سودانايل:
2025-06-09@14:23:49 GMT

البرهان عثرة البناء الذهني في استخدام الرموز

تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد

يحرص البرهان كل الحرص في لا وعيه على التأكيد دوما أنه لا يرتبط بأي آصرة علاقة سياسية أو أيدولوجية بالإسلاميين. ولعل مرد ذلك يرجع لطبيعة الوضع السياسي الذي وجد نفسه فيه. وإدراكه الواعي بأن أحد أكبر نقاط ضعفه هي مستويات الحضانه السياسية التي بات يوفرها له الإسلاميون ليس بمشيئته، وإنما بمشيئة التوازن الجدلي في الواقع السوداني، وبالطبع هذا وضع قد لا يُحسد عليه كثيرا، ويُضيّق عليه حيز المناورة السياسية.

. فهو يحاول دائماً على مستوى الخطاب أن ينفي تلك العلاقة، لذلك يحاول جهده على تأكيد ذلك أحياناً بلغة مباشرة لا تخلو من النزق. وفي أحيان كثيرة من خلال إستخدام الرموز الدلالية سيميائياً عبر لغة الجسد.
فتراه عادة و بعكس الإخوان المسلمين يؤكد من خلال رفعه ليده مقبوضة الكف في تحية الجماهير على عكس ما يفعل الإسلاميون الذين عادة ما يرفعون أيديهم مشهرين أصبع السبابة.. وقد يبدو أنه قد نجح وينجح في ذلك دائماً فهو لم يخطأ مطلقاً ولو بشكل غير واعي في هذه الحركة بالغة الدلالة الرمزية، فهذه الحركة بالنسبة له وبحسب خلفيته العسكرية وهو إستخدام مباشر لما ترمز له اليد المقبوضة كعلامة فوق أنها مفارقة لعلامة الإسلاميين، فإنها تدل سيميائياً على السيطرة والقوة والانضباط والتماسك، بينما في المقابل يعجز عندما يستخدم اللغة الرمزية عجزاً كبيراً ومفضوحاً.
أن إستخدام اللغة الرمزية قد يستعصي على الشخص ذو التكوين العسكري في العادة، فمجال إستخدام اللغة الرمزية معقد ويحتاج لبنية ذهنية مدربة و خيالات واسعة وإدراك موضوعي وثقافة معمقة لوقع إستخدام الرموز في نفسية جمهور المخاطبين.
ففي خطابه الذي إستخدم فيه رمزية (اللساتك مقابل البندقية) في الشرعية وأثار ردود فعل واسعة محتجة وكظيمة وسط الثوار، حيث لم تسعفه معارفه ولا قدراته الذهنية ولا خبراته العملية في التفريق بين مَن أراد أن يوصل لهم الرسالة، وبين مدلول الرسالة.
إن إستخدام رمزية غاية في التعقيد كالبندقية واللساتك تتطلب درجة عالية من القدرة على فهم الدال والمدلول كما تتطلب وضعاً يختلف عن وضع البرهان الحالي. ففي السياق السوداني السياسي المعقد الراهن - والذي أسهم البرهان شخصياً في تعقيده - حول "شرعية البندقية" والتي ترتبط بأسس وضوابط لا تخرج عن أن تكون ضمن وظيفة الدولة الرسمية القاضية بإحتكار أدوات العنف والقهر في الدولة، فهي في هذه الحدود تتطلب (إدارة) أكثر من تأكيد شرعية. فالشرعية في الأصل لمَن يدير البندقية، لا لمَن يستعملها... وقد كان البرهان في لحظة ما بوصفه قائداً عاماً للجيش ورئيساً لمجلس السيادة والقيِّم والمدير الأول للبندقية قد سمح لقوات الدعم السريع بوصفها قوة خارج نطاق الجيش الرسمي أن تمتلك ليس فقط البندقية، وإنما شرعية ذلك الامتلاك. وبذلك تعددت أوجه وجود شرعية البندقية في أكثر من يد. وما يجري في الحرب الآن هو في الأصل محاولة للتكفير عن هذا التفريط في إدارة البندقية.
لعل الحرب الآن قد فرضت واقعاً أكثر تعقيداً. فالبندقية الآن في الواقع السوداني يمتلكها أكثر من فصيل، وللمفارقة يحارب بها مع الجيش جنباً لجنب. أما إستخدام رمزية اللساتك فهي تجسد عدم قدرة ذهنية في إستخدام الكلمة على مستوى الدلالة لسيميائية الفعل، فحرق اللساتك وعلى الرغم من أنه يُمثل تعدي على البيئة ويحتوي على مخاطر بيئية وصحية، إلا أنه في السياق السوداني يُعبّر عن حالة رفض جماهيري للسلطة الديكتاتورية التي كان يقودها الإسلاميون. وهي ليست حكراً على القوى السياسية المنظمة في الأحزاب السياسية التي رفضت أو أحجمت عن التضامن مع الجيش، وإنما إستخدامها هنا كان يتطلب حساسية أكثر للسياق الذي وضع البرهان في أعلى قمة الهرم السياسي والسلطوي في الدولة. وهي إرادة الجماهير الشعبية والتي هي بالمناسبة ليست غائبة ولا متراجعة عن رمزية فعلها الثوري من خلال حرق اللساتك في إقامة نظام مدني ديمقراطي حر. غير أنها اختارت أن ينجلي غبار المعركة الحالية لتعود لنفس فعلها الثوري إن كان بحرق اللساتك أو الإضراب أو العصيان أو غيرها من أوجه التعبير المدني الحر عن الإرادة السياسية.. وهي تَعِدُ نفسها لذلك اليوم وتتطلع إليه محتفظة بشرعية فعلها لحين أن يواتي السياقُ السياقَ.
د.محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية المصري لنظيره التركي: ندعم ملكية الليبيين الخالصة للعملية السياسية

أجرى بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة المصري، اتصالا هاتفيًا مع نظيرة التركي هاكان فيدان، اليوم  الأحد، في إطار التواصل الدوري لدعم العلاقات المصرية – التركية وتبادل وجهات النظر إزاء التطورات في الشرق الأوسط.

وأوضحت الخارجية المصرية، في بيان على فيسبوك، أن عبد العاطي  أكد خلال الاتصال على موقف مصر الداعي للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية، وملكية الليبيين الخالصة للعملية السياسية.

وأردف البيان أن الوزير المصري أكد على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت.

الوسوموزير الخارجية المصري

مقالات مشابهة

  • حين تشغلنا التحليلات السياسية وننسى أنفسنا
  • سفارة مصر بالكويت تنعى الدكتور حامد لبيب أحد الرموز الطبية البارزة
  • وزير الخارجية المصري لنظيره التركي: ندعم ملكية الليبيين الخالصة للعملية السياسية
  • مسعد انتقد التحالفات السياسية الموسمية: لا تقوم على مبادئ
  • بإمامة كامل عمر البلال.. البرهان وعقار أدّيا صلاة العيد في مسجد الحديقة التابع لأنصار السنة المحمدية بالسودان
  • وزير الدفاع يستقبل وفداً من مديرية الشؤون السياسية بريف دمشق وممثلين عن النقابات والاتحادات
  • البرهان يتلقى برقية تهنئة من رئيسي تركيا وأرتريا
  • البرهان يتلقى برقية تهنئة من الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان
  • البرهان وعقار يؤديان صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بورتسودان العتيق
  • أولمرت: حرب غزة تدار لمصالح نتنياهو السياسية