تُعد الدراما المصرية واحدة من أبرز الفنون التي تعكس ثقافة المجتمع وتوجهاته، حيث تلعب دورًا حيويًا في تشكيل الرأي العام وصياغة القيم.

ومع ذلك، فإن صورة المرأة في هذه الدراما غالبًا ما تتعرض لتصوير سلبي لا يعكس واقعها المتنوع، من خلال تكرارها في العديد من الشخصيات النمطية السلبية، مما يعزز من الصورة السلبية للمرأة، ويُحول هذه الصورة إلى واقع تعيشه كل سيدات المجتمع.

على مدى السنوات الماضية، برزت العديد من الأعمال الدرامية التي قدمت نماذج سلبية تعكس جوانب مشوهة من المجتمع، مسلطةً الضوء على العلاقات الدخيلة والعادات المستوردة، وبعض السلوكيات الهمجية وغير الأخلاقية للأفراد، وخاصة في الأحياء الشعبية، والتي لا تمثل في حقيقتها إلا تصرفات فردية كانت حتى وقت غير بعيد مرفوضة، بل كان فاعلها منبوذًا من قبل عادات وتقاليد الحارة المصرية، مما أثر سلبًا على القيم الثقافية الأصيلة والذوق العام.
وقد كان من أبرز ما تم تقديمه هو الصورة غير المتوازنة للمرأة المصرية، التي غالبًا ما تُصوَّر كمتسلطة أو منتقمة أو متمردة، متعددة العلاقات، منساقة وراء أمور الدجل والشعوذة.
حتى نموذج المرأة البسيطة قُدم بشكل فج غير حقيقي بالمرة، وتم تصويرها بذات الصوت العالي، والألفاظ السوقية، والملابس غير اللائقة، والتي تسعى للكسب بأي طريقة أو وسيلة، حتى وإن كانت غير مشروعة، إلى جانب الظهور الفج لصورة "المعلمة" المدخنة، التي تدير مجموعات من البلطجية بشخصية مؤذية للآخرين، دون أن تعكس أيًا من النماذج الإيجابية التي تُظهر قوتها وقدرتها على مواجهة التحديات ودورها المحوري في الحياة.

إن هذه النماذج السلبية لا تعكس الواقع، بل تعزز من ثقافة العنف والتحرش والابتزاز ضد المرأة، كما أن تصوير المرأة في أدوار سلبية يعكس رؤية مشوهة تؤثر على الأجيال القادمة، وتُعزز من قوالب نمطية طالما حاربت المرأة للخروج منها.

وهنا، لابد أن نقف أمام التراجع الكبير والصادم في الدراما المصرية في تقديم النماذج الإيجابية الواقعية، وخاصة إذا أردنا أن نعد شعبًا طيب الأعراق، فلابد أن نعد له نموذج الأم المستقبلية الإيجابية، الداعمة، الملهمة، الواعية، والأمثلة لا حصر لها في المجتمع من سيدات قمن بأداء رسالات عديدة لأسرهن وللمجتمع، نساء تحملن الصعاب من أجل تأسيس أسرهن، وتحدين الأوقات والظروف لإثبات كفاءتهن في مختلف المجالات.

هذه النماذج، وإن كانت موجودة في المجتمع — وأنا لا أنكر ذلك — يجب أن تبقى في عداد النماذج المرفوضة، التي لابد أن تُؤَد وتُكافَح بنشر الأنماط والأفكار الإيجابية، كضوء يأبى أن يكون مثل هؤلاء حتى ظلًا له. ولا يجب أن يُصدروا على أنهم يمثلون جموع المجتمع المصري، وأن هذا النوع من الدراما هو ما يستسيغه الجمهور ولابد أن نتعامل معه بمنطق السوق (عرض وطلب)، وليس لصنع قيمة فنية ومنطق درامي. وهنا، لابد أن يُدَق ناقوس الخطر المجتمعي لما لهذا النوع من الدراما من تأثير على توجه الأفكار والقيم.

لذا، من الضروري أن نعيد النظر في كيفية تقديم المرأة في الأعمال الدرامية والإعلام بشكل عام.
يجب أن نركز على النماذج الإيجابية التي تعكس قوة المرأة وقدرتها على التغيير، مثل الأمهات اللاتي يتحملن الصعاب، ويعززن من قيم العطاء والتضحية، ورائدات الأعمال، وكثير من النماذج الإيجابية الملهمة، لمحاربة النماذج السلبية، من خلال خلق محتوى درامي يبرز القصص والقضايا الهادفة.
بالإضافة إلى تسليط الضوء على قصص نجاح واقعية تقدم شخصيات مستوحاة من نساء حقيقيات حققن إنجازات ملموسة، كذلك يمكن تعزيز وجود المرأة في المناصب الإبداعية (كتابة، إخراج، تصوير) لضمان أن تكون وجهات نظرهن وتجاربهن جزءًا من العمل الفني.
بل ويمكن إنتاج أعمال درامية موجهة بشكل خاص لأحد قضايا المرأة، وتقدم العلاج والحل القانوني، مستهدفة الجمهور النسائي.
كما يتعين على صُنّاع القرار في اللجان الرقابية أن يكونوا واعين للأثر الذي يمكن أن تحدثه هذه الأعمال على المجتمع، وأن يسعوا إلى تقديم محتوى يُعزز من القيم الإيجابية، بوضع قوالب وأطر استرشادية للشكل المسموح به لصورة المرأة المصرية، وضرورة أن يتقيد معدّو الأعمال الدرامية بتقاليد وأعراف المجتمع المصري، وإبراز سمات ثقافته، وكذلك المحافظة على الهوية المصرية في الأعمال من ملابس وإكسسوارات وأنماط معيشية.

ختامًا، فإن مراجعة الدراما تُعد ضرورة ملحة.
فيجب أن ندرك أن ما يُقدَّم من محتوى له تأثير عميق على تشكيل القيم والأفكار في المجتمع.
لذا، فإن التوجه نحو تقديم نماذج إيجابية سيساهم في رسم صورة أفضل للمرأة المصرية، ويُعزز من قيم المجتمع ككل.

طباعة شارك الدراما المصرية الرأي العام الأعمال الدرامية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدراما المصرية الرأي العام الأعمال الدرامية الأعمال الدرامیة المرأة فی التی ت

إقرأ أيضاً:

القومي للمرأة بأسوان يعزز الشراكة المجتمعية لدعم تمكين المرأة بقرى حياة كريمة

تابع اللواء دكتور إسماعيل كمال، محافظ أسوان، أنشطة فرع المجلس القومي للمرأة برئاسة الدكتورة هدى مصطفى، وذلك في إطار التنسيق مع المؤسسات والجمعيات الأهلية لتوسيع نطاق البرامج التوعوية والمجتمعية.

يأتى ذلك في إطار الحرص على تعزيز جهود التمكين الاقتصادي والاجتماعي والثقافي داخل قرى ونجوع محافظة أسوان، وخاصة المناطق المستهدفة ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة".

وشهدت الفترة الأخيرة تكثيف الاجتماعات التنسيقية التي يقودها المجلس القومي للمرأة مع ممثلي الجمعيات الأهلية والمدنية، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون المشترك لتنفيذ أنشطة متنوعة تدعم تمكين المرأة والأسرة في مختلف المجالات.

وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة هدى مصطفى أنه تم عقد اجتماع موسع مع 14 من أعضاء جمعية الوادي الأخضر لتنمية المجتمع بوادى عبادى أول، بمركز إدفو، للتعريف بأهداف مشروع "تعزيز قدرات المجتمع المدني (بناء)"، الذي تنفذه مؤسسة كير مصر للتنمية.

وتركزت محاور اللقاء حول سبل تكثيف الحملات والندوات لنشر الوعي بقضايا التغيرات المناخية، والزراعة، وإدارة المياه، إلى جانب مناقشة ملفات المساواة بين الجنسين، ومكافحة العنف ضد المرأة، والتصدي للشائعات والظواهر المجتمعية السلبية.

كما تضمن الاجتماع استعراضاً شاملاً لأنشطة المجلس القومي للمرأة، مع فتح باب النقاش والرد على استفسارات المشاركين حول كيفية تعزيز دور المجتمع المدني في الحاضر والمستقبل، ودور السيدات في دعم المبادرات الوطنية والقومية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بالخدمات داخل مختلف القطاعات الحيوية.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى رحيله.. عبدالبديع العربي من الريف إلى قمة الدراما المصرية (تقرير)
  • حزب المصريين الأحرار ينظم ندوة حول حقوق المرأة السياسية بمطروح
  • «اعتبريني ملاك بس ملاك الموت».. ON تواصل الترويج لـ «مملكة الحرير» | صورة
  • بعد تصدرها التريند.. عبلة كامل في أحدث ظهور: «شكرًا على المحبة»
  • بعد تصدرها الترند بظهورها الأخير.. مي عز الدين توجه رسالة حب لـ عبلة كامل «صورة»
  • القومي للمرأة بأسوان يعزز الشراكة المجتمعية لدعم تمكين المرأة بقرى حياة كريمة
  • عبلة كامل تتصدر التريند بسبب صورة.. ما القصة؟
  • الصفعة الختامية في الحروب.. كيف تكتب سردية الانتصار في الدقيقة التسعين؟
  • "الفن يفضح العنف الزوجي: «فات الميعاد» ينضم لقائمة درامية جريئة تصرخ بلسان النساء"
  • «الروح الإيجابية» في شرطة دبي يحتفي باليوم العالمي للأب