هل يجوز السكوت عن إقرار قانون حماية الطفل في البرلمان العراقي؟ بعد مقتل الطفلة نرجس والطفل موسى
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
لا يمكن النظر إلى حادثتي مقتل الطفلة نرجس والطفل موسى إلا كجرس إنذار صادم يقرع بقوة ضمير المجتمع والدولة في العراق، ليكشف هشاشة الحماية القانونية للأطفال، ويعري الواقع الأليم الذي يعيشه ملايين الأطفال في ظل غياب قانون فاعل وشامل لحمايتهم. حين يُقتل طفل ببراءة موسى، أو تُغتال طفولة نرجس بوحشية، لا يكون الجُرم فردياً فقط، بل تتحمل مسؤوليته دولة بأكملها تقاعست عن تشريع قانون يضع حياة الطفل فوق كل اعتبار.
السكوت عن إقرار قانون حماية الطفل لم يعد خياراً أخلاقياً، ولا حتى سياسياً. فكل تأخير في تشريع هذا القانون يعني ترك ملايين الأطفال عرضةً للاستغلال، العنف، الإهمال، والزواج المبكر. وفي ظل غياب الحماية القانونية، تتكرر المآسي، وتتحول الجرائم من استثناءات مأساوية إلى نمط مألوف ومُرعب.
العراق، ورغم توقيعه على اتفاقية حقوق الطفل منذ عام 1994، لم ينجح حتى اليوم في ترجمة هذه الالتزامات الدولية إلى قانون وطني متكامل يحمي حقوق الطفل. ما زال الطفل العراقي يفتقر إلى مظلة قانونية تنصفه أمام الظلم، وتمنع الاعتداء عليه، وتحاسِب من ينتهك طفولته. إن وجود قانون حماية الطفل لم يعد ترفاً تشريعياً، بل ضرورة ملحّة تفرضها الأحداث اليومية والدماء البريئة التي تُراق دون رادع.
قانون حماية الطفل يجب أن يتضمن إجراءات واضحة لمتابعة حالات العنف الأسري، ويمنح المؤسسات المختصة الصلاحيات للتدخل العاجل لحماية الطفل. يجب أن يتضمن آليات لرصد الانتهاكات، وبرامج توعية للأهالي، وأن يُجّرم الإهمال والعنف بكافة أشكاله، سواء كان جسدياً، نفسياً، أو لفظياً. كما يجب أن يحدد العقوبات بحق من يُعرّض حياة الأطفال للخطر، أو يُحرّض على إيذائهم، أو يُقصّر في حمايتهم.
إن السكوت عن تشريع هذا القانون يُعتبر تواطؤاً غير مباشر مع الجناة. بل إن كل من يتقاعس عن تمريره، يشارك – بصمته – في صناعة بيئة خصبة للعنف والإهمال والقتل بحق الأطفال. وإذا كان البرلمان العراقي عاجزاً عن الوقوف مع أطفال بلاده في أصعب لحظاتهم، فمتى سيتحرك؟ أليس من واجب كل نائب أن يضع مصلحة الأطفال فوق كل حساب سياسي أو حزبي؟
المجتمع المدني، الإعلام، المؤسسات الدينية، والنشطاء، جميعهم مدعوون اليوم لتشكيل ضغط شعبي واسع لإقرار قانون حماية الطفل دون تأخير. لأن كل يوم يُمرّ دون هذا القانون، هو فرصة جديدة لمأساة أخرى، لجريمة أخرى، لصرخة أخرى لا يسمعها أحد.
ختاماً، لا يجوز – لا قانوناً، ولا أخلاقاً، ولا إنسانياً – السكوت بعد اليوم. الطفلة نرجس والطفل موسى ليسوا مجرد أسماء عابرة في نشرات الأخبار، بل جرح نازف في قلب العراق، لن يلتئم إلا بعد أن تنتصر العدالة، ويُقرّ قانون ينصفهم وينقذ من تبقى من الأطفال قبل فوات الأوان.
انوار داود الخفاجيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات قانون حمایة الطفل
إقرأ أيضاً:
تأهيل المختصين في التعامل مع الأطفال ضحايا الإساءة
"عمان" نظّم المكتب الفني للجنة الوطنية لشؤون الأسرة برنامجًا تدريبيًا حول المقابلة الجنائية للأطفال، والذي يهدف إلى تأهيل وتمكين المختصين بالتعامل مع الأطفال في القضايا الجنائية، بمشاركة مجموعة من المختصين من وزارة التنمية الاجتماعية والادعاء العام.
ويهدف البرنامج إلى تدريب وتأهيل المختصين بالتعامل مع الأطفال في القضايا الجنائية على إجراء مقابلات فعّالة مع الأطفال الضحايا أو الشهود في قضايا الإساءة، وفق منهجيات علمية وبروتوكولات معتمدة تراعي الفروق العمرية والنفسية للأطفال، بما يقلل من احتمالية استرجاع الطفل لتجربة الإساءة ويجنب تعريضه لصدمة نفسية متكررة.
وقال الدكتور جلال بن يوسف المخيني مدير المكتب الفني للجنة الوطنية لشؤون الأسرة: يُعد البرنامج محطة محورية في مسار تطوير منظومة حماية الطفل في سلطنة عُمان، ويجسد التزام الجهات الوطنية بتعزيز قدرات المختصين في التعامل مع قضايا الأطفال ضحايا الإساءة أو الشهود في القضايا ذات الطابع الجنائي، بما يسهم في بناء قدرات وطنية مؤهلة في مجال صون حقوق الطفل .
وتناول البرنامج تدريب المختصين على فهم مراحل نمو الطفل والاختلافات التي تؤثر على أسلوب التواصل معه، إلى جانب التوعية بجوانب الذاكرة وقابلية الإيحاء وكيفية طرح الأسئلة بطريقة تراعي الأثر النفسي للطفل. كما تعرف المشاركون على بروتوكولات المقابلة الجنائية، وتقنيات التهيئة النفسية للطفل وتمكينه من حضور جلسات المحكمة، بالإضافة إلى التدريب العملي على إجراء المقابلات باستخدام سيناريوهات محاكاة واقعية. وتطرق البرنامج كذلك إلى منهجيات اكتشاف مختلف أشكال الإساءة، وتقييم وضع الأسرة ووضع خطط دعم مناسبة، فضلاً عن مناقشة أبرز التحديات التي قد تواجه المختصين أثناء إجراء المقابلة وسبل التعامل المهني معها.