حرب الدعم السريع … وهل في ذلك شك ؟؟
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
□ إذا وجدت مَنْ يسأل حتى اليوم سؤال (من أطلق الرصاصة الأولى) فأقرب شيء أن يكون هذا السائل إلى صف مليشيا الدعم السريع أقرب، لا لشيء إلا لأن حقيقة المؤامرة الكبرى على السودان التي كانت أداتها هذه المليشيا والتي كانت تقتضي سيطرة المليشيا على البلاد جميعاً وإحلالها جيشاً بديلاً مع بعض (الكرازايات) للتمثيل السياسي _ هذه الحقيقة تكشَّفت لكل ذي عينين وما عادت مادة اختلاف بين اثنين!!
ومع أن هذا السؤال ما عاد له معنى غير التشويش، لكن في نقاش حجج سائليه بعض فائدة، على الأقل من باب أن يجتهد السياسيون شيئاً ما في تجويد حِجاجهم ليحترموا عقول الناس الذين يسمعون لهم أو يقرأون.
□ اتهام أكثر المردِّدين لسؤال (من أطلق الرصاصة الأولى) الحريصين عليه يُصوَّب إلى (الكيزان) فإذا ذهبت تنظر في الحجج التي ساقوها لصدق اتهامهم وجدتها أنها لا تخرج عن اثنتين :
○ الأولى أن (الكيزان) عرفوا أن الاتفاق الإطاري سيأتي بحكومة ذات أنياب وأظافر _ طبعاً ليست الأنياب والأظافر هنا شيئاً غير الدعم السريع _ لا تتهاون معهم تهاون الفترة الانتقالية التي سبقت وبخاصة في تفكيك تمكينهم واسترداد الأموال المنهوبة منهم، وعلى هذا فقد أشعل (الكيزان) الحرب لقطع الطريق على ذلك كله.
○ والحجة الثانية أن الاتفاق الإطاري كان سيجعل أحلام (الكيزان) في العودة للسلطة تذهب أدراج الرياح وتتبخّر في جوّ السماء، وعلى هذا أشعل (الكيزان) الحرب لأنهم راغبون في العودة إلى السلطة ولو على أشلاء الناس وجماجمهم.
□ والحق أن المتابع المتنبِّه للأحداث والوقائع منذ سقوط سلطة الإنقاذ في أبريل ٢٠١٩م المتعقِّل في قراءتها سيرى غير قليل من التهافت وعدم التماسك في الحجتين معاً بغض النظر عن موقفه الشخصي من الكيزان حباً أو بغضاً ولاءً أو عداءً.
□ لك أن تتخيَّل أن (الكيزان) الذين يخشون على ما استحوذوا عليه بتمكين سلطانهم الآفِل من أن تصل إليه يد (تفكيك التمكين) بعد تنفيذ الإطاري يشعلون حرباً في الخرطوم، أي في عقر دورهم ومساكنهم وفي قلب استثماراتهم!!
□ فإذا كان تفكيك التمكين سيأخذ مما عندهم جُلّه ف(الكيزان) _ المجانين _ قد فضَّلوا ذهابه كُلّه!!
□ وإذا ذهبت تقرأ سيرة (الكيزان) منذ سقوط دولتهم في ٢٠١٩م ستجد أن القوم لم يُحرّكوا ساكناً والدعم السريع يحمي الاعتصام الذي أسقطهم ويقتاد رئيسهم وقادتهم إلى السجون ويحتل مقرّاتهم، حتى أصبح حميدتي عند بعضهم (الفارس الضكران الخوّف الكيزان) وحتى أصبحت قواتهم عند الفصيل السياسي المعادي للكيزان الحصن الحصين من أذى الكيزان وشرورهم!!
□ فإذا كان الكيزان قد أسلموا رقابهم لحميدتي في ٢٠١٩م فكيف لهم أن يسعوا إلى حربه في ٢٠٢٣م بعد سنوات تضخّم فيها جنداً ومالاً وسلاحاً ونفوذاً وعلاقات؟!!
□ أقرب شيء أن يقول مَنْ يرى الكيزان هم مشعلو هذه الحرب، وأن الحرب حربهم أن يقول أنها كانت منهم خطوة انتحارية لا يقدم عليها غير يائس، يائس من كل شيء!! لكن كيف ليائس من كل شيء منتحر أن يكون طامحاً راغباً متطلعاً هدفه من الحرب هو العودة للسلطة ؟! وهي الحجة الأخرى عند الفريق نفسه!!
□ هذه حجج فيها من التهافت ما فيها … والحق في القضية كلها أن الدعم السريع أرادها انقلاباً يبتلع فيه الدولة بجيشها ومؤسساتها جميعاً فلمّا فشل في ذلك كانت الحرب، لا أكثر ولا أقل.
□ ولا نحتاج في هذا إلى استدعاء شواهد استعدادات المليشيا قبل الحرب ولا تحركها نحو مروي ولا شيء من ذلك ولا غير ذلك.
□ هذه حرب الدعم السريع، وعلى طريقة الأديب الزيَّات صاحب مجلة الرسالة، نسأل : وهل في ذلك شك؟!
عمر الحبر يوسف
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
كيف قادت سياسات الحكومات الانتقالية للحرب؟
كيف قادت سياسات الحكومات الانتقالية للحرب؟
تاج السر عثمان بابو
1كانت سياسات حكومات الفترة الانتقالية العسكرية والمدنية بعد ثورة ديسمبر 2018، كارثية قادت لانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي أعاد التمكين للطفيلية الاسلاموية وبعض الأموال المنهوبة، وأدي للحرب اللعينة الجارية حاليا التي دمرت البلاد والعباد، وتم تشريد الملايين وقتل وفقدان الآلاف من الأشخاص، والابادة الجماعية، كما أصبحت تهدد سلام المنطقة بعد انسحاب قوات الجيش من المثلث الحدودي بين ليبيا ومصر والسودان وسيطرة الدعم السريع عليه، وغير ذلك من جرائم الحرب التي يجب ألا تمر دون محاسبة وافلات من العقاب، فما هى أبرز تلك السياسات التي قادت للحرب؟
2تجاهل حمدوك توصيات المؤتمر الاقتصادى، وتوجه شطر تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى:
– تدهورت الأوضاع المعيشية بعد سياسة التعويم أو التخفيض الكبير بنسبة أكبر من 600% للجنية السوداني، رغم ذلك هزم السوق الأسود الحكومة، واستمر ارتفاع سعر الدولار ليقارب حاجز (470 – 500 جنيه)، وهي نفس سياسات النظام البائد، وحدث ارتفاع جنوني في الأسعار أدى للركود في حركة البيع والشراء، وتجاوز التضخم 363% حتى اصبحت الحياة لا تطاق، وأدى تعويم الجنية السوداني الي المزيد من الارتفاع الجنوني للاسعار، وتدهور العملة، والمزيد من العجز في القوى الشرائية رغم تكدس البضائع (الانكماش) كما حدث في الأسواق ، والمزيد من إفلاس الشركات ومعاناة المواطنين ، ونهوض الحركة المطلبية الجماهيرية.
ولم يتم التوجه للداخل للإسراع في تفكيك التمكين واستعاد الأموال المنهوبة، ووقف سياسة رفع الدعم والخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي التي جربها شعبنا منذ العام 1978 ، وكانت النتيجة المزيد من تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، ولم يتم ضم كل شركات الذهب والبترول والأمن والجيش والدعم السريع والاتصالات والماشية والمحاصيل النقدية لولاية وزارة المالية.ووقف التهريب للذهب والصادر، وتغيير العملة، وتحسين الأوضاع المعيشية والأجور، وتركيز الأسعار، وعدم تحميل الجماهير أعباء الأزمة، واستمرار الدعم للسلع الأساسية والتعليم العام والصحة والدواء والخدمات، وتخفيض الصرف علي الدفاع والأمن والقطاعين السيادي والحكومي، وزيادة الصرف على التعليم والصحة والتنمية، وحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وعدم لجم مخطط الفلول لتخريب الاقتصاد، ورفع سعر الدولار.
3– استمرار القمع الوحشي للتجمعات والمواكب السلمية، وعدم الغاء القوانين المقيدة للحريات وعدم إجازة قانون النقابات الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وعدم تكوين التشريعي، وإصلاح القضاء وعدم قيام المحكمة الدستورية، وإعادة هيكلة الجيش والشرطة والأمن، وارجاع المفصولين من الخدمة العسكرية والمدنية.
– البطء في تحقيق أهداف الثورة كما في: لجنة التحقيق في مجزرة فض الاعتصام ومتابعة المفقودين، اضافة للبطء في تفكيك التمكين.
– التفريط في السيادة الوطنية وجعل البلاد في مرمي النيران بربطها بالمحاور العسكرية الخارجية. ولم يتم تحسين علاقات السودان الخارجية مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.
4– عدم تنفيذ اتفاق سلام جوبا الذي تحول لمحاصصات ومناصب، وعدم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وهي نفس ممارسات النظام البائد، إضافة للمراوغة وعدم الجدية والرغبة في تنفيذ الترتيبات الأمنية، بحجة عدم وجود التمويل، وذر الرماد في العيون. وكان ذلك امتداد لسياسات النظام البائد كما حدث في اتفاقات: نيفاشا، ابوجا، الدوحة، الشرق الخ، بحكم الطبيعة الطبقية لانقلاب اللجنة الأمنية الذي يعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية والذي أعاد إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية وتحالفاته العسكرية الخارجية، ونقض العهود والمواثيق، كما في الانقلاب على “الوثيقة الدستورية”، والمتحالف مع بعض عناصر البورجوازية الصغيرة التي شكلت ديكورا لحكم العسكر، والمرتبطة بتنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي والليبرالية الجديدة التي تدافع عن سياسة اقتصاد السوق والتطلع للثراء، والوقوف ضد الجماهير الكادحة والتبرير لممارسات اللجنة الأمنية وقوات الدعم السريع، بالتالي بحكم تلك المصالح الطبقية، لا نتوقع سلاما شاملا وعادلا يخاطب جذور المشكلة، وتم الاستمرار في نقض العهود والمواثيق وعدم تنفيذ اتفاقية جوبا نفسها، والعض بالنواجذ على المناصب و المحاصصات حتى تم التحالف بين اللجنة الأمنية وبعض الموقعين على سلام جوبا مع الدعم السريع، ومليشيات الإسلامويين، وتم انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي أطلق رصاصة الرحمة على الوثيقة الدستورية، وتم نقض العهود والمواثيق، مما قاد للحرب الحالية بعد الخلاف في الاتفاق الإطاري حول مدة دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
5مما يتطلب الاستفادة من دروس التجربة السابقة، وعدم إعادة التسوية والشراكة مع العسكر والدعم السريع والمليشيات التي تعيد إنتاج الحرب بشكل أوسع. و ضرورة قيام اوسع تحالف قاعدي جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، والحل الشامل والعادل الذي يحقق السلام المستدام والديمقراطية، وتوفير الدولة الحق في التعليم والعلاج والسكن والعمل والضمان الاجتماعي، وتحسين الأوضاع المعيشية، وحماية الطفولة وتوفير العمل للشباب، وضمان الشيخوخة، و حقوق المرأة ومساواتها الفعلية مع الرجل، وحماية ثقافات ولغات الأقليات القومية، والتنمية المتوازنة بين أقاليم السودان، وذلك لا يتم الا في ظل حكم مدني ديمقراطي، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن اللغة أو الدين أو الثقافة أو النوع أو الدين، وحل المليشيات ونزع السلاح، وفق الترتيبات الأمنية وقيام جبش قومي مهني موحد يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وعودة النازحين لمنازلهم ولقراهم وحواكيرهم، وإعمار ما دمرته الحرب، وإعادة تأهيل مناطقهم وإعادة المستوطنين لمناطقهم، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وتقديم البشير ومن معه للجنائية الدولية، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية لمعالجة قضايا الحكم والدين والدولة والهوّية، التوافق على دستور ديمقراطي يكفل الحقوق والحريات الأساسية، والتوافق على قانون انتخابات ديمقراطي لقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية. أهداف ومهام الفترة الانتقالية..
الوسوماتفاق سلام جوبا البنك الدولي الحكومة الانتقالية السودان المؤتمر الاقتصادي انقلاب 25 اكتوبر 2021 تاج السر عثمان بابو ثورة ديسمبر 2018 حمدوك