إسرائيل تنزف.. تجدد الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو للأسبوع الـ34
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
تجددت اليوم السبت، الاحتجاجات في إسرائيل ضد خطة التعديلات القضائية، التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، للأسبوع الـ34 على التوالي.
ووفقا لوسائل الإعلام العبرية، فقد شهد نحو 150 موقعا في أنحاء البلاد احتجاجات، مشيرة إلى أن المظاهرة الكبرى انطلقت في تل أبيب من ساحة بيما باتجاه شارع كابلان، حيث المظاهرة الرئيسية.
وركزت التظاهرات هذا الأسبوع على فشل الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع الجريمة المتفشية في المدن والبلدات الفلسطينية داخل أراضي الـ48، حيث حمل عدد من المتظاهرين النعوش في إشارة إلى ارتفاع عدد ضحايا الجرائم التي ارتكبت في المجتمع الفلسطيني داخل أراضي الـ48 منذ مطلع العام الجاري.
وقال منظمو الاحتجاجات، في بيان، إن "إسرائيل تنزف، والاقتصاد ينهار، وفي حكومة الدمار هذه، يواصلون السباق نحو تحويل إسرائيل إلى دكتاتورية دينية والتحريض والإقصاء والإهمال والدوس على قيم المساواة والعدالة".
وتابعوا: "هذه الحكومة غير شرعية، ولا يمكن إنقاذ إسرائيل إلا من خلال احتجاج حازم لا هوادة فيه. وسوف نحاربها معًا حتى ننتصر".
وخلال التظاهرة عند مفترق "كركور"، انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، ما يسمى "وزير الأمن القومي" المتطرف ايتمار بن جفير، متعهدا بمواصلة العمل ضد "حكومة المتطرفين" الإسرائيلية.
وقال لبيد: "شاهدت بن غفير على شاشة التلفزيون، وسمعته. إنه عنصري مثير للشفقة، وفاشل تمامًا..إنه يشكّل ضررا لصورة إسرائيل، وللنظام القضائي، والقيم، ورئيس الوزراء لا يدين تصريحاته لأنه يعتمد عليه".
وأضاف: "الأغلبية الإسرائيلية ستهزم حكومة المتطرفين. هذه أغلبية كبيرة وساحقة، ملايين الإسرائيليين الذين يقولون للحكومة: لن نتخلى عن بلدنا وعن مستقبل أطفالنا".
وفي 24 يوليو الماضي، صوتت "الكنيست" الإسرائيلية بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع قانون إلغاء حجة المعقولية، ليصبح بذلك قانونا نافذا رغم الاعتراضات الداخلية الواسعة.
وتسعى حكومة نتنياهو إلى إجراء تعديلات جذرية على الأنظمة القانونية والقضائية، لتقضي بشكل كامل تقريبًا على سلطة المحكمة العليا للمراجعة القضائية، وتعطي الحكومة أغلبية تلقائية في لجنة اختيار القضاة، الأمر الذي تراه شريحة واسعة من الإسرائيليين "استهدافا للديمقراطية وتقويضا لمنظومة القضاء".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاحتجاجات في إسرائيل التعديلات القضائية الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المجتمع الفلسطيني أراضي الـ48 الكنيسة
إقرأ أيضاً:
معاريف: نتنياهو قلق من تمرد حريدي قد يفكك الحكومة
تواجه الحكومة الإسرائيلية -بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو– عديدا من التهديدات الخارجية والداخلية، في ظل استمرار حربها على قطاع غزة ولبنان وسوريا وصولا إلى إيران، فضلا عن تهديدات الصواريخ بعيدة المدى من اليمن.
ونشرت صحيفة معاريف، اليوم السبت، تقريرا يتحدث عن تصاعد التهديدات داخل إسرائيل، وبالأخص من القطاع الديني، وسط حراك من اليهود الأرثوذكس لتوحيد موقف الحريديم من البقاء في حكومة نتنياهو في ظل الخلاف معها حول قانون التجنيد، وهو ما قد يمزق الائتلاف من الداخل.
محاولات توحيد الموقف الحريديويناقش التقرير الموسع للمراسلة السياسية آنا براسكي مدى فاعلية تحركات يقودها الحاخام يعقوب أرييه ألتر، زعيم طائفة "غور" الحسيدية القوية، في إقناع الحاخام دوف لانداو، زعيم الطائفة الليتوانية الأرثوذكسية المتشددة، بدفع ممثليهم السياسيين إلى الانسحاب من الحكومة.
وتعد طائفة غور الحسيدية إحدى أكبر الطوائف الحسيدية في إسرائيل وأكثرها نفوذا داخل المجتمع الحريدي، وتعود جذورها إلى بولندا في القرن الـ19، وتتسم بانضباط داخلي صارم.
وتتمتع الطائفة بثقل سياسي كبير من خلال هيمنتها على حزب "أغودات يسرائيل"، أحد جناحي تحالف "يهدوت هاتوراه" الحريدي، إلى جانب حزب "ديغل هاتوراه" الذي يمثل التيار الليتواني.
إعلانوتشكل غور قوة حاسمة داخل المعسكر الحريدي، وتؤثر بعمق على مواقف التحالف الحريدي تجاه القضايا الدينية والسياسية، كما أن مواقفها قد تحدد مصير حكومات اليمين التي تعتمد على دعم الأحزاب الحريدية.
ومنذ سنوات، تحاول الحكومات الإسرائيلية التوصل إلى صيغة قانونية تنظم إعفاء الشبان الأرثوذكس المتشددين من الخدمة العسكرية. غير أن قرار المحكمة العليا -في وقت سابق من هذا العام- بإلغاء أي إعفاء غير قانوني فتح الباب أمام أزمة حادة، إذ بدأ الجيش بإرسال أوامر تجنيد إلى آلاف طلاب المدارس الدينية، في ظل غياب قانون ينظم وضعهم.
ولا يمتثل هؤلاء لاستدعاءات التجنيد ويقومون بتمزيقها بإيعاز من الحاخامات، مما يضعهم في خانة المتهربين من الخدمة، ويحرمهم من المخصصات والدعم الاقتصادي المشروط بقانون.
وفي خطوة تكشف حجم التوتر داخل معسكر الحريديم، أوفد الحاخام ألتر، زعيم طائفة غور، ابنه إلى بني براك (مدينة إسرائيلية تقع شرق تل أبيب، وتُعد أحد المراكز الدينية الأكثر أهمية في إسرائيل) للقاء الحاخام دوف لانداو، في ما وصف بأنه اجتماع حاسم تمحور حول مسألة واحدة: هل ينبغي إسقاط حكومة نتنياهو احتجاجا على فشلها في تمرير قانون يرضي المتدينين بشأن التجنيد الإجباري؟
وتأتي هذه الخطوة ضمن تصعيد تقوده طائفة غور ضد الحكومة، رغم أنها ممثلة بوزير الإسكان يتسحاق غولدنوف، التابع لها. ويبدو أن غولدنوف يجد نفسه الآن في معضلة: فمن جهة، هو يستفيد من منصبه وميزانياته وبرامجه، ومن جهة أخرى، فإن مرجعيته الحقيقية ليست نتنياهو بل الحاخام ألتر، الذي قد يطالبه بالاستقالة قريبا.
وحسب براسكي، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تدفع فيها اعتبارات أيديولوجية دينية الأحزاب الحريدية إلى اتخاذ قرارات سياسية تبدو غير منطقية بالمعايير السياسية التقليدية. ففي الخمسينيات، طالب الحاخام ألتر بانسحاب حزبه من الحكومة بسبب قيام شركة الطيران "إلعال" بتسيير رحلاتها أيام السبت، رغم أن البديل كان سفر الإسرائيليين مع شركات أجنبية.
إعلانوفي خضم الأزمة الحالية، يُطرح السؤال: ما الجدوى من الانسحاب من حكومة، رغم عجزها، لا تزال توفر للحريديم امتيازات غير مسبوقة؟
وتشير مراسلة معاريف إلى جدل يدور في الأوساط الحريدية حول إسقاط الحكومة، إذ يرى كثير منهم أن ذلك لا يعني بالضرورة تحسين أوضاعهم، بل على العكس، فإن دخول البلاد في انتخابات قد يضعهم أمام واقع أسوأ، مع احتمال تشكيل حكومة علمانية تُقصي الحريديم من الحكم وتفرض عليهم تجنيدا إجباريا لا يتناسب مع رؤيتهم الدينية.
وتسلط براسكي الضوء على وجهة نظر الحاخام ألتر التي تقول إن هذا الحساب الواقعي لا يبدو حاسما في ذهنه، لأنه يصر على أن "عدم القدرة على منع جريمة لا يبرر المشاركة فيها".
وتخلص من ذلك إلى أن "هذا هو لبّ الصراع في الحريديم: فبينما يرى السياسيون في البقاء داخل الحكومة فرصة للتأثير وتخفيف الأضرار، يصر القادة الدينيون في ’معسكر التمرد‘ على أن مجرد الوجود في حكومة لا تمنع التجنيد الإجباري هو نوع من التواطؤ".
موقف نتنياهو والانتخاباتوينقل تقرير الصحيفة كيفية تعامل نتنياهو مع تصاعد التهديدات الحريدية، إذ بعد يوم من لقاء بني براك، عقد اجتماعا مع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين، والوزير السابق أريئيل أتياس من حزب شاس، وسكرتير الحكومة يوسي فوكس.
ووفقا للتقارير، كان نتنياهو هادئا وطلب فقط "الإسراع بالتقدم لتجنب الفوضى". لكن خلف هذا الهدوء، هناك حسابات معقدة. نتنياهو يعلم أن تمرير قانون تجنيد يُرضي الحريديم دون إغضاب المحكمة العليا والمجتمع العلماني هو أمر شبه مستحيل. كما أن تمرير قانون لا يرضي الحريديم يعني انهيار الحكومة. وفي الحالتين، قد يخسر.
وبين هذين الخيارين، يبحث نتنياهو عن حل وسط يبدو مفقودا، فحتى لو أقال إدلشتاين من رئاسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، وحتى لو مارس ضغوطا على أعضاء الكنيست المترددين، فإن تمرير قانون وسط يُرضي الجميع يبدو مستحيلا.
إعلانالبديل المطروح -حسب براسكي- هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة بشعار: "رفضنا فرض التجنيد على الحريديم، لم نستسلم للضغط". وقد يجذب هذا الخطاب أصوات قاعدة اليمين الديني، ويحوّل المعركة إلى كسب سياسي. لكن توقيت الانتخابات مسألة حساسة، ونتنياهو يتردد في اتخاذ الخطوة الآن.
وترى المراسلة السياسية أن الورقة الأقوى بيد نتنياهو، حتى اللحظة، هي الانقسام داخل المجتمع الحريدي نفسه، إذ لا يزال الحاخام لانداو يفضل التريث، وهذا الانقسام يمنع تحركا موحدا للحريديم ضد الحكومة.
ومع ذلك، فإن الجميع، من غور إلى ديغل هاتوراه، بالإضافة إلى شاس، التي تشكل معسكر اليهود الشرقيين ضمن تيار الحريديم، يرفضون المسودة الحالية لقانون التجنيد، لأنها تتضمن عقوبات فردية ومؤسسية، وأهداف تجنيد ملزمة، يراها الحريديم تهديدا مباشرا "لعالم التوراة". وبالتالي، حتى التكتلات التي لم تنضم بعد لـ"معسكر التمرد" تقترب يومًا بعد يوم من تبني موقفه.
ويُضعف هذا الانقسام الداخلي موقف الحريديم في مواجهة نتنياهو، ويخلق حالة من عدم اليقين السياسية، حيث لا يوجد موقف موحد يُجسد ردا حريديا قويا على قانون التجنيد.
وفي الوقت ذاته، تحافظ الأحزاب الحريدية الأخرى مثل "شاس" و"ديغل هاتوراه" على رفضها القانون، لكنها لم تنضم بعد بشكل كامل إلى تحرك غور التصعيدي.
وتشير براسكي إلى أن غولدنوف، المنتمي لطائفة غور، يعيش مأزقا بين ولائه السياسي للحكومة وولائه الديني للحاخام ألتر، مما يعكس عمق الأزمة بين "المنطق السياسي" و"المنطق الحاخامي".
انتخابات مبكرةوسط هذه الأزمة الداخلية، لا ينبغي نسيان الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، خاصة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي لم تخفِ استياءها من سلوك الحكومة تجاه الحرب في غزة والمفاوضات النووية مع إيران.
ويُضاف إلى ذلك تصاعد حملة المقاطعة العالمية، وتصاعد التوتر مع الأمم المتحدة، وازدياد عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.
إعلانوفي هذا السياق، يرى التقرير أن انهيار الحكومة والدخول في معركة انتخابية سيكون مكلفا سياسيا واقتصاديا، وقد يسرّع من أزمة ثقة داخلية وخارجية بنظام الحكم في إسرائيل.
ويلفت التقرير إلى حقيقة أن أزمة التجنيد الإجباري للحريديم تبدو أزمة وجودية، لأنها تضرب صميم الائتلاف الذي يبقي نتنياهو في الحكم، وتعكس التناقض العميق بين الدولة الحديثة ومؤسساتها، وبين تيار ديني يعيش وفق قواعد مختلفة.
وترى براسكي أن السؤال المطروح اليوم في الأوساط السياسية الإسرائيلية هو ليس إذا ما كانت حكومة نتنياهو ستصمد، بل متى وكيف ستنهار. وهل سيكون الحاخام ألتر هو الرجل الذي يدفع بـ"الحكومة الأكثر تدينا في تاريخ إسرائيل" إلى حافة الهاوية؟
وتخلص في نهاية تقريرها إلى القول إنه "من السابق لأوانه فتح اليوميات، ولكن إذا لم تحدث معجزة في المستقبل القريب، فمن المحتمل أن تجرى الانتخابات في وقت مبكر من عام 2026، في الشتاء وليس في الخريف".