كيف ينظر دروز لبنان لأحداث جرمانا وصحنايا؟
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
بيروت- "أعيش وغيري كُثر في لبنان حالة من الخوف والقلق منذ أيام جراء الأخبار الواردة من منطقة جرمانا وأشرفية صحنايا في سوريا، عن اشتباكات دامية وقعت بين عدد من أبناء الطائفة الدرزية ومجموعات خارجة عن النظام في 28 أبريل/نيسان الماضي". يقول المواطن اللبناني الدرزي محمد مغامس من بلدة راشيا بمحافظة البقاع.
وأضاف مغامس للجزيرة نت، أنه رغم نجاح الأمن العام السوري، أمس الأربعاء، في إعادة الأمور إلى نصابها، فإن هاجس تجددها في داخله لم يتبدد حتى الآن.
ويعيش في لبنان نحو 400 ألف مواطن من طائفة الموحدين الدروز، يتوزعون على مناطق جبل لبنان وبيروت وحاصبيا، وقضاء راشيا الذي يضم مجموعة قرى درزية متاخمة للحدود السورية، يقول عنها مغامس "قرانا يقابلها في الجانب السوري مجموعة قرى من أبناء طائفتنا، تخيل كيف يكون شعورك إزاء هذا السيناريو الدموي المتجدد".
قلق مشروعيرى المحلل السياسي صلاح تقي الدين أن القلق اللبناني مشروع، لأن الأحداث الدموية التي وقعت بين عدد من أبناء الطائفة الدرزية ومجموعات خارجة عن القانون في سوريا، كادت تداعياتها تصل إلى لبنان، وأضاف "أجزم بأن من فبرك تسجيلا صوتيا يسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، يعمل لصالح العدو الإسرائيلي".
إعلانوقال للجزيرة نت إن وقف إطلاق النار وبسط الأمن العام السوري سيطرته جاء نتيجة تفعيل حركة اتصالات توجّت باجتماعات مكثفة بين مشايخ الطائفة الدرزية من جهة، ومحافظي ريف دمشق والسويداء لإيجاد حل سريع للأزمة، سبقها وواكبها -لبنانيا- تحرك مماثل من مشايخ هذه الطائفة وقياداتها السياسية لإطفاء نار الفتنة ومنع تمددها إلى لبنان.
ووصف انعقاد اللقاء الموسع لمشايخ الطائفة الدرزية وقياداتها السياسية في بيروت بـ"الهام"، لأنه أتى في إطار تأكيد أنه "لا يمكن لدرزي أن يسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأن حمام الدم الذي وقع تسببت به جماعات متطرفة ليست تحت سيطرة الحكومة السورية الجديدة التي عليها التعاطي بحزم للجم هذه الجماعات، منعا لانتقال الفتنة إلى لبنان والمنطقة".
وذكّر تقي الدين بمعاناة الدروز ومكونات الشعب السوري كافة زمن نظام الأسد المخلوع، وتمنى أن تُطوى صفحة الأحداث الأخيرة، وأن يكون النظام الجديد حاضنا لكل المواطنين من خلال بسط الدولة لنفوذها، ومصادرة الأسلحة غير النظامية، "فالدروز ضد دعوات الانفصال، ولا يمكن لأحد تجاوز ما أرساه السلطان باشا الأطرش من قيم وطنية وعربية".
وشهدت مدينة عالية في جبل لبنان تحركات أهلية مستنكرة لما حصل في أشرفية صحنايا تخللها قطع طرقات، فهل نجح الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان سامي أبو المنى وباقي القيادات الدرزية في تطويق ردود الفعل على الأرض؟
يجيب المحلل تقي الدين بأن ما قام به جنبلاط ومعه مشايخ الطائفة في لبنان هام جدا، فقد استشعر خطورة ما يُرسم للمنطقة وليس لسوريا فحسب، كما أجرى مجموعة اتصالات محلية وعربية، وأبدى استعداده للذهاب للقاء القيادة السورية للتوصل إلى اتفاق يرعى كل المواطنين السوريين دون أي تفرقة.
إعلانبدوره، أكد عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز أنور علامة، للجزيرة نت، تفاعل المكون الدرزي مع دعوات مشيخة العقل في لبنان، وقال "الجميع مع ضبط النفس وتحكيم العقل وإدانة الإساءة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وإدانة الاعتداء الذي تعرض له أبناء الطائفة في صحنايا وجرمانا، كدروز في لبنان وإن كنا متضامنين مع إخواننا في سوريا، إلا أننا ندعو إلى التهدئة وتحكيم لغة العقل".
وحذر من الانجرار خلف شائعات تسعى إلى إنتاج فتن طائفية ومذهبية في سوريا ولبنان، "فالعدو الإسرائيلي يسعى خلف التفتيت والتجزئة، وعليه نؤكد، نحن مجتمع واحد، أهدافنا واحدة في سبيل تنمية مجتمعاتنا سواء كنا في لبنان أو سوريا، نحن جسم عربي واحد، نأمل أن لا تدخل الفتنة فيما بيننا كما بدا من أحداث الأمس".
ولفت علامة إلى وجود نحو 750 ألف موحد درزي في سوريا، وهم الأكثر عددا قياسا بأبناء هذه الطائفة في المنطقة العربية، وتأثيرهم جلي وواضح في لبنان وفلسطين والأردن. وأضاف "لقد انتصر الدروز للثورة السورية وكانوا جزءا لا يتجزأ منها، ونأمل أن تضرب حكومة العهد الجديد مسببات الفتنة وخاصة تلك المجموعات الخارجة عن النظام، كي تستقيم أمور كل المواطنين السوريين".
من جهته، كشف الشيخ فريد أبو إبراهيم، مستشار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، عن تنسيق "على مستوى عالٍ" بين مشيخة العقل ودار الفتوى في بيروت، وذلك "لمزيد من تحصين الواقع المحلي"، وترجمة مقررات الاجتماع الموسع لمشايخ الطائفة الدرزية ولتوجيهات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط لجهة محاصرة أي محاولة تسعى لإنتاج فتن سواء في سوريا أو لبنان.
وأكد للجزيرة نت أن الوضع متماسك، "وهناك تنسيق على المستويات كافة، بما في ذلك مع الجانب السوري، بهدف طي الصفحة السوداء، وإنتاج واقع صحي يحفظ كرامة المواطنين السوريين دون تفرقة أو تمييز".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الطائفة الدرزیة الموحدین الدروز للجزیرة نت فی لبنان فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سوريا
انتقد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري تصريحات المبعوث الأميركي توم براك عن ضم لبنان إلى سوريا، في وقت أكد فيه إنجاز الجيش اللبناني أكثر من 90% من اتفاق وقف إطلاق النار وسينجز ما تبقى مع نهاية العام الحالي.
ووصف بري، في تصريحات أمام وفد نقابة الصحافة اللبنانية، تصريحات براك عن ضم لبنان إلى سوريا بأنها "خطأ كبير وغير مقبول على الإطلاق".
وقال "لا يستطيع أحد تهديد اللبنانيين ولا يعقل أن يتم التخاطب معهم بهذه اللغة خاصة من الدبلوماسيين، ولا سيما من براك".
والأحد الماضي، قال براك، أثناء مشاركته في منتدى الدوحة 2025، "يجب أن نجمع سوريا ولبنان معا لأنهما يمثلان حضارة رائعة"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول عن وسائل إعلام إسرائيلية.
الانسحاب الإسرائيليمن جهة ثانية، قال بري إن لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية هي إطار تفاوضي، مشيرا إلى أن لبنان يفاوض عبر هذه اللجنة على مسلمات هي الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني.
وتضم اللجنة المشكّلة عقب الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، كلا من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) ولبنان وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة، وتتولى مهمة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وأكد بري أن بلاده نفذت كل ما هو مطلوب منها، والجيش نشر أكثر من 9300 ضابط وجندي بمؤازرة اليونيفيل، التي أكدت في آخر تقاريرها التزام لبنان بكل ما هو مطلوب منه، في حين أن إسرائيل خرقت الاتفاق نحو 11 ألف مرة، بسحب تصريحات بري.
وأبدى استغرابه جراء عدم التساؤل عن التزامات إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، موضحا أن تل أبيب زادت من مساحة احتلالها للأراضي اللبنانية منذ الاتفاق.
وفي 5 أغسطس/آب الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح بيد الدولة بما فيه سلاح حزب الله، وتكليف الجيش بوضع خطة وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.
إعلانلكن الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أكد مرارا أن الحزب لن يسلم سلاحه، ودعا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية.
وكان يُفترص أن ينهي اتفاق وقف إطلاق النار الموقع قبل نحو عام عدوانا شنته إسرائيل على لبنان في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحول إلى حرب شاملة في سبتمبر/أيلول 2024، خلفت أكثر من 4 آلاف قتيل وما يزيد على 17 ألف جريح.
كما عمدت إسرائيل إلى خرق الاتفاق آلاف المرات، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى، فضلا عن احتلالها 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.