يصادف اليوم 12 مايو ذكرى رحيل الأديب والصحفي والشاعر السوداني سعد الدين إبراهيم، الذي عرف بعموده الصحفي الشهير “النشوف اخرتها”. رحل سعد الدين في هدوء تام، تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا وإبداعيًا كبيرًا.

الخرطوم: التغيير

في يوم رحيله، امتلأت الشوارع والميادين بالحلفايا بالمعزين، حيث تجمع عدد كبير من الشعراء والأدباء والصحفيين لتأبينه وذكر مآثره.

تحدث الشاعر سبدرات حسن عن طيب قلبه وطول باله، وأدار التأبين الفنان عماد الدين أحمد الطيب.

شهادات المحبين

تحدثت شقيقته سهير إبراهيم عن لحظة رحيله، وكيف عزاها زملاؤها وأصدقاؤها، ومن بينهم الدكتور أحمد سيد أحمد الذي حضر لتعزيتها. كما جاء الفنان عبد الرحيم قرني وزوجته ليعانقا شقيقته في بكاء مرير، مما أثار دموع الحاضرين.

سعد الدين إبراهيم إرث إبداعي كبير

كان سعد الدين إبراهيم يحب الجميع ويشعر بحبهم له، وقد بدأ في كتابة مشاريع إبداعية جديدة قبل رحيله. كتب قصيدة يؤبن فيها نفسه، وتنبأ فيها برحيله. كان له إسهامات كبيرة في الصحافة والتلفزيون والإذاعة، حيث ترأس تحرير عدد من الصحف وكتب العديد من الموشحات الغنائية والمسلسلات الإذاعية والمسرحيات.

مقتطفات

كتب الراحل سعد الدين أعمالا على غرار

الباب خلوه فاتح جايين الضيوف
ورشواالسهله يلا بملىء الكفوف
ركبو للستائر فرشو للسراير
تمرو للكبابى
البيت خلو يرقش
ترأس تحرير عدد من الصحف كان أول من كتب الموشحات الغنائيه ،كتب
ياحبيبى اننى من احن العاشقين
من حنين كاننى والد الناس أجمعين
ماح انسى لاننى قلب مترع بالحنين
كتب عن الحب عن حبيبتى بقولكم ،والعزيزة، وابوى،كتب للأم، كتب للحب حبيبتى السمبله
الانتهازى لينا شايل قنبله

الف عدد من المسلسلات الاذاعيه والمسرحيات اعدى الكثير من البرامج الاذاعيه، والتلفزيونيه.

اغنية العزيزة

كلمات الشاعر اسعدالدين ابراهيم
وألحان عمر الشاعر
تغنى بها لأول مرة الفنان فتحي حسين

العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا
الوحيدة الطال عشان جيتك وقوفنا
العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا
الوحيدة الما بتحاول يوم تشوفنا
المواعيد لسة حزنانة بتنادي
والأماسي بتبكي في أسى ما إعتيادي
ما كنتي بهجتا براوئع قوس قزح
والله ما طلانا من بعدك فرح
سلميلنا على ضفايرك موجة موجة وكلميها
قولي ليها حرام تتوه فيها المواسم ونحنا بالجد نشتهيها
سلميلنا على عيونك يوم تسهي تغروديها
ويبقو تفاحتين خدودك بس خدودك وين شبيها
سلميلنا علي يدينك وشملة الريد أنسجيها
سلميلنا علي خطاكي عزة العاملة ومشيها
والله أحضانك بلد يا حلوة ما تنسينا فيها

قصة أغنية

الاغنية التى قلبت موازين المنطق!
لهذه الأغنية قصة غريبة يحكى عنها شاعرها سعد الدين ابراهيم ويقول:
حينما كتبت قصيدة حكاية عن حبيبتى كنت لحظتها أفكر فى أن يغنيها الفنان محمد وردى أو محمد الأمين.. وهى كانت القصيدة الرابعة التى أجازتها لجنة النصوص بعد العزيزة وعيونك مهرجانات وأبوى. صديقى فى الجامعة الشاعر الراحل محمد الحسن أقنعنى بأن أفضل من يغنيها هو أبوعركى البخيت لأنه يقدم نماذج حديثة للموسيقى، وضرب لى مثلاً بأغنية بخاف التى كانت أغنية الساحة وقتها.
أخذ القصيدة منى محمد الحسن دكتور وصديق له يدعى أبوعمار وذهبا بها إلى أبوعركى البخيت وقابلاه فى قهوة اسمها الاخلاص.. وأذكر أن والدة أبوعركى توفيت فى تلك الأيام وبعدها سافر إلى لبنان وحينما كان يجلس وحيداً هناك وحزيناً أدخل يده فى جيب البدلة ووجد ورقة مكتوب عليها نص الأغنية فشرع فى تلحينها، وقدمها بعد ذلك فى التلفزيون بآلة العود وكان اللحن مدهشاً وكانت كلمات الأغنية مسار حديث الناس بسبب التعابير الشعرية الجديدة مثل، الحمامات الحزينة قامت أدتها برتكانة.
مثلت الأغنية فتحاً جديداً فى الأغنية السودانية وانحاز لها الكثيرون ومنهم الصحفى أسامة الخواض الذى كتب عنها وقال بأنها أغنية المستقبل لأن كل مفردة شعرية أو موسيقية كان فيها قدر من (الشوف) للزمن الآتى.. وأضاف سعد الدين قائلاً:
الأغنية حينما عرضت على لجنة النصوص كان الجمهور سمعها وتجاوب معها.. ولكن لجنة النصوص التى كانت تضم وقتها الشاعر الكبير إبراهيم العبادى وعبد الباسط سبدرات ومحمد يوسف موسى ومبارك المغربى، رفضوا بعض التعابير مثل (أدتها برتكانة) وكان رأى العبادى أن هذا الكلام ليس منطقياً بإعتبار أن منقار الحمامة صغير لا يحتمل وزن البرتقالة.. وسبدرات اعترض على مقطع:

دى الأصيلة الذى الشعاع ـ ـ ـ تدخل رواكيبنا وأوضنا

وبعد جدل طويل مع اللجنة أقنعتنى اللجنة بتغيير كلمة (برتكانة) وأكتب بدلاً عنها كلمة (حنانا).. ذلك الموقف كان يمثل عداء سافراً لكل الشعراء الشباب الذين يكتبون (الشعر التخيلى)، الذى لا ينتمى للمنطق العادى.. وذلك هو حال الشعر يقلب موازين المنطق ليسود منطقه الخاص الذى لاتحكمه أى أسس أو قواعد.. وحينما يتم الحكم على الشعر بمقاييس الواقع يصبح بلا بصيرة أو أجنحة.. وميزة الشعر أن يحلق فى أعلى الفضاءات بلا أجنحة.

الوسومالفن السوداني سعد الدين إبراهيم

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الفن السوداني سعد الدين إبراهيم سعد الدین إبراهیم

إقرأ أيضاً:

لكني كتبت الأشجار بالخطأ.. ديوان جديد للشاعر نجوان درويش

"لكني كتبت الأشجار بالخطأ" هو عنوان الديوان التاسع للشاعر الفلسطيني نجوان درويش، وقد صدر حديثا عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت و"دار الفيل" في القدس، اللتين نشرتا في السنوات الأخيرة مجموعة من أعمال الشاعر، مثل: "كلما اقتربت من عاصفة" (2018) و"تعب المعلقون" (2018)، و"استيقظنا مرة في الجنة" (2020)، و"كرسي على سور عكا" (2021). وكانت "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" قد أصدرت أولى مجموعات الشاعر قبل ربع قرن بعنوان "كان يدق الباب الأخير" عام 2000.

في 168 صفحة من القطع المتوسط، تضم المجموعة الشعرية الجديدة 112 قصيدة موزعة على 7 فصول حملت العناوين: "تعب من المشي في البرزخ"، و"لا أحد يركب الليلة إلى نجران"، و"دفوف تجيء من البعيد"، و"ولسنا متأكدين حتى من أنها سفينة"، و"أخاطبكم كزملاء سابقين" ، و"ترك أثرا في الرمال"، و"في يدي آخر قناع وسأرتديه".

يفتتح الفصل المعنون بـ "تعب من المشي في البرزخ" الديوان بمشهد بحري لمدينة حيفا المحتلة:

أحلم مرات أن تصير أمواج بحر حيفا
كثبانا زرقاء
وأن يأتي منها جمال لا عمر له
يسحب خلفه الأيام
يقف قليلا تحت نافذتي
لأناوله كل ما ادخر العرب عندي
من مطالع قصائد لم تقل وحروب لم تنته
أناوله كل حبهم اليائس…

إعلان

نقرأ في هذا الفصل مشهد المدينة العربية الواقعة بين المتوسط وجبل الكرمل، إذ تتنقل معظم قصائد الديوان بين مدن الساحل الفلسطيني ومدينة القدس، حيث يلمح الشاعر "صهاينة صغارا يؤدون أدوار لصوص يمثلون أنهم صهاينة، صغار حتى أني لا أراهم". فالشاعر لا يعترف بالواقع الاستعماري ومسمياته وفلسطين من نهرها إلى بحرها أرض عربية محتلة تستند، رغم كل ما يجري اليوم، على إرث ممتد من المقاومة والتحرر.

وتتمثل وظيفة الشعر في هذه المجموعة كما في أعمال نجوان درويش السابقة في تحرير المكان والمخيلة بأدوات الشعر، وكأنما الشاعر مؤرخ آخر يقدم مرافعته الجمالية في مواجهة العنف الاستعماري وأكاذيبه وجميع أشكال الهيمنة والاستبداد.

في الفصل الثاني "لا أحد يركب الليلة إلى نجران" تتنقل المشاهد الشعرية بين المنفى العراقي ومشهد قصف اليمن وذاكرة شاميي مصر، في حركة أفقية وعمودية، في الراهن والتاريخ معا.

في قصيدة بعنوان "تعليق تحت لوحة لمحمود صبري" يخاطب الشاعر الرسام العراقي المولود في بغداد عام 1927 والمتوفى في المنفى عام 2012:

نساء بألوان الحداد يخرجن
من لوحتك
ويتوزعن الأرائك في غرفتي
طالما لمحت وجوههن
في أيقونات "الجمعة الحزينة"
وفي ارتفاعات اللون
وهو يجرف العويل الصامت بين مدينتين
يمكن أن تكونا القدس وبغداد
أو أي أختين ولدتا تحت كوكب زحل

قبل أن ينتهي الفصل بقصيدة بعنوان "بورتريه لبديعة مصابني في شتورة" تستعيد بديعة مصابني (1892-1974)، الفنانة الاستعراضية السورية اللبنانية الرائدة، التي بعد شهرة كبيرة في القاهرة عادت إلى قريتها اللبنانية شتورة، في قضاء زحلة، لتصبح صاحبة دكان في آخر عقدين من حياتها.

في الفصل الثالث المعنون بـ"دفوف تجيء من البعيد"، نقرأ من قصيدة "ستشققه الأضواء":

قلت لها لا تفرطي في تذكر الأشجار
الأشجار لا تتذكر أحدا
انظري كيف يستظل بها الغزاة دون أن يخلعوا خوذاتهم
انظري كيف يدوسون ظلالها ببساطيرهم
الأشجار لا تتذكر غارسيها
ولا تكترث لقاطفيها
لم تتذكرني شجرة حين نفيت عن أرض أسلافي
والأشجار التي نمت تحتها طفولتي تتصرف الآن كأشجار أجنبية
قلت لها: لقد كفرت حتى بالأشجار

الشاعر والناقد والصحفي الفلسطيني نجوان درويش (مواقع التواصل الإجتماعي)

أما في الفصل الرابع المعنون بـ "ولسنا متأكدين حتى من أنها سفينة" نجد مجموعة من القصائد الشخصية القصيرة التي تشبه بعضها "التوقيعات"، نقرأ قصيدة "عن طفولتي":

إعلان

ولم أكن أسأل عن طفولتي
ولا عن أخبار المحكمة
هناك حيث رفعنا مرة دعوى
ضد الذين سرقوها

في الفصل الخامس "أخاطبكم كزملاء سابقين" نلحظ تجاور الموروثات الثقافية وقرب الشاعر من النص القرآني وكذلك من النص الإنجيلي في مقاربة معاصرة، سياسية وشخصية في آن. وفي قصيدة "مزمور" نقرأ:

هذا هو جسدي الذي يكسر
من أجلكم
لمغفرة ما لا يغتفر
هذا هو جسدي الذي يكسر
عبثا
ويكسر بددا
ولا ينوبه سوى أن يكسر

في الفصل السادس " ترك أثرا في الرمال"، يبدأ الفصل بقصيدة قصيرة بعنوان "في الأسر":

إن المرء في البداية أسير جسده
أسير هذا التراب الشاسع
وكل أسر بعده يهون

تليها 28 قصيدة شديدة التنوع في مواضيعها وتنقلاتها الزمانية والمكانية، من القصائد التي يتضمنها هذا الفصل: "تستيقظ في سفينة"، و"دفتر من دلهي"، و"معارضة قصيرة النفس لميمية ابن الفارض"، و"موت عابر في رام الله"، و"قصيدة منسية عن الصداقة" التي يقول فيها:

الطريق تكرج أمامنا
مثل خراف جبلية في الربيع القشيب
والأجراس ترن
في أعناق الخراف…
هذا أقصى ما يستطيعه إنسان

وأخيرا في الفصل السابع "في يدي آخر قناع وسأرتديه" ثمة 5 قصائد "آخر قناع" و"لا أحد" و"أغنية إلى جهنم" و"في أسكدار" و"إلى أن صرت رسالتي"، يكتب في الأخيرة:

أعيدوا الضياع الملوكي المذهب
بسواه لا يعود الطريد ملكا
وأنزلوها قليلا عن الصليب لترتاح
هذي المعلقة بين الجليل والقدس
التي نسميها بالظن بلادا
كنت كتبت لها في يفاعتي رسالة كانت تضيع ولا تصل
ومرت سنوات وأنا أحاول
إلى أن صرت رسالتي الضائعة

يذكر أن نجوان شاعر من مواليد مدينة القدس، من بين أعماله الشعرية "سأقف يوما" (2012) و"فبركة" (2013) و"لست شاعرا في غرناطة" (2018)، و"كلما اقتربت من عاصفة" (2018) و"تعب المعلقون" (2018)، و"استيقظنا مرة في الجنة" (2020)، و"كرسي على سور عكا" (2021)، و"لكني كتبت الأشجار بالخطأ" (2025)، وترجمت مجموعة من دواوينه إلى أكثر من 20 لغة وحققت إشادة نقدية واسعة، وآخرها بالإنجليزية كتاب بعنوان "لا أحد يعرفك غدا.. مختارات شعرية 2014-2024" عن "منشورات جامعة ييل" الأميركية بترجمة وتقديم الكاتب والمترجم الأميركي المصري كريم جيمس أبو زيد.

والكتاب وصل حاليا إلى القائمة النهائية لجائزة "أفضل كتاب شعري مترجم" إلى الإنجليزية التي تمنحها مؤسسة "بي إي إن" الأميركية، وإلى القائمة النهائية لجائزة Big Other Book Award، ووصفته جريدة "نيويورك تايمز" الأميركية بأنه "رؤية صادقة ومجردة للحرب وارتداداتها: الخوف والرعب والاجتثاث والمنفى".

إعلان

وبحسب مقالة للناقد عيسى بلاطه (1927-2019) مؤلف كتاب "بدر شاكر السياب.. حياته وشعره"(1971)، نشرها عام 2015 في مجلة World Literature Today فإن "شعر نجوان درويش يمثل تغييرا يحتفى به في الكتابة الشعرية العربية"، وهو بحسب "مركز ترجمة الشعر" في لندن "صوت أساسي في الأدب العربي المعاصر".

سبق لأعمال نجوان درويش الشعرية أن نالت تكريمات وجوائز عالمية عديدة، من أبرزها: "الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي" في فرنسا عام 2024، و"جائزة تشيلنتو الدولية للشعر" في إيطاليا عام 2023، و"جائزة سارة ماغواير" في بريطانيا 2022.

مقالات مشابهة

  • الكاتب والشاعر السوري بشير البكر  يوقّع “بلاد لا تشبه الأحلام” في معرض الدوحة للكتاب
  • إبراهيم نصر في ذكرى وفاته.. صاحب “زكية زكريا” الذي أسعد القلوب ورحل بهدوء (تقرير)
  • عروض أوروبية لضم الثنائي الغامدي والصحفي
  • وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم
  • وفاة الشاعر والكاتب المسرحي يوسف مسلم
  • لكني كتبت الأشجار بالخطأ.. ديوان جديد للشاعر نجوان درويش
  • فى بريد الفريق ل إبراهيم جابر ومحافظ البنك المركزي .. ووزير الطاقة والنفط ????
  • مصطفى بكري يحيي ذكرى رحيل شقيقه محمود بكلمات مؤثرة: ستبقى خالدا في القلب يا قرة عيني
  • اتحاد شباب العمال يطلق أولى فعاليات صالونه الأدبي بالمحلة الكبرى