فجأة ومن دون إعلان مسبق، تغيرت صفة تيم ليندركينغ من "المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن" إلى "كبير المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدنى" بوزارة الخارجية الأمريكية، في تحول يثير تساؤلات حول دلالاته السياسية، وكيف تنظر واشنطن للملف اليمني في المرحلة المقبلة.

 

عند تعيين ليندركينغ مبعوثا خاصا في فبراير 2021، اعتُبرت الخطوة مؤشرا واضحا على أن إدارة بايدن تولي أولوية لإنهاء الحرب في اليمن، انسجاما مع وعودها الانتخابية، لا سيما وأنها المرة الأولى التي تعيّن فيها واشنطن مبعوثا خاصا لليمن منذ اندلاع النزاع في 2014.

 

في الفترة الماضية، كان ملاحظا تغير صفة ليندركينغ في البيانات التي تنشرها وزارة الخارجية الأمريكية والسفارة الأمريكية في اليمن، وآخرها ما ورد في بيان لقاء جمعه في 10 مايو الجاري بالسفير اليمني الجديد لدى واشنطن عبدالوهاب الحجري.

 

يُذكر أن موقع مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية يدرج تيم ليندركينغ حاليا كـ"كبير المسؤولين" في المكتب، مع تاريخ تولّيه هذا المنصب محددًا بـ20 يناير 2025، وهو اليوم الذي تولّى فيه دونالد ترمب ولايته الثانية رسميا. ورغم غياب أي إعلان رسمي بإلغاء منصب المبعوث الخاص أو تعيينه في موقعه الجديد، إلا أن سيرته الذاتية على الموقع تشير إلى أن دوره السابق كمبعوث خاص لليمن أصبح من الماضي، ما يعزز فرضية أن الإدارة الجديدة أعادت ترتيب أدواتها في التعاطي مع الملف اليمني دون ضجيج سياسي أو إعلامي.

 

وقد أثار هذا التغيير غير المُعلن رسميا تساؤلات حول مغزاه، وانعكاساته على مسار السلام المتعثر في اليمن.

 

1- تراجع أولوية الملف اليمني:

 

يعكس هذا التحوّل في صفة تيم على الأرجح تراجع مستوى الاهتمام الأمريكي المباشر بالملف اليمني مقارنة بعهد بايدن، ويتماشى مع تركيز ترمب على أزمة الملاحة البحرية التي استدعت تدخلا عسكريا أمريكيا، توقف مؤخرا بعد الاتفاق مع الحوثي. 

 

2- دمج الملف اليمني ضمن مقاربة إقليمية أوسع: 

 

قبل تعيينه مبعوثا خاصا، عمل ليندركينغ في مكتب شؤون الشرق الأدنى، ويتمتع بخبرة طويلة في شؤون المنطقة، وبالتالي فإن عودته إلى هذا المكتب تعني أن الملف اليمني لن يُعالج بمعزل عن القضايا الإقليمية، بل سيُربط بملفات ذات صلة، من بينها أزمة البحر الأحمر والتي تم حلها بالاتفاق مع الحوثي وقد يكون ضمن النقاش الجاري بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني في مسقط والذي يسعى الأمريكيون لحسمه سريعا ثم مناقشة الملفات الأخرى المرتبطة بالدور الإيراني في المنطقة مثل دعم الحوثيين في وقت لاحقا.

 

هذه الأولويات، تعني تقليص الزخم الذي كانت تضطلع به الوساطة الأمريكية المباشرة في اليمن خلال السنوات الماضية.

 

3. نهاية مرحلة "المبعوث الخاص":

 

لعب ليندركينغ دورا بارزا في الوساطات الأمريكية، خاصة في الوصول إلى هدنة أبريل 2022 التي لا تزال قائمة حتى اليوم، وتمثل أبرز اختراق دبلوماسي منذ سنوات. وكان وجود مبعوث خاص يعني انخراطا أمريكيا فاعلا ومباشرا في تفاصيل النزاع، من خلال زيارات ميدانية ولقاءات مع أطراف الصراع وتنسيق مع الأمم المتحدة.

 

ولذلك، فإن عدم تعيين بديل حتى الآن يفتح الباب لاحتمال أن تكون واشنطن قد تخلت عن آلية التمثيل الخاص والانتقال إلى نهج أقل انخراطا مباشرا، أو أكثر اعتمادا على القنوات الدبلوماسية التقليدية.

 

4- دور مستمر ولكن أقل تركيزا:

 

رغم تغيير صفته، لا يعني ذلك أن تيم ليندركينغ خرج من المشهد اليمني نهائيًا، بل ما يزال في موقع المسؤولية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد يواصل التأثير على السياسات المتعلقة باليمن ولكن بشكل غير حصري.

 

في المجمل، يعكس تغيير صفة ليندركينغ تحوّلا في مقاربة واشنطن للملف اليمني من التركيز المباشر والضغوط الدبلوماسية المكثفة، إلى دمج الملف ضمن أولويات إقليمية أكثر تعقيدا وتشابكا. ويأتي ذلك في ظل جمود المسار الأممي، وفشل الجهود الدولية والإقليمية في فرض تسوية شاملة، ما يدفع واشنطن إلى إعادة ترتيب أدواتها وتعويلها أكثر على النفوذ غير المباشر، بدلا من الانخراط العلني والمباشر.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

ترامب يهاجم "سي إن إن" و"نيويورك تايمز": شوهوا الضربات الأمريكية لإيران رغم نجاحها التاريخي

شن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هجومًا حادًا على مؤسستي "سي إن إن" و"نيويورك تايمز"، متهمًا إياهما بمحاولة التقليل من نجاح الضربات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت مواقع نووية إيرانية، واصفًا إياها بأنها "واحدة من أنجح الضربات العسكرية في التاريخ".

من لاهاي.. ترامب يرد عبر "تروث سوشيال"


وفي منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، من مدينة لاهاي التي يشارك فيها بقمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قال ترامب: "شبكة الأخبار الكاذبة سي إن إن، إلى جانب نيويورك تايمز الفاشلة، تعاونتا في محاولة للنيل من إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ"، مشيرًا إلى أن المواقع النووية في إيران "دُمرت بالكامل".

ستيف بانون: حكومة نتنياهو كذبت على ترامب وتُهدد دعم إسرائيل في واشنطن باحث: إيران وإسرائيل طلبتا وساطة ترامب لوقف الحرب(فيديو) تقارير إعلامية تشكك.. وترامب يرد بالنفي


وكانت المؤسستان الإعلاميتان قد نشرتا تقارير نقلًا عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية، أفادت بأن الضربات الجوية على المنشآت الإيرانية لم تُحدث سوى تأثير محدود، وأدت فقط إلى "تأخير" في البرنامج النووي الإيراني، وهو ما نفاه ترامب جملةً وتفصيلًا.

المبعوث الأمريكي يتفق مع ترامب: فوردو "أُزيلت بالكامل"

دعمًا لرواية ترامب، صرّح المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بأن منشأة "فوردو" الإيرانية لتخصيب اليورانيوم قد "تمت إزالتها بالكامل"، مؤكدًا أن "مهمة القضاء على القدرات النووية الإيرانية قد أُنجزت"، في إشارة إلى أن الضربة الأمريكية حققت أهدافها الأساسية.

مقالات مشابهة

  • عراقجي: لا خطط للمفاوضات حول الملف النووي مع واشنطن
  • نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي
  • نائب وزير الخارجية يلتقي المبعوث الأمريكي الخاص للسودان
  • من فوق ركام الهزيمة .. العدو الصهيوني ممسكاً بالذراع الأمريكية لخوض مغامرة استخبارية في اليمن
  • المبعوث الأمريكي إلى سوريا: لم نسقط نظام الأسد بل الشعب هو من فعل
  • وزير الخارجية يستقبل المبعوث الأمريكي إلى سوريا
  • المبعوث الأمريكي: إيران مستعدة لاتفاق شامل وبرنامجها النووي لم يعد قابلاً للإحياء
  • جنرال أمريكي يعترف: اليمن تحول استراتيجي يقلق واشنطن ويقلب موازين الشرق الأوسط
  • البخيتي: وقف إطلاق النار مع واشنطن لا يُبيح لها العدوان على غزة أو الصمت اليمني تجاهه
  • ترامب يهاجم "سي إن إن" و"نيويورك تايمز": شوهوا الضربات الأمريكية لإيران رغم نجاحها التاريخي