أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الإمام البخاري يمثل أنموذجًا علميًّا نادرًا يجمع بين الغيرة الصادقة على الدين، والدقة البالغة في النقل، والفهم العميق لمعاني الوحي. 

وأضاف مفتي الجمهورية، خلال كلمته بمعهد الإمام البخاري بطشقند، اليوم الأربعاء، أن أعظم ما يميز شخصية هذا الإمام الجليل هو موقفه من السنة النبوية المطهرة، حيث لم يتعامل معها بوصفها مرويات سردية، بل بوصفها مصدرًا مؤسِّسًا لا ينفك عن القرآن الكريم، يبيّنه ويهديه، ويكشف عن حكمته ومقاصده.

مفتي الجمهورية يقدم واجب العزاء في البابا فرنسيس بسفارة الفاتيكان بالقاهرةمفتي الجمهورية يدعو لإطلاق جائزة سنوية لأفضل بحث علمي لبناء الإنسانمفتي الجمهورية: القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان مصدر لبناء الحضاراتمفتي الجمهورية يزور محافظة الشرقية ويلقي ثلاث محاضرات للطلاب

وأوضح أن الإمام البخاري لم يكتفِ بجمع الحديث الشريف في كتابه الجامع، بل قدّم مشروعًا علميًّا متكاملًا، تجلّت فيه عبقرية التصنيف، ودقة التبويب، واستيعاب المعاني الفقهية والروحية والإنسانية. 

وأشار إلى أن "صحيح البخاري" ليس مجرد كتاب في الرواية، بل هو بناء حضاريّ متماسك، تتجلى فيه توازنات العقل والنقل، وأصول الفهم الرشيد، وسعة الأفق في التعامل مع الحديث النبوي الشريف. 

ونوه المفتي، بأن من أبرز ما يلفت في شخصية الإمام البخاري هو موقفه المنضبط من العقل، حيث لم يكن العقل لديه خصمًا للوحي، بل شريكًا في فهمه، وأداة لفهم مراميه، من غير أن يتعالى عليه، أو يحمّله رؤى لا يطيقها بل نراه وقد عامله باحترام عميق مستخدمًا أدواته النقدية والمنهجية لخدمة الحديث الشريف، لا لمصادمته أو التشكك فيه. 

وشدد على أن هذا النهج يُعدّ ضرورة في زماننا هذا، حيث تتكرر محاولات افتعال التعارض بين العقل والنقل، في حين أن سيرة البخاري تؤكد أن العقل إذا تحرر من الهوى، والنقل إذا حُمل على فهم سليم، فإنهما يجتمعان في خدمة الحق، لا في التنازع عليه.

وأوضح فضيلته، أن الإمام البخاري ـرضي الله عنه- كان مؤمنًا بأهمية الهوية الدينية والثقافية، مدركًا أن حفظ السنة النبوية هو في جوهره حفظٌ للهوية، وصونٌ للذات الحضارية للأمة، ولهذا جاءت تبويباته دقيقة محكمة تكشف عن وعي بالواقع، وإدراك لحاجات الناس، واستيعاب لمختلف مجالات الحياة. 

ولفت مفتي الجمهورية، إلى أن في دفاعه عن السنة، وحرصه على أسانيدها، وصرامته في شروط روايتها، يعكس غيرةً على الدين، وعزيمةً في حفظه، وتفانيًا في خدمته. 

وتابع أن محاولات التشكيك في السنة، أو تهميش الصحيح، أو اجتزاء المرويات، هي في حقيقتها مساعٍ لهدم الهوية، وضرب الثوابت، وطمس المعالم التي بها قامت حضارتنا، وأن الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى التمسك بمنهج هذا الإمام الجليل ، وإلى إعادة الاعتبار لهذا الأنموذج العلمي الكبير، الذي لا يزال يلهم الباحثين، ويوجه العقول، ويضيء للمسلمين طريقهم في زمن التحديات. 

ونبه على أن القول بوجود تعارض بين العقل والنقل ما هو إلا وَهْمٌ ناتج عن إسقاط العقل في غير مجاله، أو تحميل النصوص ما لا تحتمله، بينما نرى في سيرة الإمام البخاري تطبيقًا عمليًا لهذا التوازن؛ فالعقل قائد والدين مدد، وباجتماعهما يجتمع نوران نور الوحي الإلهي، ونور العقل الذي هو منة من الله عز وجل.

وعبّر فضيلته عن عميق امتنانه لهذه البلدة العريقة التي أنجبت الإمام البخاري، كاشفًا أن المجيء إلى هذا الموطن الطيب لم يكن مجرد زيارة عابرة، بل كان انفعالًا وجدانيًّا عميقًا، واستجابة طبيعية لما يكنّه القلب من حب وتقدير لهذا الإمام الجليل؛ إذ اجتمعت الأسباب وتلاقت المشاعر لتدفعنا دفعًا نحو الحضور إلى موطن أحد أعظم أعلام الإسلام، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، رحمه الله، الرجل الذي رفع الله ذكره في العالمين بصفاء منهجه، ودقة نقله، وأمانته في خدمة السنة النبوية المطهرة. 

واستطرد “هذه الأرض، وإن كانت تزهو باسم البخاري، إلا أن إشعاعها الحضاري لا يختزل في شخص واحد مهما سما، بل يمتد ليشمل كوكبة من أعلام الحضارة الإسلامية الذين أضاءوا مجالات العلم والفكر والفن عبر قرون طويلة”.

وفي ختام زيارته لمعهد الإمام البخاري بطشقند، توجه فضيلة المفتي إلى زيارة  ضريح الإمام القفال الشاشي، أحد أعلام الفقه والحديث، الذي ترك أثرًا عميقًا في تاريخ الأمة الإسلامية، معربًا عن فخره واعتزازه بزيارة هذا المعلم الكبير، مؤكدًا أن هذه الزيارة تمثل تكريمًا لشخصيات علمية أسهمت في بناء صرح العلم الشرعي في العالم الإسلامي.

طباعة شارك الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية الإمام البخاري البخاري

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية الإمام البخاري البخاري مفتی الجمهوریة الإمام البخاری

إقرأ أيضاً:

موعد صلاة الجمعة.. التوقيت الصحيح للصلوات

موعد صلاة الجمعة .. كثر البحث فى الساعات الأخيرة عن التوقيت الصحيح لـ صلاة الجمعة، للتبكير الى المسجد واغتنام الثواب العظيم، لذلك سوف نذكر لكم مواعيد الصلوات اليوم.


موعد صلاة الجمعة 11 و46 دقيقة صباحاً.

 
مواقيت الصلاة فى القاهرة

موعد صلاة الظهر:

١١:٤٦ ص

صلاة العصر

٢:٣٦ م

صلاة المغرب

٤:٥٥ م

صلاة العشاء

٦:١٧ م

دعاء يوم الجمعة للرزق والبركة .. أجمل الأدعية المستجابةفضل غسل يوم الجمعة .. يغفر ذنوب 7 أيام ماضيةسنن يوم الجمعة .. واحدة لها أجر صيام وقيام سنةحكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد في صلاة الجمعة .. اعرف الضوابط

نص خطبة الجمعة اليوم

العقولُ المحمَّديَّةُ


الحمدُ للهِ الذي أضاءَ بنورِ العلمِ قلوبَ العارفينَ، وزيَّنَ به عقولَ العاملينَ، ورفعَ به شأنَ المتقينَ، نحمدُه حمدًا يليقُ بجلالِ وجههِ وعظيمِ سلطانِهِ، ونستعينُه استعانةَ من لا حولَ له ولا قوةَ إلا بهِ، ونشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، ونشهدُ أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي أرسلَه بالهدى ودينِ الحقِ، فبلغَ الرسالةَ وأدى الأمانةَ ونصحَ الأمةَ، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ، ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ،،،

فإنَّ العقولَ المحمديةَ الساميةَ ليست مجردَ نتاجِ ذكاءٍ فطريٍّ عابرٍ، ولكنها تجسيدٌ لمنهجٍ ربانيٍّ فريدٍ في صياغةِ الوعيِ وإحكامِ البصيرةِ، فهي تلك العقولُ التي رعَتْها المفاهيمُ القرآنيةُ الهاديةُ، وصاغتْها أنوارُ النبوةِ الزاهية، فلم تُتركْ أبدًا لتتقاذفَها أمواجُ الظنونِ والأهواءِ، بل سكنتْ في كنفِ رعايةٍ إلهيةٍ متواصلةٍ، فالعقلُ المحمديُّ المتكاملُ هو مصدرُ تفكيرٍ إيجابيٍّ، يتجسدُ في فعلِ البناءِ لا الهدمِ، وفي دأبِ العونِ لا الإعاقةِ، وهو القادرُ على تحريرِ الذاتِ من وحلِ العجزِ والشكوى، ليصعدَ بها إلى سماءِ العملِ والأملِ، فيغدو صاحبُهُ منارةً وهاجةً، تكتنفُ ذويهِ ومن حولَه بدفءِ السندِ ونورِ التأييدِ، يرتوي المجتمعُ بأسرِهِ من غيثِ جودِهِ المباركَ وفَيْضِ عطائِهِ المنسابِ، قال سبحانهُ وتعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.

أيها المكرمونَ: أما سمعتم تلك النداءاتِ الإلهيةَ الصادحةَ في كتابِ اللهِ: ﴿أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾، ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ﴾؟ لقد كان القرآنُ الكريمُ منطلقًا أصيلًا في الأمرِ بالعنايةِ الفائقةِ بالتعقلِ والتدبرِ، فليس صدفةً أن يكثرَ الحقُّ سبحانهُ من ذكرِ العقلِ ومشتقاتِهِ بصيغٍ متنوعةٍ، كلها تعلي من شأنِ قيمةِ التفكيرِ، ونبلِ التدبرِ، وشرفِ إعمالِ النظرِ؛ ولم يكتفِ الخطابُ الإلهيُّ بهذا الذكرِ، بل دعمَه بذكرِ ألفاظٍ أخرى تعاضدُ وظيفةَ العقلِ وتغذيها وتجلّيها، مثل: التفكرِ، التذكرِ، النظرِ، البصيرةِ، والألبابِ، وهي كلُّها إشاراتٌ نورانيةٌ متتابعةٌ تبرزُ حقيقةً لا تقبلُ الجدلَ وهي أنَّ للعقلِ مكانتَه وللفكرِ ميزانَه، فصناعةُ العقلِ الواعي المستنيرِ ليست هامشًا أو أمرًا ثانويًّا في الدينِ، بل هي جزءٌ أصيلٌ من بناءِ الإنسانِ المؤمنِ المتكاملِ وشرطٌ لازمٌ للقيامِ بأمانةِ الاستخلافِ، ولهذا يدينُ الخطابُ الإلهيُّ وبشدّةٍ أولئكَ الذين منحوا هذه النعمةَ الكبرى وأدواتِ التدبرِ والفهمِ، فتركوها معطلةً ولم يستخدموها فيما خلقتْ لهُ من هدايةٍ وإصلاحٍ وعمارةٍ للكونِ، يقولُ عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾، وقيل لِأُمِّ الدَّرْدَاءِ: "مَا كَانَ أَفْضَلُ أَعْمَالِ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَتْ: "التَّفَكُّرُ".

أيها الأكارمُ: ألا ترونَ معي عظمَ نعمةِ العقلِ التي منحْنا؟ إنَّ العقلَ السطحيَّ هو عقلٌ محبوسٌ في فوضى الجزئياتِ؛ سابحٌ على زبدِ الحياةِ، ومأخوذٌ بسطوةِ التفاصيلِ العابرةِ، هذا العقلُ المشغولُ بضجيجِ الحياةِ لا يورثُ حكمةً ولا ينشئُ معرفةً، بل يبددُ العمرَ في تتبُّعِ التفاهاتِ ويفوّتُ على صاحبِهِ كنوزَ التأملِ، على النقيضِ منهُ، يقفُ العقلُ العميقُ؛ ذاك العقلُ الذي نصبَ منصتَه فوقَ الأحداثِ، لا ليديرَ ظهرَه للواقعِ، بل ليراه شاملًا مستوعبًا ومترابطًا، إنه صانعُ المناهجِ، ومنتجُ الحكمةِ، وحاملُ لواءِ الإبداعِ والاكتشافِ، ولكن تظلُّ الغايةُ الأجلُّ هي الوصولُ إلى العقلِ المستنيرِ؛ ذاك العقلُ الجامعُ الذي يمزجُ بين وعيِ الظاهرِ وعمقِ الباطنِ، ثم يصلُ الجميعَ بمنهاجِ التجلي الإلهيِّ، هذا العقلُ لا يكتفي بالتحليلِ المعرفيِّ، بل يزدادُ بكلِّ واقعةٍ إيمانًا وارتقاءً، ويرى في اختلافِ الليلِ والنهارِ وفي أحوالِ الخلقِ آياتٍ تكلمُ أولي الألبابِ، وقد قَالَ سيدنا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: "مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ أَحَدًا عَقْلًا إلَّا اسْتَنْقَذَهُ بِهِ يَوْمًا مَا".

وقد أحسن الشاعر حين قال:

يَزِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ صِحَّةُ عَقْلِهِ *** وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ مَكَاسِبُهْ

يَشِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ قِلَّةُ عَقْلِهِ *** وَإِنْ كَرُمَتْ أَعْرَاقُهُ وَمَنَاسِبُهْ

يَعِيشُ الْفَتَى بِالْعَقْلِ فِي النَّاسِ إنَّهُ *** عَلَى الْعَقْلِ يَجْرِي عِلْمُهُ وَتَجَارِبُهْ

سادتي الكرامُ: إنَّ تأسيسَ العقلِ المستنيرِ صاحبِ التفكيرِ الإيجابيِّ يقومُ على منهاجٍ متدرجٍ ومحكمٍ، قائمٍ على تأصيلِ اليقينِ عبر الاستمدادِ الدائمِ من معينِ القوةِ الإلهيةِ، والتحصنِ بالاستعاذةِ الصادقةِ من داءِ العجزِ ومهلكةِ الكسلِ، والارتقاءِ إلى مرحلةِ الحراسةِ العقليةِ، ممارسًا المراقبةَ والتنقيةَ الذهنيةَ المستمرةَ لاجتثاثِ كلِّ فكرٍ هدامٍ أو خاطرٍ مثبطٍ، مفعلًا الإرادةَ الإيجابيةَ التي تصانُ وتغذى ببركةِ الاستعانةِ باللهِ تعالى، محافظًا على السكينةِ الداخليةِ عبر الضبطِ المنهجيِّ والحكيمِ للانفعالاتِ، مكللًا هذا بقبلةِ التفاؤلِ المشرقةِ، ودوامِ المناجاةِ الذهنيةِ الإيجابيةِ، والصحبةِ الإيجابيةِ الصالحةِ، والمواردِ المعرفيةِ الفاضلةِ، فلتكنْ هذه هي منهجيتَنا في بناءِ العقلِ المستنيرِ مستذكرينَ دومًا نبلَ الغايةِ في بذلِ الجهدِ العقليِّ كما قال سيدُنا معاذٌ بنُ جبلٍ رضيَ اللهُ عنهُ: "أجتهدُ برأيي ولا آلو".

*********
الخطبة الثانية 
   

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعينَ، وبعدُ،،،

فإنَّ ظاهرةَ التشكيكِ المفرطِ، والحيرةِ المستمرةِ، ونشرَ روحِ التشاؤمِ، ليست مجردَ عوارضَ نفسيةٍ عابرةٍ، بل هي في حقيقتِها آفاتٌ كبرى تفتكُ بالبنيةِ التحتيةِ للأفرادِ والمجتمعاتِ، فتجففُ منابعَ الأملِ وتحبطُ الإرادةَ البناءةَ، وهي روحٌ سلبيةٌ دخيلةٌ تتسللُ إلى النفوسِ، فتنظرُ إلى الحياةِ من خلالِ عدسةِ الإحباطِ، فتضخمُ العقباتِ، وتهملُ الفرصَ، وتولدُ النظرةَ المظلمةَ، وتبرزُ التفكيرَ السلبيَّ المتأثرَ بالبيئةِ المحبطةِ والمقارناتِ المدمرةِ، وتضعفُ الاعتمادَ الصادقَ على الخالقِ سبحانهُ، إذ قال تعالى: ﴿ولا تيأسوا من رَوْحِ اللهِ إنَّه لا يَيْأسُ من رَّوْحِ اللهِ إلَّا القومُ الكافرونَ﴾.

أيها النبلاءُ: إنَّ العلاجَ الناجحَ لهذا الداءِ يكمنُ في العودةِ الصادقةِ إلى اليقينِ باللهِ، فهي المنزلةُ الروحيةُ الرفيعةُ التي تجعلُ الإيمانَ في النفسِ ثابتًا لا يتزعزعُ، والنورُ الذي يشرقُ في الصدرِ فيطردُ كلَّ شبهةٍ، والمعنى الذي ارتفعتْ به منزلةُ المؤمنينَ، فبقدرِ ما يستقرُّ هذا اليقينُ في القلوبِ، بقدرِ ما تتحصنُ النفسُ، وتتفتحُ لها بصائرُ الرؤيةِ الصحيحةِ، ليصبحَ المؤمنُ من أصحابِ البصيرةِ المستنيرةِ، فيترسخُ الفألُ الحسنُ والتفاؤلُ، الذي هو حسنُ ظنٍّ باللهِ، وإحسانُ الأدبِ مع الأقدارِ، والاستمرارُ في العملِ، وعدمُ الاستسلامِ للردعِ التشاؤميِّ، ولزومُ الأذكارِ النبويةِ الشريفةِ التي تحصنُ النفسَ، فيستعيذُ العبدُ من كلِّ ما يعطلُ سعيَه ويثبطُ همتَه، كما في قولِ الجنابِ المعظمِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ».

فاللهم نوِّرْ قلوبنا بمعرفتك، واملأ عقولنا بما فيه خير البلاد والعباد، وبصّرنا بنور المعرفة اليقينية، واحفظ بلادنا من كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، إنك جواد كريم. آمين.

طباعة شارك موعد صلاة الجمعة التوقيت الصحيح للصلوات الجمعة صلاة الجمعة مواقيت الصلاة

مقالات مشابهة

  • رئيس الرابطة المارونية: استشهاد معوض جرحٌ عميق دفع ثمنه الوطن
  • الزمالك يحتضر.. أزمات عاصفة والمجلس في سُبات عميق
  • مفتي الجمهورية: القرآن معجزة باقية لا يمكن عزله عن حياة الناس
  • مفتي الجمهورية: القرآن الكريم نور الحياة وهدى الوجود يبني الإنسان على الحق
  • مفتي الجمهورية: حفظة القرآن سيحملون رسالة الله إلى أن يرث الأرض ومن عليها
  • مفتي الجمهورية: «دولة التلاوة» يعيد إحياء مدرسة التلاوة المصرية من خلال اكتشاف المواهب
  • مفتي الجمهورية: القرآن سيبقى محفوظًا في صدور أهله
  • حفاوة ذاكرة….
  • مها المتبولي: انتقادات فيلم الست نابعة من الغيرة على أم كلثوم |فيديو
  • موعد صلاة الجمعة.. التوقيت الصحيح للصلوات