هل تغلق أوروبا باب اللجوء أمام الأتراك؟
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
أنقرة- في خطوة جديدة ضمن مساعيها لإصلاح سياسة اللجوء، طرحت المفوضية الأوروبية مقترحا لإقرار قائمة موحدة للدول الأصلية الآمنة التي يفترض أن مواطنيها لا يواجهون خطرا جديا يبرر منحهم حق اللجوء.
ويهدف هذا التوجه إلى تسريع البت في الطلبات، وترحيل من تُرفض ملفاتهم بسرعة، في محاولة لتخفيف الضغط المتزايد على أنظمة اللجوء في دول الاتحاد التي تواجه تكدسا في الملفات وتناميا في الطلبات المصنفة على أنها "غير مستحقة".
وتتضمن القائمة الأولية 7 دول هي كوسوفو، ومصر، وتونس، والمغرب، والهند، وبنغلاديش، وكولومبيا. ويُفترض أن يتم التعامل مع طلبات مواطنيها عبر إجراءات معجّلة، وبافتراض مبدئي بعدم وجود حاجة للحماية، ما لم يُثبت مقدم الطلب العكس.
تركيا مرشحةفي خضم هذا النقاش، حجزت تركيا لنفسها مكانا مركزيا في الجدل باعتبارها دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ سنوات.
ووفقا لما أعلنته المفوضية، فإن الدول المرشحة تُعتبر من حيث المبدأ بلدانا آمنة لكونها ملزمة باحترام معايير الديمقراطية، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان ضمن إطار مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد.
ورغم أن القائمة الأولية التي اقترحتها لم تذكر تركيا صراحة، فإن الوثيقة أوضحت أن استبعاد دولة مرشحة قد يتم فقط في حالات استثنائية، مثل وجود نزاع مسلح على أراضيها، أو خضوعها لعقوبات أوروبية، أو تجاوز نسبة قبول طلبات لجوء مواطنيها في الاتحاد عتبة الـ20%، وهي جميعها شروط لا تنطبق على أنقرة في الوقت الحالي.
إعلانمن جهتها، لم تُصدر تركيا أي اعتراض رسمي على المقترح الأوروبي الأخير، بل تظهر مؤشرات على ترحيب ضمني بإدراجها كبلد آمن، كونه يعزز موقعها السياسي في سياق مساعي الانضمام إلى الاتحاد. وتشدد على أنها تكفل الحماية القانونية لمواطنيها، وترفض ما تصفه بـ"التسييس الأوروبي" لملف اللجوء.
وقد دأبت السلطات التركية على انتقاد منح بعض دول الاتحاد اللجوء لمواطنين أتراك تعتبرهم مطلوبين لديها، حيث وصفت وزارة الخارجية التركية قرار اليونان منح اللجوء لعسكريين أتراك متورطين في محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 بأنه قرار ذو دوافع سياسية، واتهمت أثينا بـ"حماية الانقلابيين".
طلبات مرتفعةتعكس البيانات الرسمية الصادرة عن وكالة اللجوء الأوروبية والمكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي مسارا متصاعدا في عدد طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد خلال السنوات الأخيرة، تخلله تراجع طفيف في عام 2024.
ففي عام 2019، سُجلت قرابة 25 ألفا و885 طلب لجوء من مواطنين أتراك، ما وضع أنقرة حينها في المرتبة السادسة بين أكبر الجنسيات المقدمة للجوء في أوروبا. ومع تفشي جائحة كورونا في العام التالي، انخفض العدد إلى نحو 15 ألفا و834 طلبا، متأثرا بقيود السفر وإغلاق الحدود.
لكن المنحنى عاد إلى الصعود اعتبارا من 2021، إذ سُجل نحو 23 ألفا و764 طلبا، ليتضاعف الرقم تقريبا في 2022 ويبلغ 55 ألفا و446 طلبا، مسجلا أعلى مستوى منذ سنوات.
وفي 2023، وصلت طلبات اللجوء من تركيا إلى ذروتها، حيث بلغت قرابة 101 ألف طلب، بزيادة تفوق 82% عن العام السابق، ما جعلها في الرتبة الثالثة ضمن أكبر الدول المصنفة مصدرا لطالبي اللجوء بعد سوريا وأفغانستان.
في المقابل، شهد عام 2024 تراجعا حادا في الطلبات، إذ بلغ عددها نحو 56 ألفا فقط، أي ما يقارب نصف ما سُجل في 2023، بحسب أحدث بيانات وكالة اللجوء الأوروبية. وقد أعادت هذه الانخفاضات أنقرة إلى المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر تصديرا لطالبي اللجوء في أوروبا.
إعلانإلى جانب تزايد الطلبات، تشير الإحصاءات إلى مسار عكسي في معدلات القبول، فبينما كانت نسبة الاعتراف بطلبات اللجوء التركية عام 2019 تقارب 54%، بدأت هذه المعدلات بالانخفاض عاما بعد آخر. ففي 2020، بلغ معدل القبول 45%، ثم 41% في 2021، وانخفض إلى 37% فقط في 2022.
وفي 2023، وصلت نسبة القبول إلى أدنى مستوياتها، حيث لم تمنح صفة لاجئ إلا لحوالي 23% من المتقدمين، بينما حصل 1% فقط على حماية فرعية، وتم رفض نحو 75% من الطلبات المقدّمة. أما في النصف الأول من 2024، فقد تراجع معدل القبول مجددا إلى 17% فقط، بحسب وكالة اللجوء الأوروبية، ما يعكس استمرار تشدد العواصم الأوروبية في التعامل مع الطلبات التركية.
أسباب متعددةأوضح الباحث في دراسات الهجرة حيدر هالوك جيلان، للجزيرة نت، أن طلبات اللجوء تُقبل أو تُرفض بناء على معايير دقيقة نصت عليها اتفاقية جنيف لعام 1951 وبروتوكولها الإضافي عام 1967، والتي تشترط:
أن يكون مقدم الطلب خارج بلده الأصلي. أن يُثبت وجود خطر حقيقي يُهدد حياته بسبب انتمائه العرقي أو الديني أو السياسي أو الاجتماعي.وأضاف أن هذه الشروط لا تقيّم بحسب الدولة فقط، بل تُدرس وفقا لكل حالة على حدة. ويرى أن بعض التحولات السياسية التي شهدتها تركيا، مثل احتجاجات "غزي بارك"، ومحاولة انقلاب 2016، والجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، دفعت شريحة من المواطنين إلى التفكير في مغادرتها.
لكنه استدرك بالقول إن مسألة اعتبار تركيا "دولة منشأ آمنة" لا تُحسم جماعيا، بل تقيّم على مستوى كل طلب فردي، مستشهدا بحالات "الدولدونغ" في ألمانيا، وهو وضع قانوني مؤقت يُمنح لمن رُفضت طلباتهم ولكن لم ينفذ ترحيلهم، والذي يستخدم على نطاق واسع بين المتقدمين الأتراك.
وأشار جيلان إلى أن دوافع التقدم بطلبات اللجوء لم تقتصر على الأسباب السياسية، بل شملت أيضا عوامل اقتصادية لا سيما في ظل موجات "هجرة العقول" من تركيا، وهو ما ينعكس في الطلبات التي ترفض غالبا لأن الدوافع الاقتصادية لا تعد مبررا قانونيا للحماية الدولية.
إعلانوحول الجدل بشأن احتمال إدراج أنقرة رسميا ضمن قائمة الدول الآمنة، قال الباحث إن هذا الاحتمال وارد في ضوء تفعيل مقترح المفوضية الأوروبية الأخير، خاصة مع تصاعد النزعات الشعبوية واليمينية في عدد من الدول الأوروبية، والتي باتت تضغط باتجاه مزيد من السياسات التقييدية على المهاجرين.
من جانبه، يرى المحلل السياسي جنك سراج أوغلو أن إثارة مسألة تصنيف تركيا كدولة آمنة لا يمكن فصلها عن السياق السياسي الأوسع الذي يحكم العلاقات بينها وبروكسل، معتبرا أن الملف يتجاوز البعد القانوني ويتصل مباشرة بموازين التفاوض بين الطرفين.
وقال للجزيرة نت إن الاتحاد الأوروبي يبقي هذا التصنيف في مستوى الغموض المتعمد، لا سيما أن استخدامه كورقة ضغط قابل للتفعيل في ملفات شائكة مثل اتفاقية الاتحاد الجمركي أو ترتيبات إعادة اللاجئين، مضيفا أن هذا التوظيف السياسي يظهر كيف أصبحت قضايا الهجرة مرتبطة مباشرة بتوازنات المصالح لا بالمبادئ فقط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات طلبات اللجوء فی الطلبات
إقرأ أيضاً:
علاج غير متوقع لآلام المفاصل دون اللجوء إلى الأدوية والجراحة
تعتبر آلام المفاصل وتيبّس الركبتين وأوجاع الوركين من الشكاوى الشائعة بين كبار السن، وغالبا ما يُقبل بها كجزء طبيعي من أعراض الشيخوخة.
لكن الواقع الطبي يوضح أن هذا ليس مصيرا حتميا، فالفصال العظمي أكثر أمراض المفاصل شيوعا في العالم يمكن الوقاية منه وعلاجه بطرق غير دوائية فعّالة للغاية.
ويرى الخبراء أن أفضل علاج للفصال العظمي لا يوجد في علب الأدوية أو غرف العمليات، بل في الحركة المنتظمة والتمارين الرياضية، ومع ذلك، تظهر الدراسات أن القليل فقط من المرضى يتلقون الإرشاد المناسب لاستخدام هذا العلاج الفعال.
وتشير أبحاث أُجريت في أنظمة الرعاية الصحية في إيرلندا والمملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة إلى نمط مقلق: أقل من نصف المصابين بالفصال العظمي يُحالون إلى العلاج الطبيعي أو التمارين الرياضية من قبل أطباء الرعاية الأولية، وفي الوقت نفسه، يحصل أكثر من 60% من هؤلاء المرضى على علاجات لا تتوافق مع الإرشادات الطبية، بينما يُحال نحو 40% إلى الجراحة قبل تجربة الخيارات غير الجراحية.
ولا يعتبر الفصال العظمي مجرد تآكل ميكانيكي للمفصل، بل مرضاً يؤثر على جميع مكوناته: السائل الزلالي والغضروف والعظم والأربطة والعضلات المحيطة، وحتى الأعصاب التي تدعم الحركة. وتستهدف الحركة المنتظمة جميع هذه العناصر، وتحافظ على صحة المفصل بكفاءة.
ويفتقر الغضروف، وهو طبقة واقية تغطي أطراف العظام، إلى إمدادات الدم المباشرة ويعتمد على الحركة للبقاء صحيا. فهو يعمل مثل الإسفنجة: ينضغط عند الحركة، فيخرج السوائل ويعيد امتصاص المغذيات، ما يحافظ على مرونة المفصل وصحته.
لذلك، فإن الفكرة التقليدية القائلة بأن الفصال العظمي هو مجرد "تآكل واهتراء" ليست دقيقة. بل هو عملية طويلة من التآكل والإصلاح، حيث تلعب الحركة والتمارين المنتظمة دورا أساسيا في الحفاظ على صحة المفصل.
ولا يفيد النشاط البدني المفاصل فحسب، بل يمتد تأثيره إلى الجسم كله، حيث ثبت أن له فوائد صحية في أكثر من 26 مرضا مزمنا. وفي الفصال العظمي، لا يقتصر تأثيره على تقوية الغضاريف والعضلات، بل يساعد أيضا على الحد من الالتهابات وتحسين التمثيل الغذائي وتعديل التغيرات الهرمونية التي تساهم في تطور المرض.
لا يوجد حاليا دواء قادر على تغيير مسار الفصال العظمي. وبينما قد تكون جراحة استبدال المفصل خيارا مناسبا لبعض المرضى، فهي عملية كبرى ولا تناسب الجميع. لذا، يؤكد الخبراء أن التمارين الرياضية يجب أن تكون الخطوة الأولى في العلاج، ويجب الاستمرار فيها طوال مراحل المرض، لأنها الأقل خطورة والأكثر شمولية للفوائد الصحية.