وكان.. تصميم مسارات الطرق و التلفريك ومشروعات التطوير السياحي
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
تتربع قرية "وكان" على قمة أفضل الوجهات السياحية في وادي مستل، الذي يُعد أحد أجمل الأودية بولاية نخل، حيث تتعدد به المواقع السياحية بقراها المتناثرة بين الجبال التي تعانق السماء، وفوق التلال والمنحدرات، والتي يرتادها الزوّار والسياح والعوائل بدون توقف طوال العام.
ومطلع العام الماضي، صدرت توجيهات سامية بضرورة وضع خطة زمنية لتطوير "الجبل الأبيض" وقرية "وكان"، يتم بموجبها استكمال البُنى الأساسية اللازمة، وتهيئة الظروف المناسبة لتطويرهما لما تتميزان به من الممكنات، وما يحيط بهما من المقاصد السياحية؛ الأمر الذي يجعل منهما وجهتين مهمتين للرحلات والتخييم وسياحة المغامرات، تعزيزًا لدور قطاع السياحة في الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي، وإيجاد قيمة محلية مضافة مع توفير فرص عمل للمواطنين.
وتشهد قرية "وكان" إقبالًا واسعًا من الزوّار من داخل سلطنة عُمان وخارجها، للاستمتاع بموسم تزهير المشمش والخوخ والبُوت، الذي يبدأ بالتزهير في شهر يناير ويستمر حتى بداية شهر مارس، وتنتعش في هذا الموسم الحركة السياحية والتجارية، حيث إن هذه القرية تُعد من القرى القليلة التي تنمو فيها هذه الأشجار في سلطنة عُمان، لكونها مرتفعة وباردة نسبيًا. كما تُمثل القرية وجهة سياحية فريدة لمحبي المغامرات، إذ ترتبط بمسارات جبلية عديدة تربط بين محافظتي جنوب الباطنة والداخلية.
ويعكف مكتب محافظ جنوب الباطنة، بالتعاون مع الجهات المختصة، على العديد من المشاريع، بينها رصف الطريق المؤدي إلى القرية، ومشروع لربطها بالتلفريك، بالإضافة إلى استحداث مخطط سكني متكامل لقاطني القرية، على أن تتم إدارة المباني القائمة من قبل إحدى الشركات وتطويرها سياحيًا، ومن المرتقب مد قرية "وكان" بشبكة المياه الحكومية لتعزيز الموارد المائية ضمن مشروع مد شبكة المياه لقرى وادي مستل بولاية نخل.
وقال سعادة المهندس مسعود بن سعيد الهاشمي، محافظ جنوب الباطنة: ترجمةً للتوجيهات السامية بتطوير قرية "وكان" الواقعة في ولاية نخل، شرعت محافظة جنوب الباطنة، بدءًا من العام المنصرم 2024، بإسناد عمل التصاميم لمشروع الطريق المؤدي للقرية، وكذلك تقديم مقترحات لمسارات التلفريك، حيث تم الانتهاء من تصميم مقترحين لمسار الطريق المؤدي للقرية، وكذلك مسارين مقترحين لمشروع التلفريك، وحاليًا في طور التحليل والاعتمادات المالية، ومن المؤمّل أن تبدأ هذه المشاريع قريبًا.
وبيّن سعادته أن مشروع التلفريك من المشاريع التي يُعوّل عليها في الجذب السياحي لقرية "وكان"، وهناك مقترحات لطرح المشروع للاستثمار أو بتمويل من المحافظة.
شبكة إمداد المياه
وأوضح سعادته أن شركة نماء لخدمات المياه تعمل على تنفيذ تصاميم مشروع شبكة إمدادات المياه لوادي مستل، وتشمل قرية "وكان"، ومن المتوقع الانتهاء منها في أغسطس المقبل، مشيرًا إلى أن هناك جهودًا تُبذل من قبل الجهات الحكومية الأخرى المناط بها عملية التطوير لقرية "وكان"، كوزارة الإسكان والتخطيط العمراني التي تعمل على تطوير منطقة سكنية موازية وعلى نفس ارتفاع قرية "وكان"، يتم تخصيصها لأهالي القرية، على أن يتضمن هذا المخطط مرافق سياحية. وحرصنا على أن يخدم مسار الطريق هذا المخطط السكني، وذلك للتوسعة العمرانية المستقبلية.
وقدمت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه العديد من المقترحات، إضافة إلى الجهود التي تقوم بها وزارة التراث والسياحة فيما يخص توفير النزل السياحية في قرية "وكان" وكذلك التراخيص السياحية.
وذكر سعادته اعتزام اللجنة طرح مناقصة لعمل تصميم متكامل لقرية "وكان" يُبيّن كيفية تطويرها من الناحية السياحية.
محدودية المواقف
وقال عبدالله بن أحمد العرفاتي، من سكان قرية "وكان": تعاني قرية "وكان" من محدودية المواقف العامة في القرية، وتقوم وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالتخطيط لمشروع طريق مرصوف يربط القرية بالطرق الرئيسية، بالإضافة إلى مشروع التلفريك، ليكون هذان المشروعان حلًا مستدامًا لمحدودية المواقف العامة في القرية. وسيقوم التلفريك بنقل زوّار القرية من الأسفل إلى أعلى قرية "وكان"، كما تشمل مشاريع تطوير قرية "وكان" توفير مواقف عامة لأهالي القرية.
وأكد أن أهالي القرية، وفي ظل ازدياد الحركة السياحية، قاموا باستحداث مشاريع النزل الفندقية والمقاهي السياحية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السياح، وإثراء السياحة في القرية.. مؤكدًا أن من ضمن رزنامة المشاريع المزمعة إنشاؤها في قرية "وكان" مشروع الصرف الصحي لمعالجة مياه الصرف الصحي، إذ سيوفر هذا المشروع مياهًا يمكن استخدامها في ري المزروعات في القرية وزيادة المساحات الخضراء.
وأوضح أن إحدى الشركات ستقوم باستثمار المباني القائمة في القرية سياحيًا، مع تعويض أهالي القرية بمخطط سكني متكامل جديد من قبل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، ويكون هذا المخطط قريبًا من مكان سكنهم الحالي، ليتسنى لهم متابعة محاصيلهم الزراعية في القرية.
وأشار إلى أن قرية "وكان" ترتبط بمسارات جبلية تربطها بقرى ولاية الجبل الأخضر، وينقسم المسار الجبلي إلى عدة مسارات، بينها مسار يؤدي إلى "سيح قطنه" في الجبل الأخضر، وآخر يؤدي إلى قرية "المناخر" في الجبل الأخضر، كما أن هناك مسارًا يؤدي إلى قرية "حدش" بولاية نخل، ومسارًا رابعًا يؤدي إلى قرية "العافية" بولاية سمائل. وهذه المسارات من السهل سلوكها، وقد قامت وزارة التراث والسياحة بوضع إشارات تدل على كل مسار على حدة. وتبعد أقرب قرية في الجبل الأخضر عن "وكان"، وهي قرية "المناخر"، بواقع 7 كيلومترات، ويستغرق المسير قرابة 3 ساعات مشيًا على الأقدام.
وهذه المسارات كانت تُستخدم قديمًا للتواصل بين قرى الجبل الأخضر وقرى وادي مستل بولاية نخل، وكذلك لاستخدام الحمير في نقل البضائع بين هذه المناطق، وتمر المسارات الجبلية بين أشجار البُوت والعَتم والعُـلعلان.. مشيرًا إلى أن ثلاث عيون مائية تُمثل مصادر المياه لقرية "وكان"، منها عين "وكان" الرئيسية، والأخرى الفرعية، وكذلك عين "سنورة"، إذ تغذي هذه العيون القرية وتُستخدم مياهها لري المزروعات وكذلك للشرب، ويتم تجميع المياه في أحواض مخصصة لها.
سلة غذائية واعدة
وقال سعيد بن سالمين بن خصيف العرفاتي، من سكان قرية "وكان": القرية سلة غذائية واعدة، إذ تشتهر بزراعة المشمش والخوخ والعنب والزيتون والرمان والجوز.. كما تتواجد في القرية العديد من أصناف النخيل، كالفرض والخِصاب والخنيزي، بالإضافة إلى زراعة القمح والثوم والباقل (الفول) والبصل، وتنتشر على أطراف القرية الأشجار البرية، كالعُـلعلان والتوت والعَتم.
وأوضح أن المسارات الجبلية في وادي مستل تُعد قديمًا همزة وصل إلى الجبل الأخضر، إذ كنا نستخدم الحمير في تنقلاتنا، وتمتد رحلة الوصول إلى الجبل الأخضر قرابة 4 ساعات إلى قرية "المناخر"، ثم نقصد طريق "المشهد"، وهي تؤدي إلى "سيح قطنه"، لنصل إلى "العين" و"العيجة" و"وادي بني حبيب".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جنوب الباطنة الجبل الأخضر بولایة نخل فی القریة إلى قریة یؤدی إلى مسار ا
إقرأ أيضاً:
العيزرية قرية مقدسية سميت على اسم نبي
العيزرية هي إحدى بلدات محافظة القدس، يحيط بها جدار الفصل الإسرائيلي من أغلب جهاتها، ويعزلها عن البلدات والمدن المحيطة بها.
الموقعتقع قرية العيزرية على بعد كيلومترين شرق مدينة القدس. تحدّها من الجنوب بلدة أبوديس، ومن الغرب رأس العامود والمسجد الأقصى، وعلى أراضيها من ناحية الشّرق أقيمت مستوطنة معاليه أدوميم والخان الأحمر، ومن الشّمال قرية الزعيم ومن الشّمال الغربي جبل الزيتون.
التسميةتقول بعض الروايات إن العيزرية سميت نسبة إلى نبي الله عزير، الّذي أماته الله 100 عام كما جاء في سورة البقرة في قوله تعالى "أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير (259)".
ويقال أيضا إنها سُميت بهذا الاسم نسبة إلى "لعازر"، وهو شخصية إنجيلية مرتبطة بقصة قيامة لعازر على يد السيد المسيح، وفق المعتقدات المسيحية، ولهذا السبب كانت القرية محطة للحجاج المسيحيين على مر العصور.
وقد ذُكرت العيزريّة في الإنجيل والتوراة باسم بيت عنيا ومعناه بيت البؤس أو بيت التّمور.
وكانت قرية العيزرية تعرف عند الفرنجة في العصر الوسيط باسم "بنتانينا سانت لازار".
السكانحسب التعداد العام للسكان والمساكن الذي أجراه الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء عام 2023، بلغ عدد سكان العيزرية نحو 23 ألفا و692 نسمة، لكن عدد السكان الفعلي فيها يتجاوز 50 ألف نسمة.
ويعود هذا الاختلاف إلى عدد السكان الذين يحملون الهوية الإسرائيلية (الزرقاء) ويرفضون التسجيل في الإحصاء الفلسطيني، لأن ذلك يؤثر على وضعيتهم القانونية وإقامتهم في القدس.
بدأ الوجود البشري في العيزرية منذ العصور الكنعانية، كما كشفت التنقيبات عن آثار رومانية وبيزنطية تعود للقرنين الرابع والخامس الميلاديين، من بينها بقايا أديرة وكنائس ومعاصر زيتون وأحواض مياه.
إعلانفي الفترة البيزنطية (القرن الرابع-القرن السابع ميلادي)، أصبحت البلدة مركزا دينيا مهما. إذ أمرت الإمبراطورة البيزنطية أوفيميا ببناء كنيسة على قبر العازر حوالي عام 480م، مما عزّز مكانتها بين مراكز الحج المسيحي في فلسطين، إلى جانب القدس وبيت لحم والناصرة.
مع فتح صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس عام 1187م، دخلت العيزرية ضمن السيطرة الإسلامية، وشهدت فترة من التجديد والبناء في إطار مشروع صلاح الدين لإعادة إحياء المدينة المقدسة ومحيطها بعد طرد الصليبيين منها.
وفي الفترة الأيوبية (1187–1250م)، جُددت بعض الكنائس وحُوّلت أخرى إلى مساجد، وجرى الحفاظ على المعالم الدينية المسيحية الكبرى بدافع التعايش الديني الذي شجّع عليه صلاح الدين.
كما أُقيمت في العيزرية منشآت تعليمية ودينية إسلامية، ومنها زوايا صوفية ومدارس شرعية لخدمة المجتمع المسلم المتنامي في المنطقة.
وفي أعقاب النكبة عام 1948، وبعد اتفاقات الهدنة لعام 1949، أصبحت قرية العيزرية تحت الحكم الأردني، لكن بعد النكسة عام 1967 سقطت بيد الاحتلال الإسرائيلي.
من أبرز معالم القرية كنيسة أليعاز للاتين، التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، وقد شيدت في عهد الإمبراطور قسطنطين، وهي الفترة التي تم الاعتراف فيها بالديانة المسيحية، وبدأ فيها بناء الكنائس في فلسطين.
وتم اكتشاف بقايا أرضيات فسيفسائية في الساحة الرئيسية للدير تضم زخارف هندسية تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في كنيسة المهد بمدينة بيت لحم جنوب القدس، ويضم الموقع أيضا قبورا تعود للفترة البيزنطية.
وتضم البلدة القديمة في العيزرية الآن بقايا 4 كنائس وخامسة شُيّدت فوق 3 كنائس أثرية، وعلى مقربة من كنيسة أليعاز تقع كنيسة الروم، ويتوسط الكنيستين جامع العُزير الذي بُني في عهد القائد صلاح الدين الأيوبي.
ومن المعالم الأخرى قبر أليعازر، وهو مبنى لقبر شخصية تاريخية مقدسة لدى المسيحيين موجود في العيزرية، وتحديدا على طرف سفح جبل الزيتون. وهو مكان يحج له المسيحيون من جميع أقطار العالم، فبحسب إنجيل يوحنا حصلت به معجزة إحياء يسوع لعازر من الأموات. القبر موجود في كنيسة الروم الأرثوذكس، ويلاصقه مسجد العزير، الذي يلاصق بدوره كنيسة الروم الكاثوليك.
وأيضا القناطر وهو برج صليبي، بني إلى الجنوب الغربي من الدير القديم، بطول (14.6 مترا) وعرض (14.8 مترا)، وتبلغ سماكة جدرانه 4 أمتار، ويعتقد أنهما كانا برجين للدفاع عن خزان مياه روماني في الحقبة الصليبية.
بين عامي 1949 و1953، وجد باحثون حفريات أثرية عبارة عن كهوف في الجهة الجنوبية للبرج الصليبي، إضافة إلى أساسات الغرف، وأماكن لتخزين احتياجات السكان وحفظ المياه، وكذا تخزين الأعلاف للدواب.
كما وجد المنقبون لُقى أثرية أخرى كالأسرجة والجرار وعملات معدنية، واعتبروا ذلك أدلة على أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ القرن السادس والخامس قبل الميلاد.
شكّلت العيزرية المدخل الشرقي الطبيعي والتاريخي لمدينة القدس، إذ كانت طريقها الرئيسي نحو أريحا ووادي القلط والأغوار، ومعبرا للقوافل التجارية والحجاج القادمين من الضفة الشرقية لنهر الأردن. وكان من الممكن الوصول منها في دقائق فقط إلى باب الأسباط أو جبل الزيتون.
إعلانبعد إغلاق مدينة القدس في بداية التسعينيات من القرن العشرين وعزلها عن الضفة الغربية بالحواجز العسكرية، حدث نوع من الانتقال في الاستثمار الاقتصادي والتجاري والعمراني، إلى الضواحي مثل الرام والعيزرية.
ومن ناحية أخرى، فإن سياسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين في القدس في ما يتعلّق بالضرائب الباهظة المفروضة على السكن والأملاك وضرائب الدخل، وسوء الوضع الاقتصادي للتجار في القدس مع عزلها عن الضفّة، دفع بكثيرين منهم إلى الانتقال للعمل والسكن في الضواحي مثل العيزرية والرام وبير نبالا.
وشهدت هذه الضواحي في السّنوات الماضية حركة عمرانية ضخمة، إذ ازدادت المنشآت السكنيّة والتجارية والورش فيها، وأصبح يسكنها عشرات الآلاف من حملة الهوية المقدسية، بينما انتقل آلاف من مناطق مختلفة من محافظات الضفة الغربية للسكن والعمل فيها لقربها من القدس، ولازدياد الحركة التجارية فيها.
مخطط "إي 1" الاستيطانيمن أبرز المخططات الإسرائيلية الجارية في المنطقة ما يسمى "مشروع إي 1″، الذي يهدف إلى ربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس الغربية عبر امتداد عمراني استيطاني، يمر عبر أراضي العيزرية وأبو ديس والسواحرة.
يعد هذا المشروع من أخطر ما يهدد مستقبل العيزرية والقدس، إذ يُقسم الضفة الغربية فعليا إلى قسمين شمالي وجنوبي، ويُجهز على إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا. كما يُحاصر التجمعات الفلسطينية شرق القدس، ويمنع أي توسع عمراني طبيعي لها.