المشيشي يتحدث عن احتجازه في قرطاج عند انقلاب قيس سعيد
تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT
تحدث هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية الأسبق عن تعرضه لالاحتجاز في قصر قرطاج في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو عام 2021، إبان إعلان الرئيس قيس سعيد عن تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، وهو ما اعتبرته المعارضة انقلابا على المسار الديموقراطي في البلاد، مؤكدا أن سعيد تلقى دعما من أطراف إقليمية قال إنها تخشى انتقال عدوى الثورة إليها.
وأضاف خلال حوار مع صحيفة "القدس العربي" أنه “في البداية، أنا أعتبر 25 تموز/ يوليو 2021 يوما أسود في تاريخ تونس. لأنّه أُسدل فيه السّتار على تجربة ومسار ديمقراطي كامل،
في ذات الوقت نشر موقع "بيزنس نيوز" مقالا كتبه رئيس الوزراء التونسي الأسبق هشام المشيشي متحدثا فيه عن أسباب صمته منذ أحداث 25 تموز/ يوليو 2021 ورؤيته للوضع الراهن الذي تعيشه تونس.
وقال الموقع في مستهل المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن شهادة المشيشي جاءت في إطار حق الرد على مقال نُشر سابقا في الموقع بعنوان "المشيشي رجل القش يعود من بين الأموات".
ويقول المشيشي إنه بعد أن التزم الصمت 4 سنوات منذ أحداث 25 تموز/ يوليو 2021 - صمتٌ اعتبره البعض تهربا من المسؤولية، بينما اعتبره آخرون تواطؤًا - يستطيع أن يتفهم جيدا أن الخيال يطغى على الحقيقة في مثل هذه اللحظات العصيبة، خاصة أنه "من السهل دومًا ابتكار شخصية خائن بدلا من محاولة فهم رجل دولة، ومن السهل تشويهه بدل محاولة فهمه".
وتابع المشيشي: "أتفهم أيضا حق الجميع وحاجتهم الى تفسير الأحداث والتكهن بما حدث، وحتى التفكير في أكثر السيناريوهات غرابة، وهو أمر بات منتشرا في الآونة الأخيرة. لا شك أن الأنا بحاجة إلى ترميم. إن إقناع نفسك بأنك فهمت ما لم يفهمه أحد، أو رأيت ما لم يره أحد، يمكن أن يُحسّن صورتك وثقتك بنفسك".
وأضاف:" لكنني اليوم لا أتحدث لأُرضي أحدا ولا لأقنع أحدًا، بل لأحدد المسؤوليات وأدلي بشهادتي عن الأحداث. لا أستطيع قبول تزوير التاريخ من حيث النوايا والوقائع، ولا أقبل أن يُطبّع بلدي مع التعسف والظلم والهستيريا المؤسسية".
وحسب المشيشي فإنه يتحدث اليوم كخادم للدولة، بعد أن رأى أنه من واجبه كشف الحقائق وتغليب الكرامة على النسيان، حتى تكفّ رياح الانتهازية عن التلاعب بالذاكرة، حسب تعبيره.
هل كان الصمت هروبا؟
يتابع المشيشي: "في خضم عالم افتراضي، حكم البعض على شرفي وولائي ومصيري خلال ثوانٍ معدودة من خلف شاشاتهم. ما يحتاجونه فقط نقرتان ليصنفوني من بين من لفظتهم صفحات التاريخ".
واعتبر المشيشي أن مصير رجل الدولة لا تقرره تغريدات وسائل التواصل الاجتماعي أو ردود الأفعال المتسرعة، بل يُقيَّمه التاريخ، وتساءل "هل تعرفون انقلابيا يمنح الكلمة لمن أُطيح به من السلطة؟ أنا لا أعرف مثل هذا الأمر. كنتُ أول من صرخ بصوتٍ عالٍ، بينما كان الكثيرون يهللون في ذلك المساء لذلك الذي اعتُبر منقذًا للأمة، بأن ما يحدث هو في الحقيقة انقلاب على الشرعية. جراء هذا الموقف تم احتجازي في إحدى غرف قصر قرطاج، كما لو كنت لصًا ضُبط في إحدى عربات المترو".
وأضاف: "نعم، كنتُ رئيسًا للحكومة. نعم، كنتُ وزيرًا للداخلية. لكنني لم أكن قائدًا للجيش، ولا طرفًا في صراع بين المؤسسات.. لم أرغب في إراقة الدماء دفاعًا عن مؤسسات كان البعض ينتهك حرمتها باسم الشعب. اخترت ألا أزيد من انقسام وطننا الذي كان على حافة الهاوية. وهذا هو ما وُجه إليّ من لوم: عدم الرد على العنف بالعنف. وأنا أتحمل مسؤولية ذلك. الحكم لا يعني المواجهة، بل أحيانًا يتطلب الانسحاب والتضحية الشخصية لإنقاذ الوطن من مصير كارثي".
ويرى المشيشي أن التزامه الصمت منذ 25 تموز/ يوليو 2021 لم يكن نوعا من الهروب أو الاستسلام، بل كان نوعا من الألم الذي منعته كرامته من البوح به.
كنت مخلصًا للدولة
وردا على نعته برجل القش، يقول المشيشي: "هذه العبارة التي قيلت ضمن محادثة مسربة صدرت عن شخص لم يسبق لي أن التقيت به. هذه العبارة لا تتحدث عني، بل عن النوايا الحقيقية لفئة ضيقة متشبثة برئيس غارق في متاهات أسطورته الشخصية وهلوسات العظمة الذاتية".
وقال المشيشي: "المؤامرة دائماً منسوبة للآخر، الذي يعارض منفذ الانقلاب. كنت وما زلت متشبعًا بثقافة الدولة وروح المؤسسات. لم يخطر ببالي لحظة أن يُنتهك مركز القرار في تونس بهذا الشكل الصارخ. في اعتقادي، وقع تعييني وفقًا للأحكام الدستورية. وعملي كان عمل رجل دولة ملتزم، وفيّ للمؤسسة الجمهورية، يسعى للإصلاح وسط أزمة صحية عالمية واحتقان اجتماعي حاد وتصعيد سياسي مستمر".
وأضاف: "صمدت في وجه التدخلات ورفضت الإملاءات وتصديت لنزعات التفرّد بالسلطة ولم أساوم أمام جنون العظمة. كما رفضت الاستقالة، لأن ذلك كان يعني تسليم البلاد للمجهول وتركها تسير نحو الهاوية".
تدمير الدولة
وتابع المشيشي: "إلى أولئك الذين يسعون لتحميلي مسؤولية كل الأزمات فقط لتبرئة المسؤولين الحقيقيين، أقول إن الحقيقة ستظهر. وستظهر كاملة وموثّقة وواضحة".
وأكد رئيس الوزراء التونسي أنه يرفض بقوة اتهامه بالتساهل مع التطرّف، لأن ذلك أبعد ما يكون عن قناعاته ومساره الشخصي والمهني، مؤكدا أن التطرف الحقيقي هو ما تشهده تونس اليوم من تدمير ممنهج للدولة والزج بالمعارضين في السجون بناء على محاكمات صورية تفتقر إلى أدنى معايير العدالة.
لماذا الآن؟
وأوضح المشيشي أنه اختار الخروج من صمته الآن لأنه كان يحتاج إلى مسافة كافية من الأحداث حتى لا يكون موقفه انفعاليا، ولأن رفع الصوت لمجرد مجاراة الضجيج لا يخدم الحقيقة، حسب تعبيره.
وأضاف: "أنا لا أتحد اليوم دفاعًا عن شرفي، فهو لا يعتمد على المنصات أو الصحف. بل أتكلم لأن اللحظة حرجة. لأن تونس بعد أربع سنوات من الانقلاب أصبحت أكثر انقسامًا وأكثر مديونية وأكثر عزلة من أي وقت مضى. ولأن رجالًا ونساء يقبعون في السجون، وآخرين يتنقلون من منفى إلى منفى فقط بسبب أفكارهم ونضالهم".
وتابع قائلا: "أتحدث بدافع الواجب، لا بدافع الانتقام. لأن تونس تختنق. ولأن الشعب يستحق أفضل من هذا المسار الاستبدادي المغلف بشعارات أخلاقية. ولأن من يحكمون اليوم باسم الشعب، هم من داسوا على إرادته. أتحدث اليوم لأجدّد قناعة راسخة ويقينًا لا يتزعزع: لن تستعيد تونس عافيتها إلا من خلال دولة القانون واحترام المؤسسات وإنهاء الظلم وإعادة الاعتبار للعقل والحوار".
وفي الختام، يرى المشيشي أن إنقاذ تونس يتطلب محاكمة الجهات التي أوصلتها إلى الوضع الراهن، بدلا عن ملاحقة من التزموا الصمت، معتبرا أن "الصمت الأخطر اليوم هو ذاك الذي يُراد فرضه على شعب برُمته".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية التونسية قيس سعيد انقلاب انقلاب تونس قيس سعيد سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یولیو 2021 رئیس ا
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال يتحدث عن خروقاته في لبنان بعد وقف إطلاق النار
أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي، بارتكاب خروقات لوقف إطلاق النار في لبنان، مشيرا إلى أنه نفذ حوالي 500 هجوم منذ وقف إطلاق النار الذي تحقق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
ولفت جيش الاحتلال خلال حديثه عمّا وصفها "الإنجازات" في لبنان بعد وقف إطلاق النار، إلى أن "ثلث الإنجازات العملياتية التي أوصلت حزب الله إلى أصعب وضع منذ تأسيسه، تحققت خلال فترة التهدئة"، وفق ما أوردته صحيفة "هآرتس" العبرية.
وأكد أن "سلاح الجو الإسرائيلي هاجم الأراضي اللبنانية حوالي 500 مرة خلال 243 يوما منذ وقف إطلاق النار، وتقل فيها أكثر من 230 عنصرا من حزب الله"، مضيفا أنه "تمكن من تدمير آلاف الصواريخ و90 منصة إطلاق و20 مقرا وخمسة مواقع لإنتاج الأسلحة ومعسكرات تدريب وبنية تحتية للحزب".
ونوه إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة دمرت الغارات الإسرائيلية حوالي 3000 صاروخ، بالإضافة إلى البنية التحتية تحت الأرض جنوب الليطاني، مشيرا إلى أنه "قتل أكثر من 4000 عنصر في حزب الله منذ بدء الحملة ضده وهناك مئات في عداد المفقودين، بما في ذلك قمة الحزب بأكملها باستثناء شخصيتين كبيرتين".
وادعى جيش الاحتلال أنّ الحزب يواجه صعوبة في شغل المناصب العليا، لافتا إلى أنه "قبل الحرب، بلغ عدد القوة النظامية لحزب الله حوالي 25000 شخص، واليوم، نصف هذه القوة جاهز للقتال".
وعلى الرغم من الضربة الشديدة، يقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "حزب الله يحاول إعادة بناء نفسه"، مؤكدا أنه "اليوم غير قادر على غزو الأراضي الإسرائيلية وبدء مواجهة طويلة الأمد".
ووفق ما نشرته "هآرتس"، فإنّ "الحزب يواجه صعوبة في إعادة ربطه بالمحور، وقد حوّلت قوة الرضوان النخبوية إلى مهام داخلية (الرقابة وحماية أصول الحزب)، رغم أن هدفها الأصلي هو المواجهة مع الجيش الإسرائيلي".
وتحدثت الصحيفة نقلا عن جيش الاحتلال، أن "معظم أسلحة حزب الله جرى نقلها إلى شمال الليطاني، ووفقا لتقديرات إدارة الاستخبارات، يمتلك الحزب آلاف الصواريخ معظمها قصير المدى، ويمكن لمئات منها الوصول إلى وسط إسرائيل".
ويشير التقييم الإسرائيلي إلى أن حزب الله غير قادر حاليا على إطلاق الصواريخ باستمرار على إسرائيل، بسبب نقص منصات الإطلاق، مضيفا أن "الحزب يطمح إلى ابتكار وسائل لشن غارات محددة على أهداف، لكن يبدو أن هذه خطط مستقبلية يعجز التنظيم حاليا عن تحقيقها".
ووفق جيش الاحتلال، فإنّ القدرة الرئيسية التي تبقى لدى حزب الله، هي مخزونه من الطائرات المسيرة القادرة على تعطيل الحياة في الشمال، منوها إلى أنه جرى رصد مؤخرا محاولات لاستئناف إنتاج الطائرات المسيرة في منطقة الحدحية بالعاصمة بيروت، وتم قصف مباني الإنتاج بعد إصدار إشعار إخلاء للمدنيين.