«المتحف الأولمبي العُماني» رؤية طموحة ومركز معرفي مُلهم للأجيال
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
دشّن صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد، مساء اليوم، المتحف الأولمبي العُماني بمقر اللجنة الأولمبية العُمانية والاتحادات الرياضية بالغبرة، وذلك في الحفل الذي أقامته اللجنة الأولمبية العُمانية، بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة ورؤساء الاتحادات الرياضية ووسائل الإعلام المختلفة، وذلك في مناسبة تُشكّل خطوة مهمة ضمن الجهود التي تبذلها اللجنة الأولمبية العُمانية في إبراز وتوثيق المشهد الرياضي العُماني بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، وفي إطار الجهود المتواصلة لترسيخ الثقافة الأولمبية وتعزيز حضور الرياضة العُمانية على المستويين المحلي والدولي.
ويمثل المتحف الأولمبي العُماني إضافة نوعية للمشهد الرياضي الوطني، حيث يجمع بين التوثيق والتجربة التفاعلية، ليُشكّل منصة معرفية تحتفي بإنجازات الرياضيين العُمانيين في مختلف البطولات الإقليمية والدولية، ويُسهم في صون الذاكرة الرياضية وتعزيز الهُوية الوطنية من خلال استعراض محطات مشرقة من تاريخ الرياضة في سلطنة عُمان، كما يُعرّف الزائرين بقيم الحركة الأولمبية النبيلة من تفوق واحترام وصداقة، من خلال مجموعة من المعروضات التي تشمل الميداليات والمعدات الرياضية، إلى جانب عروض رقمية ومحتوى بصري يوثّق مسيرة الرياضة في سلطنة عُمان.
كما يأتي هذا المشروع في سياق رؤية طموحة تسعى إلى جعل المتحف مركزًا معرفيًا مُلهمًا للأجيال، ويعكس الحضور العُماني في الساحة الأولمبية، ويُسهم في دعم الرياضيين الناشئين من خلال تقديم قصص نجاح وتجارب مُلهمة لعدد من الأسماء التي صنعت تاريخًا رياضيًا مشرّفًا لسلطنة عُمان، كما يُعزّز المتحف الانفتاح على العالم عبر تسليط الضوء على إسهامات سلطنة عُمان في الحركة الأولمبية الدولية، ويعكس الشراكة الفاعلة مع مؤسسات رياضية بارزة مثل اللجنة الأولمبية الدولية والمجلس الأولمبي الآسيوي ووزارة الثقافة والرياضة والشباب.
ويضم المتحف عدة أقسام متخصصة صُمّمت بعناية لتلائم مختلف الاهتمامات، من بينها قسم يسرد تاريخ الحركة الأولمبية الدولية، مرورًا بعرض لمجموعة من الشُّعل الأولمبية التي تُعد من أبرز رموز الألعاب، إضافة إلى ركن مقتنيات اللجنة الأولمبية العُمانية، وقسم مخصص لدور المرأة العُمانية في الرياضة يُبرز نماذج مشرقة من العطاء النسائي، وأقسام تُسلّط الضوء على الرياضات البارالمبية، والعروض المرئية التي توثّق لحظات استثنائية في تاريخ الألعاب، وخُصّص متجر للهدايا التذكارية سيُقدّم مجموعة من المنتجات المرتبطة بالهُوية الأولمبية.
ويجسد افتتاح المتحف الأولمبي العُماني التوجه الوطني نحو توثيق المنجزات وتعزيز الحضور الثقافي للرياضة في سلطنة عُمان، من خلال إنشاء فضاء مفتوح يُتيح للمهتمين والباحثين والرياضيين والجمهور العام التفاعل مع هذا الإرث، والتعرّف على مسيرة الرياضيين العُمانيين الذين أسهموا في رفع اسم الوطن عاليًا، كما يمثل خطوة متقدمة في إطار بناء بنية أساسية رياضية وثقافية تُعزّز من مكانة سلطنة عُمان على الساحة الدولية، وتفتح آفاقًا أوسع أمام الأجيال الصاعدة للانخراط في الرياضة بوصفها أسلوب حياة ومسارًا للتفوق والتميّز.
خالد الزبير: صرح وطني وإضافة لمنظومة العمل الرياضي في سلطنة عُمان
قال خالد بن محمد الزبير، رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية، فـي كلمته خلال حفل افتتاح المتحف الأولمبي العُماني: من دلائل رقي الأوطان وسمو نهضتها أن تُقام فـيها المعالم التي تحفظ التاريخ، وتخلّد الإنجاز، وتوثّق مسيرة العطاء، وتلهم الأجيال، وها هي سلطنة عُمان، وفـي ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تواصل نهجها الأصيل فـي الجمع بين الأصالة والتجديد، فتبني المؤسسات، وتحتضن المبادرات، وتفتتح الصُروح التي تبقى شاهدًا حيًا على مسيرة وطن لا يعرف السكون، وطن يفخر بماضيه، وينعم بحاضره، ويتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا.
وأضاف: نحتفـي جميعًا بافتتاح المتحف الأولمبي العُماني، هذا الصرح الوطني الذي يعد إضافة إلى منظومة العمل الرياضي فـي سلطنة عُمان، ويُجسد فخرنا بتاريخنا الرياضي، ووفاءنا لرواد الحركة الرياضية، وتطلعنا الدائم نحو مستقبل أكثر إشراقًا وتميزًا، وانبثقت فكرة إنشاء هذا المتحف من قناعة راسخة لدى مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية بأهمية توثيق المسيرة الرياضية الوطنية، وحفظ ذاكرتها، وتكريم رموزها الذين أسهموا بجهودهم وعطائهم فـي رفع راية سلطنة عُمان فـي المحافل الإقليمية والدولية، وقد حرصنا على أن تعكس هوية المتحف عُمق الهوية الوطنية العُمانية العريقة، وأن تتماشى فـي تصميمها ومضامينها مع أفضل المعايير المتبعة فـي المتاحف الأولمبية، ليكون هذا المشروع شاهدًا على أمجاد الماضي، ومنارة تلهم أجيال المستقبل.
وقال الزبير: لا يفوتني أن أؤكد ما تمثله المتاحف الأولمبية حول العالم من أهمية خاصة، بوصفها إحدى الأدوات الرئيسة التي تعتمدها اللجنة الأولمبية الدولية واللجان الوطنية لتوثيق الحركة الأولمبية، ونشر قيمها النبيلة، وتعزيز الوعي بالدور الحضاري والإنساني للرياضة، ويأتي المتحف الأولمبي العُماني ليكون جزءًا من هذه المنظومة العالمية، ويعكس الوجه الحضاري والرياضي لسلطنة عُمان، ويُسهم فـي ربط ماضيها الرياضي العريق بحاضرها ومستقبلها الزاهر.
وتابع حديثه بالقول: جرى إخراج المتحف بأسلوب عصري راقٍ، مع اعتماد أحدث التقنيات التفاعلية الحديثة، بما يوفر تجربة نموذجية متكاملة لزواره، تتيح لهم التفاعل مع محتوياته، والاطلاع على محطات مضيئة من تاريخ الرياضة العُمانية والأولمبية بأسلوب مشوّق وملهم.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية: إن هذا الصرح لم يكن ليكتمل لولا تضافر الجهود، وإيمان الجميع بأهمية حفظ الذاكرة الرياضية العُمانية للأجيال القادمة، وفـي هذا الجانب نجدّد الشكر والتقدير إلى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، على ما أولاه من دعم ورعاية واهتمام منذ انطلاقة المشروع، وما عبّر عنه من رؤية طموحة للنهوض بالقطاع الرياضي وتطوير مؤسساته، وتعزيز الوعي المجتمعي بقيم الرياضة وأثرها الحضاري، كما نثمّن عاليًا حضور ومشاركة نخبة من الرموز الرياضية العُمانية التي أسهمت فـي رسم معالم المشهد الرياضي الوطني، فكان عطاؤهم أساسًا لما نعيشه اليوم من تطور، ويأتي هذا المتحف وفاء لهم وتكريمًا لذكراهم، والشكر كذلك إلى الاتحادات واللجان الرياضية، وإلى الرياضيين والشخصيات الرياضية الوطنية التي أسهمت بكل سخاء فـي تزويد المتحف بمقتنيات قيّمة، عكست عمق التجربة الرياضية العُمانية وتنوعها، فكانت إسهاماتهم محل فخر واعتزاز، وعاملًا رئيسيًا فـي إثراء هذا المشروع الوطني، كما أرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى كل من أسهم فـي إنجاز هذا المشروع الوطني الرائد، ممن آمنوا برسالته، وشاركوا فـي تشييد معالمه، وأفردوا له من وقتهم وجهدهم ما استحقه من إخلاص ووفاء، وأخص بالشكر أولئك الرياضيين الأفذاذ الذين قدّموا مقتنياتهم الثمينة لتكون جزءًا من شواهد المتحف وموجوداته، فكانوا بذلك أوفـياء لذاكرتهم الرياضية، وسفراء لقيم العطاء والانتماء، والشكر موصول إلى جميع الرياضيين والإعلاميين الذين ظلوا على الدوام شركاء مخلصين فـي رسم صورة الرياضة العُمانية وتوثيق محطاتها.
علي البوصافي: المتحف يسهم في بناء مجتمع واعٍ يعتز بإرثه وتاريخه الرياضي
قال علي بن سالم البوصافـي، رئيس فريق عمل مشروع المتحف الأولمبي العُماني: يأتي مشروع المتحف الأولمبي العُماني ضمن رؤية طموحة تسعى إلى تعزيز الهوية الرياضية العُمانية، وفـي خطوة تُجسّد التزام اللجنة الأولمبية العُمانية الراسخ بنشر الثقافة الأولمبية، وتوثيق الإنجازات الرياضية التي شكّلت جزءًا مهمًا من مسيرتنا الرياضية، وتحويل التجارب والنجاحات الرياضية إلى محتوى معرفـي وثقافـي يُلهم الأجيال، ويُسهم فـي بناء مجتمع واعٍ يعتز بإرثه وتاريخه الرياضي.
وأضاف: حرصنا على أن يكون المتحف منصة معرفـية حيّة تحتفـي بالإنجازات الرياضية لسلطنة عُمان، وتعرض حضورها المشرّف فـي المحافل الإقليمية والدولية، عبر تجربة تفاعلية توثّق محطات مضيئة من تاريخ الرياضة العُمانية، وتُبرز القيم الأولمبية النبيلة من تفوّق واحترام وصداقة.
وقال البوصافـي: مرّ المشروع بمراحل دقيقة من التطوير، بدأت بجمع المقتنيات، والميداليات، والمعلومات، وصولًا إلى تصميم أقسام متنوعة تشمل تاريخ الحركة الأولمبية الدولية، وإسهامات اللجنة الأولمبية العُمانية، ودور المرأة فـي الرياضة، والرياضات البارالمبية، بالإضافة إلى معرض الشعلة الأولمبية، وقاعة سينمائية، ومتجر للهدايا التذكارية، وتكمن أهمية المتحف فـي كونه معلمًا ثقافـيًا واستراتيجيًا يعزّز من حضور سلطنة عُمان فـي الساحة الرياضية الدولية، ويفتح أبوابه للزوار من مختلف الفئات، من باحثين وطلبة وجمهور عام، ليكونوا جزءًا من هذا التاريخ، وليستلهموا من قصص النجاح الرياضي التي حققها الرياضيون العُمانيون فـي المحافل المختلفة، ونحن فـي اللجنة الأولمبية العُمانية نؤمن أن هذا المتحف سيكون رافدًا مهمًا لنشر الوعي الأولمبي، وتوثيق الإنجازات، ودعم الرياضيين فـي مسيرتهم، كما يُعد لبنة أساسية ضمن جهود سلطنة عُمان لتطوير بنيتها الأساسية الرياضية والثقافـية، بما يعكس طموحاتها المستقبلية فـي هذا المجال.
طه الكشري: منصة وطنية للتوثيق والمعرفة والإلهام وتجسيد حي للذاكرة الرياضية العُمانية
أشار طه بن سليمان الكشري، الأمين العام للجنة الأولمبية العُمانية، إلى أن افتتاح المتحف الأولمبي العُماني يُمثّل محطة محورية فـي مسار تطوير الرياضة العُمانية وتوثيق ذاكرتها، وخطوة استراتيجية تُترجم حرص مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية على أهمية الرياضة كقيمة وطنية شاملة، تتجاوز حدود المنافسة إلى أبعاد أعمق تتصل بالهوية والثقافة والمعرفة والبحث العلمي.
وقال الكشري فـي تصريح له عقب الافتتاح: حرصنا منذ اللحظة الأولى على أن يكون هذا المتحف أكثر من مجرد فضاء لعرض الميداليات والإنجازات، بل منصة وطنية حيّة تستعرض مسيرة الرياضة العُمانية وقيمها النبيلة، وتقدّم تجربة تفاعلية متعددة الأبعاد تدمج بين التوثيق والتعليم والإلهام والمعرفة.
وفـي هذا السياق، توجّه الكشري بأسمى عبارات الشكر والعرفان إلى صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد على رعايته لهذا الحدث الأولمبي البارز، مشيرًا إلى أن حضوره الكريم يُجسّد عمق اهتمام القيادة بالشأن الرياضي، ويُعد دعمًا كبيرًا لمنظومة العمل الأولمبي فـي سلطنة عُمان.
كما عبّر عن بالغ الامتنان والتقدير لخالد بن محمد الزبير، رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية، على رؤيته الثاقبة ودعمه المستمر للمشروع منذ انطلاق فكرته، مؤكدًا أن المتحف لم يكن ليُنجز بهذا المستوى الرفـيع لولا متابعته وتوجيهاته الحثيثة فـي كل مراحل التنفـيذ.
وفـي سياق حديثه، ثمّن الكشري عاليًا الدعم والرعاية من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، الذي أولى المشروع اهتمامًا كبيرًا منذ بداياته، وحرص على توفـير كافة سبل النجاح له، انطلاقًا من رؤيته الطموحة للنهوض بالقطاع الرياضي، وتعزيز حضوره التربوي والثقافـي والتنموي فـي المجتمع العُماني.
وأكد الكشري أن المتحف يُعد إضافة نوعية على المستويين التربوي والثقافـي، ومن المتوقع أن يصبح محطة رئيسية لطلبة المدارس والجامعات، تُسهم فـي غرس قيم العمل الجماعي، والطموح، والانضباط، كما سيكون مرجعًا علميًا مهمًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الرياضة العُمانية والهوية الثقافـية الوطنية، من خلال ما يوفره من أرشيف رقمي، ووثائق، ومقتنيات تغطي مختلف مراحل تطور الرياضة فـي سلطنة عُمان.
وأضاف: إن المتحف يُبرز التزام سلطنة عُمان بالقيم الأولمبية، ويُعزّز ارتباط المجتمع بالرياضة كرافد من روافد الهوية الوطنية ومسار واعد للتنمية، وحاولنا أن نُراعي فـي تصميمه أفضل المعايير العالمية للمتاحف الأولمبية، سواء من حيث المحتوى أو التقنيات التفاعلية، ليكون تجربة ملهمة وفريدة لجميع الزوار.
وأشار إلى أن اللجنة الأولمبية العُمانية تعمل على تعزيز التعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية، والمتحف الأولمبي الدولي فـي لوزان، وعدد من المتاحف الأولمبية الإقليمية، بهدف تبادل المعارض والخبرات، وتطوير برامج التوعية الأولمبية، وترسيخ حضور سلطنة عُمان فـي خارطة الثقافة الرياضية العالمية.
وفـي ختام تصريحه، ثمّن الكشري عاليًا الجهود الكبيرة التي بذلها مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية فـي دعم المشروع، مؤكدًا أن تضافر الجهود داخل المؤسسة الأولمبية كان له أثر كبير فـي إنجاح المشروع وتحقيق أهدافه، كما عبّر عن تقديره العميق للدور الفاعل الذي قامت به الاتحادات واللجان الرياضية، وبعض الشخصيات الرياضية الوطنية فـي تقديم مقتنيات ووثائق ثمينة أثرت محتوى المتحف، معتبرًا هذه المشاركة تجسيدًا لروح الانتماء ووفاء لجيل الرواد الذين أسهموا فـي بناء مسيرة الرياضة العُمانية.
وختم قائلًا: نأمل أن تتواصل إسهامات أصحاب الإنجازات فـي مختلف المجالات الرياضية، ليضيفوا لمستهم الخاصة على مقتنيات المتحف، الذي سيبقى حاضرًا دومًا للتطوير والتجديد؛ فالمتحف الأولمبي العُماني ليس فقط توثيقًا للماضي، بل استثمار فـي الحاضر، وإلهام للمستقبل، ورسالة مفتوحة لكل شاب وشابة بأن الرياضة كانت وستظل من أهم مسارات الإبداع والتميّز والولاء الوطني، وفـي هذه المناسبة، نرفع أسمى آيات الولاء والعرفان إلى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على ما أرساه من نهج تنموي شامل، وما يوليه -أعزّه الله- من دعم كريم للرياضة والشباب فـي سلطنة عُمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: اللجنة الأولمبیة الع مانیة الریاضیة الع مانیة الأولمبیة الدولیة الریاضة الع مانیة الحرکة الأولمبیة صاحب السمو السید تاریخ الریاضة هذا المشروع رؤیة طموحة هذا المتحف من خلال سهم فـی آل سعید تاریخ ا التی ت عالی ا
إقرأ أيضاً:
شجرة المتحف القومي ولصوصية الكيزان..!
شجرة المتحف القومي ولصوصية الكيزان..!
د. مرتضى الغالي
“كفاح الكيزان” من أجل العودة للسلطة (على أسنة الرماح) أعاد للذاكرة غرائب اللصوصية التي جرت في عهدهم السابق..! هل تذكرون “شجرة الصندل” التي كانت في فناء المتحف القومي بالخرطوم..؟!
اختفت فجأة من حديقة المتحف.. وسبّب ذلك حيرة للجميع..! وعُدّت هذه الواقعة من (غرائب السرقات) في عالم اللصوصية.. فمن كان يظن أن أحداً من الناس يمكن أن يقتلع شجرة من جذورها ويحملها إلى بيته..!
لذلك ذاع خبرها وتم نشر عدة تقارير حولها في وكالات ومواقع وصحف عالمية منها “صحيفة الشرق الأوسط”..!
عمر هذه الشجرة في ذلك الوقت كان 56 عاماً.. ويقدّر العائد من أخشابها بقيمة (700 ألف دولار).. فمن يعرف مثل هذه الحسابات غير الكيزان..؟!!
هم يعلمون أن مُخرجاتها تُستخدم في صناعة العطور من “خُمرة وبخور ودلكة”..! ولكن يأخذك العجب من هذه (الفكرة الشيطانية): سرقة شجرة باسقة تتأود مع الريح من حوش المتحف القومي..!
لم يترك اللصوص من جذعها المتشبّث بالأرض غير 25.2 سنتيمتر (وهي أقدم شجرة صندل في السودان تم جلبها من الهند، وزُرعت في خمسينيات القرن الماضي على يد خبير تصنيف الأشجار “أمين ميخائيل” مما أضفى عليها “قيمة تاريخية وآثارية”.. ولكن مال الكيزان وذلك..؟! المهم هو (قيمتها الدفترية)..!
قالت التقارير إن مثل هذه السرقة لا تتم إلا بمعرفة وإشراف (كبار كوادر الشريعة المدغمسة) الذين يسمحون بـ(الحركة الليلية) ويُشرفون على (الترتيبات الأمنية) وعلى تجهيز الناقلات و(مراعاة الصالح العام)..!
ولكن الأقوال تضاربت حول الآليات التي تم استخدامها في خلخلة جذع الشجرة وقطع ساقها وإخراجها عبر (البوابة الرئيسية) مع وجود الخفراء والحرّاس..!
ولم يُعرف كذلك المكان الذي تم فيه تشذيب أطرافها ولملمة فروعها والتخلّص من أوراقها.. وتشريحها إلى أحجام أصغر قابلة (للنقل والتسويق)..!
وبعد انتشار خبر السرقة وبداية التحرّيات حولها تكفّل قضاء الكيزان ونيابته العامة و”ديوان الحِسبة والمظالم” بقتل القضية وإغلاق ملفاتها.. لأن (حاميها هو حراميها)..!
لقد كانت حكاية مشوّقة لمأساويتها وطرافتها الموجعة ولـ(صغارة نفس) هؤلاء القوم..! وقد كانت تستحق المتابعة رغم أنها تدور في ذات السياق المعروف عن شره وطمع الكيزان وتتبّعهم لكل شاردة وواردة تدًر المال..! لا يرون (فلساً طائراً) إلا وركبوا له السلطة وأتوا به من قرونه..!
هذا ليس غريباً فقد قام الكيزان الكبار بخصخصة واحتكار (الدرداقات) التي كان الصبيان الصغار يدحرجونها لنقل خضار المتسوّقين من أجل توفير مصروف إفطار المدرسة وشراء بعض أرغفة الخبز لأهاليهم..!
فعلاً كانت قصة هذه الشجرة المسكينة تستحق أن تكون رواية على غرار موسم الهجرة إلى الشمال أو رواية مارغريت ميتشل (ذهب مع الريح)..!
إنها مثل (حكاية الزرافة الشهيرة) التي خرجت من السودان في رحلة عجيبة إلى ميناء مرسيليا في فرنسا عبر الإسكندرية.. عندما قرر “محمد علي باشا” إهداء زرافة سودانية إلى “شارل العاشر” ملك فرنسا..!
وجرى استقبال هذه الزرافة (استقبالاً دبلوماسياً) وأُعجب بها الفرنسيون إعجاباً بلغ إقامة الكرنفالات وفرش الأبسطة تحت إقدامها..! وقامت بيوت الأزياء الشهيرة بمحاكاة لونها وخطوط جلدها في موضات ربطات العنق والأحذية والمعاطف وأغطية الرأس.. وتم تأليف السيمفونيات والمقطوعات الموسيقية التي تحمل اسمها.. إلخ
لقد عُرف ذلك لاحقاً بـ”هوس الزرافة”.. حتى بعد وفاتها (عام 1845) حيث جرى تحنيطها وعرضها في متحف التاريخ الطبيعي بمدينة “لاروشيل” كواحدة من أغرب الهدايا السيادية في التاريخ..!
أنت (كوز)..؟! إذن انهب واسرق ما شئت..! ولو كانت شجرة في فناء متحف السودان القومي.. الله لا كسّبكم..!
الوسومالاسكندرية السودان الكيزان المتحف القومي الهند د. مرتضى الغالي شارل العاشر شجرة الصندل فرنسا مارسيليا مارغريت ميتشل محمد علي باشا