أقدمت مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني، الجمعة، في تطور وُصف بالتاريخي، على حرق أسلحتهم في مراسيم رمزية جرت داخل كهف "جاسنه" الواقع في منطقة سورداش بقضاء دوكان شمال محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، في إطار مبادرة نزع السلاح التي أُطلقت تحت عنوان "تركيا بلا إرهاب".

وجاءت الخطوة تلبية لدعوة وجهها زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان نهاية شباط/فبراير الماضي، وتُعد أول عملية تسليم فعلية للسلاح، وشملت 30 عنصراً من التنظيم، بينهم أربعة من القيادات البارزة، من بينهم 15 امرأة، وقد تم تدمير الأسلحة بإلقائها في قدر حديدي مشتعل، أمام أعين الصحفيين والسياسيين الذين احتشدوا في المكان.



عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
"إحراق الذكرى"... لا دفنها أو تسليمها
الحدث الذي شهده الكهف الشهير الذي يعود تاريخه إلى الحقبة العثمانية، حظي بتغطية إعلامية واسعة، واعتُبر من قبل مراقبين "إعلانًا علنيًا لإنهاء نصف قرن من العنف المسلح".

وبحسب مراقبين، جاء المشهد ليُعلن بداية النهاية لأربعة عقود من الصراع بين أنقرة والتنظيم الكردي المصنف إرهابيًا. اختيار الحرق بدل الدفن لم يكن عشوائيًا، بل يحمل رمزية "لعن الذكرى" ومحو آثار الماضي القتالي، تمامًا كما فعل الرومان حين ألقوا سيوف أعدائهم في النار لإزالة ما أسموه "لعنة الحرب". 

وقال إدريس أريكان، مدير أخبار قناة "سي إن إن ترك"، إن "اختيار الحرق بدلاً من الدفن يحمل بعداً رمزياً عميقاً"، مشيراً إلى أن "إذابة الحديد تعني لعنة الذكرى ومحْو آثار الإرهاب من الذاكرة الجمعية لسكان المنطقة، كما فعل الرومان قديما".

شواهد تاريخية
لطالما ارتبطت ظاهرة حرق الأسلحة في التاريخ العسكري بسياقات تتجاوز بعدها الميداني، لتُلامس أعماق الرمزية السياسية والنفسية، سواء كإعلان عن نهاية حرب، أو وسيلة لتجريد الخصوم من أدوات التمرد، أو تكتيك لحسم المشهد النفسي لصالح الطرف المنتصر. 

في القرون القديمة، وثق المؤرخ الروماني تيتوس ليفيوس كيف أُجبرت قبائل السامنيت الإيطالية، بعد هزيمتها عام 290 ق.م، على حرق أسلحتها في مشهد علني وصفه الرومان بـ"نهاية الحرب"، وكان ذلك جزءا من استراتيجية الدولة الرومانية لإذلال الخصوم وإغلاق الباب أمام أي تمرد محتمل.

وفي مرحلة الحروب الأهلية الرومانية، استخدم القادة المنتصرون كـيوليوس قيصر حرق أسلحة خصومهم المهزومين، ليس فقط لحرمانهم منها، بل لتقديم صورة "رمزية" للسلام تحت مظلة "باكس رومانا" (Pax Romana)، وهي سياسة تمثيلية بامتياز استخدمت كأداة دعائية لترسيخ هيبة الدولة.

الحروب الحديثة.. السودان نموذجا
وفي العصر الحديث، شكلت اتفاقية السلام السودانية لعام 2005 بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، نموذجا نادرا لاستخدام حرق السلاح كإجراء "رمزي" لبناء الثقة. 

إذ ظهرت مشاهد علنية لميليشيات جنوبية وهي تحرق أسلحتها الخفيفة ضمن مراسم جماهيرية. ومع ذلك، أفادت تقارير بأن بعض الجماعات احتفظت بأسلحتها الثقيلة، ما يعكس محدودية الإجراء في بعض السياقات.


مبادرة من أردوغان وباهتشلي
المبادرة تأتي تتويجاً لخطة "تركيا بلا إرهاب" التي طُرحت أول مرة من قبل زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي، وحظيت بدعم مباشر من الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي أعلن مؤخراً دخول البلاد "مرحلة ما بعد الإرهاب"، وبدء تشكيل لجنة برلمانية لبحث الإطار القانوني لنزع السلاح.

ومن المتوقع أن تستكمل عملية نزع سلاح حزب العمال بالكامل بحلول نهاية أيلول/سبتمبر القادم، إذ أكدت قيادات الحزب أن الخطوة تمثل تعهداً "لا رجعة فيه" بنهج عبد الله أوجلان القائم على "قوة السياسة بدلاً من السلاح"، داعين إلى إطلاق سراحه ودعمه كجزء من حل شامل للقضية الكردية.

من جهته، وصف سزاي تمللي، نائب رئيس حزب المساواة والديمقراطية، تسليم السلاح بأنه "خطوة بالغة الأهمية"، داعياً الحكومة التركية لاتخاذ تدابير مقابلة، من ضمنها ضمان الحقوق السياسية للمقاتلين المسرّحين، والاعتراف بحقوق الأكراد في إطار القانون التركي. كما دعا إلى تجاوز شعار "تركيا بلا إرهاب" نحو تبني رؤية "تركيا الديمقراطية".

بين إرث الدم والسلام المنشود
وفق الإحصائيات الرسمية، أدت الحرب الممتدة منذ نحو أربعة عقود بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني إلى تهجير أو تدمير أكثر من ألف قرية في إقليم كردستان العراق، منها ما يقارب 200 قرية دُمرت كلياً، وأخرى لا تزال تحت التهديد، خصوصاً في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية.

وفي هذا السياق، حذّرت "منظومة المجتمع الكردستاني" KCK – الهيئة السياسية والإدارية التابعة للعمال الكردستاني – من خطورة عدم مرافقة الخطوة السياسية بإجراءات قانونية واقتصادية واجتماعية شاملة، مشيرة إلى أن "فشل المسارات السابقة كان نتيجة غياب الضمانات الحقيقية، ومحاولات بعض الأطراف استثمار اللحظة لصالح حسابات ضيقة".

من المقرر أن تشهد الأيام المقبلة تسليم مجموعة ثانية مكونة من 30 عنصراً آخرين من التنظيم لأسلحتهم في موقع مختلف، في وقت تؤكد فيه الحكومة التركية مضيها قدماً نحو ترسيخ مرحلة جديدة من السلام الداخلي بعد عقود من المواجهة، وسط مراقبة إقليمية ودولية دقيقة لأي انحراف محتمل عن هذا المسار.

بذلك، تبدو تركيا أمام منعطف غير مسبوق، يُنهي أحد أكثر فصول تاريخها المعاصر دموية، ويُمهّد لحقبة عنوانها الأبرز: "نهاية السلاح، وبداية السياسة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حزب العمال حرق العراق السلاح تركيا العراق تركيا حزب العمال حرق السلاح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال

إقرأ أيضاً:

بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي؟.. أمين الإفتاء يجيب

أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال سيدة تقول إنها امرأة متزوجة وتبلغ 38 سنة، وتؤدي الصلاة والصيام وقراءة القرآن، لكنها اعترفت بأنها سرقت مرتين في عمر 15 إلى 18 سنة، إحداهما من جيران والدتها وكانت الغويشة الذهبية قيمتها 1200 جنيه، والثانية سرقة 300 جنيه من جيران والدتها، وتريد التكفير عن ذنبها لكنها لا تملك المال، وعلاقتها بأهلها شبه منقطعة لأنها تسافر سنويًا.

أمين الإفتاء: حقوق العباد لا بد من ردها

وقال أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء إن أهم شيء هو توبة الإنسان والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، مؤكداً أن كل بني آدم يخطئ وخير الخطائين التوابون، ونسأل الله أن يثبتها على التوبة ويقبل منها، أما بخصوص الحقوق التي أُخذت، فهذه حقوق عباد لا بد من ردها، فلو كانت المسروقات موجودة يجب إعادتها إلى أصحابها حتى لو وضعها الشخص في بيتهم دون إخبارهم، المهم أن تعود المسروقات إلى مكانها.

وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء أنه في حال بيع المسروقات أو عدم وجودها، يجب تقدير قيمتها المالية ومحاولة ردها على دفعات متى توفرت الأموال، حتى لو كان ذلك عبر المجاملات أو في مناسبات معينة، حتى يتم تسديد كامل المبلغ.

وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أنه إذا لم يكن لدى الشخص المال حالياً، فيجب عليه أن يلتزم بالنية الصادقة بالدفع عند توفر المال، وإذا كان له مال أو تركه يمكن تخصيص مبلغ من الإرث لسداد هذا الدين، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ هذه الوصية دون الإعلان عنها حفاظاً على الستر.

ونوه أمين الفتوى في دار الإفتاء بأن الله سبحانه وتعالى يحب الستر، وأن السداد يجب أن يكون في الخفاء حتى لا يقال عن الإنسان أنه لص أو سارقة، داعياً الله أن يتوب علينا جميعاً ويثبتنا على الحق.

دعاء التوبة من المعاصي

وكما حفظنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء التوبة من المعاصي حيث ورد عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو أنه كان يدعو بهذا الدعاءِ:

اللهمَّ اغفرْ لي خطيئَتي وجَهلي . وإسرافي في أمري . وما أنت أعلمُ به مني . اللهمَّ ! اغفِرْ لي جَدِّي وهَزْلي . وخَطئي وعمْدي . وكلُّ ذلك عندي. اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ . وما أسررتُ وما أعلنتُ . وما أنت أعلمُ به مني . أنت المُقَدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ . وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ."اللهمَّ اغفرْ لي خطيئَتي وجَهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلمُ به مني، اللهمَّ ! اغفِرْ لي جَدِّي وهَزْلي، وخَطئي وعمْدي، وكلُّ ذلك عندي، اللهمَّ ! اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أنت أعلمُ به مني، أنت المُقَدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ، وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ".اللهم إن حسناتي من عطائك وسيئاتي من قضائك، فجد بما أنعمت علي، جللت أن تطاع إلا بإذنك، أو تعصى إلا بعلمك، اللهم ما عصيتك حين عصيتك استخفافًا بحقك، ولا استهانة بعذابك، لكن لسابقة سبق بها علمك، فالتوبة إليك، والمغفرة لديك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

ما حكم لبس السلاسل الفضة للرجال؟.. أمين الإفتاء يُجيبنموذج للعلم والتواضع.. أمين الإفتاء: الدكتور أحمد عمر هاشم تفانى في خدمة السنة النبويةحكم نفقة الابن على الأب المقتدر البخيل.. الإفتاء تجيبحكم حرق الأسعار في البضائع من أجل الحصول على سيولة مالية.. الإفتاء تجيب

"يارب اجعلني إليك أواهًا منيبًا، اللهم تقبل توبتي واغسل حوبتي ، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهدي قلبي، وسدد لساني، برحمتك يارب العالمين، يسر لنا كل عسير، وفك عنا كل كرب يارب العالمين، يارب اشف مرضانا وجميع مرضى المسلمين، وارحم موتانا وجميع موتى المسلمين، واقض الدين عن المدينين برحمتك يا أرحم الراحمين واجعل مصر سخاء رخاء".شروط التوبة

استشعار النَّدمِ على ارتكابِ الذّنبِ، وإظهار الحَسرَةِ على ما تقدَّمَ من خطايا، والعزيمة على تركها جميعاً، وعدم العودة إليها.

مُحاسَبَةُ النَّفسِ وتَهذيبها ومُناصحتها بالخيرِ والإقبالِ على الطَّاعاتِ، ومراجعتها وتحريضها ضدَّ الذّنوبِ والمُنكرات.

إبراءُ الذِمَّةِ إلى الله بالاعترافِ لأصحابِ الحقوقِ والمَظالمِ، والاستِعدادِ للمُحاسَبةِ الدُّنيويَةِ، وإبراء الذمّة ما أمكن، والسَّعيُ لردُّ الحُقوقِ واجتذاب المُسامَحة.

أن تكونَ التَّوبةُ خالصةً لوجهِ الله تعالى لا رياءَ فيها ولا مصلحةً ولا تفريطَ ولا خِداع، واستحضار النيَّةِ وسلامتها، وأن لا يُراد بالتَّوبةِ أمرٌ غير الله، والسَّلامةُ من عقابه والطَّمع في إحسانه.

مُجاهدة النّفس ومُصارعتها لترك المعصية، والإقلاع عنها والابتعاد عن بيئاتها، ومُهيِّئاتها، ومُسبّباتها، ودوافعها، ومن يُعينُ عليها.

طباعة شارك الدكتور علي فخر أمين الفتوى في دار الإفتاء دار الإفتاء الإفتاء التوبة التوبة من المعاصي

مقالات مشابهة

  • جوتيريش يدعو الدول إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة بدلا من الوقود الأحفوري
  • بابا الفاتيكان يزور تركيا ولبنان نهاية نوفمبر
  • بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • الاتحاد يستقر على تعيين سيرجيو كونسيساو مدربًا للفريق بدلاً من سباليتي
  • نظر أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي وآخرين بتهمة التزوير 25 اكتوبر
  • 25 أكتوبر أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير
  • هل للخاطب سلطة على خطيبته؟..أمين الفتوى يجيب
  • بدلا من جيمس .. منتخب إنجلترا يستدعي أوريلي
  • مدير إنستغرام يجيب.. هل تتجسس المنصة عليك؟
  • هل يجوز ضرب الزوجة وما هي ضوابطه؟.. أمين الفتوى يجيب