لأول مرة منذ عقود، يرتفع عدد المحافظات العراقية إلى 19 محافظة، وذلك بعد تصويت البرلمان الاثنين، لصالح مشروع قانون استحداث محافظة "حلبجة"، والتي كانت إحدى أقضية السليمانية في إقليم كردستان العراق، وذلك وسط أحداث ومتغيرات تشهدها المنطقة.

ووافق مجلس النواب العراقي، الاثنين، بغالبية الأصوات على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة، في خطوة وصفها رئيس البلاد عبداللطيف رشيد، بأنها "تاريخية"، وتأتي إنصافا واستحقاق طال انتظاره في طريق تحقيق العدالة والوفاء لدماء الشهداء، بحسب قوله.



وتتمتع حلبجة الواقعة على بعد 250 كيلومترا شمال شرق بغداد، بأهمية رمزية بالنسبة للأكراد العراقيين منذ تعرضها لقصف بالأسلحة الكيميائية في الأشهر الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، ما أسفر عن مقتل أكثر من 5 آلاف شخص.


بعد انتخابي
بخصوص ما يترتب على اعلان حلبجة محافظة، قال المحلل السياسي من إقليم كردستان العراق، ياسين عزيز لـ"عربي21"، إن "تصويت مجلس النواب ستتبعه خطوات إدارية وفنية ومالية من وزارة التخطيط العراقية لرسم الحدود الإدارية للمحافظة وتثبيت النفقات الخاصة بها".

وأضاف عزيز أنه "جغرافيا كانت حلبجة جزءا من محافظة السليمانية والمنطقة تخضع لسلطة وسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني، وبذلك فإنها ستدخل ضمن التقسيم الجغرافي لنفوذ وسيطرة الحزبين الحاكمين".

وأوضح الخبير الكردي أن "كل حزب سيكون مسيطرا على محافظتين في إقليم كردستان العراق، إذ يسيطر الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني على أربيل ودهوك، والاتحاد الوطني بقيادة بافل الطالباني على السليمانية وحلبجة، وهذا للأسف الواقع الذي نعيشه في الإقليم".

وأعرب عزيز عن اعتقاده بأن "التصويت متعلق بإجراء الانتخابات النيابية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهناك خارطة تحالفات ومشاريع لتشكيل ائتلافات، الأمر الذي يجعل كل حزب سياسي يشارك بالعملية الانتخابية البحث عن نقاط تشجع على تكوين هذه التحالفات".

وبحسب معلومات الخبير الكردي، فإنه "لن تحصل حلبجة على خصوصية في الانتخابات النيابية المقبلة، إذ ستبقى انتخابيا جزءا من السليمانية رغم أنها كانت دائرة مستقلة في انتخابات برلمان إقليم كردستان، والتي جرت في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، و كانت حصتها من 3 مقاعد".

وأكد عزيز أن "تحويل حلبجة إلى محافظة، فإن من مستحقاتها أن تكون مديرياتها مديريات عامة، إضافة إلى تخصيص ميزانية للنفقات التشغيلية والخدمات، وكل ذلك سيؤثر على الجانب المعيشي والعمراني، وإيجاد فرص عمل لأبنائها".

وكشف الخبير الكردي أن "بعض الأطراف السياسية العراقية كانت تريد تمرير قرار تحويل حلبجة إلى محافظة ضمن صفقة سياسية ضمن ما بات يعرف بسلة القوانين الواحدة، وذلك لإعلان بعض المناطق الأخرى محافظات جديدة أيضا، ومنها مدينتي سامراء في صلاح الدين، وتلعفر في نينوى".

وكان النائب عن الإطار التنسيقي الشيعي، علي تركي، قد صرّح خلال مقابلة تلفزيونية بثت مطلع الشهر الجاري، بأن "سامراء (غالبية سنية) مدينة ذات صبغة شيعية والعراق كله شيعي، وأنه بصدد تقديم مشروع قانون في البرلمان يحولها إلى محافظة شيعية".


مكاسب سياسية
وفي المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، جاسم الشمري، إن "قضية تحويل حلبجة إلى محافظة ليست وليدة اليوم وإنما هي مسألة قديمة، لكن هذا الأمر يعد نجاحا للمحاور الكردي في التوصل إلى هذه هدفه، وهذا يحسب من ضمن النجاحات للسياسيين الكرد في العراق".

وأضاف الشمري لـ"عربي21" أن "تحوّل حلبجة إلى محافظة لن يزيد التخصيصات المالية، لأن هذا الأمر يتعلق بالتعداد السكاني، لكن سيكون لها مجلس محلي خاص بها ومحافظ يقودها، لذلك ستكون لها جوانب اعتبارية أكثر مما هي مالية ومنفعية".

وأوضح الكاتب العراقي أن "المكسب الأكبر في قضية استحداث محافظة حلبجة هو سياسي ودبلوماسي يحسب إلى الفاعل السياسي الكردي، وهذا ربما سيفتح الباب أمام قوى سياسية للمطالبة بتشكيل محافظات جديدة سواء سامراء أو الزبير في البصرة وغيرها".

ورأى الشمري أن "هذه المدن إذا كانت مؤهلة لأن تكون محافظات فلا ضير في الأمر، لكن القضية هو ما الذي سيقدم للمواطن فيها، لأننا اليوم نلاحظ التناحر السياسي في محافظات قائمة، وبالتالي لا يجني المواطنين شيئا من هذه التسميات".

وأشار الكاتب إلى أن "القضية الكبرى التي لا يُسلط عليها الضوء، هو ماذا قدمت غالبية مجالس محافظات العراق للمواطنين؟، لأن غالبيتها فشلت في مهامها، وأصبحت عبارة عن مكاسب سواء للقوى السياسية بتلك المدن أو في البرلمان وعموم المشهد السياسي العراقي".

وشدد الشمري على أن "هذا الأمر فتح شهية الفاعل السياسي الشيعي للحديث عن إقامة إقليم للشيعية، وهذا تطور خطير، لذلك ينبغي أولا العمل للمحافظة على وحدة العراق، ثم تقديم الأفضل للمواطن، ولتكن عدد محافظات العراق 30 محافظة".

وأشاد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، بالتصويت في البرلمان العراقي على استحداث حلبجة محافظة جديدة، مؤكدا أن بغداد استكملت جهود الإقليم للاعتراف بالمدينة.

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن في الثالث عشر من آذار/ مارس 2023، موافقة المجلس على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة وتحويله إلى البرلمان للتصويت عليه غير أن الأخير أخفق في عقد جلسة للتصويت على القانون.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراقية البرلمان حلبجة محافظة جديدة العراق البرلمان الأكراد حلبجة محافظة جديدة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حلبجة إلى محافظة استحداث محافظة إقلیم کردستان مشروع قانون

إقرأ أيضاً:

«بي جي أي إم»: تطورات التكنولوجيا العميقة تفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في الإمارات

حسام عبدالنبي (أبوظبي) 

تتيح التطورات التكنولوجية في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العميقة، آفاقاً جديدة لفرص استثمارية واعدة في دولة الإمارات، حسب محمد عبدالملك، رئيس «بي جي أي إم» «PGIM» في الشرق الأوسط، شركة إدارة الاستثمارات العالمية، التابعة لشركة «Prudential Financial »، التي تدير أصولاً استثمارية تبلغ قيمتها 1.4 تريليون دولار.
وأكد عبدالملك لـ«الاتحاد» أنه منذ تأسيس الشركة حضورها الرسمي في أبوظبي والحصول على ترخيص من أبوظبي العالمي للعمل في أغسطس 2024، التزمت الشركة بالفعل بتنفيذ استثمارات رئيسية في دولة الإمارات، مع وجود مزيد من الخطط المستقبلية الطموحة.
وكشف عبدالملك، أن الشركة ستطلق في سبتمبر المقبل، مع أكاديمية سوق أبوظبي العالمي، مركز «ريل أسيت إكس» وهو مختبر متطور مخصص لدفع عجلة التكنولوجيا المستدامة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا العميقة، لمهام البحث والتطوير والاستثمار في كل ما يتعلق بالأصول الحقيقية في المشاريع العقارية، وأنظمة البنية التحتية الذكية، والمواد المطورة تقنياً من خلال ما يسمى بالتكنولوجيا العميقة.
وأشار إلى أنه ضمن البرنامج ذاته، تتعاون الشركة مع مكتب أبوظبي للاستثمار لتأسيس منصة استثمارية تركز على احتضان الفرص التي تنتج من هذا البرنامج، وتحقيق الربح من خلال دعم نموها محلياً وعالمياً، منوهاً إلى أنه من المقرر أن يتم تمويل منصة الاستثمار هذه وإدارتها بالاشتراك مع شريك محلي، وستهدف إلى إطلاق صندوق عالمي لرأس المال الجريء بقيمة 250 مليون دولار مسجل في أبوظبي العالمي، ليعمل على نطاق عالمي بالتنسيق مع مبادرة «ريل أسيت إكس» التابعة لـ PGIM، وستُسهم هذه الأنشطة في إحداث تغيير جذري ضمن منظومة الاستثمار في الأصول الحقيقية، وتقديم تحسينات تكنولوجية ملموسة يمكن تطويرها وتبنّيها لاحقاً من قبل مالكي الأصول ومشغليها ومديريها.

أخبار ذات صلة «أبوظبي للتراث» تكرم شركاء نجاح «ليوا للرطب» «بيئة أبوظبي»: 7900 سلحفاة بحرية في مياه الإمارة


دور محوري 

وأكد عبدالملك أن الإمارات تمتلك الرؤية والإرادة الكافية لرسم دور محوري جديد لها في الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن التوجه نحو مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقات المتجددة، وأسواق المال، واستقطاب الكفاءات، وصولاً إلى الصناعات المتقدمة، هو أمر بالغ الأهمية، فهذه استراتيجيات أساسية لبناء الدولة وترسيخ مكانتها، معرباً عن تفاؤله للغاية بشأن الإمكانات الاستثمارية المتاحة في أبوظبي، في ضوء التوقعات باستمرار تدفق الاستثمارات الكبيرة إلى الأسواق العالمية.
ويرى عبدالملك، أن اللاعبين العالميين في قطاع الخدمات المالية ينظرون إلى أبوظبي بصورة متزايدة بوصفها مركزاً استراتيجياً ضمن النظام المالي العالمي. وقال: إن تزايد إصدار أبوظبي العالمي (ADGM) للتراخيص بنسبة 67% في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، يعد دليلاً واضحاً على الجاذبية المتنامية لدولة الإمارات لدى شركات الخدمات المالية العالمية، مشيراً إلى أن المستثمرين ومديري الأصول العالميين العاملين في دولة الإمارات، يدركون حجم الزخم الذي يمثله رأس المال، ودوره في دفع عجلة التنمية في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية المحلية. 

تنمية طموحة 
وذكر عبدالملك، أنه مع بروز أجندات تنمية محلية طموحة، كالتي تجسدها رؤية مئوية الإمارات 2071، تشهد دولة الإمارات تحولاً جوهرياً في منهجية توظيف رأس المال، فبينما يواصل المستثمرون المحليون توجيه حصة كبيرة من استثماراتهم نحو الأسواق العالمية، تتركز الجهود الحالية لصناع القرار على تحقيق الأهداف التحويلية المحلية. 
وأضاف أنه إلى جانب التغيّر الملحوظ في احتياجات ومحافظ المستثمرين المحليين، يظهر أن دولة الإمارات سرعان ما أصبحت جزءاً محورياً من المنظومة المالية العالمية، منبهاً أن أبوظبي تتجه لتصبح مركزاً مالياً نشطاً ومتقدماً يتبنى رؤىً مستقبلية، لاسيما في ظل البيئة التنظيمية المستقرة، وما تشهده من إصلاحات اقتصادية جوهرية.

تدفق الثروات 
ووفقاً لـ عبدالملك، فإن الإمارات تركز على تطوير البنية التحتية المحلية وتنفيذ مشاريع عملاقة، في إطار سعيها لتحقيق أجندتها الوطنية في بناء الدولة. وقال إنه من جهة أخرى تحدد القيادة الرشيدة أهداف الدولة بوضوح لبناء اقتصاد متنوع ومرن، ويعملون على استكشاف مختلف السبل لتوفير بيئات عمل ومعيشة جاذبة، وهذا بدوره يعزز تدفق الثروات ويحافظ على استدامة النمو الاقتصادي على المدى الطويل. 
وأوضح أن ذلك يتجلى واضحاً في قدرة الدولة على استقطاب الكفاءات العالمية والحفاظ عليها، فقد ازداد متوسط مدة إقامة الوافدين إلى ما يقارب ست سنوات، مع استمرار هذا التوجه بالارتفاع في ضوء تزايد رغبة الوافدين في العيش والتقاعد في دولة الإمارات.

تقنيات متقدمة
تشير التكنولوجيا العميقة إلى تقنيات متقدمة قائمة على ابتكار علمي أو هندسي جوهري، وتعتبر هذه الابتكارات «عميقة» لأنها تُقدم حلولاً متطورة ومتقدمة للغاية لتحديات أو قضايا معقدة ومن أمثلة هذه الاختراقات التكنولوجية العميقة: الروبوتات، وتكنولوجيا النانو، ومبادرات الطاقة النظيفة الصادرة عن مختبرات الأبحاث والأوساط الأكاديمية.

مقالات مشابهة

  • العراق: تحذيرات من التعرض لأشعة الشمس… و11 محافظة تسجل 50 درجة مئوية
  • نائب:السوداني خان العراق ببيع قناة خور عبدالله العراقية للكويت
  • نائب:لن نسمح للسوداني ولغيره بمس السيادة العراقية
  • خبير اقتصادي:الذهب يعزز الثقة بالسياسة المالية العراقية
  • العراق يحترق تحت القبة الحرارية..  درجات الغليان تضرب 10 محافظات (جدول)
  • «بي جي أي إم»: تطورات التكنولوجيا العميقة تفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في الإمارات
  • درجات الحرارة تسجل أرقاماً قياسية في العراق
  • صفقات نجوم أفارقة مع الأندية العراقية
  • مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش
  • كانت ستجنب العراق ويلات الحرب.. الكشف عن مبادرة عربية رفضها صدام حسين