كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
من أحاجي الحرب ( ١٧٦١١ ):
○ كتب: د. إدريس عبدالله الله ليمان
□□ والغفلة تصنع الفوضى.
□ لم تعرف الدولة السودانية على إمتداد تأريخها إنزلاقات مجتمعية خطيرة كما تَجَسَّدَتْ فى أعمال الإبادة التى تقوم بها مليشيا آل دقلو الإرهابية بالسلاح الإماراتى والتى خرجت من كهوف الجبال وكثبان الصحراء الأفريقية ووصلت إلى حواضرنا وهى تعتريها حالة من الإعاقة النفسية لعدم تقبل المجتمع السودانى لوجودهم بينهم فهم غرباء فى لسانهم المتفرنس وفى مشاعرهم المتبلدة وطقوسهم البهيمية وثقافتهم الوثنية وجميع تفاصيل حياتهم البائسة .
فكيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان وآخرها التى حدثت بالأمس فى الصالحة أن يعيشوا معهم بسلام وقد تعاظم البناء والحاجز النفسى ..!!؟ وكيف يمكن لأهل السودان أن يتعايشوا معهم بسلام وقد حولوا مساجدهم وبيوت الله إلى منصَّاتٍ للإعدام وبيوتاً للدعارة *وإندايات* يمارسون فيها المُنكر ..!!؟ كيف يمكننا أن نسامحهم وقد أسرفوا فى سفك الدماء والبطش والإيذاء ..!!؟ *كيف ..!!؟* لقد حفرت هذه الحرب الظالمة أخاديد عميقة فى الذاكرة الجمعية لأهل السودان من الصعب محوها بسهولة لاسيما بعد جريمتهم التى يندى لها جبين الإنسانية بالأمس القريب ، وبعد الذى تفوه به مستشار الهالك فى حديثه لقناة الجزيرة مباشر ..!!؟ إنهم وبصراحة ودون مواربة لايشبهوننا أبداً ، وأصبح المرء يجد صعوبة فى مجرد التفكير أن يعيشوا معنا فى دولةٍ واحدة وأن تُقِلَّنا أرضٌ وتُظَّلنا سماء تحت دستور واحد وقوانين تنظم الحياة ..!! فكيف نعيش مع تلك الكائنات التى دمَّرت بنيتنا التحتية وبيوتنا ومساجدنا ومؤسساتنا الصحية والتعليمية والثقافية ونهبت ثرواتنا ومدخراتنا وتراثنا وتأريخنا وأسرفت فى الدماء ..!!؟ *كيف ..!!؟*
من الصعب التعايش مرةً أخرى مع من تورط فى دماء السودانيين وسجله حافل بالمخازى والدماء ولايزال يتوعدنا ..!! بل من الصعب التعايش حتى مع من يُنكر علينا منازلة المليشيا والسعى لإمتلاك عناصر القوة للدفاع عن إرادتنا وحقنا فى الحياة ممن كُنَّا نُحسن الظَّن بهم ونَعُدَّهم من بنى جلدتنا ..!!؟
من الصعب التعايش مرةً أخرى مع من يُبرًَرُ للمليشيا الإرهابية جرائمها وفظاعاتها الدموية ويروِّجُ للسردية البائسة التى تقول أن جيش الإسلاميين هو من أشعل الحرب ويشوه صورة المقاومة الشعبية التى إنتظمت البلاد من أجل أهدافهم القذرة ويهلل فرحاً مع كل تدميرٍ بالمسيرات للمنشآت المدنية ومحطات الكهرباء ويُعظِّم فعل المليشيا المجرمة ويمارس حقده على الشعب السودانى المكلوم الذى يصفه بالكيزان والفلول ودولة ٥٦ المفترى عليها بكل أشكال الشماتة وقلة الأخلاق وإنعدام المروءة .!!؟
من الصعب التعايش مرةً أخرى مع من يمارس الصمت تجاه جرائم آل دقلو الذين دمروا المدن والقرى ودفعوا بمئات الآلاف إلى النزوح واللجوء
لدول الجوار بل وينتظر إنتصارهم على الشعب السودانى وإنهيار الدولة إرضاءًا لنزولتهم الإنعزالية ..!!؟
إنهم لا يشبهوننا بل إن أهل السودان الذين حملوا أرواحهم فى أكفهم ويقاتلونهم بكل بسالةٍ وفدائية لايشبهونهم .. فمعركة الكرامة القائمة تمثل عنواناً لسودانٍ جديد يَتَخلَّق الآن مهما علت أصوات الراجمات الهاونات والمدافع الثنائية والرباعية ومهما علت أصوات العملاء فلاصوت يعلو فوق صوت الكرامة .
*هذا من ناحية* .. ومن ناحيةٍ أخرى هل يا تُرى أن دولتنا على ما يُرام فى تعاملها مع هذا الإنسان المكلوم ، وأنها قادرة على ملامسة جروحه ومكامن التضييق عليه ..!!؟
وهل ياتُرى أن دولتنا تُدرِك أن من حق هذا هذا الإنسان السودانى الكادح المعروق من القهر اليومى أن يعيش ولو بقليلِ حُلمٍ وبعض إهتمام ليعَوِّض زمَنَاً أغبَرَ بزمنٍ قابلٍ للحياة وأنَّ من حقِّه الخروج من الوحل الأمنى والوحل الصِحِّى والمعيشى وإنعدام الخدمات الضرورية أو ضعفها الذى إنغرست أقدامه فيه ..!!؟
وهل ياتُرى أن دولتنا تُدرِك أنها وحدها من يَحِقُّ لها إمتلاك القوة القاهرة والباطشة ، وأنها وحدها من يسمح لها القانون بإستخدام تلك القوة ولاينبغى لها أن تتنازل عنها إلاَّ وفق وضوابط صارمة كشرط من شروط الإباحة المسموح بها ..!!؟
وهل ياُترى أن دولتنا إستمعت لذلك الخطاب الفوضوى المتحدى لمؤسسات الدولة ولمشاعر الناس وكل شروط الإستقرار أم أنها غافلة ولاهية ..!!؟ وآمل أن يخيب ظنَّى وأنَّ الدولة ليست بضعيفة ولا غائبة بل هى واعية لكل المحاذير الأمنية وأنَّ عينها *لاتنام* ولن تُفَرِّط فى هيبة الدولة *والأنام*.. !! فمثل تلك الخطابات التى تطحن الدولة وتهرسها فى طاحونة القبلية وتُذيبها فى ماء المناطقية علناّ ودونما حَرَجْ فيه خطر كبير يجب أن لاتصبِر أو تصمت عليه الدولة مهما كان الثمن .. *فالتأريخ لايُعيد نفسه إلاَّ عندما لايفهمه الناس ولايستلهمون منه العِبَر .. !!* فلو أضحى كل من يملك البندقية ورصاصاتها هو صاحب الصوت الأعلى ولو كان فاقداً للتمييز وجاهلاً بأمور الدنيا والدين ، وهو الذى يُقرر فى شأن الدولة ويطرح شروط وطنيته وشروط إنضباطه وشروط إحترامه لقانون الدولة وإن لم تكن الدولة دولة قانون ستكون فوضى وخروج عن التنظيم والأعراف والإنضباط .. *فالفوضى ليست صُدفة والغَفلَة تصنعُ الفوضى ..!!* .
فعندما يتعلق الأمر بمصلحة الوطن وأمنه وإستقراره فعلى الجميع أن يلتزموا السمع والطاعة دون تذمر أو إحتجاج ومن غير نقاش لأن الوطن وبعيداً عن كل المطامع فى السلطة والثروة يجب أن يظل فى منأى عمَّا قد يمس هيبته وسمعته وكبريائه وكرامته *وإلاَّ فالعازة ستكون فى خطر*.. ومن أجل ذلك يجب أن تكون المرحلة القادمة هى مرحلة الرجال الصادقين الذين عهدناهم أبطالاً أيام المحنة وسنوات الحرب لتتجاوز بلادنا هذا التحدى وليحقق كل مواطن أمله فى مستقبل أفضل .. وكُلنا يقين وثقة برب العالمين أنه وعلى الرغم من كل تلك المنغصات والمُسيَّرات الغادرة التى إستهدفت الإستقرار والأمن المجتمعى فالأحوال تُبَشِّر بفجرٍ جديد ملؤه الثقة والإصرار على النهوض من جديد وستستعيد الدولة عافيتها وقوتها وقواها وسنوات مجدها بحول الله وقوته وبتكامل وتكاتف وتضحيات أبنائها فليس بعد المخاض إلاَّ ميلاد الفرح .. !! وكل الذى يرجوه أهل السودان من حكامهم أن يُعلوا من مشروع دولة المواطنة الحَقَّة والعدالة الإجتماعية والمساواة والقانون وأن يَعمَلوا على نقض بناء مشروع المحاصصة .. كما يأملوا منهم أن يقودوا سفينة الدولة السودانية إلى شاطئ الأمان ، والاَّ يجعلوا منهم جسراً للعبور نحو المستقبل .. وأن يتلطفوا بهم ويُنعِموا عليهم بإعفاءات جمركية لجميع مدخلات الإنتاج وتشجيع الإعمار مهما تسبب هذا الأمر فى عجز الميزانية .. فأهل السودان دفعوا ثمن غفلة الحكام مع الهالك وجنوده دماءًا ودموعاً وجوعاً ومسغبة ونزوحاً ولجوءًا وهم راضون بقدر الله ومحتسبون الأجر عند الله .. فهل المواطن المنكوب بعد كل الذى حدث له يستحق قسوة الدولة التى تنظر إلى جيبه الخالى فى سنوات القحط والسنبلات اليابسات ..!!؟
إنها أسئلة لاتنتظر إجابات بل لتغيير الحال .
نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر وأن يحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍???? *لواء شرطة (م) ????
*د . إدريس عبدالله ليمان*
*الإثنين ٢٨ أبريل ٢٠٢٥م* إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: أهل السودان أن دولتنا الذى ی
إقرأ أيضاً:
«السودان بين كماشة التقسيم والانهيار».. دارفور نموذجًا لتحلل الدولة المركزية
في أعماق الجغرافيا السودانية، حيث كان النيل يُغني للحضارات القديمة من كرمة إلى مروي، يقف السودان اليوم على شفير هاوية جديدة، ليست فقط هاوية الحرب الأهلية، بل هاوية تفكك الدولة الوطنية كما نعرفها، والحدث الأحدث في سلسلة الانحدار هو تشكيل حكومة في إقليم دارفور، في مشهد يراه البعض خطوة نحو «الاستقلال الناعم»، أو بالأدق، بداية تقسيم المُقسَّم.
منذ انفصال الجنوب عام 2011، وما تبعه من صراع في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، بدا واضحًا أن السودان، الذي خرج من الاستعمار البريطاني بخريطة واسعة لكنها هشة، بات أكثر عرضة للانشطار من الداخل، بفعل تركيبة إثنية ومناطقية لم تُعالَج بسياسات عادلة، بل زُرعت فيها الألغام منذ فجر الاستقلال.
دارفور: الدولة القادمة؟خطوة تشكيل كيان حكومي في دارفور، وإن جاءت في سياق اتفاق جوبا للسلام، فإنها في الواقع تكرّس سلطة أمراء الحرب، وتخلق نموذجًا لدولة داخل الدولة، في ظل تآكل دور الحكومة المركزية وانقسام المؤسسة العسكرية إلى جناحين: أحدهما يمثله الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، والآخر تمثله قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، التي باتت تسيطر فعليًا على مناطق واسعة في الغرب والجنوب والخرطوم ذاتها.
حميدتي ليس مجرد قائد مليشياوي تقليدي، بل رأس حربة لمشروع إقليمي ودولي للسيطرة على الموارد، خصوصًا الذهب، الذي أصبح «النفط الجديد» في معادلات القوة. وبحسب تقارير دولية، فإن صادرات الذهب السوداني تصل إلى الأسواق العالمية عبر قنوات غير رسمية، يمر أغلبها عبر موانئ خاضعة لتأثير قوى تمتلك المال والنفوذ البحري، بينما تحظى قواته بدعم سياسي وعسكري غير مباشر من أطراف ترى في إضعاف المركز فرصة لتعزيز حضورها الاقتصادي والاستراتيجي.
البحر الأحمر: لعبة النفوذفي الشرق، تتحول جزيرة سواكن إلى مسرح تنافس حاد.تركيا، التي حصلت سابقًا على حق إدارة الجزيرة في عهد البشير، تحاول استعادة نفوذ عثماني قديم يعيدها إلى صدارة البحر الأحمر، ويؤسس لحزام نفوذ يمتد من الصومال إلى ليبيا مرورًا بقطر والسودان. وفي المقابل، تتحرك قوى إقليمية ذات تأثير اقتصادي ولوجستي واسع، تحرص على بقاء قبضتها على الموانئ والممرات البحرية، ضمن سباق محموم للسيطرة على طرق التجارة، وخطوط الربط الجديدة بين آسيا وأوروبا.
إسرائيل والسماء المفتوحةوفي تطور لافت، سمحت الحكومة السودانية بعبور طيران العال الإسرائيلي فوق أراضيها نحو أمريكا الجنوبية، في خطوة تمثل تطبيعًا واقعيًا رغم غياب الإعلان الرسمي الكامل. هذه الخطوة ليست رمزية فحسب، بل تعكس عمق التحولات في بنية الدولة السودانية المنهارة، حيث تُدار السياسة الخارجية بدافع الحاجة إلى الحماية والدعم، لا من منطلق السيادة الوطنية.
تل أبيب، التي تراقب الموقف عن كثب، لا ترى السودان فقط من منظور التطبيع، بل كجزء من صراع على ممرات استراتيجية. فهي تدرك أن الوصول إلى أعالي النيل والقرن الأفريقي، وامتلاك موطئ قدم قرب قناة السويس، يمنحها أوراق ضغط إضافية في موازين القوى الإقليمية، خاصة مع تقاربها مع إثيوبيا وتنسيقها مع قوى بحرية مؤثرة في المنطقة.
تفكيك الجغرافيا: التاريخ يعيد نفسه؟السودان لا ينزلق فقط نحو تفكك سياسي، بل إلى تفكك جغرافي ناعم، يمر عبر بوابة الفوضى، وصراعات الموارد، وتضارب الولاءات. هذا التفكك يجد جذوره في التاريخ، فالسودان الحديث وُلد بعملية جراحية استعمارية جمعت شمالًا عربيًا، وجنوبًا أفريقيًا، وغربًا صحراويًا، وشرقًا بحريًا، دون رابط قومي أو ديني أو لغوي موحد، بل بتوازن هش بين المركز والهامش.
وحين فشلت النخب السودانية بعد الاستقلال في بناء مشروع وطني جامع، استغلت القوى الخارجية ذلك التصدع. واليوم، يبدو المشهد تكرارًا مأساويًا لهذا المسار، لكن هذه المرة بوسائل أكثر تعقيدًا: شركات أمن خاصة، مليشيات قبلية، سماسرة ذهب، تطبيع معلن وخفي، وصراعات لوجستية في البحر والجو والبر.
ما المصير؟لا يزال السودان يمتلك، من حيث الإمكانات، كل مقومات الدولة القوية: موقع استراتيجي، موارد طبيعية، نهر عابر للقارات، وشعب ذو حضارة ضاربة في التاريخ. لكن استمرار غياب القيادة الوطنية، وتفتت المؤسسة العسكرية، وتضارب المشاريع الإقليمية، قد يجعل من السودان ساحة صراع دائم، بدلًا من أن يكون جسرًا حضاريًا بين أفريقيا والعالم العربي.
وفي الخلفية، تظل يد خفية تجمع بين الذهب والموانئ، وتربط بين موارد الأرض ومفاتيح البحر، لتعيد رسم الخرائط بما يخدم مصالحها، بينما يدفع السودان ثمن موقعه وثرواته قبل أن يجني منهما شيئًا.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان
سفير السودان بالقاهرة: مصر شريك استراتيجي موثوق في كافة المجالات
مصر والسودان يتفقان على تنشيط التعاون على المستوى الجامعي والدراسات العليا