الثورة نت:
2025-06-08@20:25:59 GMT

المفاوضات والوسطاء حصان طروادة الإمبريالية

تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT

 

جرت العادة أن القوى الاستعمارية، حين تُهزم في ميدان المواجهة العسكرية، أو في ميدان فرض مشاريع الهيمنة الاستعمارية، فإنها كانت تلجأ دائماً، إلى الخطة البديلة، المتمثلة في تفعيل استراتيجية المفاوضات حيناً، وتحريك مبادرات الوسطاء حيناً آخر، لتبقى الشعوب في حالة انتصار مع وقف التنفيذ، حيث كان المهزوم “المستعمِر” يحجر على المنتصر فرحته، ويمارس عليه وصاية إلزامية، بتأجيل فرحته بالنصر، حتى تحدد المفاوضات والوسطاء، طبيعة وكيفية وحدود الفرحة، بعد موافقة الطرف الآخر “المهزوم الإمبريالي”، الذي يعمد إلى تفكيك معادلة الصراع، حين يقدم اعتراضه على صورة الفرحة ذاتها، بمعزل عن النصر الذي أنتجها، متجاهلاً ما يقابل شرف انتصار الآخر، من عار الهزيمة عليه، فيأتي بمنطق الخبير في صناعة وتنسيق الأفراح، ليقترح على المنتصر، الجلوس إلى طاولة المفاوضات، والاستفادة من نصائحه المجانية، في صياغة طقوس فرائحية، أكثر حداثية وتطوراً، لتحظى بمباركته واعترافه، وقبوله انضمامها إلى سجل التحولات الكبرى، في مشروعه الحضاري الإمبريالي، وهنا يأتي دور الوسطاء، الذين يزينون للمستضعفين المنتصرين، ذلك العرض الإمبريالي، ويشيدون بعدالته وإنسانيته، ويقسمون على مصداقيته، ويشهدون على أخلاقه ونبله، وحرصه على عدم إراقة المزيد من الدماء، ويضمنون الوفاء بالتزاماته، مؤكدين أفضلية الفرحة المعترف بها دولياً، على تلك المصنفة في قائمة الإرهاب، وهو ما يقتضي بالضرورة، نبذ مشروع الجهاد والمقاومة وإلقاء السلاح، للخروج من حالة العنف، والتهيئة للدخول في الحوار والمفاوضات، وما إن يجلس قادة الجهاد والمقاومة (المنتصرون)، إلى تلك الطاولة، حتى يكون الفرح بالنصر، أول جرم يوقعون على عقوبته مرغمين، ليتم تنفيذ العقوبة مباشرة، في صورة مجازر جماعية، تحصد أرواح المئات والآلاف، من المدنيين الأبرياء، الذين فرحوا (بالنصر)، حسب طبيعتهم العفوية وأسلوبهم الفطري، وهو ما رآه القاتل الإمبريالي، مظهرا من مظاهر التطرف والعنصرية، والعداء للسامية والحضارة؛ حينها تتجاوز الشعوب سؤال:- كيف تفرح؟ إلى سؤال:- بماذا تفرح؟، خاصة وأن الحرية، قد أصبحت حلماً بعيد المنال، والانتصار وهماً مسكراً باهظ الثمن، في ظل قيادة وطنية عاجزة، سلمت قوتها لعدوها المتوحش، أملاً في إنسانيته المزعومة، وثقة في وعود وضمانات الوسطاء، الذين حقق بهم المستعمر الإمبريالي المحتل الغاصب، ما عجز عن تحقيقه هو، بقوة السلاح ومجازر الموت، وهو ما يؤكد أنهم ليسوا فقط جزءاً من المشروع الاستعماري، وإنما هم رافعته الأساس، ومركز الثقل الأكبر فيه.

ولولاهم لما سلّم مجاهدو المقاومة أسلحتهم – كما حدث في فلسطين عام 1948م – ولما فقدوا حاضنتهم الشعبية، ولما تنازلت الشعوب عن حقها في الحرية، ونزعتها الفطرية للفرح بالنصر، ولما سقط جسر الثقة، الذي كان يربطها بقادتها، في مستنقع التخوين المتبادل، وهكذا نجح الوسطاء، في إرغام أو إقناع عامة الشعب، بالتعايش مع المحتل المجرم، والاكتفاء بالمطالب الناقصة، والحريات الجزئية (حرية التعبير، حرية المعتقد، حرية التنقل، …..إلخ)، بدلاً من انتزاع الحرية الكاملة، واستجداء فتات الحقوق (حق العودة، حق الأسرى، حق المعتقلين حق الـ …..)، من لصٍ جلادٍ غاصب، لا يملك أدنى ذرةٍ من حق، أو مشروعية وجود على هذه الأرض، كما نجح الوسطاء، في تدجين المقاومة بالمفاوضات، ورغم وصولهم إلى طريق مسدود، إلا أنهم لم يجرؤا على إعلان ذلك، بل استمروا في تسويق أوهام اقتراب الحلول، والتعويل على دور بعض الوسطاء، أو المنظمات والمؤسسات الدولية، وبهذا أصبح الموت بالخروج من المفاوضات ورفضها، لا يختلف عن الانتحار بالاستمرار فيها.

منذ بواكيره الأولى في التاريخ، اعتمد العقل الاستعماري، على توظيف الوسطاء والمفاوضات، لاستعادة ممكنات قوته وسيطرته، ولم يبتكر جديداً سواهما، وربما كان ذلك شاهداً على عجزه وجموده، أو دليلاً على كفايتهما أكثر من غيرها، وفاعليتهما في جميع الأزمنة والأمكنة، وليس هنالك ما هو أكثر خطراً على النصر الوليد، من خدعة المفاوضات، التي تعيده إلى درجة الصفر، وتسلب صانعيه مقومات قوتهم الميدانية والشعبية، وتلك هي خلاصة دروس التاريخ عبر العصور، وصولاً إلى مفاعيل النشاط الاستعماري في العصر الحديث، وسياسته التسلطية الإجرامية، من أمريكا الشمالية إلى أستراليا، إلى جنوب أفريقيا، وصولا إلى الاستعمار الغربي في الوطن العربي، والالتفاف على الثورات التحررية، من خلال استراتيجية المفاوضات مع المستعمر، وعودته بعد ثورات الربيع العربي، من خلال الوساطات ومبادرات الوسطاء، وعندما وُجِدَ مشروعٌ تحرري حقيقي في اليمن، استعصى على خداع الوسطاء وأوهام المفاوضات، تكالبت عليه كل قوى الشر والإجرام والعمالة والارتزاق.

ربما كانت فلسطين هي الشاهد التاريخي الأبرز، الذي جسد دور الضحية، في تلك الحالة الاستعمارية، بتكرارها المستمر، ورغم أن قادة الجهاد والمقاومة الفلسطينية حاليا، قد استوعبوا الدرس جيداً، فلم يذهبوا للمفاوضات – بعد 15 شهراً من طوفان الأقصى – إلا وسلاحهم في أيديهم، بالإضافة إلى أوراق ضغط كبيرة وقوية، داخلية وخارجية، إلا أن الوسطاء، مازالوا يمارسون دورهم الخياني القذر، ويسعون للضغط على فصائل الجهاد والمقاومة، بمختلف السبل والوسائل، طمعاً في تحقيق أهداف الكيان الغاصب، في سلب حماس قوتها، وإخراجها من غزة، وهو ما عجزت عنه ترسانة الغرب الإمبريالي مجتمعة، على مدى 15 شهراً.

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المفتي قبلان: لا ضمانة فوق ضمانة الجيش والمقاومة والتضامن الوطني

أصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بياناً استنكر فيه العدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت ليلة عيد الأضحى. وفي تصريحه، قال قبلان: ""الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ليلة عيد الأضحى إبادة علنية للسيادة الوطنية، ودوس صارخ على كرامة الدولة وشعبها وكيانها الشامل، ولعنة صهيونية أميركية تطال مركز القرار اللبناني وتنال من شرف البلد كله، والجواب بالتضامن الوطني وتأكيد خيار المقاومة ومشروعها السيادي، ولا ضمانة فوق ضمانة الجيش والمقاومة والتضامن الوطني، ولوزارة الخارجية اللبنانية الغارقة بالنزعة الحزبية المقيتة أقول: إسرائيل طغيان أبدي، والصداقة بعرف أميركا عبارة عن خضوع بلا شروط، وخيارنا سيادة لبنان".   مواضيع ذات صلة المفتي قبلان : مقياس الوطنية سيادة لبنان Lebanon 24 المفتي قبلان : مقياس الوطنية سيادة لبنان 06/06/2025 00:34:45 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 المفتي قبلان استقبل شريعتمدار Lebanon 24 المفتي قبلان استقبل شريعتمدار 06/06/2025 00:34:45 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 المفتي قبلان: لبنان بحاجة إلى إصلاح سياسي وقضائي عميق Lebanon 24 المفتي قبلان: لبنان بحاجة إلى إصلاح سياسي وقضائي عميق 06/06/2025 00:34:45 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 المفتي قبلان: من يريد إذلالنا وشطبنا من المعادلة مخطىء Lebanon 24 المفتي قبلان: من يريد إذلالنا وشطبنا من المعادلة مخطىء 06/06/2025 00:34:45 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً إفراج لم يؤدّ إلى رفع النفايات Lebanon 24 إفراج لم يؤدّ إلى رفع النفايات 17:26 | 2025-06-05 05/06/2025 05:26:39 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان للتيار الوطني الحر.. ماذا جاء فيه؟ Lebanon 24 بيان للتيار الوطني الحر.. ماذا جاء فيه؟ 17:09 | 2025-06-05 05/06/2025 05:09:20 Lebanon 24 Lebanon 24 بري بعد استهداف الضاحية: العدوان لن يحول بيننا وبين أعيادنا Lebanon 24 بري بعد استهداف الضاحية: العدوان لن يحول بيننا وبين أعيادنا 16:58 | 2025-06-05 05/06/2025 04:58:56 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد القصف.. مراكز إيواء تفتح أبوابها لسكان الضاحية Lebanon 24 بعد القصف.. مراكز إيواء تفتح أبوابها لسكان الضاحية 16:44 | 2025-06-05 05/06/2025 04:44:42 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. غارات عنيفة جدًا تطال عين قانا Lebanon 24 بالفيديو.. غارات عنيفة جدًا تطال عين قانا 16:38 | 2025-06-05 05/06/2025 04:38:40 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة نجم "ستار أكاديمي" يحتفل بزفافه.. وعروسه الإماراتية تلفت الأنظار (فيديو) Lebanon 24 نجم "ستار أكاديمي" يحتفل بزفافه.. وعروسه الإماراتية تلفت الأنظار (فيديو) 02:09 | 2025-06-05 05/06/2025 02:09:44 Lebanon 24 Lebanon 24 توفي قبل ساعات من إحياء حفله.. فنان لبناني يُوارى الثرى اليوم وهذه تفاصيل الدفن (فيديو) Lebanon 24 توفي قبل ساعات من إحياء حفله.. فنان لبناني يُوارى الثرى اليوم وهذه تفاصيل الدفن (فيديو) 04:24 | 2025-06-05 05/06/2025 04:24:56 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد إعلان طلاقهما قبل أسبوعين.. فنانة شهيرة تُفاجئ الجميع بظهورها برفقة طليقها (صور) Lebanon 24 بعد إعلان طلاقهما قبل أسبوعين.. فنانة شهيرة تُفاجئ الجميع بظهورها برفقة طليقها (صور) 04:39 | 2025-06-05 05/06/2025 04:39:45 Lebanon 24 Lebanon 24 خبر جديد لسكان الضاحية بعد "التهديد".. إليكم تفاصيله Lebanon 24 خبر جديد لسكان الضاحية بعد "التهديد".. إليكم تفاصيله 13:51 | 2025-06-05 05/06/2025 01:51:22 Lebanon 24 Lebanon 24 عن وفيق صفا.. ماذا قال تقرير إسرائيلي؟ Lebanon 24 عن وفيق صفا.. ماذا قال تقرير إسرائيلي؟ 14:00 | 2025-06-05 05/06/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 17:26 | 2025-06-05 إفراج لم يؤدّ إلى رفع النفايات 17:09 | 2025-06-05 بيان للتيار الوطني الحر.. ماذا جاء فيه؟ 16:58 | 2025-06-05 بري بعد استهداف الضاحية: العدوان لن يحول بيننا وبين أعيادنا 16:44 | 2025-06-05 بعد القصف.. مراكز إيواء تفتح أبوابها لسكان الضاحية 16:38 | 2025-06-05 بالفيديو.. غارات عنيفة جدًا تطال عين قانا 16:35 | 2025-06-05 مفاجأة.. الحوثيون يقصفون إسرائيل رداً على قصف الضاحية فيديو "ما بعرف شو حس".. هكذا علّقت فنانة لبنانية على اقتحام أحد المعجبين حفلها واحتضانها أمام زوجته (فيديو) Lebanon 24 "ما بعرف شو حس".. هكذا علّقت فنانة لبنانية على اقتحام أحد المعجبين حفلها واحتضانها أمام زوجته (فيديو) 02:56 | 2025-06-05 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 خلال طقس عاصف.. رافعة تنهي حياة عاملين Lebanon 24 خلال طقس عاصف.. رافعة تنهي حياة عاملين 01:47 | 2025-06-05 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 سرقة.. مع رقصة خاصة (فيديو) Lebanon 24 سرقة.. مع رقصة خاصة (فيديو) 00:44 | 2025-06-05 06/06/2025 00:34:45 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تستعين بالعصابات لضرب غزة والمقاومة تلاحق المتورطين
  • “الجهاد الإسلامي” : استهداف العدو الإسرائيلي للقيادة لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا ثباتا وعزيمة
  • مجزرة بمدينة غزة والمقاومة تنصب كمائن جديدة للاحتلال
  • فورد تستعد لإطلاق موستنج GT500 بمحرك 800 حصان
  • قيادة لجان المقاومة في فلسطين: اغتيال “أبو شريعة” يزيدنا إصراراً على مواصلة الجهاد
  • مفاوضات غزة: الوسطاء ينتظرون وصول ويتكوف لمعرفة أوراق الضغط الموجودة
  • أسطورة البطل جدعون وحرب الرموز بين الاحتلال والمقاومة
  • فرحات في خطبة العيد: للتمسّك بخيار الوعي والمقاومة
  • “الجهاد الإسلامي”: العدوان على الضاحية الجنوبية يشكل خرقا لوقف النار بغطاء وتواطؤ أمريكي
  • المفتي قبلان: لا ضمانة فوق ضمانة الجيش والمقاومة والتضامن الوطني