كيف تلغي الدول أو تستبدل عملاتها؟ ولماذا تنوي إسرائيل إلغاء فئة الـ200 شيكل؟
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
أثار إعلان إسرائيل نيتها إلغاء تداول فئة الـ 200 شيكل جدلا واسعا لدى المواطنين والتجار داخل قطاع غزة، وسط مخاوف من تداعيات اقتصادية معقدة، فأي إجراء من هذا النوع من دون تنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطِرة، فضلا عن كونه يمس الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
وبادر وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر إلى الدعوة باتخاذ هذه الخطوة، قبل أن يُبدي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تأييده لها واصفا إياها بـ"الممتازة"، وأعلن نيته مناقشة الأمر مع محافظ البنك المركزي، حسبما كشفت عدة وسائل إعلام عبرية أخيرا.
وتثير الخطوة كثيرا من التساؤلات، من أبرزها:
كيف تستبدل الحكومات فئات عملاتها أو تلغيها؟ ولماذا؟ وما انعكاسات استبدال فئة عملة على الأسواق؟ وما الخطوات المتبعة عند استبدال أو إلغاء فئة عملة ما؟ وما أثر القرار الإسرائيلي على قطاع غزة؟ وهل يحق لإسرائيل تنفيذ هذا القرار؟هذه الأسئلة وغيرها هي ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التقرير استنادا إلى عدد من المصادر المتخصصة مثل صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، و"مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" وشبكة "إن بي آر" (npr.org)، ومنصة "أكاديميا" (academia.edu) ومنصة "إنفستوبيديا" وغيرها.
لدى معظم البلدان عملتها الخاصة التي تشكل جزءا مهما من هويتها الوطنية، رغم أن بعضها قد ينتمي إلى اتحاد دولي، ويتقاسم عملة مشتركة مع أعضاء الاتحاد الأوروبي كمثال؛ بينما تستخدم بلدان أخرى عملة بلد آخر، غالبا ما يكون أكبر حجما وأكثر قوة، مثل العديد من الدول التي تستخدم الدولار أو اليورو داخل بلدانها، وفي بعض الأحيان، قد تضطر دولة ما إلى إلغاء عملة نقدية أو استبدال عملة جديدة بها، في إجراء يهدف إلى الإصلاح الاقتصادي، وفقا لصندوق النقد الدولي.
إعلانوإلغاء عملة ما أو استبدالها هو عملية تجريد وحدة نقدية من صفتها عملة قانونية، ويحدث ذلك كلما طرأ تغيير على العملة الوطنية لأسباب مختلفة، ويُسحب الشكل أو الأشكال النقدية الحالية من التداول ليُستبدل غالبا بها أوراق نقدية أو عملات معدنية جديدة، وفي بعض الأحيان، تستبدل الدولة عملة جديدة بالعملة القديمة بجميع فئاتها، وفقا لمنصة "إنفستوبيديا".
وتلغي الدول فئات من عملاتها أو تستبدلها لأسباب متعددة، تتعلق غالبا بالظروف الاقتصادية، والسياسات النقدية، والتطورات التقنية.
وإليكم أبرز هذه الأسباب مدعومة بأمثلة واقعية:
1- مكافحة التضخم
عندما تفقد العملة جزءا كبيرا من قيمتها بسبب التضخم أو التضخم المفرط أو التزييف الواسع للعملة الحالية، وفقا لصندوق النقد الدولي، تلجأ الدول إلى ما يسمى بإعادة التقييم النقدي (Redenomination) لتبسيط المعاملات المالية وتقليل عدد الأصفار في الفئات النقدية.
على سبيل المثال أعادت أذربيجان عام 2006 تقييم عملتها وأصبح "1 مانات" جديد يعادل 5 آلاف مانات قديم، بهدف تسهيل العمليات المحاسبية وتعزيز الثقة في العملة الوطنية.
2- مكافحة التزوير وتحسين الأمان
تُصدر بعض الدول فئات نقدية جديدة بتصاميم وتقنيات أمان متقدمة لمكافحة التزوير. على سبيل المثال، في عام 2016، أعلنت الهند سحب فئات 500 و1000 روبية من التداول واستبدالها بفئات جديدة تحتوي على ميزات أمان محسنة، وذلك كجزء من حملة مكافحة التزوير والفساد.
3- التحول إلى عملة جديدة أو التحديث الاقتصادي
عند اعتماد عملة جديدة أو تحديث النظام النقدي، قد تُستبدل الفئات القديمة، وعلى سبيل المثال في عام 2002، تبنت العديد من الدول الأوروبية عملة اليورو، مما استدعى سحب العملات الوطنية القديمة من التداول واستبدال اليورو بها، وفقا للبنك المركزي الأوروبي.
4- تقليل تكاليف الإنتاج والتداول
قد تُسحب الفئات النقدية ذات القيمة المنخفضة عندما تصبح تكلفة إنتاجها أعلى من قيمتها الاسمية، على سبيل المثال، في عام 2012، قررت كندا سحب عملة البنس (1 سنت) من التداول بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجها مقارنة بقيمتها.
إعلان5- أسباب سياسية أو اقتصادية
في بعض الحالات، تُستخدم عملية إلغاء أو استبدال الفئات النقدية كأداة سياسية أو اقتصادية. على سبيل المثال، خلال الحرب العالمية الثانية، سحبت الحكومة البلجيكية في عام 1944 الأوراق النقدية التي تزيد على 100 فرنك من التداول كجزء من إجراءات اقتصادية بعد التحرير.
6- تشجيع الاقتصاد الرقمي وتقليل الاعتماد على النقد الورقي
تسعى بعض الدول إلى تقليل الاعتماد على النقد الورقي وتشجيع المعاملات الرقمية، وفي هذا السياق، أعادت نيجيريا في عام 2023 تصميم فئات نقدية بهدف تعزيز استخدام المدفوعات الرقمية وتقليل تداول النقد الورقي.
كيفية إلغاء أو استبدال فئة من العملات؟
تُعد عملية إلغاء أو استبدال فئة من العملات إجراء نقديا دقيقا، وثمة خطوات لا بد منها لإجراء هذه العملية أو إعداد المسرح بشكل سليم وفقا لصندوق النقد الدولي، من أبرزها:
1- التخطيط والإعلان الرسمي: يبدأ البنك المركزي بوضع خطة شاملة تتضمن الجدول الزمني، وآلية الاستبدال، وفترة السماح بتداول الفئة القديمة.
2- التصميم والإنتاج: تُصمم الفئة الجديدة مع مراعاة عناصر الأمان الحديثة، ثم تطبع أو تُسك العملة الجديدة وفقا للمعايير المعتمدة دوليا.
3- التوزيع والتوعية: يوزع النقد الجديد عبر الشبكات المصرفية، مع إطلاق حملات توعية لتثقيف الجمهور في الفئة الجديدة وطرق استبدال الفئة القديمة.
4- سحب الفئة القديمة: يحدد البنك المركزي فترة زمنية يسمح فيها بتداول الفئة القديمة، وبعدها تفقد الصفة القانونية وتُسحب من السوق.
وعلى سبيل المثال أكملت تركمانستان بنجاح عملية إدخال عملة جديدة عام 2008 حيث قامت بحملة توعية واسعة، وأنشأت خطا ساخنا للإجابة عن استفسارات المواطنين.
ما انعكاسات استبدال فئة عملة على الأسواق؟ثمة تحديات وآثار ترافق استبدال عملة جديدة بأخرى قديمة وبعض هذه الآثار إيجابي وبعضها سلبي، إذ تتفاوت انعكاسات هذا الإجراء على الأسواق بحسب السياق الاقتصادي والتنفيذي في كل بلد.
وإليكم أهم التأثيرات الإيجابية والسلبية وفقا لصندوق النقد الدولي ومنصة "إنفستوبيديا":
التأثيرات الإيجابية المحتملة الحد من الاحتيال والتهرب الضريبي: إلغاء عملة أو استبدالها قد يُقلل من الممارسات المالية الاحتيالية، إذ لن يتمكن الأفراد من تبادل العملات غير القانونية مع البنوك. ويشمل ذلك أيضا الحد من التهرب الضريبي، مما يُسهم في ضخ إيرادات إضافية في اقتصاد الدولة. قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي على الأمد الطويل بسبب زيادة الإيرادات الضريبية التي يتم إعادة استثمارها في الدولة. سد الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق غير الرسمي مما يرفع من كفاءة نظام الأسعار، ويعزز من النظام الاقتصادي الكلي للبلاد. تطور النظام المصرفي: يُظهر إلغاء التداول النقدي الورقي المادي أيضا تطور النظام المصرفي، إذ أصبحت العملات الرقمية أكثر سهولة في الوصول إليها، وأكثر أمانا في التخزين، وأسهل في نقل الملكية، وغالبا ما تستفيد الصناعات والشركات المنظمة استفادة قصوى من سهولة الانتقال. تبسيط المعاملات المالية: يُسهم تقليل عدد الأصفار في عملة بلد ما في تسهيل العمليات المحاسبية والمالية، مما يعزز الكفاءة في الأنشطة الاقتصادية.وفي غزة وفي سياق قلق المواطنين والتجار من توجّه الحكومة الإسرائيلية لإلغاء قيمة فئة الـ 200 شيكل ثمة أسئلة تطرح نفسها، ومن أهمها:
هل يحق لإسرائيل اتخاذ هذا القرار؟من الناحية القانونية، يتمتع بنك إسرائيل بصلاحية إصدار أو إلغاء العملات النقدية، ويجب أن يتم ذلك بناء على مبررات مهنية واضحة، وأكد بنك إسرائيل في بيان رسمي، أنه لا يعتزم إلغاء الورقة النقدية من فئة 200 شيكل، مشيرا إلى أنه لا توجد مبررات مهنية كافية لاتخاذه وفقا لما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
لكن أي إجراء أحادي الجانب من إسرائيل في هذا الشأن يُعتبر مساسا بالحقوق الاقتصادية للفلسطينيين، خاصة في ظل غياب التنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية، مما قد يُعد انتهاكا للاتفاقيات الدولية، وبالذات بروتوكول باريس الذي وقعته إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية إثر اتفاقية أوسلو عام 1993.
ما التأثير المنتظر على غزة؟تشكل فئة الـ200 شيكل نحو 70% من النقد المتداول في قطاع غزة، نظرا لقيمتها العالية وسهولة استخدامها في المعاملات الكبيرة، وإلغاء هذه الفئة من دون توفير بدائل مناسبة سيؤدي إلى آثار عديدة، وفقا لتقرير سابق للجزيرة نت ومن أهمها:
نقص حاد في السيولة النقدية تُعمق من الأزمة في القطاع، وهو ما سيعد ضربة إضافية للواقع الهش. سيفقد التجار والمواطنون رؤوس أموالهم، كونها تتكون أساسا من هذه الفئة من الشيكل، لأنها الأكبر في قيمتها. تأثير سلبي هائل على الاقتصاد المحلي في غزة قد يُفاقم من الأزمة الاقتصادية ويزيد من معدلات الفقر والبطالة في القطاع الذي دمرته الحرب. إعلانوعموما سيؤدي اتخاذ قرار إلغاء فئة 200 شيكل دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية خطِرة في قطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تداعیات اقتصادیة على سبیل المثال عملة جدیدة من التداول أو استبدال فئة 200 شیکل إلغاء فئة قطاع غزة فی عام فئة من
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: إسرائيل أصبحت دولة جرباء وهي تعيش انحطاطا غير مسبوق
تناول الإعلام الإسرائيلي انحدار مكانة تل أبيب الدولية وتفاقم الغضب العالمي منها، الذي قال إنه ينعكس في تزايد عدد الدول التي تعلن عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.
فقد أكد محلل الشؤون السياسية في القناة 13 غيل تماري أن هذا التسونامي الدبلوماسي يضر بكل واحد في إسرائيل، وأن هدفه النهائي دفع بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب- لإنهاء الحرب في قطاع غزة فورا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: إسرائيل جوّعت سكان غزة عمدا وبموافقة الغربlist 2 of 2رئيس وزراء فرنسي سابق: علينا أن نواجه الجنون القاتل في غزةend of listكما قال القنصل الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة شاي براك إن "الحزب الديمقراطي أصبح ضد إسرائيل بينما الحزب الجمهوري الداعم الكبير لنا، أصبح فيه من يخرجون ضدنا".
وأضاف "يمكننا استدعاء أمثلة كثيرة على الدول التي أعلنت عزمها الاعتراف بفلسطين، وإسرائيل لا يمكنها البقاء دون دعم دولي".
وفي القناة 13، تم نشر استطلاع رأي لقناة "سي إن إن" يظهر تراجع شعبية نتنياهو داخل الولايات المتحدة "وصولا إلى 23 نقطة تحت الصفر بين الأميركيين دون 35 عاما".
ووفقا للقناة فإن هذا التراجع يعود بالأساس لما تقوم به إسرائيل في غزة لأن الأميركيين يكرهون ما يشاهدونه على الشاشات، ويعتقدون أن نتنياهو مسؤول عنه إلى حد كبير.
لكن القنصل الإسرائيلي السابق في أميركا ألوف بنكاس يرى أن هذا التراجع يخص إسرائيل نفسها وليس نتنياهو وحده.
وفي السياق، قال مراسل الشؤون العربية في القناة 12، إيهود إيعاري، إن سنغافورة دولة صديقة جدا لإسرائيل ومع ذلك فإن غالبية الشعب هناك ضد ما تقوم به، وكذلك اليابان.
لافتا إلى أن الطلاب اليهود في أستراليا لم يعودوا قادرين على وضع نجمة داود وهم ذاهبون للمدرسة.
وعن مواصلة تجويع الفلسطينيين في غزة، قال قائد سلاح البحرية السابق أليعزر ماروم إن منع وصول المساعدات إلى الناس لم يعد أمرا ممكنا في القرن الـ21.
إعلانووصف ماروم هذا الأمر بأنه "سيئ جدا، ولا يؤثر على الجماهير الواسعة فقط وإنما على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أكبر داعم لإسرائيل، والذي قال إنه شاهد هذا على شاشة التلفاز".
انحطاط غير مسبوق
وتأكيدا على انحدار مكانة تل أبيب عالميا، قالت مراسلة الشؤون الدولية في القناة 12، كيرن بتسلئيل، إنها أصبحت تسمع من يقول إن إسرائيل "باتت دولة جرباء"، مضيفة "هذا ليس انهيارا دبلوماسيا وحسب، إنه أخطر من ذلك بكثير، لأننا نعيش انحطاطا غير مسبوق".
كذلك، ذكرت الصحفية في يديعوت أحرونوت، حين آرتسي سرور، أن "كل من له صلة بالثقافة يعلم أن الدعم مقطوع وأن علاقات إسرائيل قد ماتت، وأنها تجاوزت الدقيقة 99″، مضيفة "لا يمكن جعل الشعبوية بديلا للسياسات".
وبالمثل، أفادت مراسلة القناة 12 في الولايات المتحدة، يونا ليبزون، بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، "تدرك بعد كل ما حدث أن الفلسطينيين باتوا أقرب لتحقيق دولتهم، وهذا ما يدركه العالم أيضا".
واعتبرت ليبزون أن إسرائيل "خسرت هذه الحرب فعليا". في حين قال زعيم المعارضة يائير لبيد إن إسرائيل تواجه انهيارا تاما وغير مسبوق على الساحة الدولية.
وقال لبيد إنه قضى سنوات في ساحة العمل الدولي ولم ير هذا العدد من الدول التي تعلن عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية من طرف واحد، واصفا الأمر بأنه "خطأ من هذه الدول، لكنه أيضا نتيجة تشكيل حكومة تضم أكثر العناصر تطرفا في تاريخ إسرائيل".