«المتحف الأولمبي العُماني» رؤية طموحة ومركز معرفي مُلهم للأجيال
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
دشّن صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد، مساء اليوم، المتحف الأولمبي العُماني بمقر اللجنة الأولمبية العُمانية والاتحادات الرياضية بالغبرة، وذلك في الحفل الذي أقامته اللجنة الأولمبية العُمانية، بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة ورؤساء الاتحادات الرياضية ووسائل الإعلام المختلفة، وذلك في مناسبة تُشكّل خطوة مهمة ضمن الجهود التي تبذلها اللجنة الأولمبية العُمانية في إبراز وتوثيق المشهد الرياضي العُماني بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، وفي إطار الجهود المتواصلة لترسيخ الثقافة الأولمبية وتعزيز حضور الرياضة العُمانية على المستويين المحلي والدولي.
ويمثل المتحف الأولمبي العُماني إضافة نوعية للمشهد الرياضي الوطني، حيث يجمع بين التوثيق والتجربة التفاعلية، ليُشكّل منصة معرفية تحتفي بإنجازات الرياضيين العُمانيين في مختلف البطولات الإقليمية والدولية، ويُسهم في صون الذاكرة الرياضية وتعزيز الهُوية الوطنية من خلال استعراض محطات مشرقة من تاريخ الرياضة في سلطنة عُمان، كما يُعرّف الزائرين بقيم الحركة الأولمبية النبيلة من تفوق واحترام وصداقة، من خلال مجموعة من المعروضات التي تشمل الميداليات والمعدات الرياضية، إلى جانب عروض رقمية ومحتوى بصري يوثّق مسيرة الرياضة في سلطنة عُمان.
كما يأتي هذا المشروع في سياق رؤية طموحة تسعى إلى جعل المتحف مركزًا معرفيًا مُلهمًا للأجيال، ويعكس الحضور العُماني في الساحة الأولمبية، ويُسهم في دعم الرياضيين الناشئين من خلال تقديم قصص نجاح وتجارب مُلهمة لعدد من الأسماء التي صنعت تاريخًا رياضيًا مشرّفًا لسلطنة عُمان، كما يُعزّز المتحف الانفتاح على العالم عبر تسليط الضوء على إسهامات سلطنة عُمان في الحركة الأولمبية الدولية، ويعكس الشراكة الفاعلة مع مؤسسات رياضية بارزة مثل اللجنة الأولمبية الدولية والمجلس الأولمبي الآسيوي ووزارة الثقافة والرياضة والشباب.
ويضم المتحف عدة أقسام متخصصة صُمّمت بعناية لتلائم مختلف الاهتمامات، من بينها قسم يسرد تاريخ الحركة الأولمبية الدولية، مرورًا بعرض لمجموعة من الشُّعل الأولمبية التي تُعد من أبرز رموز الألعاب، إضافة إلى ركن مقتنيات اللجنة الأولمبية العُمانية، وقسم مخصص لدور المرأة العُمانية في الرياضة يُبرز نماذج مشرقة من العطاء النسائي، وأقسام تُسلّط الضوء على الرياضات البارالمبية، والعروض المرئية التي توثّق لحظات استثنائية في تاريخ الألعاب، وخُصّص متجر للهدايا التذكارية سيُقدّم مجموعة من المنتجات المرتبطة بالهُوية الأولمبية.
ويجسد افتتاح المتحف الأولمبي العُماني التوجه الوطني نحو توثيق المنجزات وتعزيز الحضور الثقافي للرياضة في سلطنة عُمان، من خلال إنشاء فضاء مفتوح يُتيح للمهتمين والباحثين والرياضيين والجمهور العام التفاعل مع هذا الإرث، والتعرّف على مسيرة الرياضيين العُمانيين الذين أسهموا في رفع اسم الوطن عاليًا، كما يمثل خطوة متقدمة في إطار بناء بنية أساسية رياضية وثقافية تُعزّز من مكانة سلطنة عُمان على الساحة الدولية، وتفتح آفاقًا أوسع أمام الأجيال الصاعدة للانخراط في الرياضة بوصفها أسلوب حياة ومسارًا للتفوق والتميّز.
خالد الزبير: صرح وطني وإضافة لمنظومة العمل الرياضي في سلطنة عُمان
قال خالد بن محمد الزبير، رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية، فـي كلمته خلال حفل افتتاح المتحف الأولمبي العُماني: من دلائل رقي الأوطان وسمو نهضتها أن تُقام فـيها المعالم التي تحفظ التاريخ، وتخلّد الإنجاز، وتوثّق مسيرة العطاء، وتلهم الأجيال، وها هي سلطنة عُمان، وفـي ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تواصل نهجها الأصيل فـي الجمع بين الأصالة والتجديد، فتبني المؤسسات، وتحتضن المبادرات، وتفتتح الصُروح التي تبقى شاهدًا حيًا على مسيرة وطن لا يعرف السكون، وطن يفخر بماضيه، وينعم بحاضره، ويتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا.
وأضاف: نحتفـي جميعًا بافتتاح المتحف الأولمبي العُماني، هذا الصرح الوطني الذي يعد إضافة إلى منظومة العمل الرياضي فـي سلطنة عُمان، ويُجسد فخرنا بتاريخنا الرياضي، ووفاءنا لرواد الحركة الرياضية، وتطلعنا الدائم نحو مستقبل أكثر إشراقًا وتميزًا، وانبثقت فكرة إنشاء هذا المتحف من قناعة راسخة لدى مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية بأهمية توثيق المسيرة الرياضية الوطنية، وحفظ ذاكرتها، وتكريم رموزها الذين أسهموا بجهودهم وعطائهم فـي رفع راية سلطنة عُمان فـي المحافل الإقليمية والدولية، وقد حرصنا على أن تعكس هوية المتحف عُمق الهوية الوطنية العُمانية العريقة، وأن تتماشى فـي تصميمها ومضامينها مع أفضل المعايير المتبعة فـي المتاحف الأولمبية، ليكون هذا المشروع شاهدًا على أمجاد الماضي، ومنارة تلهم أجيال المستقبل.
وقال الزبير: لا يفوتني أن أؤكد ما تمثله المتاحف الأولمبية حول العالم من أهمية خاصة، بوصفها إحدى الأدوات الرئيسة التي تعتمدها اللجنة الأولمبية الدولية واللجان الوطنية لتوثيق الحركة الأولمبية، ونشر قيمها النبيلة، وتعزيز الوعي بالدور الحضاري والإنساني للرياضة، ويأتي المتحف الأولمبي العُماني ليكون جزءًا من هذه المنظومة العالمية، ويعكس الوجه الحضاري والرياضي لسلطنة عُمان، ويُسهم فـي ربط ماضيها الرياضي العريق بحاضرها ومستقبلها الزاهر.
وتابع حديثه بالقول: جرى إخراج المتحف بأسلوب عصري راقٍ، مع اعتماد أحدث التقنيات التفاعلية الحديثة، بما يوفر تجربة نموذجية متكاملة لزواره، تتيح لهم التفاعل مع محتوياته، والاطلاع على محطات مضيئة من تاريخ الرياضة العُمانية والأولمبية بأسلوب مشوّق وملهم.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية: إن هذا الصرح لم يكن ليكتمل لولا تضافر الجهود، وإيمان الجميع بأهمية حفظ الذاكرة الرياضية العُمانية للأجيال القادمة، وفـي هذا الجانب نجدّد الشكر والتقدير إلى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، على ما أولاه من دعم ورعاية واهتمام منذ انطلاقة المشروع، وما عبّر عنه من رؤية طموحة للنهوض بالقطاع الرياضي وتطوير مؤسساته، وتعزيز الوعي المجتمعي بقيم الرياضة وأثرها الحضاري، كما نثمّن عاليًا حضور ومشاركة نخبة من الرموز الرياضية العُمانية التي أسهمت فـي رسم معالم المشهد الرياضي الوطني، فكان عطاؤهم أساسًا لما نعيشه اليوم من تطور، ويأتي هذا المتحف وفاء لهم وتكريمًا لذكراهم، والشكر كذلك إلى الاتحادات واللجان الرياضية، وإلى الرياضيين والشخصيات الرياضية الوطنية التي أسهمت بكل سخاء فـي تزويد المتحف بمقتنيات قيّمة، عكست عمق التجربة الرياضية العُمانية وتنوعها، فكانت إسهاماتهم محل فخر واعتزاز، وعاملًا رئيسيًا فـي إثراء هذا المشروع الوطني، كما أرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى كل من أسهم فـي إنجاز هذا المشروع الوطني الرائد، ممن آمنوا برسالته، وشاركوا فـي تشييد معالمه، وأفردوا له من وقتهم وجهدهم ما استحقه من إخلاص ووفاء، وأخص بالشكر أولئك الرياضيين الأفذاذ الذين قدّموا مقتنياتهم الثمينة لتكون جزءًا من شواهد المتحف وموجوداته، فكانوا بذلك أوفـياء لذاكرتهم الرياضية، وسفراء لقيم العطاء والانتماء، والشكر موصول إلى جميع الرياضيين والإعلاميين الذين ظلوا على الدوام شركاء مخلصين فـي رسم صورة الرياضة العُمانية وتوثيق محطاتها.
علي البوصافي: المتحف يسهم في بناء مجتمع واعٍ يعتز بإرثه وتاريخه الرياضي
قال علي بن سالم البوصافـي، رئيس فريق عمل مشروع المتحف الأولمبي العُماني: يأتي مشروع المتحف الأولمبي العُماني ضمن رؤية طموحة تسعى إلى تعزيز الهوية الرياضية العُمانية، وفـي خطوة تُجسّد التزام اللجنة الأولمبية العُمانية الراسخ بنشر الثقافة الأولمبية، وتوثيق الإنجازات الرياضية التي شكّلت جزءًا مهمًا من مسيرتنا الرياضية، وتحويل التجارب والنجاحات الرياضية إلى محتوى معرفـي وثقافـي يُلهم الأجيال، ويُسهم فـي بناء مجتمع واعٍ يعتز بإرثه وتاريخه الرياضي.
وأضاف: حرصنا على أن يكون المتحف منصة معرفـية حيّة تحتفـي بالإنجازات الرياضية لسلطنة عُمان، وتعرض حضورها المشرّف فـي المحافل الإقليمية والدولية، عبر تجربة تفاعلية توثّق محطات مضيئة من تاريخ الرياضة العُمانية، وتُبرز القيم الأولمبية النبيلة من تفوّق واحترام وصداقة.
وقال البوصافـي: مرّ المشروع بمراحل دقيقة من التطوير، بدأت بجمع المقتنيات، والميداليات، والمعلومات، وصولًا إلى تصميم أقسام متنوعة تشمل تاريخ الحركة الأولمبية الدولية، وإسهامات اللجنة الأولمبية العُمانية، ودور المرأة فـي الرياضة، والرياضات البارالمبية، بالإضافة إلى معرض الشعلة الأولمبية، وقاعة سينمائية، ومتجر للهدايا التذكارية، وتكمن أهمية المتحف فـي كونه معلمًا ثقافـيًا واستراتيجيًا يعزّز من حضور سلطنة عُمان فـي الساحة الرياضية الدولية، ويفتح أبوابه للزوار من مختلف الفئات، من باحثين وطلبة وجمهور عام، ليكونوا جزءًا من هذا التاريخ، وليستلهموا من قصص النجاح الرياضي التي حققها الرياضيون العُمانيون فـي المحافل المختلفة، ونحن فـي اللجنة الأولمبية العُمانية نؤمن أن هذا المتحف سيكون رافدًا مهمًا لنشر الوعي الأولمبي، وتوثيق الإنجازات، ودعم الرياضيين فـي مسيرتهم، كما يُعد لبنة أساسية ضمن جهود سلطنة عُمان لتطوير بنيتها الأساسية الرياضية والثقافـية، بما يعكس طموحاتها المستقبلية فـي هذا المجال.
طه الكشري: منصة وطنية للتوثيق والمعرفة والإلهام وتجسيد حي للذاكرة الرياضية العُمانية
أشار طه بن سليمان الكشري، الأمين العام للجنة الأولمبية العُمانية، إلى أن افتتاح المتحف الأولمبي العُماني يُمثّل محطة محورية فـي مسار تطوير الرياضة العُمانية وتوثيق ذاكرتها، وخطوة استراتيجية تُترجم حرص مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية على أهمية الرياضة كقيمة وطنية شاملة، تتجاوز حدود المنافسة إلى أبعاد أعمق تتصل بالهوية والثقافة والمعرفة والبحث العلمي.
وقال الكشري فـي تصريح له عقب الافتتاح: حرصنا منذ اللحظة الأولى على أن يكون هذا المتحف أكثر من مجرد فضاء لعرض الميداليات والإنجازات، بل منصة وطنية حيّة تستعرض مسيرة الرياضة العُمانية وقيمها النبيلة، وتقدّم تجربة تفاعلية متعددة الأبعاد تدمج بين التوثيق والتعليم والإلهام والمعرفة.
وفـي هذا السياق، توجّه الكشري بأسمى عبارات الشكر والعرفان إلى صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد على رعايته لهذا الحدث الأولمبي البارز، مشيرًا إلى أن حضوره الكريم يُجسّد عمق اهتمام القيادة بالشأن الرياضي، ويُعد دعمًا كبيرًا لمنظومة العمل الأولمبي فـي سلطنة عُمان.
كما عبّر عن بالغ الامتنان والتقدير لخالد بن محمد الزبير، رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية، على رؤيته الثاقبة ودعمه المستمر للمشروع منذ انطلاق فكرته، مؤكدًا أن المتحف لم يكن ليُنجز بهذا المستوى الرفـيع لولا متابعته وتوجيهاته الحثيثة فـي كل مراحل التنفـيذ.
وفـي سياق حديثه، ثمّن الكشري عاليًا الدعم والرعاية من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، الذي أولى المشروع اهتمامًا كبيرًا منذ بداياته، وحرص على توفـير كافة سبل النجاح له، انطلاقًا من رؤيته الطموحة للنهوض بالقطاع الرياضي، وتعزيز حضوره التربوي والثقافـي والتنموي فـي المجتمع العُماني.
وأكد الكشري أن المتحف يُعد إضافة نوعية على المستويين التربوي والثقافـي، ومن المتوقع أن يصبح محطة رئيسية لطلبة المدارس والجامعات، تُسهم فـي غرس قيم العمل الجماعي، والطموح، والانضباط، كما سيكون مرجعًا علميًا مهمًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الرياضة العُمانية والهوية الثقافـية الوطنية، من خلال ما يوفره من أرشيف رقمي، ووثائق، ومقتنيات تغطي مختلف مراحل تطور الرياضة فـي سلطنة عُمان.
وأضاف: إن المتحف يُبرز التزام سلطنة عُمان بالقيم الأولمبية، ويُعزّز ارتباط المجتمع بالرياضة كرافد من روافد الهوية الوطنية ومسار واعد للتنمية، وحاولنا أن نُراعي فـي تصميمه أفضل المعايير العالمية للمتاحف الأولمبية، سواء من حيث المحتوى أو التقنيات التفاعلية، ليكون تجربة ملهمة وفريدة لجميع الزوار.
وأشار إلى أن اللجنة الأولمبية العُمانية تعمل على تعزيز التعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية، والمتحف الأولمبي الدولي فـي لوزان، وعدد من المتاحف الأولمبية الإقليمية، بهدف تبادل المعارض والخبرات، وتطوير برامج التوعية الأولمبية، وترسيخ حضور سلطنة عُمان فـي خارطة الثقافة الرياضية العالمية.
وفـي ختام تصريحه، ثمّن الكشري عاليًا الجهود الكبيرة التي بذلها مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية فـي دعم المشروع، مؤكدًا أن تضافر الجهود داخل المؤسسة الأولمبية كان له أثر كبير فـي إنجاح المشروع وتحقيق أهدافه، كما عبّر عن تقديره العميق للدور الفاعل الذي قامت به الاتحادات واللجان الرياضية، وبعض الشخصيات الرياضية الوطنية فـي تقديم مقتنيات ووثائق ثمينة أثرت محتوى المتحف، معتبرًا هذه المشاركة تجسيدًا لروح الانتماء ووفاء لجيل الرواد الذين أسهموا فـي بناء مسيرة الرياضة العُمانية.
وختم قائلًا: نأمل أن تتواصل إسهامات أصحاب الإنجازات فـي مختلف المجالات الرياضية، ليضيفوا لمستهم الخاصة على مقتنيات المتحف، الذي سيبقى حاضرًا دومًا للتطوير والتجديد؛ فالمتحف الأولمبي العُماني ليس فقط توثيقًا للماضي، بل استثمار فـي الحاضر، وإلهام للمستقبل، ورسالة مفتوحة لكل شاب وشابة بأن الرياضة كانت وستظل من أهم مسارات الإبداع والتميّز والولاء الوطني، وفـي هذه المناسبة، نرفع أسمى آيات الولاء والعرفان إلى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على ما أرساه من نهج تنموي شامل، وما يوليه -أعزّه الله- من دعم كريم للرياضة والشباب فـي سلطنة عُمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: اللجنة الأولمبیة الع مانیة الریاضیة الع مانیة الأولمبیة الدولیة الریاضة الع مانیة الحرکة الأولمبیة صاحب السمو السید تاریخ الریاضة هذا المشروع رؤیة طموحة هذا المتحف من خلال سهم فـی آل سعید تاریخ ا التی ت عالی ا
إقرأ أيضاً:
الهيدروجين العُماني ممر أخضر يعبر البحار إلى قلب أوروبا
مسقط – في خطوة تعيد رسم خريطة الطاقة المتجددة عالميا وقّعت سلطنة عمان منتصف الشهر الماضي اتفاقية إستراتيجية مع مملكة هولندا لإنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين الأخضر المسال، انطلاقا من ميناء الدقم العُماني إلى ميناء أمستردام الهولندي، ثم إلى مراكز صناعية ألمانية كبرى، ومنها إلى باقي الدول الأوروبية.
ويمثل هذا المشروع الطموح نقلة نوعية في علاقات الطاقة الدولية، وتجسيدا عمليا لرؤية سلطنة عمان نحو الريادة في الاقتصاد الأخضر عالميا، وفق مراقبين.
معالم المشروعوجاء توقيع الاتفاقية خلال الزيارة الرسمية التي أجراها السلطان هيثم بن طارق إلى أوروبا، وتحديدا إلى مملكة هولندا، مستهدفا تأسيس ممر مباشر لنقل الهيدروجين الأخضر المسال بما يتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي (آر إف إن بي أو).
وتبلورت هذه المبادرة عبر شراكة إستراتيجية جمعت بين القطاعين العام والخاص في سلطنة عمان، إلى جانب كبرى الشركات الأوروبية المتخصصة في مجال الطاقة والنقل.
وتشمل قائمة المشاركين من سلطنة عمان شركة "هايدروم" المنسقة الوطنية لإستراتيجية الهيدروجين الأخضر، ومجموعة "أوكيو" المطورة الرئيسية لمحطة التسييل والتخزين، وميناء الدقم، في حين تشمل الجهات الأوروبية شركات مثل "إيكولوغ ورويال فوباك" وميناء أمستردام ومراكز "آر إف إن بي أو" التابعة للاتحاد الأوروبي للوقود المتجدد.
وتخطط سلطنة عمان لتصدير أول شحنة من الهيدروجين الأخضر في عام 2029 تزامنا مع اكتمال البنية الأساسية للمشروع على ضفتي الممر.
ووصف وزير الطاقة والمعادن المهندس سالم بن ناصر العوفي المشروع بكونه "نقطة تحول إستراتيجية لبناء اقتصاد قائم على الهيدروجين"، مؤكدا أن سلطنة عمان تسعى إلى تحقيق تكامل بين الإنتاج والتصدير.
بدورها، قالت وزيرة المناخ والنمو الأخضر في مملكة هولندا صوفي هيرمانز إن هذه الاتفاقية تمثل محطة مهمة في مسيرة التعاون بين سلطنة عمان ومملكة هولندا في مجالات الطاقة النظيفة، إذ يسهم هذا المشروع في ربط إنتاج الهيدروجين الأخضر العُماني بالأسواق الأوروبية، مما يدعم التوجهات الإستراتيجية نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز أمنها على المدى البعيد.
وأكدت هيرمانز أن قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان يشهد تطورا ملحوظا وفق منهج سليم، مما يجعله من بين القطاعات ذات الإطار التنظيمي الذي يثبت يوما بعد يوم استمرار جاذبيته لاستقطاب الاستثمارات وتكوين الشراكات على مستوى العالم.
وذكرت أنه تم منح عقود لتنفيذ مشاريع الهيدروجين الأخضر لتحالفات تضم 22 شركة عالمية بدأت في تنفيذ الأعمال التطويرية في محافظتي الوسطى وظفار بسلطنة عمان.
من جهتها، اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) سلطنة عمان نموذجا ملهما للتنمية المستدامة في الخليج، مشيدة برؤية السلطنة الطموحة للتحول الطاقي.
بوابة عُمان إلى مستقبل الطاقة النظيفةويمثل هذا المشروع تتويجا لجهود سلطنة عمان المتواصلة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر ضمن إطار "رؤية عُمان 2040" التي تركز على التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وفق مراقبين.
وأطلقت سلطنة عمان عددا من المبادرات لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، كان أبرزها تأسيس شركة "هايدروم" في عام 2022، كمؤسسة وطنية معنية بتخطيط وتنفيذ إستراتيجية الهيدروجين الأخضر، وطرحها لجولات استثمارية كبرى في عام 2023 جذبت تحالفات دولية للعمل في عُمان.
إعلانوتسعى "هايدروم" إلى تخصيص أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع من الأراضي لمشاريع الهيدروجين، مما يضع سلطنة عمان في مقدمة الدول عالميا من حيث حجم الأراضي المخصصة لهذا القطاع الحيوي.
وقال المحلل الاقتصادي العُماني خلفان الطوقي، للجزيرة نت، إن سلطنة عُمان تسير بخطى واثقة نحو الريادة العالمية في صناعة الهيدروجين الأخضر، مشيرًا إلى أن "مجرد التقدّم والتموضع المبكر في هذه التقنية الواعدة يضع عُمان على خارطة الطاقة العالمية، ليس فقط كمنتِج بل كمركز استراتيجي وملتقى لوجستي لصناعة الهيدروجين".
وأضاف الطوقي أن ما يميز الدور العُماني المرتقب لا يقتصر على تصدير الهيدروجين المنتج محليًا، بل يتعدّاه إلى لعب دور الممرّ الحيوي للهيدروجين القادم من دول أخرى، "وهو ما يمنح السلطنة ميزة تنافسية نادرة في مجالات البنية التحتية والطاقة والخدمات".
وأكد أن هذه الخطوة تُعد نقلة اقتصادية نوعية، إذ من المتوقع أن "تُوفّر مصدر دخل مستدامًا للخزينة العامة، وتُسهم بشكل مباشر في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي".
وأكد الطوقي على أن المشروع لا يعني فقط تصدير الطاقة، بل يشكّل منصة لتحولات أكبر، من بينها "نقل التكنولوجيا، وفتح مسارات توظيف جديدة للعمانيين، وتطوير تخصصات علمية وفنية متقدمة، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل وطني تُهيّئ الكفاءات المحلية للاندماج في مستقبل الطاقة العالمي".
وبحسب التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة بعنوان "الهيدروجين المتجدد من عُمان"، فإن الاستثمارات المتوقعة في قطاع الهيدروجين قد تتجاوز 140 مليار دولار بحلول عام 2050، في حين يتوقع أن يصل حجم الإنتاج السنوي إلى 3.75 ملايين طن، أي ما يعادل 8% من حجم السوق العالمية المستهدفة.
إعلانوتسير سلطنة عمان بخطى واثقة نحو تطوير البنية التحتية الملائمة، من خطوط أنابيب ومحطات تسييل وتخزين، إلى موانئ تصدير متقدمة مثل ميناء الدقم الذي يتمتع بموقع إستراتيجي يربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية.
ولم يقتصر الطموح على اتفاقية واحدة، بل أعلنت السلطنة في وقت سابق عن سلسلة من المبادرات الإضافية، منها:
توقيع العديد من اتفاقيات الامتياز لمشاريع الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع شركاء من أوروبا وآسيا. تطوير منصة رقمية وطنية (غد) تنظم عمليات الإنتاج والتصدير وتربط المستثمرين محليا ودوليا.وتسعى سلطنة عُمان إلى تحويل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر عبر تطوير بنية صناعية متكاملة تشمل:
تصنيع المعدات والتقنيات المرتبطة بالهيدروجين. إنتاج الأمونيا والميثانول الأخضرين. إنشاء مراكز أبحاث وتطوير متقدمة لدعم الابتكار المحلي.وتأمل السلطنة أن تسهم هذه المشروعات في توفير آلاف فرص العمل، وتعزيز سلاسل التوريد المحلية والعالمية، وترسيخ موقعها كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.