غزة – أحيا مسيحيو قطاع غزة “الجمعة العظيمة” التي تسبق سبت النور وعيد الفصح، وسط أجواء يسودها الموت والدمار جراء استمرار حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ 19 شهرا.

إحياء المناسبة كان في كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية بمدينة غزة، والتي لم تسلم من القصف الإسرائيلي خلال الإبادة المتواصلة.

كما تتزامن هذه المناسبة مع تصاعد وتيرة القصف والمجازر الإسرائيلية المروعة، حيث اقتصرت على طقوس دينية وفعاليات صامتة من أداء للصلوات وإضاءة الشموع.

ومنذ فجر الجمعة، ارتكب الجيش الإسرائيلي عدة مجازر دموية في قصف استهدف منازل وخيام نزوح بمناطق متفرقة من القطاع ما أسفر عن مقتل 55 فلسطينيا، وفق مصادر طبية للأناضول.

وتحيي الطوائف المسيحية اليوم “الجمعة العظيمة”، فيما تحتفل غدا بـ”سبت النور”، وتختتم باحتفالات “أحد الفصح”.

وقال الفلسطيني رامز الصوري، إن مسيحيي غزة يحيون “الجمعة العظيمة” داخل القطاع دون الذهاب لمدينة القدس في الضفة الغربية المحتلة، التي وصفها بمدينة “السلام”.

وتجري الاحتفالات بعيد الفصح في الضفة ومدينة القدس، خاصة في كنيسة القيامة بالبلدة القديمة إحدى أهم الكنائس في العالم، وسط انتشار قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية في البلدة ومحيط الكنيسة.

وأضاف الصوري للأناضول: “مرغمون أن نبقى في غزة ولا نذهب لمدينة السلام (القدس) بسبب الحرب الشرسة على القطاع التي أكلت الأخضر واليابس”.

وأوضح أن هذه الحرب “دمرت كل شيء وهدمت منازل الآمنين على رؤوسهم”.

وأشار إلى أن هذه المناسبات تحل على المسيحيين وسط أجواء من الحزن خاصة وأنه فقد 3 من أبنائه في قصف إسرائيلي استهدف كنيسة القديس برفيريوس في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأكمل الصوري: “في السابق كانت الأعياد يسودها الفرح والسعادة، لكن هذه الأيام صعبة جدا”.

وفي 19 أكتوبر 2023، قصف الجيش الإسرائيلي كنيسة “برفيريوس” ما أسفر عن مقتل 18 فلسطينيا من النازحين الذين لجأوا إليها هربا من حمم الحرب.

وأوضح الصوري أن ما يسود في هذه الأيام هو “رائحة الموت والقتل والدمار والمباني المحترقة والمهدمة”.

وأردف: “دائما ونحن نسير في الشوارع نرى الدمار والموت”، لافتا إلى أنه نجا من الموت بقصف إسرائيلي كان قريبا من مكان وجوده.

وأكد أن ما يحدث في غزة هو “أكثر من إبادة جماعية” ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع.

وأعرب عن أمنياته أن يكون هذا اليوم “بداية لاتفاقيات المحبة والسلام بين كل الأطراف”، وأن تنتهي هذه الإبادة الجماعية.

وفي هذا العام تتوحد مواقيت أعياد الكنائس التي تسير على الحساب الغربي، مع تلك التي تسير على الحساب الشرقي في الأعياد.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الجمعة العظیمة

إقرأ أيضاً:

دموع تماسيح الليبرالية المُحتضَرة

انتظر زعماء الحكومات الليبرالية الغربية ـ ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا ـ انقضاء سنة ونصف السنة من حرب الإبادة التي يقترفها الجيش الصهيوني إزاء شعب غزة الشهيد، حتى بدأوا، وبخجل ملحوظ، إعلان بعض الاحتجاج على مغالاة دولة إسرائيل في ارتكاب المجزرة الآثمة. بيد أنهم لم يفلحوا بسلوكهم هذا سوى بتسليط مزيد من الأضواء على صمتهم السابق الشبيه بصمت المقابر، بل على تواطؤهم الصريح مع الحكم الصهيوني، عندما وقفوا جميعاً مع إدارة بايدن ليس في تبريرها إعادة غزو ذاك الحكم لقطاع غزة وحسب، بل في تصدّيها لأي دعوة لوقف «إطلاق النار»، أي وقف الإبادة في هذه الحال.

استمرّ ذلك طوال أشهر عدّة، إلى أن بدأت الحشمة تتملّكهم من هذا الموقف المُشين في وجه سخط شعبي على المجزرة لم تتوقف رقعته عن التوسّع مع مرور الزمن وتزايد رقم ضحايا آلة القتل الإسرائيلية. وحتى في ذلك الحين، لم يتميّز موقفهم عن موقف إدارة بايدن في الامتناع عن نقد حكومة بنيامين نتنياهو علناً وعن ممارسة أي ضغط فعلي عليها، بل في القبول بشتى الحجج التي ساقتها تلك الحكومة كي تبرّر مواصلتها للإبادة، إلى أن اضطرّوا للتمايز عن الإدارة الأمريكية الجديدة، إدارة ترامب، عندما اتضح لهم أنها أكثر تواطؤاً بعد مع نتنياهو مما كانت سالفتها.

إن هذا المشهد المثير للاشمئزاز هو أحد أسطع التعبيرات، إن لم يكن أسطعها على الإطلاق، عمّا سبق أن أسميته قبل عشرة أشهر «سقوط الليبرالية الأطلسية» (أنظر «مناهضة الفاشية وسقوط الليبرالية الأطلسية»، القدس العربي، 13/8/2024). والحال أن حرب الإبادة التي تخوضها الدولة الصهيونية فاقت في الوحشية والسادية كل ما عهدناه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ذلك أن هاتين الوحشية والسادية ليستا من الصنف الذي مارسته جماعات مسعورة في بلدان «متخلّفة»، على غرار الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا والكونغو قبل نهاية القرن الماضي أو التي شهدتها دارفور في مطلع القرن الجديد أو التي ارتكبها تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق قبل حوالي عشر سنوات، ولا من الصنف الذي مارسته حكومات مصنّفة في خانة «الهمجية» على غرار القوات المسلّحة في بنغلاديش أو حكومة «الخمير الحمر» في كمبوديا في سبعينيات القرن المنصرم، بل وحشية وسادية تمارسهما حكومة دولة متقدّمة صناعياً تنتمي إلى نادي الأغنياء العالمي، الذي يدّعي تمثيل «الحضارة» في وجه الهمجية مثلما لا يني نتنياهو يؤكد في الخطب التي يوجّهها إلى الرأي العام الغربي، واصفاً الحرب التي يقودها.
ثمة فرق عظيم الشأن بين كافة حروب الإبادة سابقة الذكر وحرب الإبادة التي تخوضها الدولة الصهيونية في قطاع غزة،
أي أننا بصدد إحدى حالات الإبادة الجماعية المقترَفة باسم «الحضارة»، والتي عرف التاريخ العديد منها سواء أتمّت باسم الحضارة بالمطلق أو الحضارة الغربية أو «الآريّة»، على غرار الإبادة التي اقترفها الاستعمار البلجيكي في الكونغو في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أو تلك التي اقترفتها الإمبراطورية الألمانية في ناميبيا أو تلك التي ارتكبها حكم «تركيا الفتاة» إزاء الأرمن وسواهم من الأقليات في مطلع القرن ذاته، أو التي اقترفتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

بل ثمة فرق عظيم الشأن بين كافة حروب الإبادة سابقة الذكر وحرب الإبادة التي تخوضها الدولة الصهيونية في قطاع غزة، ألا وهو أن هذه الأخيرة متلفزة على مرأى من العالم أجمع. فحيث كان النازيون يخفون الإبادة الجماعية التي ارتكبوها إزاء اليهود وسواهم من الأقليات خلف سياجات معسكرات الإبادة، وذلك لتضاربها مع مزاعمهم الحضارية (خلافاً لشتى حالات الإبادة الجماعية التي رافقت غزوهم لبولندا ومن ثم لروسيا والتي لفّها وأخفاها ضباب الحرب) نجد الحكم الصهيوني يواصل اليوم إبادته الجماعية للغزّاويين وهو يعلم أنها مكشوفة أمام أعين العالم.

صحيح أن الجيش الصهيوني تعمّد قتل عدد قياسي من الصحافيين داخل القطاع، لكنّه يعلم تمام العلم أن ما من شيء يستطيع ستر وحشية قواته المسلّحة وساديتها، التي يشهد عليهما بصورة مقزّزة اصطيادها اليومي الراهن لعشرات الغزّاويين المنكوبين الذين يلهثون وراء المساعدات الشحيحة التي تتكرّم حكومة نتنياهو وحليفها الأمريكي بتقطيرها عليهم. بل رأينا الجنود الإسرائيليين أنفسهم يساهمون في ترويج صور الممارسات السادية التي يرتكبونها افتخاراً بها في معظم الحالات، وليس من باب الكشف عنها لإدانتها.

فإن حرب الإبادة الصهيونية في غزة وتواطؤ الحكومات الليبرالية الغربية معها، اللذين ساهما مساهمة جبّارة في حفز صعود النيوفاشية على الصعيد العالمي، وصولاً إلى سيادتها على رأس أعظم القوى العظمى العالمية، تلك القوة العظمى التي طالما زعمت تمثيل الإرث الحضاري الليبرالي الأطلسي الناجم عن مناهضة الفاشية في الحرب العالمية الثانية، إن الحرب والتواطؤ المذكورين إنما أنجزا قبل ذلك، وفي السبيل إليه، سقوط الإرث الليبرالي الأطلسي المنافق أصلاً بحيث أفقداه أي مصداقية كانت لا تزال لاصقة به وحفّزا بالتالي غلبة نقيضه النيوفاشي.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • نذير لكناوي: “مولودية الجزائر أحسنت الاستثمار في الأخطاء التي ارتكبناها”
  • الناشطة “آجار”: أرفض دعم ألمانيا لآلة الحرب “الإسرائيلية” في غزة
  • “المجاهدين الفلسطينية”: عملية “حرميش” رد شعبي طبيعي على جريمة الإبادة الصهيونية
  • استعداداً لكأس العالم.. الحكومة تنهي فوضى دور الضيافة و “الرياضات” باعتماد تصنيف صارم
  • بالفيديو.. شاهد “سد المال” والهدايا التي قدمها الفنان مأمون سوار الدهب لزوجته الجديدة الحسناء حنين محمود عبد العزيز
  • أربعة أسباب موجبة للحذر من “عصابة أبو شباب”
  • (2) مأرب في قلب أحداث الحرب الباردة: “برميل النفط.. لا برميل البارود”
  • «مثلث الموت» في غزة.. قصف مركز مساعدات يوقع عشرات القتلى والجرحى
  • “صحة غزة” تحذر من انهيار ما تبقى من مؤسسات صحية في القطاع
  • دموع تماسيح الليبرالية المُحتضَرة