لماذا يُقبل الأردنيون على اقتناء الذهب بكثافة غير مسبوقة؟
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
عمّان – يُعد الذهب أحد أقدم وأهم وسائل الادخار والاستثمار في الأردن، إذ يُنظر إليه تقليديا باعتباره ملاذا آمنا في مواجهة التحديات الاقتصادية، فعلى مدار سنوات، ظل الذهب يحتفظ بقيمته في ظل اضطرابات الأسواق وتقلبات أسعار العملات.
ومع الارتفاع المتسارع في أسعار الذهب عالميا، شهدت الأسواق الأردنية زيادة غير مسبوقة في الإقبال على شراء المسكوكات الذهبية والأونصات والليرات الرشادي والإنجليزية، حيث ارتفعت وتيرة الشراء بنسبة 65%، مقارنة بالفترة التي سبقت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية، وفق ما أفادت به نقابة تجار الحُلي والمجوهرات الأردنية لموقع الجزيرة نت.
وكشفت بيانات صادرة عن البنك المركزي الأردني أن احتياطيات المملكة من المعدن الأصفر سجلت ارتفاعا ملحوظا بقيمة 506 ملايين دينار (714 مليون دولار)، ليصل إجمالي الاحتياطي إلى نحو 4.763 مليارات دينار (6.72 مليارات دولار) في نهاية فبراير/شباط 2025.
وفي ظل حالة التقلب الاقتصادي وتراجع الثقة بعدد من أدوات الادخار التقليدية، اتجه العديد من الأردنيين إلى اقتناء "الليرات الذهبية" كخيار ادخاري موثوق، إلا أنهم واجهوا نقصا ملحوظا في توفر هذه المسكوكات داخل بعض الأسواق المحلية، سواء الرشادي منها أو الإنجليزية، نتيجة الإقبال المتزايد من قِبل المواطنين على شرائها.
من جانبه، صرّح نقيب أصحاب محلات الحلي والمجوهرات ربحي علان أن الارتفاعات المتتالية في أسعار الذهب فاقت توقعات المحللين والمتابعين. وقال في حديثه للجزيرة نت إن أسعار الذهب في الأردن وصلت إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، الأمر الذي دفع غالبية المواطنين إلى العزوف عن بيع مدخراتهم من الذهب، إذ ترسّخت لديهم قناعة بأن الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاع في ظل المعطيات الدولية.
إعلانوأشار علان إلى أن الذهب يُعد -بلا شك- ملاذا آمنا لأي اقتصاد، موضحا أن ارتفاع الأسعار عالميا جاء نتيجة زيادة الطلب وتأثر الأسواق بالتوترات الجيوسياسية. وأضاف أن الولايات المتحدة تُعد من أبرز الفاعلين في تسعير الذهب، وقال "كلما ازدادت التوترات الاقتصادية، زادت وتيرة اللجوء إلى الذهب بوصفه ملاذا آمنا".
وأوضح علان أن السوق المحلية تتأثر مباشرة بحركة الأسعار العالمية، لكنها تتفاعل أيضا مع القوة الشرائية للمستهلك الأردني، والتي تأثرت سلبا مع هذا الارتفاع الكبير، ما أدى إلى تراجع الطلب على المصوغات التقليدية، في مقابل تزايد الطلب على المنتجات الاستثمارية من الذهب كالليرات والسبائك.
ولفت إلى أن الأسباب الاقتصادية والسياسية ليست وحدها التي تعزز الطلب على الذهب، بل إن التوجهات الدولية للبنوك المركزية تلعب دورا جوهريا، حيث يتجه العديد من الدول والمؤسسات إلى زيادة حيازتها من المعدن النفيس. وأضاف أن الكميات المعروضة في الأسواق المحلية أقل من حجم الطلب الفعلي، ما يجعل من المرجح استمرار ارتفاع الأسعار.
أداة إستراتيجية لتعزيز الاستقراروفي السياق ذاته، اعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الذهب يمثل إحدى أبرز وسائل الادخار للدول، ويساهم في تعزيز الاحتياطات الإستراتيجية من العملات والمعادن الثمينة، الأمر الذي ينعكس إيجابا على استقرار الأنظمة المالية والنقدية.
وفي حديثه للجزيرة نت، نصح عايش الأردنيين بعدم التردد في شراء الذهب لمن يرغب بذلك، موضحا أنه لا أحد يستطيع الجزم باتجاهات الأسعار بدقة، سواء صعودا أو هبوطا. وأضاف أن البنك المركزي الأردني يتبنى سياسة واضحة في التعامل مع احتياطاته من الذهب، حيث يقوم بعمليات بيع وشراء مدروسة لتحقيق أقصى استفادة من تقلبات الأسواق، وبما يعزز من استقرار الاحتياطي العام.
وأشار عايش إلى أن الأردن يصدر حاليا كميات كبيرة من الذهب إلى عدة دول عربية وخليجية، في ظل ارتفاع الطلب العالمي، كما تتوجه الشركات المحلية لتسويق منتجاتها في أسواق خارجية لتعويض التراجع في المبيعات المحلية الناجم عن ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، خاصة فيما يتعلق بالذهب المخصص للزينة.
وفي سياق متصل، يشهد قطاع صناعة الذهب في الأردن تطورا لافتا، تمثل في افتتاح أول مصفاة وطنية لتنقية الذهب في البلاد، ما يعزز قدرة المملكة على تصدير منتجاتها إلى 54 دولة حول العالم.
إعلانوقد تم تجهيز المصفاة بأحدث التقنيات، ما يمكنها من تحويل سبائك الذهب من عيارات 14 و18 و21 قيراطا إلى ذهب نقي من عيار 999.9، فضلا عن القدرة على تصنيع قطع مجوهرات عالية الجودة انطلاقا من المواد الخام.
وعلى صعيد الأسواق العالمية، سجلت أسعار الذهب ارتفاعا طفيفا خلال تعاملات اليوم الجمعة، مدفوعةً بإقبال المستثمرين على الشراء، عقب انخفاض حاد شهدته الجلسة السابقة، بينما تتوجه الأنظار إلى المحادثات التجارية المرتقبة بين الولايات المتحدة والصين مطلع الأسبوع المقبل، والتي قد تؤثر بدورها على حركة الأسواق وتوجهات المستثمرين.
ملاذ آمن في ظل النزاعات الاقتصاديةوعلى نطاق أوسع، تشهد الأسواق العربية حراكا نشطا في اتجاه شراء الذهب، باعتباره ملاذا آمنا في أوقات الأزمات. ويأتي هذا التوجه وسط قفزات قياسية في أسعار المعدن الأصفر على مستوى العالم، وذلك نتيجة لتصاعد الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فضلا عن التوتر القائم بينه وبين رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أسعار الذهب ملاذا آمنا فی الأردن من الذهب
إقرأ أيضاً:
آي صاغة : هدنة الكيان المحتل وإيران تضعف الطلب على الذهب
سجّل الذهب تراجعًا ملحوظًا في السوقين المحلي والعالمي خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، متأثرًا بهدوء الأوضاع الجيوسياسية عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار بين الكيان المحتل وإيران، مما قلص من الطلب على أصول الملاذ الآمن، بينما يترقب المستثمرون شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونجرس الأمريكي والتي قد تُحدد ملامح السياسة النقدية للفترة المقبلة، ووفقًا لتقرير منصة «آي صاغة».
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب تراجعت بالأسواق المحلية بقيمة 130 جنيهًا خلال تعاملات اليوم، ومقارنة بختام تعاملات أمس، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4690 جنيهًا، في حين تراجعت الأوقية بنحو 54 دولارًا، لتسجل 3315 دولارًا.
وأوضح أن جرام الذهب عيار 24 سجل 5360 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 4020 جنيهًا، في حين وصل عيار 14 إلى 3127 جنيهًا، وسجل الجنيه الذهب 37520 جنيهًا.
وكانت أسعار الذهب بالأسواق المحلية قد ارتفعت بقيمة 20 جنيهًا خلال تعاملات أمس الإثنين، حيث افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 4800 جنيه، واختتم التعاملات عند مستوى 4820 جنيهًا، في حين شهدت الأوقية بالبورصة العالمية حالة من التذبذب، حيث افتحت التعاملات عند مستوى 3369 دولارًا، ولامست مستوى 3395 دولارًا، واختتمت التعاملات عند مستوى 3369 دولارًا.
أوضح، إمبابي، أن الذهب، يواجه ضغوط بيع حادة، حيث يُعاني أداء أصول الملاذ الآمن من ضعف الأداء بعد إعلان وقف إطلاق النار بين الكيان المحتل وإيران.
ورغم الضغوط البيعية الحالية، أشار إمبابي إلى أن الذهب قد يستعيد زخمه إذا طرأ تحوّل على سياسة الاحتياطي الفيدرالي، خصوصًا إذا لمح المسؤولون إلى احتمال خفض أسعار الفائدة قريبًا.
في حين، برزت تصريحات ميشيل بومان، نائبة رئيس الفيدرالي، خلال اجتماع عُقد في العاصمة التشيكية براج، حيث أكدت أن الوقت قد يكون مناسبًا لبدء خفض أسعار الفائدة، خاصةً مع تزايد ضغوط سوق العمل والتوقعات بشأن محدودية تأثير السياسات الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على معدلات التضخم.
وقالت بومان: "إذا استمرت ضغوط التضخم تحت السيطرة، فسأؤيد خفض سعر الفائدة في أقرب فرصة، بما يقرّب السياسة النقدية من الوضع المحايد ويحافظ على متانة سوق العمل".
وتبقى شهادة رئيس الفيدرالي جيروم باول أمام الكونجرس يومي اليوم وغدًا الحدث الأبرز، وسط ترقّب واسع لأي تغيير في نبرة البنك المركزي حول مستقبل الفائدة، لا سيما مع تأكيده مؤخرًا أن الاقتصاد لا يزال قويًا وسوق العمل مرنة، بينما التضخم يقترب "ببطء" من المستويات المستهدفة.
سيقدم جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تقرير السياسة النقدية نصف السنوي، وسيشهد أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي اليوم الثلاثاء.
من المتوقع أن يتناول جيروم باول أهم النقاط الواردة في تقرير السياسة النقدية نصف السنوي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي نُشر يوم الجمعة الماضي، في هذا التقرير، أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى وجود بعض المؤشرات المبكرة التي تشير إلى أن الرسوم الجمركية تدفع التضخم إلى الارتفاع، وأكد مجددًا أن السياسة النقدية في وضع جيد لمواجهة ما ينتظرنا.
ومن المتوقع أن يسأل أعضاء مجلس النواب باول عن مسار أسعار الفائدة، وتطورات التضخم، والتوقعات الاقتصادية، ومن المرجح أيضًا أن يستفسروا عن كيفية تأثير سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والبيئة الجيوسياسية الحالية على الأسعار، وآفاق النمو، والسياسة النقدية مستقبلًا.
في حال أشار باول إلى عدم وجود بيانات كافية لتأكيد خفض أسعار الفائدة في يوليو، وأكد على ضرورة التحلي بالصبر، فإن وضع السوق يشير إلى أن الدولار الأمريكي قد يكتسب قوة مقابل العملات المنافسة في رد الفعل الفوري، من ناحية أخرى، قد نشهد عمليات بيع مكثفة للدولار الأمريكي إذا أبقى باول الباب مفتوحًا أمام خطوة تخفيف السياسة النقدية في يوليو، كما أن التعليقات على توقعات التضخم، وخاصةً مع ارتفاع أسعار الطاقة نتيجةً لتصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، قد تدفع قيمة الدولار الأمريكي.
كما تترقب الأسواق هذا الأسبوع سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الأمريكية، أبرزها تقرير ثقة المستهلك اليوم الثلاثاء، تليها بيانات مبيعات المنازل الجديدة، ثم طلبات إعانة البطالة وبيانات السلع المعمرة والناتج المحلي يوم الخميس، وأخيرًا بيانات التضخم الأساسية لنفقات الاستهلاك الشخصي يوم الجمعة المقبل، والتي من شأنها أن تحدد مسار السياسة النقدية في المرحلة المقبلة.