أثبتت حرب جيش الاحتلال على غزة خطورة الذكاء الاصطناعي في الاستخدامات العسكرية بشكل دفع العديدين للاحتجاج على استخدام هذه التقنيات في الإبادة العرقية التي تتم داخل القطاع، ولكن هذا لم يمنع إحدى وحدات جيش الاحتلال التي تعرف باسم " لوتيم" (Lotem) من ابتكار استخدام جديد للذكاء الاصطناعي في هذه الحرب.

وعمدت وحدة "لوتيم" -وهي إحدى وحدات فيلق القيادة والتحكم والاتصالات المعروف باسم "سي 4 آي" (C4I)- لتطوير روبوت دردشة ذكاء اصطناعي يستند على قواعد البيانات والمعلومات الموجودة داخل وحدات الجيش الإسرائيلي، وذلك من أجل تسهيل الوصول إلى هذه المعلومات واتخاذ القرارات بشكل سريع وسط المعارك.

"شات جي بي تي" ولكن من تطوير جيش الاحتلال

تحت اسم "جيني" (Genie) أطلقت "لوتيم" روبوت الدردشة في واجهة مستخدم بسيطة ويسيرة للغاية تماثل تلك المستخدمة في "شات جي بي تي"، فضلا عن كون آلية عمل "جيني" تحاكي "شات جي بي تي"، ولكن بدلا من البحث عبر الإنترنت، فإن الروبوت يبحث في قواعد البيانات الخاصة بالجيش الإسرائيلي.

ويستطيع "جيني" تأدية كافة الوظائف التي يقوم بها أي روبوت دردشة معتاد، بدءا من التعرف على الأخطاء ونقاط التناقض فضلا عن تقديم معلومات وتحليل واضح للبيانات الموجودة في أي قاعدة بيانات تستخدم سحابة الجيش الإسرائيلي.

إعلان

ويعني هذا أن قادة وحدات الجيش الإسرائيلي قادرين على توجيه أسئلة مباشرة لروبوت الدردشة وانتظار الرد منه، بدلا من محاولة التواصل مع الوحدات الأخرى والوصول إلى هذه المعلومات، فيمكن لقائد وحدة ما أن يطلب من النموذج معرفة عدد العساكر والمخططات المتاحة في سحابة الجيش الإسرائيلي لوحدة مجاورة، وهنا يقوم "جيني" بتوفير كل هذه المعلومات بسهولة ويسر.

وجاء الكشف الأول عن هذا النموذج عبر تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" (ynetnews) وكانت تتباهى فيه بما وصلت إليه تقنيات الجيش الإسرائيلي ووحدات الذكاء الخاصة به، ورغم أن النموذج ما زال في نسخته التجريبية، إلا أنه أصبح جزءا لا يتجزأ من روتين القادة في بعض الوحدات، وذلك حتى ينتهي تطوير النسخة النهائية ونسخة الهواتف المحمولة ليصبح متاحا لكل عسكري في الجيش.

"جيني" يستطيع تأدية كافة الوظائف التي يقوم بها أي روبوت دردشة معتاد (يديعوت أحرونوت) كيف يعمل "جيني"؟

يكلف تطوير وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكثير من الوقت والأموال بحسب بيانات "أوبن إيه آي" مطورة "شات جي بي تي"، ولكن قررت وحدة "لوتيم" اتباع أسلوب يختلف عن الشركات الكبيرة، فبدلا من تطوير النموذج من الصفر، اعتمدت على تقنية "التوليد المعزز بالاسترجاع" أو كما تعرف اختصارا باسم "راج" (RAG)، وهي التقنية ذاتها التي اعتمد عليها تطوير "ديب سيك".

بدلا من أن تقوم الشركة أو وحدة "لوتيم" بتطوير نموذج الذكاء الاصطناعي وتدريبه من الصفر، قامت باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، ثم تدربت على المعلومات والبيانات المتاحة في سحابة الجيش الإسرائيلي، وذلك عبر آلية استبعاد المصادر غير الموثوقة والتركيز على المصادر الرئيسة.

وفي وقت قياسي، أصبح لدى جيش الاحتلال روبوت دردشة يعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر ويقدم بيانات صحيحة ودقيقة في العديد من الأوقات، وعبر تغذية النموذج بالبيانات المباشرة فور توفرها داخل سحابة الجيش الإسرائيلي، تمكنت الوحدة من الوصول إلى نموذج مطلع ومحدث دائما.

فيلق "سي 4 آي" في الجيش الإسرائيلي يعمل على تنظيم كافة الاتصالات السلكية واللاسلكية بين مختلف الوحدات العسكرية (يديعوت أحرونوت) أقرب إلى شركة من وحدة عسكرية

يعمل فيلق "سي 4 آي" في الجيش الإسرائيلي على تنظيم كافة الاتصالات السلكية واللاسلكية بين مختلف الوحدات العسكرية، ليصبح أشبه بشركة اتصالات ومزود إنترنت وشركة أمن سيبراني وشركة اتصالات عبر الأقمار الصناعية معا، وهذا يتيح له الوصول إلى كافة البيانات الموجودة في سحابة الجيش الإسرائيلي والوحدات التابعة له، حتى إن قامت بتخزين البيانات محليا.

إعلان

ويسر هذا الأمر عمل وحدة "لوتيم" التي تمثل هجينا فريدا من نوعه، إذ تمزج بين بيئة عمل ومناخ الشركات التقنية الناشئة وبين الوحدات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، وضمن هذه الوحدة، يوجد فريق صغير يدعى "مصنع النصوص" (Text Factory) هو المسؤول عن مشروع روبوت الدردشة المعزز بالذكاء الاصطناعي.

ويصف الكابتن "د" -البالغ من العمر 28 سنة، وهو خريج هندسة البيانات والذكاء الاصطناعي وحاصل على ماجستير إدارة الأعمال وأحد العقول التي تقف وراء "جيني"- مهمة فريقه في تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي بكونها مهمة معقدة وحساسة للغاية، إذ يستخدمون كافة التقنيات المدنية ولكن بشكل عسكري.

ويؤكد أن وحدته تعمل بشكل يشبه الشركات التقنية الناشئة، إذ تضم مديري مشاريع وفرق تطوير وفرق تسويق وحتى فرقا لمتابعة العملاء، مع كون العملاء هنا هم الوحدات العسكرية وجنود جيش الاحتلال في مختلف أجنحة الجيش.

ويقول الرائد يوناتان، البالغ من العمر 28 عاما من فلسفة وحدة "لوتيم" إن الوحدة أقرب إلى شركة "أمازون" فهي تعمل على تحليل البيانات سواء كانت نصوصا أو صورا أو مقاطع صوتية من أجل تزويد القادة بالمعلومات المباشرة والتحليلات الملائمة.

واختتم الكاتبن "د" حديثه عن وحدته العسكرية قائلا إن جيش الاحتلال لن يتوانى عن استخدام أحدث التقنيات التي تؤثر بشكل إيجابي في قوتهم العملية.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن جيش الاحتلال يعين أكثر من 15 عالم ذكاء اصطناعي سنويا، ورغم أن ثلثهم فقط يذهب إلى فيلق "سي 4 آي"، إلا أنهم جميعا يشاركون في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي للوحدات المختلفة داخل الجيش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الجیش الإسرائیلی الوحدات العسکریة الذکاء الاصطناعی یدیعوت أحرونوت جیش الاحتلال شات جی بی تی روبوت دردشة سی 4 آی

إقرأ أيضاً:

ميتا تستقطب علماء الذكاء الاصطناعي من المنافسين

استقطبت "ميتا" مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي لدى كبرى الشركات المنافسة، ومن بينها غوغل، من أجل تأسيس فريق جديد يركز على تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي الشامل (artificial general intelligence)، وذلك حسب تقرير من بلومبيرغ.

ويتزامن هذا التقرير مع تصريح الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان -في بودكاست مع شقيقه جاك ألتمان- بأن "ميتا" حاولت استقطاب مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي في "أوبن إيه آي" عبر عروض ورواتب وصلت إلى 100 مليون دولار، ولكنها فشلت في ذلك حسب تقرير موقع "تيك كرانش" التقني.

New episode of Uncapped with @sama. Enjoy ???? pic.twitter.com/2IxYt3B4Gm

— Jack Altman (@jaltma) June 17, 2025

وأضاف تقرير "تيك كرانش" -على لسان سام ألتمان- مجموعة من التعليقات بشأن وضع "ميتا" الحالي وما تقوم به من جهود للوصول للذكاء الاصطناعي الشامل، مؤكدا أن "أوبن إيه آي" لديها فرصة أكبر في تحقيق الذكاء الاصطناعي الشامل مقارنةً ببقية الشركات، وذلك بفضل البيئة الإبداعية التي ترعاها الشركة، مشيرا لكون "ميتا" تركز على الرواتب أكثر من تركيزها على البيئة الإبداعية.

نواة لفريق جديد

وأكد تقرير بلومبيرغ أن موجة الانتقالات والتعيينات التي تخوضها "ميتا" الآن هي جزء من مساعي الشركة لتأسيس فريق ذكاء اصطناعي جديد يعزز من موقف الشركة وسط الشركات المنافسة.

لذا كان من المحوري أن تستقطب الشركة مجموعة من أبرز الأسماء في عالم الذكاء الاصطناعي، وهو ما يحاول زوكربيرغ القيام به شخصيا، حسب تقرير بلومبيرغ الذي أكد أن الرئيس التنفيذي للشركة يجري في بعض الأحيان المقابلات بنفسه من منزله ويتصل بالمرشحين شخصيا.

"ميتا" استقطبت مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي لدى كبرى الشركات المنافسة، ومن بينها غوغل (مواقع التواصل)

وأشارت بلومبيرغ إلى نجاح زوكربيرغ في استقطاب جاك راي، باحث رئيسي في "غوغل ديب مايند" (Google DeepMind) فضلا عن يوهان شالكويك رئيس قسم التعلم الآلي في شركة "سيسامي للذكاء الاصطناعي الصوتي" (Sesame)، وذلك عبر إنفاق عشرات الملايين من الدولارات إلى جانب عرض بعض أسهم الشركة ضمن هذه الصفقات، حسب ما جاء في التقرير.

إعلان

وفي مقدمة المواهب الجديدة الواردة إلى "ميتا" يأتي ألكسندر وانغ (28 عاما) مؤسس شركة "سكيل إيه آي" التي استثمرت "ميتا" فيها 14 مليار دولار مقابل 49% من أسهم الشركة، ومن المتوقع -حسب بلومبيرغ- أن ينتقل مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي في الشركة إلى "ميتا"، إذ تسعى الأخيرة لتعيين 50 عالم ذكاء اصطناعي جديدا.

مقالات مشابهة

  • الصين.. تطوير روبوت استطلاع عسكري بحجم بعوضة!
  • أبل تدرس الاستحواذ على Perplexity AI لتعويض تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي
  • الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن “المنسق الرئيسي بين إيران وحركة الفصائل الفلسطينية الذي اغتيل في طهران
  • الذكاء الاصطناعي في التحكيم الرياضي بين الدقة والتحديات
  • محتوى بلا بشر… الذكاء الاصطناعي يغزو تيك توك والارباح تتضاعف
  • غوغل تطور البحث الصوتي.. تفاعل ذكي مدعوم بـ«الذكاء الاصطناعي»
  • وضع الذكاء الاصطناعي.. رهان غوغل الجديد لمواجهة منافسي البحث
  • مش خطر على شغلك| الذكاء الاصطناعي يزيد راتبك بنسبة 56%
  • الجيش الإسرائيلي الذي يستبيح المستشفيات ويختبئ خلفها
  • ميتا تستقطب علماء الذكاء الاصطناعي من المنافسين