أكد مسؤول أميركي تحقيق تقدم كبير في المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي، بينما يتصاعد القلق في إسرائيل بشأن هذا المسار التفاوضي، واحتمال تقديم واشنطن "تنازلات" لإيران.

ومن المنتظر عقد جولة ثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية غير المباشرة في العاصمة العمانية مسقط، في إطار أول تواصل رفيع المستوى بين الجانبين منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018.

وأفادت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أنه تم تحقيق تقدم "جيد للغاية" في الجولة الثانية، التي عُقدت بالعاصمة الإيطالية روما أمس السبت.

وستغطي المفاوضات المقبلة، التي ستركّز على "التفاصيل الفنية"، جوانب رئيسية مثل المستويات القصوى لتخصيب اليورانيوم وحجم المخزون.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله إن هذه المحادثات قد تُتيح فرصة "لوضع التفاصيل" في الأيام المقبلة.

"اتفاق خلال أسابيع"

في السياق نفسه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية إن الاتفاق الأميركي الإيراني أصبح قريبا، وقد يتم إبرامه خلال أسابيع في ظل "إرادة للتحرك بسرعة لتفادي الأسوأ".

إعلان

لكنه أضاف أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني من دون إمكانية التحقق على الأرض من قِبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ورأى غروسي أن الوكالة الدولية قادرة على إيجاد حل تقني مع الخبراء الأميركيين والإيرانيين إذا توفرت الإرادة السياسية.

من جانب آخر، أعلنت الرئاسة الإيرانية، اليوم الأحد، أن وزير الخارجية قدم تقريرا مفصلا للحكومة بشأن المفاوضات التي جرت في روما أمس.

كما ذكرت الخارجية الإيرانية أن عراقجي أطلع نظيره السويسري على مستجدات المحادثات مع الولايات المتحدة.

محادثات الخبراء

بدوره، أوضح نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، في تصريحات لوكالة الأنباء الإيرانية، أن المحادثات الفنية بين الخبراء الأميركيين والإيرانيين في مسقط، الأربعاء المقبل، ستكون غير مباشرة أيضا.

وسيجتمع بعد ذلك كبار المفاوضين من الجانبين في العاصمة العمانية يوم السبت المقبل لمراجعة عمل الخبراء.

وبشأن وجود عرض أي اتفاق محتمل على البرلمان الإيراني لإقراره، أكد غريب آبادي أنه عندما يتم التوصل إلى مذكرة تفاهم مكتوبة سيُتخذ القرار القانوني اللازم.

وفي وقت سابق، وصفت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية مسار المحادثات بالإيجابي، وقالت إن الهدف الرئيسي هو بحث الخطوات العملية لخفض التوتر وإيجاد أرضية للمحادثات الفنية مستقبلا.

قلق إسرائيلي

في غضون ذلك، يتصاعد القلق في تل أبيب إزاء التقدم في المحادثات الأميركية الإيرانية، وفقا لما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الأحد، إن هناك "قلقا كبيرا" في إسرائيل من احتمال تقديم الولايات المتحدة تنازلات لإيران بشأن تخصيب اليورانيوم.

وذكرت الهيئة أن إسرائيل تحاول إقامة قناة اتصال مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن المحادثات مع إيران.

إعلان

ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه سيصعب على إسرائيل القيام بعمل عسكري ضد إيران إذا وقعت واشنطن اتفاقا معها.

وذكر المسؤول الإسرائيلي أن إدارة ترامب أوضحت أنه "لا داعي للقلق" في إسرائيل بشأن تقدم المحادثات مع إيران.

ونقلت الصحيفة نفسها عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن إسرائيل ستحصل على إحاطة بشأن المحادثات التي جرت في روما، مشيرا إلى أن العلاقات بين الإدارة وحكومة إسرائيل هي الأفضل على الإطلاق، وفق تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المحادثات مع

إقرأ أيضاً:

ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون

يشهد الإقليم توترا متصاعدا بعد الضربة الأميركية المفاجئة التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران، مما أثار تساؤلات عديدة حول طبيعة الرد الإيراني، وحدود التصعيد المقبل، وإمكانية انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة وطويلة الأمد.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أنها حققت الهدف المركزي من الحرب، تلتزم طهران الصمت وتدرك حساسية الموقف وتسعى إلى ردع موجه دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة.

ويعتقد محللون أن طهران تواجه مأزقا إستراتيجيا في تحديد شكل الرد المناسب، بينما تستمر إسرائيل في تصعيد الضغط العسكري، وتسابق الوقت لتقويض القدرات الصاروخية الإيرانية قبل أن تتحول المواجهة إلى معركة استنزاف.

تنسيق إسرائيلي أميركي محكم

يقول الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا -في تصريح للجزيرة نت- إن الضربة الأميركية لم تكن قرارا مفاجئا، بل تم الإعداد لها مسبقا، وجرت محاكاة سيناريوهاتها خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في إطار تنسيق وثيق بين القيادة المركزية الأميركية وإسرائيل.

ويشير العميد حنا إلى أن واشنطن دخلت المعركة لاستكمال أهداف إسرائيلية عالقة، ومنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مخرجا من أزمته السياسية.

لكنه يؤكد أن هذا التدخل فتح بابا جديدا، حيث تواجه إيران -التي اعتمدت لعقود على مبدأ "الدفاع المتقدم" عبر وكلائها الإقليميين- واقعا جديدا بعد انتقال المواجهة إلى داخل أراضيها، مما يضعف دور وكلائها في حال استمرت الحرب على شكل استنزاف طويل الأمد.

حذر محسوب ورد محدود

ويرى الكاتب والباحث أسامة أبو أرشيد -من واشنطن- أن طهران حتى الآن حددت ردها العسكري باتجاه إسرائيل، متجنبة الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، رغم التصريحات المتكررة لقادتها العسكريين التي تؤكد أن الرد على واشنطن قادم.

ويضيف أبو أرشيد -في تصريحات للجزيرة نت- أن أحد الاحتمالات المطروحة هو شن هجمات سيبرانية، وهو ما حذرت منه وزارة الأمن القومي الأميركية.

إعلان

لكنه يشير إلى أن أي رد مباشر على قواعد أميركية في العراق أو الخليج سيضع إيران أمام معادلة صعبة "بين ردع العدو وعدم الانجرار إلى حرب مفتوحة".

ويستذكر تجربة عام 2020، حين ردت طهران على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني بضرب قاعدة عين الأسد، بعد إنذار غير مباشر لتجنب سقوط قتلى، لكن الوضع اليوم أكثر تعقيدا في ظل ضغوط انتخابية على واشنطن.

تصريحات نتنياهو

دعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نتنياهو إلى اتخاذ القرار الصعب، واغتنام الفرصة التي أتاحتها الضربة الأميركية الأخيرة عبر الانخراط في تسوية سياسية تقود إلى وقف إطلاق النار.

ومن جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن إسرائيل تعتبر الضربة الأميركية فرصة إستراتيجية دفعتها لاستثمار اللحظة بكل قوة.

ويشير مصطفى إلى إعلان نتنياهو أن الهدف المركزي للحرب، وهو تدمير المشروع النووي الإيراني، قد تحقق. لكنه يعترف بوجود فسحة زمنية محدودة لاستكمال ضرب القدرات الصاروخية الإيرانية.

ويضيف أن إسرائيل تسعى لإنهاء الحرب بقرار إسرائيلي، مع محاولة إقناع واشنطن بتوجيه ضربة ثانية لضمان تدمير المنشآت النووية بالكامل، وتتبنى إسرائيل سياسة "الهدوء مقابل الهدوء والتصعيد مقابل التصعيد" مع الحفاظ على مسار جوي آمن لضرب أهداف إيرانية، إلى أن تفرض تسوية دبلوماسية أو تضعف قدرة إيران على الرد.

حسابات مفتوحة

يشير أبو أرشيد إلى أن الحسابات العسكرية والسياسية التي سبقت الضربة الأميركية تتسم بتعقيدات كبيرة، إذ كشفت تقارير أميركية عن قيام إسرائيل بقصف منصات دفاع جوي إيرانية لتأمين أجواء العمليات لطائرات "بي-2" الأميركية التي نفذت الهجمات.

ويؤكد أن طهران تدرك أن الضربة الأميركية لم تكن ممكنة لولا التحريض الإسرائيلي، مشيرا إلى تبني واشنطن رواية استخباراتية إسرائيلية تتعارض مع تقييمات وكالاتها بأن إيران لم تسع لتطوير سلاح نووي منذ 2003.

ويحذر أبو أرشيد من احتمال لجوء طهران إلى تأزيم الملاحة في مضيق باب المندب بدلا من إغلاق مضيق هرمز، لما لذلك من كلفة عالية على إيران.

ويتفق المحللون على أن الأزمة تتجاوز المنشآت النووية التي استهدفتها الضربات، وتمتد إلى ما يقارب 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب الذي يبدو أن إيران نقلته قبل الهجمات، إضافة إلى المعرفة النووية المتقدمة، والصواريخ الباليستية، والدور الإقليمي لطهران.

وتشن إسرائيل حربا مفتوحة على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تستهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية، كما اغتالت خلال أيام قيادات بارزة في الحرس الثوري، بينهم رئيس هيئة الأركان، إلى جانب عدد من العلماء النوويين.

ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة الإسرائيلية الإيرانية -عبر ضربات مباشرة على منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز وأصفهان- ارتقى التصعيد إلى مستوى غير مسبوق.

مقالات مشابهة

  • ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون
  • التصعيد يتصاعد.. إيران تقصف قواعد أمريكية في قطر والعراق وسط حالة تأهب قصوى في إسرائيل
  • خلاف أوروبي بشأن اتفاق مع إسرائيل وتل أبيب تهاجم تقريرا حقوقيا
  • أميركا أمام مجلس الأمن: ضربنا إيران لمساعدة إسرائيل وحمايتها
  • زيلينسكي للجزيرة: دعم أميركا لأوكرانيا سيتراجع جراء حرب إسرائيل وإيران
  • بعد لقائه مع عراقجي.. وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف التصعيد بين إسرائيل وإيران
  • مسؤول سابق بالناتو: لا آمال أوروبية في إنجاح الوساطة بين إسرائيل وإيران
  • هدى رؤوف: المحادثات بين ترامب وإيران مرهونة بوقف الحرب مع إسرائيل
  • حرب إسرائيل وإيران.. إسرائيل تعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة
  • إيران ترفض المفاوضات مع أميركا قبل وقف الهجمات الإسرائيلية