لم يعد السكان في غزة يجدون ما يطعمون به الأطفال أو الرضّع الذين يموتون ببطء بسبب مواصلة إسرائيل محاصرة القطاع، ومنعها إدخال أي مساعدات منذ شهرين.

ففي ما تبقى من مستشفيات القطاع، يرقد أطفال صغار بلا غذاء ولا دواء، يصارعون الموت البطيء، وهو مشهد تعيشه آلاف الأسر في غزة.

ومن بين هؤلاء، الطفل أسامة ذو الأربعة أعوام، الذي فقد 4 كيلوغرامات من وزنه بسبب عدم وجود دواء أو غذاء، كما تقول والدته التي أشارت إلى أن وزنه كان 13 كيلوغراما، لكنه وصل اليوم إلى أقل من 9 كيلوغرامات.

وكمئات الأطفال في غزة، يعاني أسامة بسبب إغلاق المعابر من انعدام الدواء والغذاء ومنعه في الوقت نفسه من الخروج لتلقي العلاج خارج القطاع.

لا طعام ولا دواء

وقالت والدة الطفل إنها لا تجد له طعاما أو دواء، وإنها في الوقت نفسه لا يمكنها شراء الغذاء والأدوية في حال توفرها، وناشدت بتسريع إخراج طفلها لتلقي العلاج في الخارج.

ووفقا لرئيس قسم الأطفال بمستشفى خان يونس جنوبي القطاع الدكتور أحمد الفرا، فإن الوزن الطبيعي لطفل في سن أسامة يجب ألا يقل عن 16 كيلوغراما، مما يعني أنه فقد نصف وزنه بسبب التجويع الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين.

وتحتاج حالة هذا الطفل إلى البروتين بشكل يومي حتى يمكنه تعويض ما فقده من وزنه، لكنه لم يحصل على أي بروتين منذ استئناف إسرائيل الحرب ومنعها إدخال المساعدات قبل 59 يوما، كما يقول الفرا.

إعلان

هذا النقص في البروتين أصاب أسامة بنحول شديد وفقدان للعضلات والنسيج الشحمي، وهو في وضع يقول الفرا إنه ينذر بالوفاة، ويتطلب تحويله وغيره من الأطفال للخارج ما لم يتم إدخال الغذاء والدواء.

لكن الفرا يقول إن إرسال هؤلاء الأطفال لتلقي العلاج في الخارج ليس حلا، وإن فتح المعابر ووقف الحصار هو الحل الصحيح، لأنه من غير المعقول أن يتم نقل كافة أطفال أو سكان القطاع للخارج لأن إسرائيل قررت تجويعهم.

وقال الفرا إن على العالم التحرك لوقف هذا التجويع والقتل الذي يتعرض له المدنيون في غزة، لأنهم بشر وليسوا أرقاما.

المساعدات غير قابلة للتفاوض

في غضون ذلك، حذرت وزارة الصحة من تدهور الوضع الصحي للطفلة سوار عاشور البالغة من العمر 5 أشهر، بسبب سوء التغذية الحاد وعدم توفر الغذاء المناسب.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن الطفلة تعد واحدة من بين 65 ألف طفل يعانون من سوء التغذية في القطاع، بسبب منع الاحتلال إدخال الغذاء والدواء، وطالب بفتح معابر قطاع غزة فورا لإدخال المساعدات والمكملات الغذائية والطبية والأدوية.

في الوقت نفسه، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل لليوم الـ60 حصاره المطبق على قطاع غزة، عبر إغلاق كل المنافذ أمام المواد الضرورية للحياة.

وأكدت الحركة، في بيان، أن "فصول المجاعة في القطاع تشتد مع نفاد مخزونات الغذاء واستهدافها بالقصف ضمن حرب الإبادة الوحشية"، واعتبر البيان أن مواصلة حكومة الاحتلال استخدام التجويع سلاحا ضد المدنيين في قطاع غزة "يعتبر استخفافا بالمجتمع الدولي".

ودعت الحركة دول العالم ومؤسسات الأمم المتحدة إلى الضغط على الاحتلال لإنهاء جريمة التجويع الممنهج، كما جددت النداء للدول العربية والإسلامية وشعوبها للتحرك العاجل لإنقاذ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

إعلان

بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المساعدات غير قابلة للتفاوض، وإن على إسرائيل حماية المدنيين والموافقة على برامج الإغاثة وتسهيل تنفيذها.

وأضاف أنه يشعر بالقلق من تصريحات مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام المساعدات الإنسانية كأدوات ضغط عسكري، وقال إن الوقت قد حان لوقف التهجير المتكرر في غزة.

وتواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع كافة، ومنع إدخال المساعدات الطبية والغذائية والوقود، فضلا عن استهدافها المستمر للمستشفيات ومخازن الطعام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

بين الجوع والموت | الاحتلال يُنفذ خطة إبادة جماعية علنية .. وخبير: غزة تعيش أزمة خانقة

وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الأحد، المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح، بأنها دليل إضافي على مضي الاحتلال في تنفيذ خطة إبادة جماعية ممنهجة، تقوم على التجويع المسبق ثم القتل الجماعي، مؤكدًا أن هذه الجريمة تأتي في ظل صمت دولي مخزٍ، وتحت غطاء "إنساني" زائف.

تطورات الوضع في غزة اليوم

وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، في ظل صمت المجتمع الدولي وعجزه عن محاسبته، مؤكدًا أن كافة المواد الغذائية، بما فيها الدقيق، التي كانت تدخل إلى قطاع غزة تُستهلك فورًا بسبب انعدام المخزون الاستراتيجي داخل القطاع.

وأضاف الرقب، خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن مصر وعددًا من الدول تبذل جهودًا كبيرة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، في محاولة لدعم الشعب الفلسطيني ومساندته بكل السبل الممكنة. وبالرغم من ذلك، يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية خانقة، تتجلى في نقص حاد في كل مقومات الحياة الأساسية.

وأشار إلى أن الشهداء في غزة ليسوا فقط ضحايا القصف ورصاص الاحتلال، بل يُقتلون أيضًا نتيجة النقص الحاد في الغذاء والدواء، لا سيما من بين الأطفال والنساء وكبار السن.

كما قال المكتب الإعلامي، في بيان رسمي: “في جريمة متكررة تفضح الادعاءات الإنسانية الزائفة، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة بحق مدنيين جوعى احتشدوا في مواقع توزيع ما يُسمى بالمساعدات الإنسانية، والتي تشرف عليها شركة أمريكية - إسرائيلية، وتؤمنها قوات الاحتلال في ما يعرف بالمناطق العازلة في مدينة رفح”.

ارتفاع عدد الشهداء

وأوضح البيان أن هذه الجريمة، التي وقعت خلال الساعات القليلة الماضية، أسفرت عن استشهاد 22 مدنيًا وإصابة أكثر من 115 آخرين بجراح متفاوتة، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع، وبذلك يرتفع عدد الشهداء في مواقع توزيع المساعدات خلال أقل من أسبوع إلى 39 شهيدًا، وأكثر من 220 جريحًا.

واعتبر المكتب أن هذا المشهد الدموي يُظهر طبيعة هذه "المناطق العازلة"، التي باتت تُعد مصائد موت جماعي لا نقاط إغاثة إنسانية.

وأضاف المكتب: "نؤكد للعالم أجمع أن ما يجري هو استخدام ممنهج وخبيث للمساعدات كأداة حرب تُوظف لابتزاز المدنيين وتجميعهم قسرًا في نقاط قتل مكشوفة، تُدار وتُراقب من قبل جيش الاحتلال، وتُموَّل وتُغطى سياسيًا من قبل الاحتلال والإدارة الأميركية، التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية الكاملة عن هذه الجرائم."

وأشار المكتب إلى أن مشروع "المساعدات عبر المناطق العازلة" ثبت فشله وخطورته، وفقًا لما تؤكده شهادات العيان والتقارير الميدانية والدولية.
وبيّن أن هذا المشروع لا يعدو كونه غطاءً لسياسات الاحتلال الأمنية والعسكرية، يُستخدم للترويج الكاذب لفكرة الاستجابة الإنسانية، بينما يغلق الاحتلال المعابر الرسمية ويمنع دخول الإغاثة الحقيقية من الجهات الدولية المحايدة.

استخدام الغذاء كسلاح في الحرب

وأكد البيان أن المجازر اليومية، والعدد الكبير من الضحايا الذين يسقطون في مواقع توزيع المساعدات، تمثل دليلًا صارخًا على استمرار الاحتلال في تنفيذ خطة إبادة جماعية مكتملة الأركان.
وأشار إلى أن هذه الجرائم تندرج تحت أحكام جريمة الإبادة الجماعية، وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.

وحمل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن المجازر المستمرة، كما حمّل الولايات المتحدة الأميركية المسؤولية المباشرة عن استخدام الغذاء كسلاح في الحرب على غزة، من خلال دعمها المادي والسياسي لهذا النموذج القاتل.

وطالب المكتب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، من خلال فتح المعابر الرسمية فورًا ودون شروط، وتمكين المنظمات الأممية والدولية من إيصال المساعدات، بعيدًا عن أي تدخل أو إشراف من جانب الاحتلال.

 جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة: أشعر بالخجل والذنب لأن الناس يموتون جوعاالخارجية الأمريكية: ترامب مصمم على أن يكون جزءا من إنهاء المـ.ذبـ.حة في غزةجرائم في مواقع توزيع المساعدات وغيرها

كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة بشكل عاجل، لتوثيق المجازر التي تقع في مواقع توزيع المساعدات وغيرها من الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية المختصة.

وفي ختام بيانه، شدد المكتب على رفضه القاطع لكل أشكال "المناطق العازلة" أو "الممرات الإنسانية" التي تُقام بإشراف الاحتلال أو بتمويل أميركي، محذرًا من استمرار هذا النموذج القاتل، الذي أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه فخ مميت للمدنيين، وليس وسيلة نجاة.

ووجّه المكتب نداءً عاجلًا إلى الدول العربية والإسلامية والدول الحرة في العالم، للتحرك الفوري والفعال من أجل تأمين ممرات إنسانية مستقلة وآمنة، بعيدًا عن الاحتلال، لإنقاذ ما تبقى من سكان غزة المحاصرين، الذين يواجهون خطر المجاعة والمجازر المتكررة يوميًا.

واختتم المكتب الإعلامي بيانه بالتأكيد على أن المجازر التي تُرتكب في وضح النهار وتُنقل على الهواء مباشرة، تمثل فضيحة قانونية وأخلاقية وإنسانية أمام العالم كله، مشيرًا إلى أن الصمت عليها يُعد تواطؤًا مشينًا يُدين كل من يقف عاجزًا أو صامتًا أو يُبرر هذه الجرائم.

كيف ردَّت حمـ.ـاس على مقترح «ويتكوف» بشأن وقف إطلاق النار في غزة؟بعد فقدان أبنائها الـ9.. استشهاد زوج الطبيبة آلاء النجار في قصف إسرائيلي جنوب غزة طباعة شارك غزة قطاع غزة المساعدات الإنسانية رفح فلسطين الشعب الفلسطيني

مقالات مشابهة

  • باحث سياسي: غزة تعيش أسوأ أزمات الجوع في التاريخ ويجب الضغط على الاحتلال لإنهاء جرائمه
  • سمية الغنوشي: الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أساليب التجويع النازية في غزة
  • برنامج الأغذية العالمي: أكثر من مليونين في غزة يعانون الجوع الشديد
  • نصائح للأمهات الجدد.. كيفية التعرف على علامات الجوع عند الأطفال
  • عائلة الدال تصارع الجوع والتشريد وسط الأنقاض
  • بين الجوع والموت | الاحتلال يُنفذ خطة إبادة جماعية علنية .. وخبير: غزة تعيش أزمة خانقة
  • مديرة دائرة المختبرات الطبية بغزة: نحتاج بشكل عاجل إلى إدخال وحدات دم من الخارج
  • وزير الخارجية: ضرورة العمل على إدخال مزيد من المساعدات ووقف نزيف الدم في غزة
  • الأمم المتحدة تكشف عن أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف الحرب
  • منظمة “انتصاف” توثق كارثة غزة: “صرخة جوع في زمن الخذلان” .. جرائم تجويع ممنهج بغطاء دولي وصمت عربي