بين واشنطن والدوحة.. كيف تم التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT
في لحظة سياسية مشحونة، ومع اقتراب المواجهة بين إيران وإسرائيل من حدود الانفجار الإقليمي، نجحت وساطة دبلوماسية قادتها قطر بطلب أميركي مباشر في التوصل إلى اتفاق مفاجئ لوقف إطلاق النار، أنهى 12 يوما من التصعيد العسكري وأعاد الهدوء المؤقت إلى المنطقة.
وقد جاء الاتفاق ثمرة لاتصال أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجر اليوم الثلاثاء مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، طالبا منه التدخل لإقناع إيران بالموافقة على المقترح الأميركي الذي كانت إسرائيل قد أبدت استعدادها لقبوله، كما صرّح بذلك رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأوضح مراسل الجزيرة في الدوحة صهيب العصا أن هذا الاتصال فتح الباب لتحركات دبلوماسية مكثفة أجرتها الدوحة مع الجانب الإيراني طوال ساعات الليل، وأسفرت هذه الاتصالات عن التوصل إلى تفاهم لوقف إطلاق النار بين الجانبين، ليُعلن بعد ذلك الرئيس ترامب دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.
وأكد المسؤول القطري أن الدور الذي لعبته الدوحة في هذا التفاهم كان محوريا، في ظل تمسكها بمبادئ سياستها الخارجية القائمة على الحوار وخفض التوتر، رغم تعرض قاعدة العديد الجوية في قطر لهجوم إيراني في وقت سابق، أعرب الرئيس الإيراني عن أسفه حياله في اتصال هاتفي مع أمير قطر.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن صباح الثلاثاء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، ودعا الطرفين إلى الالتزام به، واصفا إياه باتفاق "غير محدود"، في وقت امتنعت فيه طهران عن تأكيد رسمي للاتفاق، بينما اعتبرته إسرائيل إنجازا يحقق أهدافها العسكرية.
اتساع الاتصالات
وفي السياق، نقل مراسل الجزيرة في واشنطن أنس الصبار عن مصادر أميركية أن التنسيق بين واشنطن والدوحة توسّع لاحقا ليشمل جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي ووزير الخارجية القطري، لاستكمال تفاصيل الاتفاق وضمان تنفيذه.
إعلانووصفت إدارة ترامب وقف إطلاق النار بأنه انتصار للضربات العسكرية المحدودة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، مؤكدة أن هذه العملية جرت دون السعي لإسقاط النظام أو الانخراط في حرب طويلة، وهو ما رأت فيه واشنطن نموذجا للنجاح الدبلوماسي والعسكري المتوازن.
إلى جانب العامل العسكري، كان للعامل السياسي الداخلي الأميركي دور في تسريع التوصل للاتفاق، إذ أشار الصبار إلى أن ترامب يواجه ضغوطا من معارضي الحرب داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذين يرفضون انخراط واشنطن في نزاعات خارجية تستنزف مواردها وتهدد استقرارها.
وفي هذا السياق، رأت إدارة ترامب أن استمرار الحرب لا يخدم المصالح الأميركية، خاصة مع تقارير أفادت بنفاد صواريخ "سهم 3" لدى إسرائيل وعدم وجود قدرة أميركية فورية لتعويضها، مما دفع واشنطن لتغليب خيار إنهاء المواجهة بدلا من تصعيدها.
موافقة إسرائيلأما في إسرائيل، فقد أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- أن تل أبيب وافقت على المقترح الأميركي بعد أن "حققت هدفها بالقضاء على التهديد النووي والصاروخي الإيراني"، مع التحذير من أنها سترد بقوة على أي انتهاك للاتفاق.
ورغم ذلك، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيران أطلقت قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صاروخا سقط على مبنى في بئر السبع، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 26 آخرين، في واحدة من أكثر الضربات دموية خلال أيام القتال.
وفي إطار متصل، أشار رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن التصعيد في المنطقة -سواء في إيران أو لبنان أو قطاع غزة- جاء نتيجة مباشرة للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، مؤكدا أن محاولات وقف إطلاق النار كانت جارية بالفعل، لكن العدوان على إيران عطّل هذه المساعي.
وأكد أن الوساطة القطرية المصرية المشتركة مع كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية لا تزال نشطة، وهناك جهود تُبذل حاليا لعقد جولة جديدة من المباحثات غير المباشرة بهدف وقف إطلاق النار في غزة ورفع الحصار، رغم التحديات التي فرضها التصعيد الإيراني الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
تونس تصدر تحذيرا بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة
تونس - جددت تونس، اليوم الخميس، تأكيد موقفها "الثابت والداعم لنضال الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره"، معربةً عن ارتياحها للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، "بعد عامين من الإبادة الجماعية التي خلّفت كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب سبوتنيك.
وأشادت وزارة الخارجية التونسية، في بيان لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، "بصمود الشعب الفلسطيني وتضحياته"، مثمنةً الجهود العربية والدولية التي أسفرت عن الاتفاق، ومحذّرةً في الوقت ذاته من "تكرار نقض الاحتلال الصهيوني لالتزاماته"، على حد قولها.
ودعت تونس المجتمع الدولي إلى "ضمان استدامة وقف إطلاق النار وفك الحصار الكامل عن غزة، والإسراع في إيصال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار بما يضمن حياة كريمة للفلسطينيين"، وفقا لوكالة أنباء "تونس أفريقيا".
كما شددت على "ضرورة محاسبة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني"، مجددة رفضها لكل محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
وأكدت تونس "دعمها المطلق لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف".
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن توقيع كل من إسرائيل وحركة "حماس" على المرحلة الأولى من خطة السلام التي طرحها.
وقال ترامب في منشور له على منصة "تروث سوشال": "هذا يعني أن جميع الرهائن سيُفرج عنهم قريبًا جدًا، وستسحب إسرائيل قواتها إلى خط متفق عليه، في أولى خطوات تحقيق سلام قوي ودائم وأبدي. وسيُعامل جميع الأطراف بعدالة".
من جانبها، أعلنت حركة حماس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يتضمن دخول المساعدات وتبادل المحتجزين، داعية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والدول الضامنة للاتفاق، إضافة إلى الدول العربية والإسلامية والدولية، إلى إلزام إسرائيل بتنفيذ استحقاقات الاتفاق كاملة.
واستضافت مصر اليوم الثالث لمفاوضات شرم الشيخ، في محاولة جدية لوضع كل شروط النجاح اللازمة لإنجاز المهمة والمضي قدمًا في طريق تنفيذ الخطة الأمريكية.
وبحثت مفاوضات شرم الشيخ ملف تبادل الأسرى بين الجانبين والضمانات الأمنية التي تطلبها "حماس" لعدم استئناف إسرائيل للحرب بعد الإفراج عن المحتجزين، والنفاذ الكامل للمساعدات إلى قطاع غزة.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من إعلان "حماس" قبولها مبدأ المبادرة الأمريكية، وتأكيد عواصم غربية وعربية عدة دعمها للمساعي التي يقودها ترامب للوصول إلى تسوية شاملة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحتى الآن، تسببت الحرب على غزة في مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، إضافة إلى أكثر من 169 ألف مصاب، حسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.