الدكتور محمد البحيصي – فلسطين
إلى كُـلِّ يمني غيور زلَّتْ قدماه. أو اجتهد فقدَّرَ في لحظةِ انفعال وحرص.
أو لَحِقَ أطماعَه وما ظنَّ أنه مصلحة.
أو تحكَّمت فيه مفاهيمُ سابقةٌ ولَّدتها أزمنةٌ غابرةٌ من الاختلافاتِ والتباينات.
أو فَقَدَ شيئًا من متاع الدنيا القليل: جاهًا أو مالًا.
أو اختلطت عليه المواقفُ وشُبَّهَ له.
أو ساءه تصرُّفٌ ألحق به ضررًا أو أذىً.
أو قَضَتْ عليه جغرافيا الاغترابِ واستحقاقاتُها القاسية.
إلى كُـلِّ هؤلاء وغيرهم:
بلادُكم اليمن اليومَ يناديكم..
يستصرخُ فيكم إيمَـانَكم ونخوتَكم وشهامتَكم.
اليمن الذي قام لله وانتصرَ لمستضعَفي غزةَ وفلسطينَ حين خذلهم الناس.
واستجاب لله والرسولِ حين تقاعس الناسُ وأعرضوا.
اليمن الذي قال كلمةَ الحق في وجهِ السلطان الأمريكي الصهيوني الجائر حين صمت الناس.. السلطان قاتل النساء والأطفال والشيوخ وهادم المساجد والمدارس والمستشفيات وناصب العداوة للإسلام والمسلمين أبدًا في طول التاريخ.
بلدكم اليمن يخوضُ الآن معركةً لا شبهةَ فيها ولا لَبْسَ ولا ارتيابَ في مواجهة الطاغوت الذي أُمرتم بالكفر به، حَيثُ لا يصُحُّ إيمَـانُكم إلَّا بذلك وأنتم الذين حمّلكم اللهُ أمانةَ الإيمَـان والحكمة.
إيمَـانُكم وحكمتُكم تناديكم وتستنهضُ فيكم ماضيَ أجدادكم الأنصار حاضنِي أولِ حكومة خالِصة لله في الأرض، وتربأ بكم أن يراكم اللهُ ورسولُه والمؤمنون من أسلافكم وأحفادِكم في صَفِّ غير صف المؤمنين من الكفار والمشركين والمنافقين.
في معركة هي الفُرقانُ وهي المعيار وهي الميزان بين الفئتَينِ فئة الإيمَـان وفئة الكفر. وحاشاكم أن تكونوا مع الفئة الثانية، يأبى اللهُ ورسولُه لكم ذلك، ويأبى إيمَـانُكم وتأبى أنسابُكم وأحسابُكم إلَّا أن تكونوا مع شعبكم.. مع صنعاءَ عاصمةِ الجهاد ومأرز الإيمَـان ومأوى المستضعفين، واسألوا أهلَ فلسطين يُنْبِئوكم عن هذا اليقين.
يا مَن جمعني بهم اليمنُ آباءً وَإخوةً وأصدقاًء ولو شئت أن أُسَمِّيَهم لطال المقال وهم الآن في زوايا الأرض وفي هذا البلد أَو ذاكَ، حَيثُ العواصمُ الباردة من الحِجارة والحديد تغتالُنا كُـلَّ ساعة.. أعلمُ يقينًا مدى حبكم لفلسطين ولليمن.. فلا يصدنَّكم عن هذا الحب مَن لا يؤمنُ به ومن لا يريدُ الخير لبلدتكم الطيبة.. وأنتم تعرفونهم كما تعرفون أبناءَكم.
هذا زمانُ التطهُّر من أدران اتسخنا وتلوَّثنا بها لسبب أَو لآخر..
هذا زمن الإنابة إلى اليمن لندافع معًا مع حجارةِ وديانِه وجباله وبحاره عنه..، حَيثُ عدوُّنا جميعًا يستهدفُنا بلا تمييز ولا تفريق.. وحيث فتح اللهُ للجميع بابَ التكفير والعفو عمَّا سلفَ.
أيهنأُ لكم عيشٌ وأنتم ترون أهلَكم ومدنَكم وقراكم وقبائلَكم وبلدَكم وقد كان لكم دورٌ وإسهام في بنائه وعهدُكم به قريب.. تحتَ النار والدمار والتخريب؟!!
اليومُ يومُ بِــرٍّ ووفاءٍ لبلدكم..
اليوم يوم صدق وتسامح وأنتم الألينُ قلوبًا والأرقُّ أفئدة..
اليوم لا مكانَ للشامتين ولا للمتلاومين ولا للمخذِّلين والمرجِفين ولا للمتاجرين والمزايدين.. ولا للمغامرين الواهِمين.
اليوم أنتم على موعدٍ ليكتُبَ التاريخُ أنكم -رغم كُـلّ ما جرى- اخترتم أن تكونوا مع أهلكم في البأساءِ والضراءِ وحين البأس.
ليكن هذا اليوم وما بعده لليمن الحر العزيز فحسب.
أعلنوها بملء الفم وبعالي الصوت وبحزم وعزم الموقف، حَيثُ أنتم بأنكم منحازون إلى بلدكم وإلى شعبكم وإلى أهلكم في مواجهة المعتدين وأنكم في خندق صنعاء والحديدة وحجّـة وصعدة وعمران وذمار والبيضاء ومأرب والجوف وكل اليمن..
أعلنوها فَــإنَّ هذا الإعلانَ والموقف هو صلاةُ الوقت الوسطى فلا تفوتكم.. وأهلكم ينتظرون ذلك منكم عاجلًا غيرَ آجل فلا يلتفت منكم أحدٌ، وامضوا حَيثُ شرف وعز الدنيا والآخرة.
أعلنوها.. فوالله إنها منحةٌ وهِبَةٌ ونِعمةٌ من الله فلا تردُّوها.. كما أنَّها امتحانٌ وابتلاءٌ فأتموه تُفلحِوا.
“واللهُ غالبٌ على أمرِه ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون”.
* الكاتب والباحث الفلسطيني
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
عيد الأضحى في دمشق… تقاليد دينية وتراثية بين الماضي والحاضر
دمشق-سانا
عيد الأضحى هو مناسبة دينية إسلامية عريقة، تعود جذورها إلى قصة النبي إبراهيم وابنه النبي إسماعيل عليهما السلام، بعد أن أمره الله تعالى بذبح ابنه امتثالاً لأمره، ففدى الله إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم، ومن هنا جاءت شعيرة الأضحية التي ترتبط بمناسك الحج، وتُقام من أول أيام العيد حتى آخر أيام التشريق.
هذا الطقس الديني والتراثي لم يغب عن سوريا رغم ما شهدته من مآس طوال الفترة الماضية، ولكنه تراجع قليلاً، وعن ذلك تقول الدكتورة نجلاء الخضراء الباحثة في التراث في تصريح لمراسل سانا: شهدت طقوس وعادات عيد الأضحى وتقاليده خلال سنوات الثورة السورية تغيرات كبيرة، حيث تقلصت مظاهر الاحتفال بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وأصبح العيد بالنسبة للكثيرين يحمل طابع الحزن والافتقاد، لكن مع انتصار الثورة السورية، ورفع العقوبات الاقتصادية ولد أمل كبير في عودة هذه الطقوس إلى سابق عهدها، مع المحافظة على روح التكافل والتقوى التي تميز العيد في سوريا.
وأوضحت الخضراء، أن البعد التكافلي للأضحية يتجلى في مشاركة الفقراء والمحتاجين من لحوم الأضاحي، ما يعزز الروابط الاجتماعية ويجسد قيم المحبة والتراحم بين الناس، وهو ما يحث عليه الدين الإسلامي بشدة، حيث يمكن الاشتراك في الأضحية لتخفيف العبء على الأفراد وتحقيق الفائدة للجميع.
وقالت: إن طقس الأضحية يساعد على إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الفقراء في عيد الأضحى، فهناك الكثير من العائلات الفقيرة التي لا تأكل اللحم إلا في هذه المناسبة، مبينة أن هذه العادة تسهم في المساواة بين الناس وتحثهم على العطاء.
ولفتت الباحثة في التراث، إلى أن رمزية الأضحية تكمن في الامتثال لأوامر الله والفداء، إذ تمثل التضحية الطاعة المطلقة لله، وهي تذكير بقصة النبي إبراهيم عليه السلام الذي كان مستعداً للتضحية بابنه في سبيل الله، ما يعكس معاني الإيمان والتسليم.
وأكدت الخضراء أنه من الضروري إحياء التقاليد والطقوس التراثية السورية، خصوصاً الدمشقية منها، وتوثيقها وتعليمها للأجيال الجديدة، للحفاظ على الهوية الثقافية والدينية التي تشكل جزءاً من تاريخ وحضارة دمشق العريقة، وخاصة في ظل التحديات التي مرت بها البلاد.
وختمت الدكتورة الخضراء حديثها بالقول: باستمرار إقبال الناس على تقديم الأضاحي، يظل عيد الأضحى في دمشق مناسبة تجمع بين الدين والتراث والإنسانية، ويعكس عمق الروح السورية وأملها في غد أفضل لكل السوريين.
تابعوا أخبار سانا على