصطناعي لاختيار أوسع نطاق ممكن لمن هو [بزعمه] مُنحاز لحماس، ومن هو إرهابي ومعادٍ للسامية.
كذلك، تُلغى المنح الحكومية الفيدرالية لمؤسسات أكاديمية أمريكية بدعوى أنها لا تبذل جهوداً كافية لمعالجة “معاداة السامية”، أي لا تسحق الاحتجاجات ضدّ الإبادة الجماعية. ويتسارع انضمام الجامعات المطيعة لحملة القمع الحكومية.
تُصوّر إدارة ترامب هذه التحرّكات، ولا شكّ أنّ المزيد منها مقبل، كجزء من “الحرب على معاداة السامية” وهي امتداد لـ “الحرب على الإرهاب”.
في هذه العملية، تُهيّئ واشنطن أرضيةً لشيطنة شرائح واسعة من الطلاب الأمريكيين ومن الجالية اليهودية، خاصة الشباب اليهود الرافضين لارتكاب إبادة جماعية باسمهم. ويواجه الجميع الآن التشهير بهم بتهمة “الاصطفاف مع الإرهاب”.
وإدارة ترامب ليست الوحيدة في هذا. لقد هيّأت حكومة ستارمر ببريطانيا، كسابقتها، بعناية مناخاً سياسياً يُشوّه سمعة صحافيين وباحثين وطلاب ومنظمي احتجاجات وسياسيين وناشطين – وكثير منهم يهود – بوصفهم كارهين لليهود، وتعتبر احتجاجهم ضدّ الإبادة الجماعية عداءً للسامية.
وسّعت الحكومة البريطانية نطاق تشريعات الإرهاب القاسية، بصياغة غامضة وفضفاضة، للتحقيق والادعاء الجنائي على من تتهمهم بالتعبير عن آراء أو سرد حقائق تنتقد “إسرائيل” بشدة، وتوجيه الاتهامات إليهم – وترى الحكومة أن انتقاد “إسرائيل” قد “يشجّع على دعم” حماس.
حالياً، يتمّ نبذ حرية التعبير وحجب الحقّ في الاحتجاج والحرية الأكاديمية – كمبادئ أساسية للديمقراطية الليبرالية – على عجل، ويُفترض أنها تُشكّل تهديداً للديمقراطية!
تفاوت قيمة البشر
هناك نمطٌ لافت ومتكرّر من ممارسات الفاشية تتضح معالمه أكثر فأكثر.
لقد أعادت إدارة ترامب قانون الأعداء الأجانب، وهو تشريع غامض من القرن الثامن عشر صُمّم لمنح السلطة التنفيذية صلاحيات استثنائية لإخفاء (اعتقال) الأجانب أثناء الحرب من دون إجراءات قانونية واجبة. لم يُستخدَم هذا القانون إلا في ثلاث فترات تاريخية – آخرها لاعتقال عشرات الآلاف من ذوي الأصول اليابانية من دون محاكمة خلال الحرب العالمية الثانية.
جرّب ترامب هذا القانون للمرة الأولى على مجموعة يفترض أنّ أحداً لن يدافع عنها: أشخاص يصفهم مسؤولوه بالمجرمين الفنزويليين. لكنّ المؤكد أنّ الإدارة حريصة على توسيع نطاق تطبيقه.
كما استعانت إدارة ترامب الأولى بقانون غامض آخر، هو قانون التجسّس لعام 1917، لاستخدامه ضدّ جوليان أسانغ، وهو غير مواطن، معتبرةً عمله الصحافي الذي يكشف جرائم الحرب الأمريكية والبريطانية في العراق وأفغانستان “تجسّساً”. أُقرّ القانون على عجل خلال الحرب العالمية الأولى.
كان هدف واشنطن من استهداف أسانغ هو إرساء سابقة قانونية تُمكّنها من القبض على أيّ شخص، في أيّ مكان بالعالم، واحتجازه لأجل غير مسمّى كجاسوس.
والمؤكّد أنّ مسؤولين في إدارة ترامب يُنقّبون في كتب القوانين القديمة بحثاً عن قوانين أُهملت زمناً طويلاً، ويمكن إعادة توظيفها لقمع المعارضة وسجن من يقف في طريق إدارة ترامب.
لكن أسوأ السوابق قائمة بالفعل، وتُقدّمها “إسرائيل”.
إذا كانت “إسرائيل” تستطيع إبادة الشعب الفلسطيني الذي تضطهده منذ عقود لمنع ما تدّعي، بشكلٍ غير معقول، أنه تهديد وجودي مستقبلي من جماعة مسلحة صغيرة، في حين تتلقّى دعماً غربياً قوياً، فلماذا لا تستطيع الولايات المتحدة وأوروبا أن تحذو حذوها؟
بإمكانهما اللجوء إلى مزاعم مماثلة حول تهديد وجودي لتطبيع معسكرات الاعتقال، أو الترحيل، أو حتى برامج الإبادة الجماعية.
كان اليهود الألمان يعتبرون أنفسهم مواطنين ألماناً حتى قرّرت حكومة أدولف هتلر أنهم عنصر دخيل تُطبّق عليه قواعد مختلفة. لم يحدث ذلك بين عشية وضحاها. بل كان انزلاقاً تدريجياً تراكمياً في القواعد القانونية، أدى إلى تأكّل قدرة الجماعات المستهدفة على مقاومة اعتبارها كبش فداء، وتأكّل قدرة أنصارها على الاحتجاج، بينما انصاعت الأغلبية انصياعاً أعمى.
يؤكد جوناثان كوك أنه في الواقع، لم تختفِ الفاشية قط. لقد أوكل الغرب أمرها إلى دولة تابعة مهمتها، نيابةً عن الغرب، الترويج للأفكار القبيحة نفسها حول هرميّة وتفاوت قيمة البشر وحقوقهم في الشرق الأوسط. نحن نتعاطف مع “إسرائيل” إذ يُقال لنا إنها تُمثّلنا، وتُمثّل قيمنا وحضارتنا.
والحقيقة أنها كذلك، ولهذا السبب تقع مسؤولية 18 شهراً من الإبادة الجماعية في غزة علينا. هذه إبادتنا الجماعية. وقبل أن تكتمل، ستعود لتوجعنا!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بن آند جيري تتهم الاحتلال بارتكاب الإبادة الجماعية.. تعرف على تاريخ الشركة وأبرز مواقفها
وصف مجلس إدارة شركة "بن آند جيري" المستقل الصراع في غزة بأنه إبادة جماعية، مما أدى إلى تصعيد الخلاف المرير بين شركة صناعة الآيس كريم الشهيرة وشركتها الأم يونيليفر، بعد معركة قضائية سابقة استمرت لسنوات بينهما.
وقال المجلس في بيان: "تؤمن بن آند جيري بحقوق الإنسان وتدعو للسلام، وننضم إلى كل من يندد بالإبادة الجماعية في غزة حول العالم، ونقف إلى جانب كل من يرفع صوته ضد الإبادة الجماعية، من موقعي العرائض إلى المتظاهرين في الشوارع إلى أولئك الذين يخاطرون بالاعتقال".
وأضاف "عندما تكون الإنسانية على المحك، لا يكون الصمت خيارًا، والآن هو الوقت المناسب لقول الحقيقة للسلطة".
ووصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" هذا التصريح، بأنه "خطوة نادرة من علامة تجارية استهلاكية كبيرة، تضع شركتها الأم في موقف صعب"، وذلك رغم مواقف الشركة العديدة والعلمية من الاحتلال الإسرائيلي ورفض عملها بالمستوطنات.
وأوضحت الصحيفة أن هذا البيان أثار غضب شركة يونيليفر، المالكة لبن آند جيري، وقد خاضت علامة الآيس كريم وشركتها الأم صراعًا مريرًا لسنوات بشأن النشاط الاجتماعي لمجلس إدارة بن آند جيري المستقل، وخاصة مواقفه العلنية تجاه "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية.
وأعلنت بن آند جيري أن اتفاقية الاندماج المبرمة عام 2000 مع يونيليفر أعطت مجلس إدارتها المستقل المسؤولية الأساسية لمتابعة رسالتها الاجتماعية، ويكمن جوهر الخلاف بين الشركتين في مدى حرية التصرف التي يتمتع بها هذا المجلس.
بداية الخلاف
في تموز/ يوليو 2021، أعلنت "بن آند جيري - Ben & Jerry's" أنها ستتوقف عن بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة (الأراضي المحتلة عام 1967)، لاعتبارات أخلاقية، فيما علّق رئيس وزراء الاحتلال حينها، نفتالي بينيت، بقوله إن "المقاطعة لن تنجح وسنقاتلها بكل قوة".
Ben & Jerry’s will end sales of our ice cream in the Occupied Palestinian Territory. Read our full statement: https://t.co/2mGWYGN4GA pic.twitter.com/kFeu7aXOf3 — Ben & Jerry's (@benandjerrys) July 19, 2021
وتضمّن بيان الشركة حينها عبارات: "نسمع أيضًا ونعترف بالمخاوف التي يشاركنا بها معجبونا وشركاؤنا الموثوق بهم، بشأن العمل في المستوطنات، ولدينا شراكة طويلة الأمد مع الوكيل الذي يصنع آيس كريم بن آند جيري في إسرائيل ويوزعه في المنطقة، لكننا أبلغناه بأننا لن نجدد اتفاقية الترخيص عندما تنتهي صلاحيتها".
ولدى الشركة، ومقرها الولايات المتحدة، تاريخ من النشاط السياسي، وعند شرائها من قبل شركة "يونيليفر" العملاقة في مجال السلع الاستهلاكية، ومقرها بريطانيا، سُمح لـ"بن آند جيري" بالإبقاء على مجلس إدارة مستقل للإشراف على مهمّتها الاجتماعية.
وفي بيان لها في عام 2015، أكدت الشركة أن مرفق التصنيع ومحلين للبيع يتواجدان خارج الأراضي المحتلة عام 1967، وذلك جنوب تل أبيب مباشرة، إلا أن المنتجات كانت تُباع في المحلات داخل المستوطنات بالضفة الغربية، والتي وصفها مجلس الأمن الدولي بأنها انتهاك صارخ بموجب القانون الدولي.
واعتبر الوكيل الحصري للشركة في "إسرائيل" أن "هذا إجراء غير مسبوق من قبل شركة يونيليفر - مالكة بن آند جيري العالمية"، مضيفًا: "ندعو الحكومة الإسرائيلية والجمهور المستهلك إلى عدم السماح بمقاطعة إسرائيل".
وخلّف قرار الشركة ردود فعل سياسية أيضًا داخل "إسرائيل" وعلّق رئيس الوزراء حينها، نفتالي بينيت، على القرار قائلًا: "الآيس كريم كثير لكن لدينا دولة واحدة، هذا قرار خاطئ أخلاقيًا وأعتقد أنه سيتضح أيضًا أنه خاطئ تجاريًا.. المقاطعة لن تنجح وسنقاتلها بكل قوة".
بعد القرار الأول بفترة قصيرة، أعلنت العديد من الولايات الأمريكية أنها ستسحب مئات الملايين من الدولارات المدرجة كاستثمارات لدى شركة "بن آند جيري" وشركتها الأم يونيليفر.
في أيلول/ سبتمبر 2021، ذكر مسؤول بوزارة الخزانة في ولاية نيوجيرسي، أنه من المنتظر سحب 182 مليون دولار من أسهم وأصول في شركة يونيليفر مملوكة لصناديق معاشات التقاعد التابعة للولاية بسبب قيود على المبيعات في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها "إسرائيل".
When Ben & Jerry’s and Unilever decided to participate in the antisemitic BDS movement, New Jersey had to respond, and we have.
Now, Unilever will have $182 million in stocks and bonds pulled and be placed on New Jersey’s Prohibited Investment List.https://t.co/MyNOSEnCeL — Rep Josh Gottheimer (@RepJoshG) December 10, 2021
وأعلنت ولاية أريزونا في ذلك الوقت أنها سوف تسحب أيضًا تمويلها لشركة “بن آند جيري”، وأن سبع ولايات أخرى أطلقت مراجعات يمكن أن تؤدي إلى نتائج مماثلة.
وحينها، قال وزير المالية بالولاية، كيمبرلي يي: إن الإجراء سينطبق أيضًا على الشركة الأم يونيليفر، فيما سيكون سحب استثمار قيمته 143 مليون دولار من شركة السلع الاستهلاكية متعددة الجنسيات.
Thank you Arizona Free News @AZFreeNews for covering Arizona's national leadership in divesting from woke companies. "Arizona Treasurer Inspired National Movement to Divest Companies Boycotting Israel." Read article here: https://t.co/yt9IdgJ03H — Kimberly Yee (@KimberlyYeeAZ) September 2, 2022
وصوّت مجلس سياسة الاستثمار في ولاية إلينوي، على عدم حيازة أسهم يونيليفر، ليتم إضافتها إلى قائمة "الكيانات المحظورة" في الولاية، بسبب قرار الشركة وقف بيع مثلجات بن آند جيري لـ "إسرائيل".
تصاعد الخلاف
في بداية الأزمة حاولت الشركة الأم التوجه إلى الاحتواء في بيان عام جاء فيه الإشارة إلى أن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو وضع معقد وحساس للغاية، وكشركة عالمية، تتوفر علامات يونيليفر التجارية في أكثر من 190 دولة وفي كل منها أولويتنا هي خدمة المستهلكين بالمنتجات الأساسية التي تساهم في صحتهم ورفاهيتهم ومتعتهم".
وأضافت أنها "تفتخر بعملها في الأراضي المحتلة وأن فرعها الإسرائيلي يوظف حوالي ألفي شخص، وأن لديها أربعة مصانع هناك، وتعمل مع شبكة تضم حوالي ألفين من الموردين المحليين ومقدمي الخدمات، كما أنها استثمرت حوالي 250 مليون يورو على مدى العقد الماضي في أعمالها في "إسرائيل".
وأشارت الشركة إلى طبيعة علاقتها مع بن آند جيري قائلة: "استحوذنا على الشركة في عام 2000. وكجزء من الاتفاقية، أدركنا دائمًا حق العلامة التجارية ومجلس إدارتها المستقل في اتخاذ قرارات بشأن مهمتها الاجتماعية، ونرحب بحقيقة بقاء بن وجيري في إسرائيل" (باعتبار أن القرار هو الانسحاب من المستوطنات فقط).
وبعد مرور عام تقريبًا على القضية، وفي حزيران/ يونيو 2022، قالت شركة يونيليفر إنها توصلت إلى اتفاق يسمح لأعمال بن آند جيري ببيع الآيس كريم بالاستمرار في البيع في "إسرائيل" والمستوطنات.
وكان ذلك من خلال بيع الفرع الإسرائيلي لعلامة الآيس كريم مقابل مبلغ لم يُكشف عنه إلى "آفي زنجر"، وهو المرخص الإسرائيلي (الوكيل) للعلامة التجارية في "إسرائيل".
Avi Zinger, 70, a small-town factory owner, bought the local license to the famed Ben & Jerry's ice cream brand from Unilever and plans on selling it in the occupied West Bank, against the will of original co-founders Ben Cohen and Jerry Greenfield.https://t.co/R8jVAPvfwh — The Forward (@jdforward) July 8, 2022
وتعد عملية البيع لشركة "آفي زنجر" بمثابة التجاوز الفعلي لقرار مجلس إدارة بن آند جيري المستقل، لتواصل الشركة الأم والفرع الإسرائيلي بيع المنتجات بأسماء عبرية وعربية فقط في الأراضي المحتلة عام 1948 و1967.
ولقي هذا القرار حينها حالة واسعة من الترحيب في "إسرائيل"، إذ أشاد وزير خارجية الاحتلال حينها يائير لبيد، بجهود شركة "يونيليفر" لحل النزاع، قائلًا: "معاداة السامية لن تهزمنا، ولا حتى عندما يتعلق الأمر بالآيس كريم، سنحارب نزع الشرعية وحملة المقاطعة في كل ساحة، سواء في الساحة العامة، في المجال الاقتصادي أو في المجال الأخلاقي".
رغم كل ذلك، أكدت شركة بن آند جيري في أكثر من مناسبة على ثبات موقفها، إذ اتجهت للقضاء بعد فشل جولة مباحثات أولى مع شركتها الأم يونيليفر بشأن النزاع حول بيع الأعمال التجارية لمنتجات في "إسرائيل" إلى مرخص له محليًا.
We continue to believe it is inconsistent with Ben & Jerry's values for our ice cream to be sold in the Occupied Palestinian Territory.
(????3/3) — Ben & Jerry's (@benandjerrys) June 29, 2022
وفي آب/ أغسطس 2022، قضت المحكمة الجزئية بمانهاتن أن بن آند جيري لا تستحق إصدار أمر قضائي يوقف بيع وحدتها لزنجر، لأنها لم تنجح في إثبات أنها ستعاني من ضرر لا يمكن إصلاحه، وهو ما لم تقبله الشركة أيضًا، مستمرة بموقفها الرافض للعمل في المستوطنات، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" حينها.
لم تستسلم الشركة، وعادت لتؤكد أنها تخطط لتقديم شكوى منقحة في محكمة نيويورك الفيدرالية، وذلك بعد قرار محكمة مانهاتن، وبذات الهدف وهو وقف بيع أصولها إلى شركة إسرائيلية، للمحافظة على قرارها بوقف العمل في المستوطنات، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2022، أعلنت يونيليفر أن نزاعها مع فرعها بن آند جيري بشأن بيع مثلجاتها في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، تم حله، دون إضافة أي تفاصيل.
بينما أوضحت متحدثة باسم شركة يونيليفر أن "شروط الاتفاق سرية"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
في نهاية ذات الشهر، أعلنت الشركة إنهاء أعمالها بالكامل في "إسرائيل" والاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، رغم الضغوط الهائلة التي تعرّضت لها من قبل شركتها الأم، واللوبي الصهيوني، وهو ما ثمّنته حركة المقاطعة.
المؤسسان والمجلس المستقل
أسس شركة بن آند جيري كل من بن كوهين، وجيري غرينفيلد، وأصرا بعد بيع الشركة ليونيليفر على تشكيل مجلس مستقل يتحكم بالرسالة الاجتماعية للشركة، وهو الذي يضم حاليًا ست شخصيات، ولعل أبرزها هي أنورادا ميتال.
أما ميتال فهي ناشطة بارزة في مجالات حقوق الإنسان والسياسات الزراعية والتنموية، وتدير "معهد أوكلاند" الذي يركز على العدالة الاجتماعية والبيئية.
يتمتع المجلس المستقل بصلاحيات واسعة في توجيه مهمة الشركة الاجتماعية، وفقًا لاتفاقية الاستحواذ، والتي منحت المجلس استقلالية في تحديد التوجهات الأخلاقية والاجتماعية للعلامة التجارية.
بقي غرينفيلد (الذي يمثل اسم جيري في اسم الشركة) مرتبطًا بالمشاريع الاجتماعية والتعليمية، وظل يدعم رؤية الشركة الأخلاقية بشكل واسع.
وأصبح كوهين (الذي يمثل اسم بن في اسم الشركة) بعد بيع الشركة ناشطًا سياسيًا واجتماعيًا، وشارك في مبادرات سياسية وليبرالية مثل حملة السيناتور بيرني ساندرز عندما ترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية.
وفي منتصف أيار/ مايو 2025، اعتقلت الشرطة الأمريكية كوهين، مع سبعة أشخاص آخرين خلال شهادة وزير الصحة الأمريكي روبرت إف. كينيدي الابن في مبنى الكابيتول.
وأشار كوهين، إلى أنه كان يحتج على موقف الولايات المتحدة من حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
ويُظهر مقطع فيديو من جلسة استماع لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات بمجلس الشيوخ (HELP) متظاهرين يهتفون: "روبرت كينيدي يقتل الناس بالكراهية!" قبل أن تُخرجهم الشرطة.
I told Congress they're killing poor kids in Gaza by buying bombs, and they're paying for it by kicking poor kids off Medicaid in the US. This was the authorities' response. pic.twitter.com/uOf7xrzzWM — Ben Cohen (@YoBenCohen) May 14, 2025
وأُلقي القبض على سبعة أشخاص، من بينهم كوهين، للاشتباه في تجمهرهم أو عرقلتهم أو "إزعاجهم"، وهو ما يعني إزعاج الآخرين أو مضايقتهم، وفقًا لشرطة الكابيتول.
وُجهت إلى بعضهم، باستثناء كوهين، تهمة الاعتداء على ضابط شرطة أو مقاومة الاعتقال، وفقًا لبيان صادر عن شرطة الكابيتول، بينما اتُهم كوهين بـ"التجمهر أو العرقلة أو الإزعاج"، بحسب ما نقل موقع "أكسيوس".
قال كوهين في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "أخبرتُ الكونغرس أنهم يقتلون الأطفال الفقراء في غزة بشراء القنابل، ويدفعون ثمن ذلك بطردهم من برنامج ميديكيد في الولايات المتحدة"، مضيفًا وهو ينشر فيديو من الحادثة: "كان هذا رد السلطات"، في إشارة إلى حادثة الاعتقال.
الشركة الأم
شركة إنجليزية هولندية عملاقة للمنتجات الاستهلاكية المنزلية، وتنتشر منتجاتها في أكثر من 190 دولة، ومن ضمنها "إسرائيل"، وتمتلك علامات تجارية بارزة منها: "كومفورت، وصن سيلك، وريكسونا، وكلوز آب، ووالز"، إضافة إلى "آكس، ولايف بوي، ودوف، وفازلين، وكنور، وبن آند جيري".
بدأت "يونيليفر - Unilever" نشاطها التجاري في حيفا عام 1938، مع توفير فرص عمل للمهاجرين اليهود إلى فلسطين، ثم أنشأت سنة 1969 فرعًا لها رسميًا في الأراضي المحتلة باسم "يونيليفر - إسرائيل".
في عام 1996 قامت شركة "ويتكو - Witco"، وهي إحدى الشركات الرائدة في العالم في مجال مواد التنظيف ومستحضرات التجميل والبلاستيك وغيرها، ببيع حصتها في فرعها الإسرائيلي إلى يونيليفر، بحسب موقع "إيه دبل يو إنسايتس".
أما في نهاية التسعينيات، اشترت يونيليفر العلامة التجارية "فانتاستيك - Fantastik" من شركة "Chemicals Kedem" الإسرائيلية مقابل 11 مليون دولار، واتفقتا على إنشاء شركة موحدة لإنتاج المنظفات والكيماويات، بحسب صحيفة "غلوبس".
في عام 2001، استحوذت يونيليفر على شركة "بيغل بيغل - Bagel-Bagel" الإسرائيلية للمسليات والمخبوزات جزئيًا، ثم استحوذت على معظم أسهم الشركة، التي عملت في المستوطنات لسنوات طويلة.
وبسبب انتقادات العمل في المستوطنات صرحت الشركة عام 2008 أنها ستسحب استثماراتها من المصنع المبني بشكل غير قانوني على أراضٍ صودرت من الفلسطينيين في مستوطنة "أرييل" بالضفة الغربية، ولكن عكس ما كانت تزعم، أصبحت الشركة في عام 2010 المالك الوحيد للشركة الإسرائيلية بعد شراء باقي الحصص، بحسب صحيفة "الغارديان".
وفي عام 2013، أبلغت شركة Unilever المنظمة الهولندية غير الحكومية "المدنيون المتحدون من أجل السلام" (UCP) أن الشركة لم تعد تدير مصنع شركتها التابعة بيغل بيغل في المستوطنات ونقلت خطوط الإنتاج إلى مصنع يونيليفر في صفد، داخل الأراضي المحتلة عام 1948، إلا أن ذلك جاء بعد الحصول على منحة حكومية إسرائيلية كبيرة لفتح مصنع جديد، بحسب منظمة "هوو بروفتس".
وفي عام 2010، قامت شركة "ستراوس - Strauss" الإسرائيلية، وهي أكبر شركة لتصنيع البوظة في "إسرائيل"، ببيع 39 بالمئة إضافية من قيمتها إلى يونيليفر، فرفعتْ حصة الأخيرة إلى 90 بالمئة منها، بحسب صحيفة "غلوبس".