في خطابٍ مفاجئٍ نقلته حسابات إخبارية محلية وتداولته منصات التواصل الاجتماعي، هاجم قائد ميليشيا "درع السودان" كيكل قيادات الجيش ووزارة المالية السودانية باتهاماتٍ صريحة بتدمير مشروع الجزيرة الزراعي، وتجويع أبناء الولاية، ملوحًا بتهديدٍ خطير: "إذا فتحت فمي… فلن يبقى من قيادات الجيش أحد. أعرف من خطط، ومن خان، ومن باع.

ولن أرتجف لحظة". هذه التصريحات لم تكن مجرد هجومٍ عابر، بل تكشف عن تاريخٍ أسود لهذا القائد، وتحذيرًا من دورٍ أكثر قذارة يُحضّر له في المشهد السوداني المتأزم. من صنع هذا القائد؟ نشأ كيكل ضمن تشكيلات "الدعم السريع"، حيث ارتقى سريعًا بفضل ولائه المطلق وتحالفه مع مراكز القوى التي وظّفته لتنفيذ أجنداتٍ عسكرية وأمنية. خلال سنوات الحرب، ارتبط اسمه بانتهاكاتٍ ممنهجة ضد المدنيين في ولاية الجزيرة، منها عمليات الإخلاء القسري، والاعتقالات التعسفية، وتجريف الأراضي الزراعية، ما أدى إلى تدميرٍ منهجي لاقتصاد المنطقة. تقارير حقوقية دولية ومحلية أدرجته ضمن قائمة "مشتبه في ارتكابهم جرائم حرب"، بينما يتهمه أبناء الولاية بالتواطؤ في تهريب المحاصيل وإفقار المزارعين عبر تحالفاتٍ مع شبكات فسادٍ مؤسسي. تهديدات كشف الأسرار: سلاحٌ مزدوج لا تأتي تهديدات كيكل بفضح "الملفات الخطيرة" من فراغ، فهي تعكس أسلوبًا متكررًا في مسيرته القائمة على الابتزاز السياسي. فمع تصاعد الضغوط الدولية والمحلية لمحاسبة قادة الميليشيات، يحاول كيكل تحويل نفسه من "مُجرم حرب" إلى "شاهد إثبات" ضد المؤسسة العسكرية، مستغلًا معرفته الوثيقة بتحالفات القادة والصفقات المشبوهة التي شهدتها سنوات الحرب. مصادره المعلنة – وإن بدت دفاعًا عن المظلومين – تُخفي هدفًا رئيسيًا: الحصانة من المحاكمة عبر إرباك الخصوم وإجبارهم على منحه ضماناتٍ أمنية وسياسية. مشروع الجزيرة: ورقة الضغط الأكثر قذارة اختار كيكل التصعيد عبر التلاعب بملفٍ حساسٍ يُجمع السودانيون على أهميته الاستراتيجية: مشروع الجزيرة الزراعي، الذي تحوّل من رمزٍ للاكتفاء الغذائي إلى ساحةٍ لصراعات النفوذ. بات تدمير المشروع – وفق اتهامات كيكل – أداةً لتجويع المدنيين وإضعاف مقاومتهم، ما يُظهر كيف حوّل القائد الميليشياوي الأزمة الإنسانية إلى سلاحٍ لتحقيق مكاسب شخصية. الأسوأ أن هذه التصريحات تزامنت مع تقارير عن تحالفاتٍ جديدة لكيكل مع جهاتٍ إقليمية تُموِّل صراعاتٍ جانبية، ما يفتح الباب لتحويل الولاية إلى سوقٍ لتجارة السلاح والموارد المسروقة. الدور القادم: من الابتزاز إلى التفجير المخاوف الأكبر لا تكمن في ما كشفه كيكل، بل فيما يُخبئه. فتصعيده الحالي يُعتبر جزءًا من استراتيجيةٍ أوسع لـتفجير التحالفات العسكرية القائمة، خاصة بين الجيش السوداني وفصائل الدعم السريع، عبر نشر وثائقَ مزعومةٍ تثبت تورط قياداتٍ في فسادٍ أو تعاونٍ مع أطراف خارجية. مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى: انهيار الثقة بين المدنيين والمؤسسة العسكرية، مما يعقّد جهود بناء السلام. اندلاع مواجهاتٍ داخلية بين الميليشيات المتحالفة، واستبدال حربٍ مركزية بحروبٍ أهلية مصغرة. تعطيل الوساطات الدولية التي تسعى لوقف النزاع، لصالح إطالة أمد الحرب واستنزاف الموارد. كيف يُمكن كسر الحلقة؟ التاريخ الأسود لقادة مثل كيكل لا يُختصر في جرائم الماضي، بل في قدرته على استنساخ الأزمات عبر تحالفاتٍ جديدة. لمواجهة دوره القادم، يجب: محاكمته عاجلًا بتهم جرائم الحرب عبر آلياتٍ قضائية دولية أو محلية مستقلة، لسحب ورقة الابتزاز من يديه. كشف التمويل الخفي لتحالفاته الجديدة، سواء من جهات إقليمية أو شبكات فساد محلية. إشراف مدني مباشر على ملفات الفساد العسكري، وخاصة تلك المتعلقة بمشروع الجزيرة، لاستعادة ثقة المواطنين. ضغط دولي مُوجّه لإجبار الأطراف الإقليمية على وقف دعم الميليشيات، عبر عقوباتٍ تستهدف حلفاء كيكل. السيناريو الأسوأ هو تحوّل السودان إلى ساحةٍ مفتوحة لصراعات الابتزاز، حيث يُصبح كل قائد ميليشيا "حارس أسرار" يهدد بكشفها ما لم يُمنح نفوذًا أكبر. هنا، لن تنتهي الحرب بانتصار طرفٍ على آخر، بل بانتصار الفوضى على الدولة نفسها.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

من 5 إلى 54 مليار جنيه.. علي المصيلحي ودوره المحوري في دعم تكافل وكرامة

لعب الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية الراحل دورًا أساسيًا في تطوير وتوسيع نطاق برنامج تكافل وكرامة الذي يعد أكبر مظلة للحماية الاجتماعية في مصر إذ عمل على دمج منظومة الدعم العيني الممثلة في بطاقات التموين مع منظومة الدعم النقدي لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بكفاءة وشفافية

في عام 2024 أضافت وزارة التموين نحو 650 ألف مواطن من الفئات الأكثر احتياجًا إلى بطاقات التموين المدمجة مع قاعدة بيانات برنامج تكافل وكرامة مما ساهم في توسيع قاعدة المستفيدين بشكل ملحوظ وبحلول منتصف 2025 بلغ عدد الأسر المستفيدة من البرنامج 4.7 مليون أسرة تمثل نحو 18 مليون مواطن وبلغت ميزانية البرنامج السنوية 54 مليار جنيه بعد زيادة قيمة الدعم بنسبة 25 في المئة.

وزير المالية ناعيًا على المصيلحى: كان رمزا للإخلاص والعطاء الوطنى

بدأ البرنامج عام 2014 بميزانية 5 مليارات جنيه لكنه شهد نموًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة ليصل إجمالي عدد الأسر التي استفادت منه منذ انطلاقه إلى نحو 7.7 مليون أسرة أي ما يعادل قرابة 30 في المئة من إجمالي الأسر المصرية كما ارتفع متوسط الدعم الشهري المقدم للأسرة من 450 جنيهًا إلى 900 جنيه وفي بعض الحالات الخاصة يصل إلى 3000 جنيه بينما يحصل الفرد المستفيد من معاش كرامة على ما لا يقل عن 700 جنيه شهريًا.

كما دعم المصيلحي التحول الرقمي الكامل للبرنامج من خلال ربط قواعد بيانات وزارة التموين بوزارة التضامن الاجتماعي وتطوير منظومة التحقق والتظلمات الإلكترونية مما أدى إلى استبعاد غير المستحقين وإدخال الأسر الأكثر احتياجًا بسرعة ودقة وأسهم هذا التكامل في رفع كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية.

بفضل هذه الجهود أصبح برنامج تكافل وكرامة أحد النماذج الناجحة في إدارة الدعم النقدي الموجه للفئات الأكثر احتياجًا ويمثل إرثًا إنسانيًا واقتصاديًا سيظل مرتبطًا باسم الدكتور علي المصيلحي الذي عمل على ترسيخ الحماية الاجتماعية كحق أصيل للمواطن المصري.

طباعة شارك وفاه الدكتور المصيلحي وزير التموين وزاره التضامن الاجتماعي

مقالات مشابهة

  • من 5 إلى 54 مليار جنيه.. علي المصيلحي ودوره المحوري في دعم تكافل وكرامة
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم “حماس” بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • مصور الجزيرة بغزة يسرد تغطيته مجريات الحرب مع أنس الشريف
  • صحيفة عبرية: حماس لا تزال تُمسك بالسلطة في غزة رغم ضراوة الحرب الأشد في التاريخ الحديث
  • رغم كونها الدولة الأكثر زيارة في العالم.. كيف نجت فرنسا من الاحتجاجات ضد السياحة التي عصفت بجيرانها؟
  • اللاعبون الأكثر فوزا بالكرة الذهبية عبر التاريخ (إنفوغراف)
  • الإمارات تدعو إلى إنهاء الصراع في السودان
  • ما وراء خطة نتنياهو بشأن احتلال غزة التي لا ترضي أحدًا؟
  • “قتلت 10% من سكان غزة”.. تقرير عالمي عن تفوق إسرائيل على النازيين في قتل المدنيين